منوعات
السلاحف البحرية: الاصطياد الجائر يهددها بالانقراض من سواحل اليمن
قبل خمس سنوات تقريباً، وحين كان الناشط البيئي فتحي سويد مارًّا على شاطئ 'خور العميرة' الساحلية، 100 كم غرب عدن، في ساعات الفجر الأولى، فوجئ ببقايا سلحفاة بحرية تم تقطيعها من قِبل صيادين مجهولين، حيث يتم استخراج بعض أعضائها لأكلها، أو المتاجرة بها من خلال بيعها في بعض المطاعم في مدينة عدن جنوب البلاد، وهو الأمر الذي أثار سخطه ليبدأ بعدها رحلة مضنية في كشف تلك المخالفات التي تهدد البيئة البحرية المتنوِّعة، من خلال صفحته على "فيسبوك".
ظل فتحي سويد، طيلة السنوات الماضية، يستخدم أسلوب النشر تارة، والمناشدة تارة أخرى، لجهات الاختصاص للحفاظ على التنوّع البيولوجي، من خلال محاربة ظاهرة اصطياد السلاحف البحرية، وتقطيعها، واستخدام بعض أعضائها الذكرية للبيع بأسعار تتفاوت بين 30 - 40 ألف ريال، من خلال مجموعة من الصيادين المحليين، بالإضافة إلى بعض الأفارقة، حيث تجاوز عدد السلاحف التي تم الاعتداء عليها أكثر من 100 سلحفاة في محمية "الخور"، خلال السنوات الخمس الماضية، وفق مهتمين بهذا الصِّنف البحري.
في أواخر فبراير من عام 2023، تم إشهار "جمعية حماية السلاحف البحرية" من قِبل الهيئة العامة لحماية البيئة في محافظة لحج، حيث تم انتخاب هيئة إدارية لها من 13 صيادًا وأعضاء رقابيين، لكن الجمعية لا تزال تفتقر إلى العديد من المقوِّمات التي تمكِّنها من القيام بمهامها في محاربة هذه الظاهرة.
وفي هذا السياق، يقول الناشط البيئي فتحي سويد، أمين عام الجمعية، لموقع "بلقيس": "محمية خور عميرة تتواجد فيها أربعة أنواع من السلاحف، وهي: كبيرة الرأس، والخضراء، والزيتونة، وصقرية المنقار، حيث تم توثيقها في المحمية، بينما هناك أنواع أخرى تتواجد بأعداد قليلة، كالسلحفاة جلدية الظهر، وتتواجد بأعداد قليلة".
وأشار سويد إلى أن "السلاحف لها الكثير من المنافع للبيئة البحرية؛ منها حماية الحشائش البحرية التي تتغذى منها الأسماك وبقية الكائنات الحية في البحر، كما أنها تقضي على قنديل البحر الذي بدوره يتغذى على بيض الأسماك، وفي حالة تكاثر قنديل البحر سوف تنقرض الأسماك، خاصة أن بيض الأسماك هو وجبته الرئيسة، ولذا فإن أهم فائدة للسلاحف هي تقليل تواجد قنديل البحر؛ كونه ضمن التسلسل الغذائي للسلاحف".
وأضاف سويد: "هناك غياب للوعي وغياب لدور الجهات الأمنية تجاه حماية السلاحف، الأمر الذي زاد من العبث، على الرغم من أن عدد هؤلاء المخربين لا يتجاوز سبعة أشخاص، كما تم عمل لوحات إرشادية لخطورة اصطياد السلاحف تم طمسها من قِبل المخربين".
ليست 'خور العميرة' هي المحمية الوحيدة التي تتعرض فيها السلاحف البحرية للاصطياد وذبحها وبيع أعضائها، فهناك جزيرة 'العزيزي' في 'عمران' بعدن، التي تضاءلت فيها عمليات الاصطياد جراء الوعي والتثقيف المستمر لخطورة هذه الظاهرة.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور جمال باوزير، رئيس قسم التنوع الحيوي في جامعة عدن وأحد أعضاء جمعية غواصي عدن، لموقع "بلقيس": "كجمعية غواصي عدن نعمل وفق أهداف الجمعية على نشر الوعي البيئي لحماية البيئة البحرية ومكوناتها الحية، ومنها السلاحف البحرية".
وأضاف: "كما نعمل مع الصيادين ومرتادي البحر من الشباب للحد من اصطياد السلاحف".
وتابع: "يجب العمل على تطبيق القوانين واللوائح النافذة، ونشر الوعي، بالإضافة إلى منع وإغلاق المطاعم التي تقدم لحم السلاحف في عدن، وتضييق الخناق على بايعي لحوم السلاحف، خاصة في المنطقة الغربية من عدن، في 'خور عميرة' و'العارة'، من خلال إبلاغ النقاط الأمنية".
في السياق ذاته، تشهد منطقة "الفتك" بمديرية 'حوف' بمحافظة المهرة، شرق البلاد، انتشارًا لهذه الظاهرة، حيث يقول محمد سالم قحوف لموقع بلقيس إن "منطقة 'الفتك' تنتشر فيها السلاحف بشكل كبير، ويتم الاصطياد فيها بشكل واسع.
وأضاف: "خلال شهري مارس وأبريل، تم رصد ما يزيد عن عشرين سلحفاة على شاطئ المنطقة تم اصطيادها وذبحها من خلال الاصطياد الليلي عن طريق كشافات"، موضحا أنه "يتم أكلها واستخدام بيضها لبعض العلاجات الشعبية، وفق المعتقد الشعبي في المنطقة".