منوعات
فتيات يؤسسن صالون "سطور الثقافي" في تعز
بعد رحلة نزوح، استمرت 3 سنوات، في أحد الأرياف، عادت الشابة حنين الأغواني في العام 2018 إلى مدينة تعز (جنوب غرب البلاد)، وتولدت لديها فكرة تأسيس مساحة آمنة للقراء والكُتّاب والفاعلين الثقافيين.
وقادتها حالة التصحر، التي عاشتها عاصمة الثقافة في البلاد -خلال سنوات الحرب-، إلى فكرة تأسيس "صالون سطور"؛ في مسعى لإعادة الاعتبار للمدينة، والحفاظ على الإرث الثقافي فيها بصورة غير تقليدية.
وتوجّهت، أواخر العام 2018، مع صديقتيها (ضحى سعيد وعبير أحمد) نحو تأسيس الصالون، وبجهود ذاتية، وعملن -من خلاله- على ربط القراء والمهتمين في الجوانب الثقافية والسياسية والتاريخية بالمتخصصين بها داخل اليمن وخارجه.
ويقمن بعقد جلسات مباشرة وافتراضية عبر تطبيق "زوم"؛ لمناقشة كتاب، أو موضوع، أو فيلم سينمائي، وحتى جلسات غنائية، وهذا يجلب لهن الشعور بالفرحة؛ فالفكرة أصبحت حقيقة في نظرهن.
تقول حنين لموقع "بلقيس": "تولدت الفكرة من الحاجة المجتمعية، والرغبة الشخصية في الإسهام في تكوين مجتمع ثقافي مصغّر، يستوعب الشباب من الجنسين، ويوفّر مساحة للتعبير عن آرائهم، وتبادل معارفهم، وإبراز مواهبهم".
ويعني "صالون سطور" -لحنين ورفيقاتها والمشاركين في أنشطة وفعالياته- مساحة ثقافية مناسبة، ومتسعا أدبيا جيدا وكافيا لتقديم فرصة للقراءة والمطالعة، وتبادل الأفكار والآراء، ومناقشة أوضاع المشهد الثقافي والقضايا التي تهم المستفيدين من أنشطة الصالون، وكذلك القائمين عليه.
- ٠أهداف متعددة
"ويهدف الصالون إلى تعزيز قدرات الشباب فكرياً وثقافياً من خلال توفير مساحة آمنة للحوار المثمر والنقاشات المعرفية والفكرية والدورات التأهيلية في الجانب الثقافي والأدبي"، تذكر حنين لموقع "بلقيس".
وتضيف حنين: "الصالون سيُسهم في إثراء المعارف في الجوانب الفكرية والأدبية، كما يعزز عادة القراءة والوعي الثقافي والفكري في أوساط المجتمع".
وأشارت إلى أن "ذلك يتم من خلال عقد الجلسات النقاشية والتحليل، وتنظيم الندوات والأمسيات، وتنفيذ الأنشطة والفعاليات الفنية والثقافية والمعرفية".
"ويهتم صالون "سطور" الثقافي الأدبي بأصحاب المواهب الإبداعية، ويعمل على تمكينهم وتشجيعهم على القراءة، والسعي نحو نشر أعمالهم الفنية والأدبية والثقافية، فضلاً عن رفع مستوى التنسيق والشراكة مع القطاع الثقافي العام والخاص، والمؤسسات الثقافية المحلية والدولية"، طبقاً لحنين.
وتسعى حنين وزميلاتها -من خلال الصالون- نحو توفير حاضنة ثقافية تجمع القراء والمفكرين والفنانين، ومن لهم صلة بتدوين الإرث الثقافي والفني في البلاد.
كما يشكل "صالون سطور" -في نظر القائمين عليه- حلقة وصل بين المبدعين والشغوفين بالمطالعة من جهة والمتخصصين والأكاديميين من جهة أخرى.
وتأمل حنين -مُؤسِسِة وصاحبة الفكرة- نحو خلق جيل واعٍ وقادر على التفكير السليم، وفهم القضايا وتحليلها، ولذلك: "نقوم باختيار وقراءة كُتب في المجالات السياسية والفكرية والتاريخية والفلسفية والأدبية"- حد تعبيرها.
ومر تأسيس صالون "سطور" بمرحلتين؛ الأولى نسوية، وكانت في أواخر العام 2018، ومن ثم أضحى بعد ذلك مشروعا مشتركا لشباب وشابات توجهوا نحو تنوع الأنشطة.
-مراحل
كما تفاعل العديد من الأسماء الفنية لفتيات تجمعهن الصداقة -بينهن رسامات ومصورات ومبدعات، وعملن على تجهيز المكان، وجعله تحفة بصرية، انضم مجموعة من الشباب إلى الفريق، وعمل الجميع على تطوير الفكرة، وأنشطة الصالون.
وصل عدد المؤسسين والأعضاء، اليوم، إلى أكثر من 30 شاباً وشابة، إلا أنه يصعب على ضحى سعيد، وهي إحدى المؤسسات، حصر أنشطة الصالون، التي تنوعت ما بين ثقافية وفنية وأدبية ومعرفية وفكرية.
ويقوم صالون "سطور" بطرح قضايا ومشاكل عدة؛ بينها ثقافية، واختيار عنوان كتاب متعلق بإحداها، وبعد الاتفاق عليه يتم التنسيق مع أساتذة جامعيين، وأصحاب خبرات؛ لمناقشة الموضوع، وسط جو تفاعلي لتوسيع نطاق الفائدة.
ويرتاد الصالون، وبشكل دوري، عشرات الأشخاص، وتوضح ضحى لموقع "بلقيس": "يقدر عدد المستفيدين بحوالى 100 شخص".
وأضافت: "تمويل الصالون من مؤسسيه وأعضائه، وقد يقومون أحياناً بتعليق بعض الأنشطة؛ لأسباب إما متعلقة بقلة الدعم، أو الحرص على جودة الخدمة".
ومن خلال أنشطته المتعددة، يتطلع القائمون على صالون "سطور" نحو خلق وعي مجتمعي يتقبل التنوّع والإبداع، وكذلك تحقيق أثر ثقافي ملموس في أوساط المجتمع بمدينة تعز، والعاصمة الثقافية للبلاد.
كما يسعون -من خلاله- إلى التوثيق وإنتاج أعمال تساير العصر، وتحافظ على الهوية الثقافية والتاريخية، وتستند على بحث دقيق في مراجع تاريخية.
أما بالنسبة لجلسات النقاش الدورية، تقول ضحى لموقع "بلقيس" إنها "توفّر مساحة للافراد؛ ليعبِّروا عن آرائهم، ويوجدوا حلولا لمشاكلهم".
-تطلعات
ومنذ أن حصل صالون "سطور" على الترخيص الرسمي يعمل وفق سياسات ممنهجة وخطة عمل سنوية يتم إعدادها بشكل تشاركي وفق معايير محددة، وبناءً على رؤية المؤسسين، ومقترحات وآراء المستفيدين.
وخلال الفترة القادمة، يتطلع القائمون على الصالون نحو التطوير المؤسسي، وتعدد الأنشطة وتوسيعها لتشمل أماكن وأشخاصا جددا، والقيام باكتشاف مواهب شبابية متنوعة، والاهتمام بالمناسبات والشخصيات والرموز الثقافية في البلاد، وتسليط الضوء عليها، وإبراز تاريخها، ودورها الفاعل في المشهد الثقافي المحلي.
ويتطلب ذلك تمويلا مناسباً، وهو ما سيسعى القائمون على صالون "سطور" نحو توفيره إلى جانب الاهتمام بجودة الأنشطة، والتركيز على الرؤية الإبداعية خلال تنفيذها، وطرح الأفكار والموضوعات، وتنظيم الجلسات.