مقالات
أبو الروتي (7)
في الأيام، التي تلت مغامرة دخولي السينما، كنت كلما التقيت بأبناء قريتي، الذين سبقوني في النزول إلى عدن، وسبقوني بالدراسة، يستوقفوني، ويسألوني عن السينما، ويقولون لي:
صحيح -يا عبد الكريم- دخلت السينما، والا يكذبوا؟!".
وكنت أنا أنكر، وأقول لهم:
"ما دخلتش السينما.. منو قال لكم إننا دخلت؟".
لكن خبر دخولي السينما كان قد شاع وانتشر، وعرف به أهل قريتنا، ووصل إلى إخوتي وأخوالي، وإلى جدي علي إسماعيل، وكنت أنا أنكر، وأواصل الإنكار.
وكان هناك من دس بي عند جدتي، وكتب لها يخبرها بأني دخلت السينما.د؛ وكنت مستغربا أسأل نفسي:
"من الذي كتب إلى جدتي وأبلغها بأني دخلت السينما؟!!".
ورحت أشك في خالي عبد الوهاب، فقد كان شخصا متجهِّماً ومتزمّتاّ يكره السينما كراهية عمياء، لكن جدتي -وقد وصلها الخبر- ألقت باللوم على جدي؛ لأنه تركني أقيم في بيت الحاج بدلا من أن يبقيني في بيته.
ومع أن جدتي لم تكن تعرف ما هي هذه السينما، التي يقولون لها إني دخلتها؛ إلا أنها -بسبب حقدها على جدي، الذي هجرها- ألقت باللوم عليه، وراحت من دكَّتها في سقف الدار تُسمِّع به أهل القرية، وتصرخ قائلة:
"جده سيّبه، بدل ما يجلِّسُهْ عنده بالبيت جلَّسُهْ ببيت الناس، والابن جاهل بدل ما يدخل المدرسة دخل السينما".
وعندما عرفت أمي بخبر دخولي السينما، بكت وراحت تلوم جدتي، وتقول إنها السبب، وهي التي شجعتني على الذهاب إلى عدن.
وأرسلت لي جدتي رسالة تعمَّدت أن تحرق طرفها؛ في إشارةٍ منها إلى أنني أحرقتُ قلبها بدخولي السينما، ومما تبقى من رسالتها تلك في ذاكرتي قولها:
"قلتُ لك -يا عبد الكريم- انزل ببيت جدك، وأنت ما رضيت تسمع كلامي، ونزلت ببيت الحاج.. وقلتُ لك -يا عبد الكريم- تدخل المدرسة وانت ما رضيت تسمع كلامي ودخلت السينما، ذحِّين اخرج من بيت الحاج، وارجع بيت جدك، واخرج من السينما ودخل المدرسة".
وبعد أسبوع من وصول رسالة جدتي، كتبت إليها رسالة جوابية، وقلت لها إنني سجلت في مدرسة اسمها "المعهد العلمي الإسلامي"؛ لكن جدتي لم يعجبها كلمة معهد، ولا كلمة إسلامي، وكتبت لي رسالة تطلب مني فيها أن أخرج من المعهد العلمي الإسلامي وأدخل مدرسة النصارى.
ولا أدري لماذا كانت جدتي تصر على دخولي "مدرسة النصارى"، لكني أذكر -وأنا في "مدرسة السيد"- أنني سمعتها، عصر ذات يوم، تكلّم نساء القرية وتقول لهن إن أخي عبد الحليم يشتغل عند النصارى.. وحين سألنها عن السبب؟
ولماذا هو الوحيد الذي يشتغل عند النصارى؟
ردت عليهن قائلة:
"عبد الحليم -يا نسوان- درس بمدرسة النصارى، ويخبِّر نصراني".
وبعد أن قالت لهن إنه درس في مدرسة النصارى، ويتكلم نصراني، امتقعت وجوههن من الرعب، وقلن لها، وهن مستغربات ومستنكرات:
"عبد الحليم درس بالمدرسة حق النصارى، ويخبِّر نصراني، وانتِ راضي؟"!!.
قالت لهن جدتي، وهي تستخفُّ برد فعلهن:
"مُوْ حرام -يا نسوان- لو درس بمدرسة النصارى؟!!".
ويومها شعرتُ بأن نساء القرية انصدمنَ من كلام جدتي، وفهمن من كلامها بأن ابن بنتها عبد الحليم قرأ وحفظ كتب النصارى بدلا من القرآن، وأصبح نصرانيا مثلهم، يعمل معهم، ويتكلم لغتهم، وأنها - أي جدتي - بدلاّ من أن تشعر بالحزن لِما حدث تبدو فرحة وفخورة.
لكنهن، وبسبب قوة شخصية جدتي وهيبتها، لم يتجرأن على لومها، وإنما رحن يلقين باللوم على جدي، وقلن لها:
"كيف قبِل علي إسماعيل يدخّل بن بنته مدرسة النصارى وهو داري أنهم كفار؟!!".
وكان رد جدتي هو أن الذي يتعلم في مدرسة النصارى ويتكلم نصراني يكون راتبه أكبر من الذي يدرس في مدارس عربيه وإسلامية.
وحتى تقنعهن بأن تعليم النصارى أفضل؛ قالت لهن -وهي تشير إليّ- بأنها سوف تطلب من جدي عند نزولي إلى عدن أن يسجّلني في مدرسة النصارى التي درس فيها أخي عبد الحليم.
أتذكر أني -بعد أن سمعت ما قالته - خرجتُ أجري إلى ساحة القرية لأبلغ أترابي بالخبر، وأول ما وصلت قلت لهم:
"شَنْزُل عدن أدرس بمدرسة النصارى".
ومثلما أعربت نساء القرية عن مخاوفهن، أعرب أترابي عن مخاوفهم، وقالوا لي:
"لو دخلت مدرسة النصارى شتُوقَع نصراني، وربي شدخِّلك جهنم الحمراء".
أيامها كانت "مدرسة السيد" هي جهنم، وكنتُ لشدة رعبي أقعد منكمشاً خائفا، وأحاول جاهداً أن أبقى بعيداً عن عيني السيد، وأحرص كل الحرص على عدم لفت انتباهه إلى وجودي.
ومع أني لم أكن قد سمعتُ عن طاقية الإخفاء تلك، التي بمجرد أن تضعها على رأسك حتى تختفي عن الأعين؛ إلا أني في أعماقي كنت أهجس بها، وأحلم بشيء مشابه لها يجعلني مخفياً عن عيني السيد المُخيفتين.
حتى إنني لشدة حاجتي للاختفاء، تحول جسدي لكثرة ما انكمشَ، وانحنَى، وتقوّس إلى قوقعة. ومثل السلحفاة حين تخبِّئ نفسها داخل قوقعتها، وتحتمي بها، صرتُ أخفي نفسي داخل قوقعة جسدي؛ لكني وأنا المُختفي عن عيون السيد، كنتُ أشاهد كل ما تفعله عصاه الخبيثة.
وفي ذات يوم، شاهدتُ عصا السيد تنقضُّ على ابن "علي حيدر" (من قرية التبَّيْعَة)، ورحتُ أرقبُ المشهد من مخبئي بعينين مذعورتين ومختنقتين بالدموع.
ومثل الوحش، وهو يلتهمُ لحم فريسته، رأيتُ عصا السيد تلتهمُ لحم ابن علي حيدر، وتمزّقه إلى أن سال دمه مختلطاً ببوله وبرازه.
أتذكرُ ليلتها، وأنا نائم، أنني أطلقتُ صرخة رعبٍ أفزعت أمي التي فزّت من نومها، وراحت تتعوذ من الشيطان، وتسألني:
"مو بك؟ مو فجعك؟ منو يكاردك؟".
وكنتُ أقولُ لها، وأنا أبكي، وأتشبّثُ بها:
-"السيد".
وكانت أمي تستغربُ كيف أن ابنها يخاف من السيد،وهي المتعلقة بالسادة، والمعتقدة بهم، والمؤمنة بقدرتهم على طرد الأرواح الشريرة، وحمايتنا من أذاها، ومن أذى الجن.
وفي اليوم التالي، وأنا في "مدرسة السيد"، أبصرتُ جدتي تدخل المدرسة، وهي متجهِّمة ومشحونة بالغضب؛ وعند دخولها، قام لها السيد، وقام كل من في المدرسة احتراما لها.. وراح السيد من دكّته يحيِّيها ويرحِّب بها، فقد كانت كريمة معه، لا تبخل عليه بشيء، وتعطيه أكثر مما يطلب.
ومن دون كلام وسلام.
ومن دون حتى أن ترد على تحية السيد لها، وترحيبه بها؛وقفت في الباب وأشارت إليّ أن أخرج، وخرجَتُ، ورحت أسير خلفها، وفي ظنِّي أنها سوف تتجه يساراً، وتصعد الدرب المؤدي إلى البيت، لكنها استدارت نحو اليمين؛ ومشت من تحت المدرسة نزولاً.
وباستثناء صوت إيقاع خطواتها، لم أسمع لها صوتاً، ولم أجرؤ أن أسألها إلى أين تقودني، ولم أكن حينها قد ذهبتُ إلى أبعد من ساحة القرية، وكانت تلك أول مرة أذهبُ بعيدا، وأهبطُ المنحدر المؤدي إلى المجهول.
وقد اعتقدتُ يومها، ونحن نهبط المنحدر، ونواصل الهبوط بأننا نازلان إلى عدن. وكان ما جعلني اعتقد ذلك هو أن أهل قريتنا عندما يتحدثون عن شخص سافر إلى عدن لا يقولون سافر عدن، وإنما يقولون:
"فلان نزل عدن".
ومن حديث جدتي مع نساء القرية، وقولها إنني سأنزل عدن أدرس بمدرسة النصارى، التي درس فيها أخي عبد الحليم، ثم مجيئها إلى "مدرسة السيد"، وإخراجي منها تأكد لي أننا نازلان إلى عدن.
وفي طريقنا، رأيتُ مجنوناً يقتربُ منها، فخفتُ أن يؤذيها، وقلت لها بصوتٍ خائفٍ لا يكادُ يُسمع: "مجنون يا جدة مجنون".
لكن جدتي اقتربت منه، وسلّمت عليه، وتكلمت معه، ولم تخفْ منه. وبعد أن ابتعد قالت لي إن الرجل الذي سلّمتْ عليه هو الدرويش عبد الحق، وبأنه عاقل، وليس بمجنون. وقد عرفتُ فيما بعد أن له دِيناً غير دِين أهل القرية: "دين الحب"، وله أتباع في جميع القرى.
وعند وصولنا "النوبة"، وتقع في منتصف المسافة بين قريتنا "نجد الغليبة"، وبين قرية "بني علي" أدرك التعب جدتي، وجلست ترتاح في ظل شجرة "إثأب".
وأثناء استراحتها، مرّ فلاحون وفلاحات ورعاة أغنام ومتسولون ومجاذيب. وكان كل من يمرُّ ويبصرُ جدتي يتوقف، ويسلم عليها، وتبيّن لي أنها تعرف كل الناس الذين قابلناهم في طريقنا، وتعرِف الجن والإنس. وكنت أستغرب لتلك الشعبية التي تتمتع بها، وأقول بيني ونفسي:
"من أين تعرف جدتي هولا الناس كلهم، وهي طوال النهار جالسة في سقف الدار!!". ثم خطر ببالي ذلك الناظور، الذي تركه لها جدي، وتأكد لي أنها تعرفهم من الناظور.
ولأني كنت على يقين بأننا ذاهبان إلى عدن، فقد رحت استعجلها، وأقول لها:
"هيا يا جدة".
ونهضت جدتي، ورحنا نواصل سيرنا، وقلت لها، وقد شعرت بالعطش:
"ظمآن يا جدة".
قالت جدتي: "باقي قليل ونوصل".
قلت بصوت عالٍ، ومفعم بالحماس:
"باقي قليل ونوصل عدن يا جدة!!".
قالت جدتي مستغربة، وقد جعلها سؤالي تتجمد في مكانها:
"منو اللي قال لك إنِّحْنَا شْنَرُوْح عدن!!".
قلت لها - وقد شعرت بالأرض تدور وتلف:
"أين شنروح؟".
قالت: "قرية 'بني علي' أسجلك بالمدرسة الجديد".
وعندها انهارت معنوياتي، وتهاوى ذلك العالم، الذي كنت أحلم به.. وإذا بي أرتمي وسط الطريق، وأرفسُ بقدميّ الأرض وأُمرِّغ نفسي بالتراب. ومن شدة الألم والقهر رحتُ أبكي بكل ما أملك من صوت؛ حتى إن جدتي لشدة ما هي محرجة من علوّ صوت بكائي راحت تصرخ فوقي، وتقول لي:
"أُوْصْ،أَصَهْ، اسكت.. مُوْ في؟مُوْ معك تبكي؟ مُوْ حصل؟".
قلت لها، وأنا أواصل البكاء:
"أنتِ قلتي للنسوان شتنزِّلينا عدن، وشْتخَلَّيْ جدي يسجِّلنا بمدرسة النصارى، قلتِ والّا لا؟".
قالت جدتي، وقد تذكرت ما قالته:
"واني مُو كذبتُو علوك.. من صدق.. شانزِّلك عدن، لكن بعدما تكبر".
وعلى صوت بكائي، خرجتْ من البيت الذي على يميننا امراةٌ جميلةٌ بطول النخلة؛ وفي عنقها "لازِمْ" طوقٌ من الذهب يزيِّن جيدها، وبعد أن سلّمتْ على جدتي، رفعتني من الأرض، واحتضنتي، وراحت تلاطفني، وترشيني بقبلاتها، وتسألني عن سبب بكائي؟
وحين حدثتها عن مدرسة النصارى، التي وعدت جدتي بأنها سوف تسجّلني فيها، لم تفهم العلاقة بين بكائي، وبين مدرسة النصارى، وراحت تسألني -وهي تضمني بحنان زائد-:
"مُوْ هِيْ مدرسة النصارى؟ هيّا قل لي مُوْ هِيْ!!".
لحظتها، وقد ضمّتني إلى صدرها، وشممت رائحتها، تخدّرت حواسي، وشعرتُ بقشعريرةٍ لذيذةٍ ولذتُ بالصمت.
لكني، وقد توقفتُ عن البكاء، رفضتُ مواصلة السير باتجاه المدرسة، وقلت:
"المدرسة بعييييد -يا جدة- مو قدّرنا أروح لها كل يوم".
ورحتُ أهدد بأني سوف أهرب من المدرسة إن هي سجلتني فيها، ثم ما لبثتُ أن أبصرتُ رجلاً راكباً فوق دابةٍ غريبةٍ لم يسبق لي أن رأيتُ دابةً مثلها، ورأيته يتقدّم نحونا، وكان أن أخذتني الدهشة من ضخامة تلك الدابة، وعلو قامتها، ومن راكبها القصير، وكيف استطاع برغم قِصَر قامته أن يرقى إليها ويركب فوقها..
ورغم زعلي من جدتي؛ سألتها عن تلك الدابة، وقلت لها:
"مو هي ذي يا جدة؟".
قالت جدتي: "هذي بغلة".
وحين سألتها عن الشخص الراكب فوقها، قالت:
"آذا الشيخ 'عبد الرب علي' شيخ قرية 'بني علي'".
قلت: "لِمَوْ هُوْ معه بغلة، وأبي معه حمار؟".
قالت: "عبد الرب علي شيخ وأبوك عِرِيْفِهْ".
وقبل أن أسألها عن الفرق بين الشيخ والعريفة؛ وصل الشيخ عبد الرب علي، واستغرب وجود جدتي في ذلك المكان.
ومن فوق البغلة، سلم عليها وحيّاها، وسألها عن اسمي، ومن أكون، ابن ابنها، أم ابن بنتها، ولماذا أبكي؟ وإلى أين سوف تأخذني؟
وبعد أن حكت له جدتي الحكاية كلها، طلب من المرأة ذات الطوق الذهبي أن ترفعني إلى ظهر بغلته، وتردفني خلفه. وبعد أن رفعتني ووضعتني على ظهر البغلة، شعرتُ وأنا فوقها بأن الأرض بعيدة عني، وكان كل تفكيري يتمحور حول النزول، وكيف سأنزل!! ومن ذا سوف ينزّلني!!
تمنيتُ لحظتها لو أن المرأة ذات الطوق الذهبي تأتي معنا لكيما تتكفّل بمهمة إنزالي، لكنها كانت قد عادت إلى بيتها، ونابت عنها رائحتها، وكانت رائحتها تلك هي آخر رائحةٍ شممتها قبل أن أفقد حاسة الشم.
بعد وصولنا المدرسة، أنزلتني جدتي من فوق البغلة، وفيما واصل الشيخ عبد الرب علي طريقه إلى بيته، اتجهنا -أنا وجدتي- ناحية "مدرسة البعث"، وكان في استقبالنا الأستاذ عبد الواحد عبده عثمان مدير المدرسة، وبعد أن دفعت له جدتي رسوم الدراسة أخذني إلى الصف الأول ابتدائي.
وأول ما دخلت، رأيت وجوها غريبة، وليس بينها وجه من قريتنا، فكان أن استوحشتُ وخفتُ، واستدرتُ إلى الخلف؛ ظناً مني أن جدتي موجودة، ولن تتركني لوحدي.
وأما وقد تبيّن لي أنها تركتني ولم تدخل معي انفجرتُ أبكي بكل صوتي، وخرجت أجري لألحق بها، ولم تكن جدتي قد ابتعدت كثيرا، وسمعتني أقول لها وأنا أواصل البكاء:
"يا جداااه، أمانتك لا تسيِّبِيْنَاش".
وكان بمقدور الأستاذ عبد الواحد أن يعيدني إلى الفصل بقوة العصا، لكنه كان محرجاً من جدتي، وجدتي محرجة من بكائي وصراخي وعدم رغبتي في الدراسة.
وحتى تغريني بالدخول، أخذتني إلى دكان "زهر سعيد"؛ لتشتري لي حلوى الطحينية.
كان لزهر سعيد دكان بجوار المدرسة إليه يذهب الطلاب في وقت الاستراحة لشراء ما يحتاجونه، وبعد دخولنا الدكان تفاجأتْ زهر سعيد بمجيئنا، ولم تكن قد قابلت جدتي من قبل، وإنما كانت تسمع عنها، وحين عرفت بأن المرأة التي حضرت إلى دكانها هي "نُعْمْ نُعْمَان" صاحبة الناظور؛ راحت تحتفي بها، وتقدم لها القهوة والحلوى، وكان خبر الناظور الذي بحوزة جدتي قد شاع وانتشر؛ حتى إن نساء القرى المجاورة لقريتنا كن يتحدثن عن جدتي، ويقلن إن هناك في قرية نجد الغليبة امرأة اسمها "نُعْم نعمان" معها ناظور ترى به كل شيء في الأرض، وكل شيء في السماء.
ويومها سألت زهر سعيد جدتي عن صورة الله الذي رأته بناظورها، وقالت لها:
"كيف هِيْ صورة الله يا نُعْم نُعْمان؟!".
لكن جدتي أنكرت أنها رأت الله، وقالت لها:
"مِنُوْ قال لك -يا زهر- إنني رأيتُ الله؟!".
قالت لها زهر سعيد: "النسوان كلهن يقولين إنك رأيتِ الله".
قالت جدتي: "أستغفر الله".
وبدا لي قولها، وهي تستغفر الله، كما لو أنها تؤكد رؤيتها له. ويومها لم أعد إلى المدرسة برشوة حلوى الطحينية، وإنما عدت إليها بقوة الخوف من جدتي التي رأت الله.