مقالات

إستراتيجية الإمارات في وادي حضرموت

15/01/2022, 07:06:14

تنظر الإمارات إلى منطقة وادي حضرموت، شرق اليمن، بوصفها هدفا إستراتيجيا وجيوسياسيا، ولذلك بدأ التصعيد فور عودتها إلى مسرح الأحداث في البلاد، إثر تموضعها مجددا في محافظة شبوة، بعد إقالة محافظها السابق، محمد بن عديو.

جاء التصعيد من خلال دعوة أحد القيادات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات، في وقت سابق من شهر يناير الجاري، إلى فتح معسكرات تجنيد غير رسمية تابعة للمجلس في مناطق الوادي والصحراء، حيث تنتشر قوات المنطقة العسكرية الأولى، ومقر قيادتها في مدينة سيئون.

في الواقع، لا يمكن النظر إلى التصعيد الحالي في وادي حضرموت، والتلويح أو الشروع في تجنيد مليشيات مسلحة خارج إطار مؤسسات الدولة، على أنه خطوة ذاتية قام بها حلفاء أبوظبي، بل تأتي في سياق ممارسات سبق للإمارات أن قامت بها في اليمن خلال الحرب الراهنة، شكلت بها العديد من التشكيلات والجماعات المسلحة التي وصفتها تقارير فريق خبراء مجلس الأمن المعني باليمن بأنها "تمثل وكلاء محليين للإمارات".

وهكذا، فإن الإمارات تسعى من وراء ذلك لخلق ذراع عسكرية مسلحة تمثل كتلة ما يسمى "حلف حضرموت الجامع"، الموالي لها، بما يضمن فاعلية تأثيرها في المسرح السياسي والعسكري في منطقة وادي حضرموت، التي ظلت بعيدا عن سيطرتها، ولا يستبعد أن تشكل هذه الأذرع المسلحة، على غرار ما يعرف بلواء بارشيد، الذي شكلته أبوظبي عام 2016، ويتمركز في المنطقة الساحلية بين حضرموت وشبوة، وتتولى قيادته شخصيات عسكرية من محافظة الضالع؛ حيث مسقط رأس رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي.

وتوازيا مع رغبتها في تقسيم اليمن، والاستئثار بالجزء الجنوبي منه؛ تهدف الإمارات إلى السيطرة على حقول النفط في المنطقة الواقعة شمالي حضرموت، بعد ما نجحت في وضع يدها على الموانئ الواقعة جنوبي البلاد، خصوصا ميناء بلحاف الخاص بتصدير الغاز.

هذا المدخل الجيواستراتيجي ربما يفسر توجهها، وبجانبها وكلاؤها المحليون، في إثارة مسألة تجنيد مليشيات مسلحة في المنطقة الممتدة إلى الحدود اليمنية- السعودية، بهدف تعطيل أي حضور فاعل للسلطات الشرعية اليمنية، عبر خلق فوضى أمنية وسياسية فيها.

كما أن هذا التصعيد يترافق مع حملات هادفة إلى "شيطنة" قوات الجيش اليمني بشكل عام، والقوات المتمركزة شمالي حضرموت، بشكل خاص.
هذه الخطوة تأتي ضمن جهود حرمان السلطة الشرعية والقوى المتحالفة معها، من جعل هذه المنطقة رافعة سياسية وعسكرية، تدعم عودتها القوية إلى المشهد السياسي، والقضاء على التشكيلات، غير النظامية، التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم من الإمارات.

وإلى ذلك، يبرز هدف آخر يتمثل في "إضعاف قوات الجيش اليمني في المنطقة العسكرية الأولى، ونقل بعض من وحداته إلى خارجها، بما يضعف فاعليتها وقدرتها على إحداث أي توازن أمام المليشيات التي شكلتها وسلحتها أبوظبي.
علاوة على ذلك، فإن الرؤية الإماراتية للتصعيد في وادي حضرموت تقوم على مواجهة تيار الإسلام السياسي، الذي يتمثل في حزب التجمع اليمني للإصلاح، الذي تكنّ له قيادات الدولة الخليجية عداء واضحا، الذي ترفض بقاءه غالبية المنخرطين تحت مظلة حكومة الرئيس هادي.

مما لا شك فيه أن ما يحدث من تصعيد يعد تجسيدا واضحا لحالة التوافق السعودي- الإماراتي في منطقة إستراتيجية تشترك في حدود طويلة مع السعودية، بما يعيد رسم خارطة نفوذهما، ويحقق مصالحهما، دون حساب للدولة اليمنية.
يبدو واضحا، من خلال السلوك التصعيدي لأبوظبي، أنها تعمل على تقويض سلطات الرئيس عبد ربه منصور هادي، والعمل على إسقاطها بكل الوسائل، والعمل من جديد لعودة أقارب سلفه، الراحل علي عبد الله صالح.

قد يطول الأمر قليلا؛ إذ ليس بوسع الإمارات أو الحلفاء المحليين تحقيق مكاسب سريعة في وادي حضرموت، وقد يتحقق ذلك تدريجيا، بعد إضعاف المنطقة أمنيا وعسكريا، وحمل الرئيس هادي على قبول المزيد من طلباتها.

مقالات

لا ضوء في آخر النفق!

عندما بدأت الحرب على اليمن في 26 مارس، بدون أي مقدّمات أو إرهاصات أو مؤشرات تدل على حرب وشيكة، حيث تزامنت هذه الحرب مع هروب عبد ربه منصور إلى سلطنة عُمان، وكان قرار الحرب سعودياً، ثم إماراتياً خالصاً، تحت مسمى "إعادة الشرعية"، التي في الأصل قامت السعودية بفتح كل الطرق لدخول الحوثيين إلى صنعاء وطرد الشرعية منها، وأن هذه الحرب لم تكن مرتجلة بل مخطط لها لإعادة اليمن إلى ما نحن عليه اليوم، من شتات وتمزّق.

مقالات

هنا بدأت رحلتي

أضواء خافتة تقسم الشارع بالتساوي بين الذاهبين والقادمين، قمر في السماء يوزع ضوءه بين سطوح المنازل وقناة الماء في ميدلبورغ، وأنا أجلس خلف ضوء دراجتي الهوائية، وخلف أمنيتي أن يستمر الطريق بلا نهاية.

مقالات

حديث لن يتوقف!

يومَ أعلن علي سالم البيض بيان الانفصال، في خضم حرب صيف 1994م، تنصَّلت جُل - إنْ لم يكن كل - قيادات وكوادر الحزب الاشتراكي عن مسؤوليتها تجاه هذا الإعلان المقيت، الذي لم تقوَ حُجَّته أمام كل ذي عقل بأنه كان اضطرارياً، كما حاول البعض الزعم به يومها، إذْ لم يجرؤ أحد على القول إنه يتفق مع مشروع الانفصال.

مقالات

أمير الشعر الحميني عبر كل العصور

"لا توجد كلمات غنائية أصيلة بدون ذرة من الجنون الداخلي". يطِلُ عبدالهادي السودي من بين هذه الكلمات، لكأنها كتبت فيه، وعن سيرته، وتفردهُ شاعراً، وعاشقاً، وصوفياً، وعلامة فارقة لِعصرهِ، وشاغلاً للأجيال من بعده.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.