مقالات

اقتل .. ثم ناقش!

21/02/2022, 19:06:23
المصدر : خاص

قامت الدنيا ولم تقعد، في مصر مؤخراً، ضد الكاتب المعروف إبراهيم عيسى لمجرد اعتقاده بعدم حدوث واقعة المعراج.

 وبالطبع رأي عيسى لن يُقدّم أو يُؤخّر في الموضوع شيئاً، في مقابل إيمان أكثر من ملياري مسلم في هذا العالم بالواقعة التي وثّقها القرآن الكريم.

لكن المشكلة - دائماً - هو جاهزية المطالبة بالسحل والتكفير ومصفوفة من موجبات القتل لدى فئة من الناس ضد كل مخالف أو مختلف، في الوقت الذي لم يقرأوا حرفاً واحداً من كلام المطلوب قتله أو يسمعوا البتة شيئاً مما قاله. فقط، هم سمعوا أو قيل لهم.

أما العلماء فقد راحوا يواجهون عيسى بالكلمة المضادة، مُبيّنين له أنه على خطأ، وأن الإيمان دائماً أقوى لدى الناس من الاعتقاد بالمنطق الفلسفي أو القانون الفيزيائي، لا سيما عندما يكون القرآن قد أورد في متنه ما يستوجب هذا الإيمان بصحة حدوث هذه الواقعة أو تلك. عندما يتواجه أيّ شخص وأيّ شيء مع القرآن في حالة تضاد ورفض وتشكيك، فالنصرة دائماً للقرآن لدى المسلمين المؤمنين، وعلى طول الخط.

وهذا ما لم يفهمه قط كل المُنادين دائماً بسحل الناس تحت طائلة التكفير والتخوين، من قبل أن يقرأ أحدهم أو يسمع شيئاً مما قاله ذلك الشخص المرشح للقتل على وجه السرعة لأنه كافر، من وجهة نظر القاتل الجاهز دائماً.

وهذه إحدى إشكاليات المجتمع المسلم الذي يتحكّم به المتزمتون والجاهلون. وهي تُذكّرك بمبدأ ظل راسخاً لدى الجماعات الثورية المسلحة: نفِّذ، ثم ناقش!

في قضية اغتيال المفكر الكبير الدكتور فرج فودة، سأل القاضي القاتلَ عن سبب إقدامه على اغتيال فودة، فردَّ القاتل: لأنه كافر.
- وما أدراك أنه كافر؟

- بسبب كتبه.
- وهل قرأت كتبه؟
-   لا.
-   لماذا؟
-   لأنني أُمِّي!

فهل يحتاج الأمر إلى تعليق قبالة هذه الكارثة: اعتراف القاتل بأنه أُمِّي لا يجيد القراءة البتة. لكنه قتل مفكراً كبيراً بسبب كتبه التي قيل له بأنها تتضمن ما وصف بالكفر الذي استوجب القتل "بلا احم ولا دستور" كما يُقال!

وفي الواقعة الخاصة بمحاولة اغتيال الكاتب الشهير نجيب محفوظ، وخلال النظر في هذه القضية أمام القضاء، راح رئيس المحكمة يسأل الرجل الذي قام بطعن عنق الكاتب الكبير: لماذا حاولت قتل نجيب محفوظ؟

- بسبب الكفر اللي في روايته؟
- أيّ رواية تقصد؟
- أولاد حارتنا.
- هل قرأت الرواية؟
-  لا .. بس سمعت أنها رواية كافرة!

سمع! .. سمع فقط! .. سمع أنها رواية كافرة!

وأنا شخصياً لا أدري ما إذا نطق الرجل اسم الرواية: أولاد حارتنا أم عيال حافتنا؟ خصوصاً أنه نطق اسم الكاتب الشهير خطأً لمرتين وليست واحدة، برغم بساطة وشهرة الاسم!

وعادت بي الذاكرة إلى مجريات محاكمة قتلة الرئيس محمد أنور السادات، إثر حديثي مع أخينا الذي جئت على ذكره في مستهل هذا المقال..

ففي تلك المحاكمة سأل القاضي أحد المشاركين في العملية التي أفضت إلى قتل السادات: أنت شاركت في قتل الريٍّس السادات ليه؟

- لأنه علماني.
-  يعني أيه علماني؟
-   معرفش!

مقالات

الشعر الحميني: سردية الجذور والتحولات وزمن الظهور - (الحلقة الثانية)

تكوّنت المعرفة الأكاديمية الحديثة حول الشعر الحميني داخل إطارٍ منهجي صارم، ربط نشأته بالعصر الرسولي في القرن السابع الهجري؛ لا لأن الباحثين كانوا مقتنعين بحداثة هذا الفن، بل لأن الوثيقة -لا غيرها- هي التي حكمت دراساتهم.

مقالات

أزمة الثقة في اليمن: من انقسام الداخل إلى استغلال الخارج (٤)

مثّل انتقال السلطة في إبريل 2022 من الرئيس عبدربه منصور هادي – الذي حمل مشروع الدولة الاتحادية – إلى مجلس القيادة الرئاسي المكوّن من ثمانية أعضاء، محطة مفصلية في مسار الأزمة اليمنية. فقد جاء القرار بدون إرادة وطنية، بل استجابة لضغوط إقليمية ورعاية مباشرة من الرياض وأبوظبي، مع تأييد عربي ودولي حرص على تأكيد وحدة الكيان الوطني واستمرارية الشرعية الدستورية، وذلك تحت غطاء ضغوط الواقع العسكري والسياسي، ومحاولة لإعادة تفعيل مؤسسات الدولة وتوحيد الجهود في مواجهة الانقلاب.

مقالات

نتانياهو وكابوس الدولة الفلسطينية

عشية التصويت على القرار الأميركي في مجلس الأمن الدولي استمات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في تأكيده على استحالة أن تكون هناك دولةٌ للفلسطينيين على أرضهم المحتلة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.