مقالات

الأصل.. والتقليد

03/09/2023, 07:33:52

أراد "س" أن يُقلّد "ص" في طباعه، ولكن الطبع غلب التطبُّع، كما قال الأولون.
وبصيغة أخرى:

أراد الغراب أن يُقلّد الطاؤوس في مشيته..
وأراد الذباب أن يقتدي بالجراد في غزوته..
وأراد الضبع أن يحتذي بالليث في بطشته..
وأراد ديجول أن يتقمّص نابوليون في هيبته..
ثم أراد حاكم عربي أن يُقلّد عادل امام في نكتته..


إن الأصل يظل القدوة والنموذج، ولا يمكن لأيّ تقليد أن يرتقي إليه، في المثال الحسن والمثال السيئ، على السواء.

وفي إضبارة التاريخ أمثلة شتى على هذا المنوال. وكان الأصل يبقى والتقليد يتلاشى. في السياسة والحكم، وفي الخطابة والكتابة، وفي ميادين الفكر والعلم والرياضة والأناقة، وحتى في ملاعب القصف واللهو، هناك الأصل وثمة التقليد، وما بينهما الفرق شاسع والبون واسع.


إن العقل والذوق يبحثان عن الأصلي في الأشياء، رافضين المُقلَّد مما يُعَدُّ من سَقْط المتاع، أكان في مضمار الضروريات أو في مجال الكماليات، وفي السلع والأفكار، وفي المقتنيات والقِيَم.
مثالاً: تمتاز بعض العلامات التجارية (أو الماركات) بكونها أصلية؛ أي ذات جودة عالية، عن أخرى مُقلَّدة أي رخيصة ورديئة في جودتها وثمنها، وبالتالي في ثقة الناس بها.


قبل اختراع السيارات - وما في حكمها من مركبات - كان أجدادنا الأوائل يذهبون إلى سوق الحمير - وما في حكمها من مراكيب وركائب - فيتفحّصونها، بدءاً من أسنانها، مروراً بظهورها وسيقانها، وصولاً إلى مؤخراتها.

أي أنهم يتأكدون من كونها حقاً سُلالية أو ربما برَّانيَّة، فالحمير والخيول وسائر الدواب لا تستوي كلها، شأنها في ذلك كسائر السلع في الأسواق جمعاء. اِذْ يكون الفرز والفحص هو الأسلوب الأمثل لتبيان الغثّ من الثمين، على غرار ما كان يجري أيضاً في أسواق الجواري والعبيد والغلمان!

غير أن الحابل اختلط بالنابل في هذا الزمان. وغير أن الحبل قد أُلقيَ على الغارب في هذا اليمان. وغير أن سقط المتاع قد ساد على كل ذي جودة، واستشرى في كل سوق وعقيدة.

فأنت اليوم تذهب إلى سوق الساسة والسياسة، فلا تجد غير سقط المتاع ينبري قبالتك متحدّياً ومتسيّداً و"مُبهرراً" بحدقتيه على اتساعهما!

وأنت اليوم تذهب إلى سوق الصحافة وأهلها، ويا لخيبة ما تجد، ويا لفداحة ما تلقى، حتى إنك تظن بأن ذهابك إلى سوق الحمير أنفع وأجدى!

وأنت اليوم تذهب إلى سوق الآداب والفنون، فإذا بالحال ثمة تبدو لك أسوأ.. والوضع يتجلى لك أنكأ، فلا تعود تدري إذا ما دلفت إلى سوق الأدب أم إلى خان قلّة الأدب!

وهكذا دواليك، أينما يممت وجهك شطر كل سوق وميدان وحانة ودُكّان في هذا البلد المستأجر من أُم الجن والصبيان!

اللهم إنك قد ابتليت هذا البلد وأهل هذا البلد بحروب وأوبئة وخرائب وويلات، وحُكَّام وحكومات، وأسماء ومُسمَّيات ما أنزلت بها من سلطان، فاحفظ لنا عقولنا وضمائرنا وأذواقنا.

مقالات

محمد محسن عطروش: صيحة الاستقلال ونغمة لا تخطئ القلب

قرأت في سيرة الفنان محمد محسن عطروش أنه درس الأدب الإنجليزي في القاهرة، ثم عمل مدرسًا للرياضيات واللغة الإنجليزية في عدن، فحضرت في ذهني حلقات برنامج قديم في قناة السعيدة، مسابقة فنية كان يشارك فيها فنانون شباب، وكان عطروش في منصة التحكيم.

مقالات

تصعيد الحوثي تجاه بيت هائل.. لماذا الآن؟

اشتدت الحرب الحوثية على قطاع التجارة بشكل لافت بعد أن أقدمت الولايات المتحدة على تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وفرضت عقوبات على جميع الشركات التجارية المحسوبة عليهم، والتي كانت تسعى لإحلالها كبديل في السوق لمجموعة بيت هائل.

مقالات

عودة الخروف الضائع – 5 – (سيرة ذاتية – 24)

بعد أن أُوصدت جميع الأبواب في وجهي قررتُ العودة للدراسة. وفي صباح ذات يوم ذهبتُ إلى مدرسة جمال عبد الناصر في شارع القصر الجمهوري، وقابلتُ الأستاذ محمد الشامي مدير المدرسة، وكلمته عن رغبتي في الالتحاق بمدرسته.

مقالات

الشعر الحميني: سردية الجذور والتحولات وزمن الظهور - (الحلقة الثانية)

تكوّنت المعرفة الأكاديمية الحديثة حول الشعر الحميني داخل إطارٍ منهجي صارم، ربط نشأته بالعصر الرسولي في القرن السابع الهجري؛ لا لأن الباحثين كانوا مقتنعين بحداثة هذا الفن، بل لأن الوثيقة -لا غيرها- هي التي حكمت دراساتهم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.