مقالات

حقوق المرأة في الولاية بين قادة السلف وبناتهم (1-3)

26/04/2025, 11:54:08

تَناولتُ، قبل بضعة أشهر، ندوة «مؤسسة فريدريش ايبرت»، و«منتدى التنمية السياسية» عن «الأعراف القانونية العالمية والقوانين اليمنية وحقوق الإنسان». وهي الجزء الأول، أمَّا الجزء الثاني من الندوة، فكانَ عن «حق المرأة في الولاية وحقها في الدية».

وقد أقام الندوة «منتدى التنمية السياسية» و«منظمة صحفيات بلا قيود»، وسأستعرضها كاملة. فقد عُقِدَت الندوة في صنعاء بتأريخ 17/ 5/ 2007 تحت عنوان «حق المرأة في الولاية وحقها في الدية»، واستهلت الندوة بكلمة الأستاذة توكل كرمان، ومشاركة آمال عبد الخالق حجر، وأسماء غالب عبد الكافي القرشي، ونسيبة ياسين عبد العزيز. وشارك في الندوة قادة إصلاحيون سلفيون: الأستاذ عبد الملك بن حسين بن علي التاج، والشيخ عارف بن أحمد بن علي الصبري بكتاب قام بإعداده عبد الملك التاج.

يقع بحث الأستاذ التاج في 210 صفحات؛ تناول في الفصل الأول منه ولاية المرأة وصراعها السياسي بين الدوافع والأثر. وفيه مباحث:

المبحث الأول: تكريم الإسلام للمرأة.

المبحث الثاني: المرأة والأسرة بين أكذوبة التنمية، ومرارة الإهانة والانهيار. وفيه مطلبان:

الأول: أكذوبة التنمية، ومرارة الإهانة.

الثاني: الأسرة العربية وآثار الانهيار.

الثالث: المرأة بين هجوم الأمم المتحدة، ودفاع الإسلام عنها. وفيه مطلبان:

الأول: بنيان المجتمع العربي وأسسه.

الثاني: انتهاكات وإهانات الأمم المتحدة للمرأة.

البحث الرابع: عمل المرأة ومجالاته وضوابطه. وفيه مطلبان:

الأول: أهمية عمل المرأة في المنزل وفوائده.

الثاني: عمل المرأة خارج المنزل وضوابطه.

المبحث الخامس: خلفيات ودوافع حرص المرأة اليوم على الولاية والمنافسة السياسية.

المبحث السادس: وُضِعَ كسؤال: مَنْ الذي يسيطر على لجان المرأة والأسرة في الأمم المتحدة؟ وفيه مطلبان:

الأول: المسيطرون على لجان المرأة والأسرة.

الثاني: دُعاة الجندر، وأكذوبة المساواة.

هذه هي عناوين مبحث الأستاذ عبد الملك التاج، وكان حاضرًا، وقدّم عرضًا لرأيه.

في المبحث الأول يُورد الدكتور تكريم الإسلام للمرأة التي لم تعرف من العناية والتكريم وسمو المكانة ما عرفته في الإسلام. والنساء غير المسلمات عندما يعرفن الإسلام يَرينَ أنَّ حقوقهن في الإسلام حقيقية، وأنَّ الحضارة الأوروبية لا تقر للمرأة حق التمتع بالحياة.

ويُورد وضع المرأة الموءودة في الجاهلية، وحالها في الإسلام. كما يتناول إهانة المرأة، وحالات الاغتصاب في أمريكا وإسبانيا وألمانيا وبريطانيا والكيان الصهيوني. فإهانة المرأة لديهم -بحسب رأيه- ليست وليدة الساعة، ويربطها بالجاهلية التي يحاولون تصديرها إلينا.

يورد أقوالاً من التلمود للتّفرقة بين الذكر والأنثى، ويعتبر التلمود مُحرَّفًا مع أنه غير التوراة؛ فهو أقوال حاخامات اليهود (الأحاديث والفقه).

ويُورد رؤية رشيد رضا ومحمد عبده عن أوضاع المرأة قبل خمسين عامًا، والأحاديث الداعية إلى تأديب المرأة وتعليمها، وآية تحريم الوأد.

ويربط مجددًا بين جاهلية العرب قديمًا وجاهلية أوروبا حاليًّا؛ مشددًا على اهتمام الإسلام بالأنثى في مختلف مراحل حياتها، ووصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بالنساء، واهتمام العلماء المسلمين بذلك، وتحذير الرسول الرجال من ضرب النساء؛ موردًا إحصائيات عن ضرب المرأة في فرنسا عام 2002، واستبيانًا في بريطانيا عن ضرب النساء.

يرى أنَّ الحضارة الغربية تطالب بحقوق المرأة، والتمكين السياسي لها، ودخولها البرلمان، وتولي الوزارة- بغرض إخراج المرأة المسلمة عن فطرتها والتزامها، والزجِّ بها في أتون الصراع السياسي للإيقاع بها في المستنقع الذي وقعت فيه المرأة الغربية.

ويؤكد أنَّ حماية المرأة في الإسلام والدفاع عنها ليس بالأمر الهين ولا السهل، ويتهم الأمم المتحدة بممارسة «الديوثية»، وممارسة الفاحشة. ويورد تقريرًا يؤكد ذلك. ولا يحبذ بقاء المسلمين في الأمم المتحدة. ويورد نصيب المرأة من الإرث في الشريعة الإسلامية.

في المبحث الثاني، والمطلب الأول والثاني، يتساءل عَمَّا تنادي به المنظمات الدولية عبر القروض والمساعدات هل هي حق؟

وهل بَقِيَ من تلك الحقوق وصول المرأة إلى الرئاسة والوزارة والبرلمان؟

وهل تولي المناصب في الإسلام حقوق؟ ويرى كراهية الولاية للرجال.

ينتقد التعامل مع رؤية الغرب ومنظماتها، وتبدل الرؤية من اعتبار هذه المطالب عمالة إلى تبنيها، ويرصد عوائد أرباح الفاحشة في تقرير لـ«منظمة العمل الدولية» LLD من استغلال النساء والأطفال، مقدرة بـ28 مليار دولار سنويًّا، ويُورد ما تتعرّض له الفتيات في أوروبا من الاتجار بالجنس.

ويسخر من عرض «ملحق الثورة» لصور ثلاث فتيات يَرفعْنَ أيديهن المغمسة بالدّم والمكتوب بها: "أيها الرجال انتظروا النساء قادمات بقوة إلى البرلمان".

ويرى أنَّ الله سبحانه خلق الذكر والأنثى، وجعل لِكُلٍّ وظيفته. ويعيب الدعوات السافرة لنقل السلوك الغربي إلى الواقع الإسلامي. ويشير إلى أنَّ المنصفين من الغربيين قد حذّروا المرأة من النمط المراد تطبيقه في بلاد الإسلام، وأنَّ 50% يقدِّمن الاستقالة لتعرضهن للتحرش. وأنَّ المرأة لا تتمتع بحقوقها كالرجل، وأنَّ 35 % من طلاب الجامعات الأمريكية يعتقدون ألا مانعَ لديهم من التهجم وارتكاب جريمة الاغتصاب في حال الوثوق من عدم العقاب.

ويُشير إلى استبيان وُزِّعَ على أكثر من ستة آلاف طالبة من طالبات الجامعات الأمريكية- وجد أنَّ 42 % من الطالبات قدّمن بلاغات عن تحرش ومحاولات اغتصاب من زملائهن.

ويُشير إلى إجراء تجارب الاتصال الجنسي بحُجة الدراسة، ويُجبر البعض منهن على ذلك، وأنَّ السجون في أمريكا ودور رعاية النساء تعاني من انتهاكات، والمرأة هناك تعاني من مشاكل لا حصر لها، وأنَّ معدلات الانتحار في النساء مرتفعة.

ينقل عن تقرير بريطاني عام 1997 أنَّ من بين ثمانمئة امرأة حامل أربعمئة ألف منهن حَملنَ بطريقة غير شرعية، وأنَّ 35% من الأطفال مجهولو الأب، وأنَّ 41% في العام 2002 غير شرعيين.

المطلب الثاني: الأسرة الغربية، وآثار الانهيار. يرى أنَّ المجتمعات الغربية، وخاصة الأوروبية والأمريكية تواجه واقعًا صعبًا من الانهيار، والأزمات العائلية المؤذنة بزوال ما يسمى بالحضارة الغربية اليوم.

ويُشير إلى نسب الانحراف والشذوذ، ويردُّ ذلك إلى خروج المرأة عن وظيفتها في رعاية الأسرة، وغياب التنشئة الصالحة للأبناء.

وينسب كثرة الجرائم في أمريكا إلى ترك الزوجة لبيتها، ويشدد على دور المرأة في بناء الأسرة. ويُورد لكاتبين غربيين في كتابهما «أمريكا: العنف، والحرية» نتائج انهيار الأسرة، ويُورد التفاصيل المرعبة.

كما يتناول إجمالي كلفة الجرائم في أمريكا، وإحصائيات الأطفال الذين يتعرّضون للاعتداء. ويتناول الأمراض النفسية للرجال في بريطانيا، وينقل عن صحيفة «الاندبندنت» مقالاً بعنوان «مراهقو بريطانيا الحقيقة المفجعة»، ويذكر المقابلات التي أجرتها الصحيفة على بعض المراهقين، ويرد ذلك إلى فقدان الأسرة.

ويُورد رأيًا لسامويل سمايلس؛ وهو من أركان النهضة الإنجليزية، أنَّ تشغيل المرأة هدم للحياة المنزلية، ويُقوِّض أركان الأسرة.

ويقول: "علينا أنْ نحمد الله على حالنا، وعلى مجتمعنا الذي لا يزال بخير"؛ داعيًا الجميع إلى عدم الجناية على المرأة والأسرة؛ محذرًا من تقويض أركان الأسرة بإخراج المرأة من وسط أطفالها.

ويُورد مقالة حسن البنا: "إنَّ الإسلام يحرم على المرأة أن تكشف بدنها، وأنْ تخلو بغيرها، وأن تخالط سواها ... إلخ. وأنَّ النظرة سَهمٌ مِنْ سِهام إبليس".

المبحث الثالث: المرأة بين هجوم الأمم المتحدة، ودفاع الإسلام عنها. ويتناول مطلبين:

الأول: بنيان المجتمع الغربي وأسسه.

والثاني: انتهاكات وإهانة الأمم المتحدة للمرأة.

يمهد البحث بالقول: "يبدو، والعنوان -ولأول وهلة- فيه تحامل، ولكن عند الوقوف على حقيقة ما يدور في مؤتمرات وأجندة وزوايا الأمم المتحدة يتبين أنَّ هذا العنوان متسامح، وأقل بكثير مما تستحق الأمم المتحدة أن تُوصف به".

ويتساءل: هل دخولنا وانضمامنا لهيئة الأمم المتحدة من أجل احترام سيادتنا، والحفاظ على خصوصيتنا وهويتنا؟ أم لإلزامنا بهتك الأعراض، ونشر الفاحشة باسم القرارات الأممية التي يطبخها الشواة في نيويورك وبكين، ويشير إلى تصديرها لصنعاء والقاهرة ومكة والرباط. ويتناول سورة: (قل يا أيها الكافرون).

في المطلب الأول، يشدد على اتصاف كل مجتمع بخاصية تميّزه عن غيره من المجتمعات الأخرى، وتتّسع تلك الخاصية من روافد عدة؛ أهمها وأبرزها: الدين، والمبادئ والقيم التي يعتنقها المجتمع.

ويستنكر التغافل عن ذلك أثناء الحديث عن ولاية المرأة، وعن تلك الاتفاقات التي تنسف نسيجنا المجتمعي. ويرى التباين بين الأسس والقواعد التي قام عليها المجتمع العربي عن أسس وقواعد المجتمع الأوروبي. فالمجتمع الأوروبي والأمريكي عنده قائم على ثلاث قواعد:

القاعدة الأولى: المساواة التامة بين الرجال والنساء. والمساواة عندهم تحميل المرأة أعباء الرجل وتكاليفه. ويرى أنَّ الذكر ليس كالأنثى في صفة الخلق والهيئة والتكوين؛ (وليس الذكر كالأنثى)، الآية. وأنَّ الشرع قد حدد عمل الرجل ونوعيته، كما حدد مجال عمل المرأة.

القاعدة الثانية: استقلال النساء بشؤون حياتهن ومعاشهن. فالمرأة في سن الثامن عشر مكلفة بالإنفاق على نفسها، أمَّا المسلمة فالرجل مكلف بالنفقة عليها؛ وهو حق للمرأة، مستدلاً بالآية: (لينفق ذو سعة من سعته). والآية: (الرجال قوامون على النساء).

القاعدة الثالثة: الاختلاط المطلق بين الرجال والنساء. ويُورد مآسي الاختلاط في الغرب، بينما حرّمت الشريعة الاختلاط حفظًا للعفاف، وتحصينًا للأخلاق، ويستدل بالآية: (وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب).

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.