مقالات

سيّد درويش اليمن

19/09/2024, 10:20:37

هذا ليس مجرد فنان. الموسيقار فضل محمد اللحجي هو سيّد درويش الغناء اليمني. 

فنان وملحن ومُجدِد، والأكثر إبداعاً لألحان وأغانٍ جديدة في تاريخ الغناء اليمني، مع أنه لم يتجاوز الخمسين عاماً عندما توفي في نوفمبر 1967 برصاصة شيطان مجهول أرداهُ قتيلاً، ومعه أصاب جزءاً حميماً في جسد الفن الغنائي اليمني، وكتم أنفاسه في ذروة عطائه.

أن تكتب عن أحمد فضل العبدلي (القمندان) ولا تكتب عن فضل محمد اللحجي؛ فكأنك كتبت عن الأخوين رحباني، ولم تكتب عن فيروز، أو كأنك تكتب عن زكريا أحمد وتتجاهل أم كلثوم.

القمندان كتب الشعر الغنائي برشاقة روح تحلِّق في عالم الفن مثلما تنغرس في حياة الناس، ومعيشهم اليومي.

وفضل اللحجي بث روحه في قصائد القمندان بصوته العذب ونغمات ألحانة الفارقة.

القمندان أسس اتجاهاً، وفضل اللحجي أينع فيه وأبدع، وأخذ الراية من أستاذه ليصل بها إلى أفق أبعد بكثير من بداياتها والنمط الغنائي الذي كانت عليه بعد وفاة القمندان.

فضل محمد اللحجي واحد من جيل الروّاد في الغناء اليمني، بل ويتفوّق عليهم جميعاً. 

عندما وُلد، في عام 1922، كان جيل الروّاد؛ مثل الشيخ علي أبوبكر، الشيخ صالح العنتري، والشيخ محمد الماس، قد بدأوا في إبراز فن الغناء اليمني معتمدين على التراث الغني لأجيال من قبلهم؛ كان فن الغناء الصنعاني هو السائد في لحج آنذاك.

لكن فضل اللحجي برز في فرقة القمندان في سياق مختلف يعتمد على إبداع الألحان الجديدة، وتطوير التراث الشعبي اللحجي ليكون لوناً غنائياً جديداً، أخذ سماته الأساسية، ولونه ونكهته وأنغامه، وإيقاعاته على يد القمندان؛ شاعرا وملحنا، وفضل محمد اللحجي مُلحناً وفناناً.

ظلِم هذا الفنان، ويغفل كثيرون من الجيل الجديد مكانته وتأثيره في الغناء اليمني، إذ أن أغلب أغانيه سمعها الناس بأصوات تلاميذه، ومن قلّدوه.

من بدايات تألقه، كانت موهبته وعزفه وأداؤه موضع إعجاب وتقدير استثنائي من أستاذه ومعلمه الشاعر الفذ سلطان الطرب اللحجي أحمد فضل القمندان.

فضل محمد اللحجي هو هذا الذي يذكره القمندان في موشحته الشهيرة (صادت عيون المها قلبي)، التي أبدع فضل في غنائها، وأداها بعده مثلث الغناء الكبير: محمد مرشد ناجي، فيصل علوي، أبوبكر سالم:

هل أعجبك يوم في شعري غزير المعاني وذقت ترتيل آياتي وشاقك بياني

هل أسمعك فضل يوماً في الغنا ما أعاني

وكيف صاد المها قلبي وماذا شجاني

هذه واحدة من سلسلة من الأغاني أبدع في أدائها فضل اللحجي، وقلدها فنانون كبار جاءوا بعده ونهلوا من ينبوع أبداعه، نذكر منها هنا أغنية "عذبني المكحل طويل الهدب"، التي طورها الموسيقار أحمد فتحي بإضافة مقطعين، وغناها بعنوان "يا بو زيد"، وأغنية "يا منيتي يا سلا خاطري"، وهي من كلمات القمندان، وانتشرت في اليمن وخارجها.

أغنية "حالي يا عنب رازقي" أشهر من أن تُعرف، أداها آخرون تقليدا لهُ، وهو مؤديها وملحنها، ومن كلمات القمندان، ومن غيرهُ يرتفع بالشعر الغنائي إلى هكذا سقف يحلِّق في الأعالي البعيدة.

"با نجناه" هذه الأغنية البديعة التي كتبها الشاعر عبدالله هادي سبيت برشاقة عاشق للقطن، لحنها وغناها الفنان فضل محمد، ولاحقاً سمعناها من محمد مرشد ناجي وفيصل علوي.

فيصل هو تلميذ فضل، والحديث عن تأثيره عليه سأتناوله بتوسّع في مقالة لاحقة.

قلَّده كل فناني اليمن الكبار، بعضهم تعلَّم العزف على يديه، آخرون قلَّدوا أغانيه، والبعض الآخر غنٍَى من ألحانه.

أغنيتي أيوب طارش "يا الله من حبيبي با ساعة تسلي المكروب"، "أحبك والدموع تشهد"؛ وهي من ألحان الفنان فضل اللحجي، الأولى من كلمات القمندان، والثانية من كلمات صديقه صالح نصيب، وأهداها للفنان أيوب طارش في بداية مشواره الفني.

"منك ولا عاد مني" أغنية الفنان علي الآنسي مأخوذة من أغنية للفنان فضل محمد "إن كان قلبك تقنّع منٍك ولا عاد منِّي"، وكذلك غنى له الآنسي "يالله يا من على العرش اعتليت". كذلك لحن الفنان أحمد السنيدار في أغنيته "يا دانيات العناقيد"، والفنان محمد سعد في أغنيته "قال بن سعد"؛ لحن الأغنيتين هو نفسه لحن أغنية فضل محمد "قال بوزيد جاني علم ما هو سوى"، وهذه الأخيرة أداها فيصل علوي بعد فضل محمد اللحجي وبالكلمات واللحن نفسيهما.

مكانة فضل كملحن لا تقل عن تميّزه كفنان. لحّن لنفسه ولعدد من الفنانين في عصره، من تلاميذه، ومن مجايليه.

معظم الفنانين مروا على فضل اللحجي، بعضهم عرفوه شخصياً، وصُقِلت مواهبهم في العزف على يديه كعازف محترف، قيل عنه إنه الأفضل في الجزيرة العربية حينها؛ وبعضهم عرفهُ من خلال إبداعاته الغنائية؛ وبدأ حياته الفنية بتقليدها.

الأستاذ أمين درهم عاصر الفنان فضل محمد اللحجي، وسافر إلى عدن في أواخر الخمسينات برفقة الفنان علي الآنسي، الذي صقلت موهبته في العزف على يد فضل اللحجي.

 يقول إنه استقبله في تعز في السنة التالية لثورة سبتمبر 62، ونظَّم له حفلة هناك غنّى فيها لأول مرة أغنية:

"وا مغرد بوادي الدُّور"، وهي الأجمل من بين مجموعة الأغاني التي أداها في هذا الحفل؛ وهو أول من غناها بالموال.

كان تأثيره واسعا على الفنانين في زمنه، ومن تلاميذه الذين تأثروا به الفنانون: الشباب حينها محمد صالح حمدون، أحمد يوسف الزبيدي، علي السمة، علي أحمد الخضر، وعبدالكريم توفيق.

-طفولة تشع موهبة مبكرة

لو لم تكن للفنان انفعالاتٌ يعبِّر عنها، ولا مشاعرُ حيوية توقد في ذاته ما يتحول لاحقاً إلى أغانٍ، لكان أقصى ما يستطيع عمله هو أن يكرِّر ألحان وأغاني من سبقه.

داخل فضل اللحجي كانت جذوة الفن تتشكّل قبل أن تبرز خارجه. تُخْلق الموهبة داخل الذات لا خارجها. الفرصة والمصادفات توفر بيئة ملائمة للموهبة لكنها لا تخلقها من العدم.

فضل اللحجي ولد فناناً. خُلق بروح هائمة بدأت نغمتها تهجس في سنواته الأولى، ولم يصل العاشرة إلا وقد لاحظ والده ومن حوله انخطافه بالغناء ودندنتهُ بنغماته، وكأنه شيئاً ملتصقاً به في حياته اليومية لا شيئاً منفصلاً عنه.

سأقف قليلاً عند نشأته، فلن يكون بإمكاننا الإحاطة بعالم فنان كبير كهذا دون العناية بأدق تفاصيل نشأته ونمو موهبته وذائقته الفنية.

تُجمع روايات من عاصروه أن فضل كان في العاشرة من عمره، حين قرر والده أن يشتري له عوداً خاصاً به (القنبوس).

الشاعران أحمد صالح عيسى وصالح سعيد نصيب عاصرا فضل وعرفاه عن قُرب، وكتبا سيرة حياته في كتاب بعنوان: "فضل محمد اللحجي: حياته وفنه"، صدر عن دار الهمداني في عدن عام 1984م.

جاء في هذا الكتاب عن طفولته، أنه وُلد في مدينة الحوطة، عام 1922، وآخرون يذكرون تأريخا آخر هو 1914، من أم لحجية اسمها "زمزم بنت عوض"، وأب "اسمه محمد علي جبلي"، وهو من قرية شمالية.

يكمل الأستاذ أمين درهم هذه المعلومة في مقالة له ذكر فيها أن والده من قرية الزيلعي الواقعة في "خدير الأسلوم"، ما يسمى حالياً "دِمنة خدير".

الشاعر صالح نصيب، الذي غنى فضل عدداً من قصائده، ذكر أن والده استقر في حوطة لحج:

"كان خياطا ومعلماً للقراءة والكتابة وتدريس القرآن الكريم، ويقال إنه كان يعزف على آلة العود أيضا، ومن المرجح أن فضل تعلم مبادئ العزف على يد والده مثلما أيضا تعلم مبادئ القراءة والكتابة".

هذه السمة المدنية لحوطة لحج حوَّلتها إلى مدينة للفن والأدب والثقافة؛ المدينة الحاضنة للفن والبشر والجمال وكل تمازج يكون خلاقاً ومولِّداً للإبداع.

غطَّى هذا الكتاب فراغاً في المعلومات المتعلقة بنشأة فضل وبمن تأثر في طفولته، قبل أن يحتضن القمندان موهبته، ويتيح لها أن تنمو وتكبر تحت تاثيره، وفي منتداه الموسيقي والأدبي، وفي فرقته الموسيقية التي ترأسها فضل اللحجي من بدايات التحاقه بها؛ بسبب قدراته على العزف على جميع الآلات الموسيقية وإجادته الغناء.

ورد في كتاب صالح نصيب أن فضل اللحجي بدأ يعزف على آلة العود القديم في سن العاشرة، وتأثر بالمطرب صالح الظاهري، واقتبس منه طريقة عزف العود، وتميَّز بصوته الجميل، واعتاد في تلك الفترة أن يعزف ويغنِّي في المناسبات واحتفالات الموالد حسب العادات والتقاليد.

-عودة إلى البدايات: التماع نجمه في فِرقة القمندان الموسيقية

أمام محل خياطة يملكه والده في حوطة لحج، كان شاب صغير يدندن بصوت شجي ما علق في خاطره من أغانٍ قديمة، منهمكاً في بيع "الباجية والعُشر والبالوزة"، حين مر سلطان الطرب اللحجي أحمد فضل القمندان، ووقف مشدوهاً بنغمة صوته، وعشقه للغناء.

كان بعض المهتمين بالغناء قد أخبروا القمندان عن موهبته، إذ قدّروا حينها أن هذا الطفل هو من يبحث عنه في سعيه لاكتشاف موهبة تقود فرقته الموسيقية.

يروي ذلك الشاعرُ أحمد فضل القمندان نفسه في مقالة بعنوان "تاريخ حياتي" وضعت في مقدمة كتاب "مهرجان القمندان"، الذي صدر عن دار الهمداني 1988، وضم وثائق المؤتمر الذي عُقد في عدن، من أوراق عمل ومشاركات ومداخلات، وهو من إعداد سلوى صنعاني.

توجّه القمندان إلى محمد علي الجبلي، وقال له: "أريد ولدك فضل أعلمه الطرب". وافق الوالد، فأمسك القمندان بيد فضل اليسرى، وأخذه إلى منزله؛ ليشاركه فطوره مع الفرقة الموسيقية.

ولهذا اللقاء قصة لا بُد من سردها هنا؛ لأنها تكشف موهبة فضل محمد الجبلي الاستثنائية.

يقول القمندان بإعجاب ودهشة: أشهد أن فضل محمد جبلي أول ما تعلم إلا على "القانون"، ذلك القانون الصعب، الذي هرب منه مسعد بن أحمد حسين ومبارك حسن بانبيلة وولده محمد.

في أول تدريب، عزف فضل محمد الجبلي على النوتة أغنية "طلعت بدرية"، ساعده القمندان في ضبط اللحن، وخلال نصف ساعة كان قد أجاده.

الأكثر إثارة لدهشة القمندان حدث في صباح اليوم التالي، يقول إنه وجد فضل محمد الجبلي يعزف لحن "على المحبين شني يا مطر نيسان"، فذُهل القمندان واستغرب؛ لأنه لم يكن قد وضع نوتة وقدّمها له.

سأله القمندان: "أعطيت لك أمس نوتة أغنية "طلعت بدرية"، وهو لحن مصري، فكيف استطعت أن تعزف لحن "على المحبين شني يا مطر نيسان" بدون نوتة؟".

أجابه فضل : "عرفت مخارج اللحن".

النوتة أصلها لحن. يتساءل القمندان: ولكن كيف توصّل إليه فضل محمد جبلي بهذه السرعة مع أنه أصغر مَن في الفِرقة؟

هنا شعر القمندان أنه وجد ضالته. من بين كل من جرَّبهم، كان فضل محمد الجبلي هو ضالته التي يبحث عنها.

-التأثير المتبادل بين المعلم وتلميذه

نشأ فضل في منتدى القمندان وفرقته الموسيقية، لكنه لم يكرره، ولم يقف عند تخوم ألحانه، والتراث الذي جدده. لقد أضاف وجدد وأبدع.

تلميذ القمندان لم يقف عند خط النهاية لرفيقه وأستاذه، لقد أضاف ألحانا وجُمل موسيقية لم تكن مألوفة لا في لحج ولا في اليمن.

كان القمندان شاعراً غنائياً، ومؤلفاً، ومُلحناً، وأسس فرقة موسيقية كان فضل محمد اللحجي، الفنان الذي يجيد العزف على جميع الآلات الموسيقية، هو رئيسها وفنانها الأبرز، مثلما كانت منطلقه الأول في مسيرته الفنية.

"تأثير فضل محمد امتد إلى القمندان ذاته"، هذا ما يقوله الأمير عبده عبدالكريم العبدلي، وهو ذلك الشاعر والفنان، في ورقة العمل التي قدمها في المهرجان:

"مما لا شك فيه أن القمندان كان له أكبر الأثر في حياة فضل محمد الفنية، ولكن الإنصاف يقتضي أن نذكر أن فضل محمد كان له تأثير ملموس على إنتاج القمندان الفني.

كان القمندان سريع الغضب والرضا. وكان فضل محمد بطبيعته جموح يرفض أن يسمع من القمندان أي تعنيف أو زجر. كان يقابل غضب القمندان المتفجر بغضب مكبوت، فيهجر بيت القمندان ومجالسه، ويعتزل في بيته.

هذه المغاضبات من فضل كانت تؤثر تأثيرا سلبيا على إنتاج القمندان الفني، ولكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها بينهما فيعود القمندان إلى تأليف الكلمات والألحان".

ويضيف قائلاً: "فضل محمد اللحجي، في إحدى غضباته، هرب إلى الشمال، ومنها إلى الحجاز، وغاب ما يقرب من سنتين. خلال هذه الفترة توقف القمندان تماماً عن الإنتاج الفني. وعندما عاد فضل استقبله القمندان استقبالا حافلا، وعاد إلى التلحين وتأليف الشعر الغنائي".

"أذكر - والكلام للأمير عبده عبدالكريم العبدلي - من ألحان القمندان عقب عودة فضل محمد من غيبته الطويلة «يا عيون النرجس» و«ياذي عمدت الحسيني». «با معك يوم»، وغيرها".

علاقة فضل محمد بالقمندان وتأثير كل منهما في الآخر موضوع يحتاج إلى بحث ودراسة.

-لم نختتم بعد!

هذا ليس مقالاً جامعاً يلِمُ بأطراف فضل محمد اللحجي ومنجزه الغنائي وألحانه؛ هذه مجرد محاولة استشرافية لفنان من الرواد ظُلِم كثيراً د، ولم ينل المكانة التي يستحقها، ولا زال مجهولاً عند كثير من المهتمين بفن الغناء اليمني.

ما قمت به كان محاولة لاستكشاف تجربة غنائية ثرية ونادرة، ومع ذلك لا أدَّعي أنني وقفت على كل ما التمع في فضائها من أغانٍ وألحان.

غنَّى فضل محمد الكثير من الأغاني، وأبدع ألحاناً أكثر من تلك التي طوّرها وجددها، ولا يوجد إلى اليوم تحديد شامل لكل أغانيه وألحانه.

من أجمل ما غنى «كحيل الطرف ما بالقى مثيله، سقى الله روضة الخلان، يا ليلة النور، سرى الليل وا نايم -تراث يافعي-، ليتني وا حبيبي بالتقي بك يا هلي، با نجناه، قال بو زيد، حالي يا عنب رازقي، يا منيتي يا سلا خاطري».

هذه تلويحة محبة لفنان متميّز واستثنائي، كان له دور ريادي في رسم ملامح الغناء اليمني الجديد في لحج واليمن.

فنان، كل ما في سيرته الفنية يخبرنا عن موسيقار كبير أثرى فن الغناء اليمني، ومر عليه كضوء خاطف، لكنه أكبر من حيوات ممتدة، في تجديده وإضافاته اللافتة للفن أداءً ولحناً.

مقالات

تجنباً للمزيد من المقابر

من المناهج التعليمية إلى السيطرة على النشاط الاقتصادي ومراقبة الحياة الخاصة، لن يتوقف مسلسل تخريب حياة هذا البلد والاستحواذ عليه عند نقطة معيّنة.

مقالات

مصير المكتبات الخاصة!

إذا وجَّهتَ سؤالاً لأي مثقف يمني أو عربي حول بداية تكوينه الثقافي لوجدت أنَّ الكثيرين جداً يتشابهون في أن الأرصفة والأكشاك المتواضعة كانت بداية تكوينهم

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.