مقالات

لا تعجبن أو تغضبن!

13/12/2020, 06:29:07
المصدر : خاص

إنهم يعتذرون عن عدم قدرتهم على صرف راتبك - أو نصفه، بالأصح - ثم يصروُّن على الاستمرار في حكمك، برغم أنهم يقدرون، وهم يدرون أنهم يقدرون، وأنت تدري أنهم يدرون أنهم يقدرون، والعالم كله يدري.

ذات يومٍ بعيد، قال سعيد الجريك (والذي لا يعرف صاحب هذا الاسم يسأل عنه الذي يعرفه):

"يا داخِلَنْ إلى اليمن لا تَعْجَبَنْ

يا خارجَنْ من اليمن لا تغضَبَنْ

تاريخها لا يُكْتَبَنْ، لا يُقْرَأَنْ، لا يُفْهَمَنْ"!

قلتُ إنه قالها ذات يومٍ بعيد، لكنك ستحلف بأغلظ الأيمان أنه قالها اليوم تحديداً أو ليلة البارحة على الأبعد. ولديك كل الحق في هذا الاعتقاد. فلا توجد مصداقية لمثل هذا القول، كالتي تنطبق على حالنا وحال البلاد في هذه الأيام بالذات.

وعلى عهود اليمن كلها، أمثال هؤلاء وأولئك يحكمون الناس ويتحكمون بمصائرهم، فيما الناس يشحذون اللقمة، ويحملون الأثقال على ظهورهم، لسدّ رمقهم وسداد احتياجاتهم.

واليوم، هذه الفئة أو تلك تسكن القصور المنيفة، وتركب السيارات الفاخرة، وتلعب بالملايين والبلايين في اليمن وخارجها، فيما عامة الناس بلا رواتب ولا وظائف ولا أمل في مستقبل مشرق قريب.

وأنت عليك أن تقرأ حبراً مُسطّراً على صفحة جدول أو على وجه غيمة. وحالك في هذا كحال السائل عن الروح، والمسؤول عنها على السواء.

ويستوي في هذا حُكَّام صنعاء وأشباه حكام عدن، وحكام الشغالات في الرياض وأبوظبي والعواصم الأخرى. وأول شروط الحكم أن يُؤمّن لك حاكمك حاجتك من ضروريات الحياة - على الأقل - وأن يعطيك أجرك على عملك، ما دمتَ سائساً في اسطبل الحكومة، وأن يضمن لك الطعام فلا تجوع، والأمان فلا تخاف، لا أن يكون هو مصدر الجوع والجور والمخافة.

لعنتي. قومٌ ما عرفنا لهم مِلَّة ولا اتجاه قِبلة!

وقال أحد حُكماء الزمن الغابر: إذا سرقَ أحدهم عن مهنة تُقطع يده، أما إذا سرق عن جوع فتُقطع يد الحاكم. وهذا ليس إلاَّ حكم الله في صميم شريعته وحميم رحمته، التي ينبغي أن يدركها العامة قبل الخاصة والعوام قبل العلماء.

غير أن الحق أن المواطن اليمني ظل كحكامه وحكوماته مثار عجب واستغراب العالم كله (هل حقاً كما تكونوا يُولّى عليكم؟).

ذات يوم، راح البشر والجان في هذا الكون يتساءلون، مُتفكّرين ومستنكرين: كيف يمكن لهذا اليماني أن يكون راتبه الشهري ستين ألف ريال - مثالاً - فيما هو يمضغ "قاتاً" بمبلغ شهري يفوق راتبه بضعف أو ضعفين وربما ثلاثة؟ وهذا فقط ثمن "القات" من دون احتساب بقية تكاليف المعيشة الأخرى، من: مأكل، ومشرب، وملبس، و، و، و؟

ثم ذُهِل العالم - بعد اندلاع الحرب الأخيرة - وهو يرى "أبو يمن" مقطوع الراتب تماماً، ولكنه يعيش كمن له عدة رواتب، ومن دون إهمال الإشارة إلى جائحة الفقر والجوع والمرض، التي تعمّ البلد من أقصاه إلى أدناه!

وخلال العام الجاري، اقتحم وباء "كورونا" خيمة العالم، وعاث فيها قتلاً وفوضى. وقد راحت أرقام الضحايا تتضاعف يومياً، حتى بلغت ملايين فلكية، في جميع جهات البيضة الأرضية، فيما اليمنيون يسخرون ويتمسخرون من هذا الوباء الفتاك، بصورة أذهلت وزلزلت جميع سكان المعمورة الموبوءة، حتى راح الجميع يتساءل بدهشة لا حدّ لها عن سرّ هذه المناعة العجيبة والمريبة تجاه هذا الوباء، الذي أطاح بجبابرة الكون! .. وهل السرّ في البؤس أم البأس؟ .. أم - كما يُشاع - في القات والبسباس؟

وزاد الطين بِلّة، والمشهد بلبلة، ما يتردد هذي الأيام في الصحف ووكالات الأنباء عن نيّة منظمة الصحة العالمية فحص دم 2000 مواطن يمني، بُغية اكتشاف هذا السرّ الخطير! .. ولا أدري ما إذا كانت هذي الأنباء حقيقة أم محض إشاعة ساخرة.. لكن المؤكد أن اليماني قد فاق كل الأحاجي والمعاني!

مقالات

الوطن، الوثن.. وسارق الأحذية!

أحتاجُ إلى فُسحةٍ من التبصُّر الذاتي، أو قَدْرٍ من السلام الروحي، لتبيان الفرق بين الوطن والوثن، فقد تشابه الوطن عليَّ (أَمْ تُراه تشابه الوثن!) حتى بات الأمر ضرباً من الهُلام المتداخل بين قرص الشمس المجوسية وروث البقرة الهندوسية، يسقط هذا في نتن ذاك، أو ينأى هذا في الوعي ليصبح في هيئة ذاك في الوجدان!

مقالات

البكاء بين يدي مدينة تعز!!

لم تعد تعز تلك المدينة، التي نعرفها، لقد أضحت مدينة حزينة ذليلة باكية، رغم كل ما يحيط بها من جمال الطبيعة وعبقرية المكان، أضف إلى ذلك عبقرية الناس الذين يعيشون فيها بشكل متجانس منذ حُقب بعيدة، فهي مثلها مثل صنعاء وعدن من حيث التجانس بين فئات كثيرة من كل أنحاء اليمن

مقالات

مطهر الإرياني.. الشاعر الذي راكم على تغريبة اليمني وحكمة الفلاح وإرثه (1-2)

في كتابنا (الهجرة والمهاجرون في أدب اليمن - 2023 )، خصصنا مساحة لقصيدة "البالة" لمطهر الإرياني بوصفها أحد العناوين الصريحة لهذا النوع من الكتابة الشعرية الملتحمة بتغريبة اليمنيين الكبرى، وهي الهجرة، وقد حازت على شهرتها الواسعة بواسطة عملية التلحين والغناء التي قام بها الفنان "علي عبدالله السمة".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.