مقالات

هل ستكون معركة شبوة وأخواتها معرِّفة بيمنين طارئين؟

06/01/2022, 19:04:04
المصدر : خاص

بعد يوم واحد من إقالة محافظ شبوة (محمد صالح بن عديو) المحسوب على حزب الإصلاح، واستبداله بزعيم قبلي من مديرية نصاب هو عوض بن الوزير العولقي،  الموالي للإمارات، الذي لم تخفَ علاقته وتربيطاته بالحوثيين منذ كان أحد وسطاء إطلاق مدير مكتب الرئاسة – أمين عام مؤتمر الحوار الوطني، أحمد عوض بن مبارك، من قبضة الحوثيين، الذين اختطفوه في 17 يناير 2015، قبل وصوله إلى قاعة المؤتمر في يومه الختامي، ومعه وثيقة الحوار الوطني، التي أقرّها المشاركون في المؤتمر بمن فيهم الحوثيون أنفسهم، أقول بعد يوم واحد من هذه الإقالة بدأت تحرّكات المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة المهرة؛ وبدت هذه التحرّكات عند كثير من المراقبين أشبه بسيناريو إسقاط شبوة بيد الانتقالي، بضغوط إماراتية ورضوخ سعودي، أو لرد دين ساخن وطري في المهرة أسدته السعودية لحلفاء الإمارات في شبوة.

حمل بيان منسوب لمكوّنات مهرية الكثير من الاتهامات، على رأسها: هناك وجهات اجتماعية ومشايخ من المحافظة تم الدفع بهم إماراتياً بتواطؤ سعودي صريح لتفريخ "هبَّة مهريَّة" شبيهة بالهبّة الحضرمية في موجتها الثانية، التي من شأنها إحداث فوضى في المحافظة، التي تقف على بالون ساخن، ويكتنفها انقسام شديد بين مؤيد للجنة الاعتصام المطالبة بطرد القوات السعودية من المهرة، ويتزعمها الوكيل السابق للمحافظة والمُزاح من موقعه سعيد سالم الحريزي، وبين مكوّنات قبلية موالية للسعودية، بدت هي الطرف الأضعف في الفترة الماضية، حتى جاءت أحداث شبوة وهبَّة "الجوار الحضرمي" لتمنحها روحاً جديدة.

محافظة المهرة، التي تسيطر على موانئها ومطارها قوات سعودية إلى جانب قوات بريطانية منسقة معها تحت مسمى "مكافحة الإرهاب والقرصنة"، تعتبر آخر المحافظات التي لا يزال وضع المجلس الانتقالي فيها ضعيفاً مقارنة ببقية المحافظات الجنوبية، التي يطالب باسترجاعها كاملة، وبصيغة ما قبل 22 مايو 1990م، لهذا جاءت أحداث شبوة لتفتح شهيّته لإخضاعها لسيطرته، وإن السعودية تسدي للمجلس خدمة جليلة بتمكينه منها، بهدف ضرب خصومها المعتصمين ولجنتهم، التي دأبت السعودية -من خلال وسائطها الإعلامية- على اتهامهم بموالاة قطر وسلطنة عُمان، بل وتتهمهم بالتنسيق الكامل مع الحوثيين بشكل مباشر، كون الدولتين الراعيتين لهم هي في الأصل تعملان لصالح الأجندة الإيرانية أو الوكلاء المتسترين عليها في التنازع الإقليمي في المنطقة.

منذ أكثر من شهرين، بدأت الهبَّة الحضرمية بنسختها الثانية، وبشعارات تتجاوز سقف شعارات الهبَّة الأولى، التي انطلقت بعد مقتل الشيخ سعد بن حمد بن حبريش، مقدم قبائل الحموم، في أحد مداخل سيئون مطلع ديسمبر 2013م.

الهبة الثانية يتزّعمها الشيخ حسن بن سعيد الجابري القريب من المجلس الانتقالي، وتهدف  من خلال حشودها إلى إيقاف تصدير النفط، وإغلاق الحقول المنتجة، وتشميع ميناء التصدير (ميناء ضبة)، وإبقاء موارد حضرموت خاصة بأهلها. وبدأت إرهاصات الهبَّة الثانية في لقاء منطقة "حرو" بغيل بايمين في وادي المسيلة في 26 أكتوبر الماضي، وشكّلت قاعدة اللقاء كتلة "حلف حضرموت، ومؤتمر "حضرموت الجامع"، وجاء كنتاج لـ"تدارس الأوضاع التي آلت إليها البلاد من تردي الخدمات والغلاء الفاحش، وتدهور صرف العملة المحلية، وانعدام المشتقات النفطية، والانفلات الأمني، وتفشي الفساد المالي والاداري"، كما جاء في خبر اللقاء.
 ومن أبرز مطالب المجتمعين دمج المنطقتين العسكريتين الأولى (سيئون) والثانية (المكلا) في منطقة واحدة بإشراف قوات النّخبة الحضرمية، متهمين منتسبي المنطقة الأولى ب'القوات الغازية'!!

بعد يومين من إقالة بن عديو، دخلت قوات من ألوية العمالقة، كانت مرابطة في الساحل الغربي، إلى شبوة كجزء من الاتفاق لتحرير المديريات الثلاث في غربها (بيحان وعسيلان وعين) من قبضة الحوثيين، التي دخلتها قواتهم بطريقة مريبة وبدون قتال يذكر في سبتمبر الماضي، بعد أن كانت قد خرجت مدحورة منها في العام 2017.
وحتى كتابة هذه المادة، استطاعت هذه القوات تحرير الكثير من المواقع في عسيلان بعملية عسكرية اسمتها "عاصفة الجنوب".

رُبطت عملية تغيير محافظ شبوة بوديعة "سعو-إماراتية" لدعم العملة الوطنية التي كانت قد وصلت قبل ذلك إلى أدنى مستوياتها في سوق مضاربة لا تعرف من الذي يتحكّم فيه، وبأقل من يومين هبط سعر الصرف إلى النصف (تعافى الريال اليمني)، بعملية غريبة من نوعها، حتى قبل وصول الوديعة الموعودة، لكن أسعار الصرف عاودت الارتفاع مجدداً، متجاوزة سقف الألف ريال، بعد أن كان قد وصل هبوطاً إلى سبعمائة وخمسين ريالاً بعد وقت وجيز من التغيير.

ستعمل قوات التحالف بكل إمكانياتها لتحرير مديريات شبوة الغربية من قبضة الحوثيين، لتبدو أمام الداخل اليمني عملية التغيير في شبوة ضرورية لإحداث هذا الفارق، بعد أن وضعت "طُعم" تحسّن سعر الصرف في طريق حلم الجائعين، لكنّها ستكون قد صنعت واقعاً جديداً على الأرض، يعيد تعريف الجغرافيا الملتهبة بيمنَين مستحدَثين طارئين بفعل الحرب والانقسام بحدود خارطة ما قبل مايو 90، إذا توقفت قوات العمالقة في حدود شبوة، ولم تتوغل في محافظتي البيضاء ومأرب كما تم تسريبه من الاتفاق.  

صار المجلس الانتقالي (وكيل الإمارات) حاضراً وبقوّة في المحافظات الجنوبية من المهرة إلى عدن وسقطرى، والمناطق، التي استعصت عليه -في السنوات الماضية- لقوة خصومه فيها (شبوة والمهرة وحضرموت)، صارت في متناوله، بدعم رعاته، وصار يقوم بأدوار وكيل منافع بتسليك طرق حليفي الحرب (السعودية والإمارات) في حضرموت والمهرة.
 ففي الأولى، قام باستنساخ هبّة حضرمية ثانية على مقاسه، وتحت سقف شعاراته الملتهبة، وفي الثانية بدأ بتهيئة قواعده لتفكيك جبهة المعتصمين، التي تشكّلت لمناهضة الوجود السعودي في المحافظة.

حتى الآن، تسير الأمور بهذا الطريق الملغوم: لوكلاء السعودية والإمارات الجنوب ومناطق الثروات في بعض مأرب وشبوة وحضرموت إلى جانب الممر المائي الاستراتيجي من بحر العرب حتي مضيق باب المندب، بالإضافة إلى جزيرة سُقطرى؛ أما إيران فلها الهضبة واليمن الأوسط وبعض من شريط الماء في الغرب، والأهم لها الكتلة السكانية الكبيرة والمتنوعة، التي تستطيع الاستثمار فيها لحروب متصلة، أو تحويلها إلى منجم جباية عميق لأذرعها.

مقالات

عبد الودود مقشر وتاريخ تهامة

عبد الودود مقشر أستاذ أكاديمي جليل، وباحث مجتهد وقدير. رسالته للدكتوراة «حركة المقاومة والمعارضة في تهامة 1848- 1962م» أول دراسة علمية شاملة وجامعة عن تهامة.

مقالات

الوجود كصُدفة..تأملات عن الحرية

كلّ شيء يؤكد أنّ وجودنا مجرد صُدفة. ولدنا دون تخطيط، ولا أهداف محدّدة. كان يُفترض أن تستمر حياتنا مدفوعة بالمنطق البرئ نفسهض. لكنّنا تعرضنا لخديعة وجودية مرعبة، تورطنا في قبول تصورات أولية جعلت وجودنا مقيّدًا للأبد.

مقالات

المصائب لا تأتي فرادى!

قُدِّمَتْ صنعاء على طبق من فضة، أو ذهب، للمليشيات كما لم يحدث من قبل عبر التاريخ، التي بدورها استولت على كل مقدرات الدولة والجيش والشعب في غمضة عين من التاريخ والعالم والزمن، وتحالف أبشع رأس نظام سابق مع أبشع سلطة أمر واقع لتحقيق غاية واحدة

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.