مقالات

إذلال المعلم بطعم الشوكولاتة!!

27/12/2024, 17:56:25

ولا كل شوكولاتة العالم تكفي لتعويض المعلم اليمني عمّا لاقاه وذاقه من ويل وظلم طوال عشر سنوات من انقطاع مرتبه، ومصدر عيشه، وسبب ستره وغطائه. 

المعلم بحاجة إلى لقمة للعيش، وإلى منزل، وإلى ملبس ومأكل ومشرب، وإلى دواء وتطبيب، وإلى تعليم لأولاده، وإلى حياة كريمة، وإلى تأهيل مستمر؛ ليكون قادرا على العطاء المعرفي والتعليمي في كل اليمن. 

"تريندات" الشوكولاتة أكبر إهانة للمعلم المحترم، حتى وإن جاءت على سبيل إظهار الاحترام والتقدير من الطالب للمعلم؛ لأن كل هذا منقوص ومردود عليه. 

المعلم لا تنقصه الأمراض حتى تتسبب له هذه "التريندات" السامجة بأمراض السكر بنوعيه، أغلب المعلمين في الميدان اليوم على وشك التقاعد، أو قد حان دورهم، أو أحد الأجلين قد اقترب، ويعانون من أمراض أشكال وألوان جعلتهم يتساقطون جثثا هامدة، ورواتبهم في بطون اللصوص بأنواعهم. 

المعلمون يتساقطون كأوراق الخريف منذ عشر سنوات؛ أساتذة الجامعة كذلك، هذه "التريندات" تضليل حقيقي للوضع البائس، الذي وصل إليه المعلم اليمني الفقير النقير المحطّم المدمّر صحته وحياته وتاريخه وعقله. 

لقد فقد المعلم اليمني احترام المجتمع والدولة، وكل من حوله؛ بسبب الحرب والذل الذي رضخوا له، وقبولهم بالعمل كسخرة عند منقلب ظالم لا يهمه تعليم ولا حاضر ولا مستقبل. 

عشر سنوات، لم نسمع عن إضراب شامل وحقيقي من هذا العدد الهائل من المعلمين بشكل تلقائي، بعيدا عن النقابات المهترئة التي باعت كل القيم والمبادئ، التي تتصدر لوائحها، ولم تمارس دورها في حماية أعضائها من المعلمين، مما يتعرضون له طوال عشر سنوات. 

سنوات كارثية لن تشفع لكل هذه "التريندات" السخيفة، التي انتشرت كالهشيم، وانحرفت عن أهدافها، وأصبح يتم تقديمها لإذلال المعلم وليس لتكريمه. 

المعلم اليمني يمشي مكسور الناموس، خافض الرأس، مطأطئ الرأس، مهان، ومداس بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى؛ من المؤجر، وصاحب البقالة، وصاحب الفرن.

المعلم، الذي يجب أن يكون في أرفع مكانة اجتماعية، أصبح يعيش حياة المهمشين بانتظار معجزة لانتشاله. 

هؤلاء، الذين يصرخون ليلا ونهارا؛ دفاعا عن الكرامة والوطن، كيف سيخلقون أجيالا قادمة تدافع عن الكرامة، ومعلموها ومعلماتها مهانون مذلون. 

-فاقد الشيء لا يعطيه

أولا، أعيدوا كرامة المعلم بحقوقه المادية الكاملة التي تمكِّنه من الحياة الكريمة والمحترمة، وفِّروا له مدارس نظيفة من الطائفية والسلالية، ومناهج وطنية لكل اليمنيين بدون سموم ومعلومات مغشوشة، مناهج لإعداد الأجيال القادمة للمستقبل، وليس لما قبل ألف وأربعمئة سنة.

الحقيقة، التي لا يعرفها الجميع، هي أن المعلم اليمني تم القضاء عليه بنجاح، وما بقي فيه من روح كسيحة فقط لكي يسير بها ذليلا في مجتمع كبير من اللصوص، الذين حولوا التعليم إلى تجارة وجبايات. 

تم قتل روح المعلم بنجاح  

تم قتل روح الطلاب بنجاح

تم دفن المستقبل بنجاح  

الشيء الوحيد الذي ندركه أننا نعيش الماضي السحيق.

المعلم ليس بحاجة إلى شوكولاتة بل لرغيف الكرامة.

المعلم ليس في حاجة إلى "تريندات" بل إلى ثورة ضد مخاوفه.  

المعلم اليمني يعيش ذليلا خائفا يترقب. 

المعلم اليمني، الذي يفترض أن يكون القدوة والقائد، تحول إلى كائن ساذج يصدِّق الكذبة، ويعيش عليها.

المعلم اليمني، منذ عشر سنوات، مازال يصدِّق أولئك الناس الذين يكذبون كما يتنفَّسون.

ماذا نتوقع من هذا المعلم؟

لقد استفزني "تريند" الشوكولاتة أيما استفزاز!!!

لقد تحوّل هذا "التريند" إلى وسيلة اجتماعية للنفاق.

تلاميذ، مسحوقون اقتصاديا ومعرفيا وتعليميا، وجدوا أنفسهم  في خضم هذا "التريند"، الذي يفوق تفكيرهم البريء والصادق. 

والله إنني أرثي للمعلمين والمعلمات، الذين وقعوا في هذا الفخ السخيف، الذي حصل على مباركة اللصوص  جميعا. كيف لا، وقد حصلوا على فرصة مجانية يتلاعبون بها على حقوق المعلم، ولقمة عيشه المغمسة بالذل، الذي بطعم الشوكولاتة.

مقالات

طارق صالح: من عبء على الحوثي إلى عبء على الشرعية

حين استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء عام 2014، بدت الحاجة إلى أدوات صالح العسكرية والبيروقراطية ضرورة مرحلية. كان كمن يفتح لهم أبواب القلعة التي سيتحول لاحقًا إلى أسير داخلها. بقيت الحاجة لصالح إلى أن نجحت العصابة الحوثية في تجريده من أوراقه، وإلحاق أدواته بها، وإعادة تكييف أتباعه داخل الجهاز الإداري والعسكري للدولة، وربط مصالحهم بها مباشرة.

مقالات

شهادات مجروحة في الإبداع

لطالما قرأنا شهادات وتزكيات الأدباء لبعضهم البعض، سواء كانوا كتّابًا أو شعراء، والحقيقة التي يجب النظر من خلالها أن الشللية ليست على مجال معين أو ميدان واحد، بل تمتد إلى كل ما يخطر على البال وما لا يخطر على البال.

مقالات

مات فؤاد الحميري وقصيدته ستُكمل المعركة

مات فؤاد الحميري، وترك لنا بناته القصائد، يتيماتٍ مثلنا، يُحاربن كما نحارب، ويُكملن ما لم نستطع إكماله. رحل الصوت الذي كان يُشبه صوت الثورة حين كانت صادقة، رحل من كان كلما أنشد بيتًا من شعر، أنبت في صدورنا جمرة لا تخبو، جمرة تهتف للكرامة، وتحرض على التمرد، وتدعو إلى بناء وطنٍ لا يُدار بالبندقية، ولا يُحكم بالعائلة، ولا يُفرَّق فيه الناس بين جبلٍ وساحل، بين شمالٍ وجنوب.

مقالات

حرب الظلال.. من يمسك بخيوط الشرق الأوسط؟ الجزء (2)

في خضم النزاعات المعقدة التي تعصف بالشرق الأوسط، كثيراً ما تُسلّط الأضواء على الأبعاد العسكرية والاقتصادية بوصفها المحددات الحاسمة لتوازنات القوى. غير أن هذه القراءة، رغم واقعيتها الظاهرة، تُغفل طبقات أعمق وأكثر تجذراً في البنية الذهنية والسلوكية للفاعلين؛ طبقات ترتبط بالاعتقاد، والذاكرة، والتاريخ المُتخيل. فخلف كل تحالف معلن، وضربة عسكرية، وعقوبة اقتصادية… تقف منظومة كاملة من الدوافع الرمزية والنفسية التي تُعيد إنتاج منطق الصراع، وتُشرعن أدواته، وتُؤدلج نتائجه.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.