مقالات
المساندة لكيان الاحتلال والأكفان لفلسطين!
منذ البدء؛ اختارت الكثير من الأنظمة العربية توزيع الأكفان في غزة. كان ذلك يختصر كل شيء: نتنياهو مطلق اليد، يتولى ذبح الفلسطينيين، بينما ستحرص هذه الأنظمة على أن يكون تكفين الضحايا عربياً خالصاً!
مضى أكثر من عام، يمكن وصفه بعام الذبح؛ ذَبْح الفلسطينيين بلا هوادة.
طوال هذه المدة؛ لم يمر يوم واحد بدون مجازر، مجازر وحرب إبادة حولت غزة إلى أكوام من الأنقاض والأشباح والجثث.
حتى الآن هناك قرابة 150 ألف قتيل وجريح أغلبهم من الأطفال والنساء. كلما مر الوقت دون تحقيق نتنياهو أهدافه، زادت وتيرة الإبادة بسقف مفتوح، وإذن دولي لارتكاب كل الفظاعات.
يحتج العالم، تخرج الشعوب إلى الشوارع، لكن العرب صامتون مثل المقابر. وحدهم يثبتون أنهم ماتوا منذ زمن، لكأنّهم يجيبون سؤال نزار التاريخي، بيد أنه موت يجرح الموت نفسه!
لقد تعب نتنياهو من الذبح اليومي، أرهق جيش الاحتلال وهو يقصف ويدمّر ويحرق ويبيد ويهجِّر في كل اتجاه، استنزف مخازن سلاح أمريكا والدول الغربية، مسقطاً كل ميراثها عن حقوق الإنسان، في المقابل تكفل العرب بإرسال الأكفان لضحاياه!
إنه نوع مختلف وغير مسبوق من الخذلان. وخذلان الفلسطيني ليس خذلاناً لآخر إنه خذلان العربي لنفسه، وفتح أبواب منزله لاستباحتها!
عملياً يبدو أن العرب الرسميين لا يفعلون الآن شيئاً مختلفاً عما فعله أسلافهم. منذ قدمت العصابات الصهيونية من أصقاع الدنيا إلى أرض فلسطين، قبل مائة عام، لم يبرحوا الحكاية نفسها.
ما زالوا منشغلين بترتيب وضع أنظمة الدويلات تحت حماية الاستعمار، أو يعملون تحت انتدابه. أما إذا تساوقنا مع أوهام الاستقلال، فإن الدولة العربية التي تخلقت في الكيانات القائمة قبل أكثر من 70 عاماً، فقد صارت حرة إلى الدرجة التي تسلِّم رقبتها للأعداء مختارة، على وقع تحذيرات حادة من زعيم كيان الإحتلال: التزموا الصمت، ذلك أفضل، كي لا نفضحكم!
في غمرة هذا الخزي، لا يبدو العربي وقد اكتفى بهذا القدر من المهانة.
توعز الأنظمة "الإبراهيمية"، التي مهدت لهذا التوحش الإسرائيلي، لزعرانها على الشبكات الاجتماعية مهاجمة المقاومة الفلسطينية. طوال الحرب كانت قد وضَّفت منصاتها الإعلامية، وحتى "لحاها المصطنعة"، كأبواق للاحتلال حرفياً.
لعلّها تريد التأكيد بأنها ضالعة بصورة فعلية في الحرب على غزة وإسناد نتنياهو.
الجانب المثير للسخرية، أن هذه الأنظمة، وهي تبدو عارية تماماً من أي أخلاق عربية عن النجدة وشرف الخصومة، تحاول تبرير سلوكها بالإشارة إلى ارتباط المقاومة الفلسطينية بإيران.
هذه الأسطوانة البائسة تعيد إلقاء الأسئلة في وجوه صهاينة العرب وصفعها:
هل كان بوسع إيران إسقاط العواصم العربية الواحدة تلو الأخرى لولا أنظمتكم الوظيفية؟
من الذي بح صوته وهو يعلن أن فلسطين "ليست قضيتي"؟
بدون خدمات هذه الحكومات المصممة لتلبية أهداف القوى الاستعمارية لما تمكّنت طهران من التلاعب بورقة القضية الفلسطينية، وتوظيفها لأهدافها.
أما الحال الماثل فيفضح صاحبه. إيران التي يلومون الفلسطيني لأنه قبل -مضطراً- التعامل معها، هي نفسها التي مازالت هذه الأنظمة تقدم لها الخدمات في العواصم الأربع لترسيخ نفوذها، وعبر هذه الأنظمة يتنفس نظام الملالي اقتصادياً، وحتى سياسياً!
إنه العار العربي متبجحاً يا سادة!!
سيسجل التاريخ أن الصهاينة حين كانوا يهجِّرون ويبيدون الشعب الفلسطيني في استعادة حية "لترانسفير 48" كانت بعض أنظمة الانتداب القديم الجديد تساند إسرائيل سياسياً ولوجستياً باختراع خطوط الإمداد الإلتفافية، بينما كانت ترسل الأكفان للفلسطينيين!
لكي لا نغمط هؤلاء، فقد كانوا أيضاً يقدّمون حفنة مساعدات تتلف في المعابر، للتغطية على مساندتهم الفعلية للاحتلال.
لقد اختاروا طريقهم من بداية الحرب أو لنقل منذ الانتداب الأول لأسلافهم.