مقالات
"غادر بصمت يا ولدي"؟
- كلمات مؤثرة، كتبها مراسل قناة "بلقيس" في منطقة التربة بمحافظة تعز؛ راثيا مولوده بعد 3 أيام من ولادته في أحد المستشفيات.
نم بسلام، بعيداً عن هذا العالم البائس. لم يعد هناك أي شيء يغري للبقاء يا ولدي، لقد تلقينا ما يكفي من السطوة، والتسلط، والقهر،...،...،...
لقد فهمت الدرس مبكراً يا صغيري، ونجوت مما صنعته المتغيّرات. صدقني إنك انتصرت في إلغاء محاط الحياة، ومطاردة اللحظات المبعثرة في الزحام...
نعم يا ولدي، يأخذني النحيب تارة؛ لكنني بمحاولة دؤوبة أتوقف عن الإسراف من وجع الشعور بالفقد على عتبات المشافي، التي ارتدتها ذات مساء في البحث عن شهقة تاهت عن التشويش الفوضوي دون الاستجابة لتسلط وصايا هذا العالم الغجري، الذي يسري في أوردته حب السطوة، واقتحام الأسوار، دون أي مبرر لدوافعه.
أتساءل؟! يا أبتِ، إلى متى ستبقى شريعة الغاب؟
هناك -يا ولدي- من ينصبون أنفسهم أوصياء وإخضاع الغير، ولازال حكم الغاب نذوقه مرغمين يا ولدي..
لقد سقطت البلاد في نظام الغاب، وها هو يسود الجغرافيا بلا هوادة.
إن كنت قد قررت البقاء فقد لا يتبدى أمامك أي جديد، فقد تغيّرت الأيام من حال إلى آخر بعد اجتثاث إنسانية الإنسان واستبدالها بالقتل والظلم، و.....و.... بلاد لا يذكر فيها السلام إلا مقترنًا بذكر المكابرة وإصرار البقاء على اللا حرب واللا سلم، حيث يعد ذلك محوا لتاريخ اليمنيين، وهويتهم التي اشتهروا بها منذ عهود مضت، كالحكمة واللِّين وطيبة القلوب، كلها ذهبت وهوت في بئر ليست قاعا.
تُجار الحرب لا يهمهم سوى البحث عن العائد المُربح،
يمنيّتنا الضاربة في جذور التاريخ لم تشفع لنا، ولم تغيّر من الأمر شيئا، ولا يبدو في الأفق أي تحرك لوقف هذا العبث.
الطريق ليست سالكة -يا صغيري- بل شاقة، وكلها لعنات أفرزتها الحرب يا ولدي.
صغيري يكرر، يتساءل، ماذا جرى يا أبتي؟!!
امضِ وغادر هذا الجيل الأسوأ حظا بصمت يا صغيري، ولا تسأل.
أسئلتك ليست لها إجابة واحدة وثابتة: «أليس الصبح بقريب» يا ولدي؟