تقارير

آثار اليمن في مزادات عالمية.. ما السّبل الكفيلة لحمايتها من التهريب والتجريف؟

24/11/2023, 09:48:52

لا يكاد يمر أسبوع دون الإعلان عن مزاد عالمي لبيع آثار يمنية مهرّبة، وهي ظاهرة تعاظمت مع انقلاب مليشيا الحوثي، التي تواجه تهماً بأنها من تقوم بعملية التهريب والمتاجرة بتاريخ البلاد.

مؤخرا أعلن مزاد "آرتيميشن" للمجوهرات القديمة والآثار، في العاصمة البريطانية لندن، عن طرح وَعْل برونزي من آثار اليمن القديم على قائمة معروضاته للبيع في الثلاثين من نوفمبر الجاري (ذكرى عيد الجلاء).

يقول الباحث في الآثار اليمنية، عبدالله محسن، إنه من المتوقّع أن يُعرض، أواخر شهر نوفمبر الجاري، تمثال برونزي رائع من آثار اليمن يعود تاريخه إلى القرن الميلادي الأول، وذلك في مزاد "آرتيميشن" بالعاصمة البريطانية لندن.

وأشار الباحث محسن إلى أن المزاد لم يحدد مكان الحصول على الوَعْل، لكنه يقدّم فاتورة وشهادة الأصالة والمصدر، من مجموعة بريطانية خاصة، حصلت عليه في التسعينات، لافتا إلى أن المتاحف العالمية والإقليمية تقتني العديد من تماثيل الوُعُول البرونزية والذّهبية، أشهرها قلادة الوَعل الذهبي في متحف لندن، ووَعْل مريم في دار الآثار الإسلامية في الكويت من مجموعة الصباح، ووَعْل مجموعة آل ثاني في فرنسا.

- نهب وإهمال وتجريف

يقول الباحث في الآثار، أبو صالح العوذلي: "إن عمليات تهريب الآثار اليمنية، أو نقل بعضها للخارج، ليس حديثا كما يعتقد البعض، فالمصادر تخبرنا أن هناك حادثة حدثت قديما في العهد الأموي، في عهد محمد بن يوسف الثقفي، وتوالت الدول بعد الدولة العباسية، حتى دخول المستشرقين والمستكشفين الأوروبيين في القرون الوسطى حتى القرن العشرين، ووجدنا ذلك في كُتبهم، أنهم نقلوا عددا كثير من القطع الأثرية إلى خارج اليمن".

وأضاف: "الاحتلال البريطاني ساهم بشكل كبير في عمليات تهريب، ونقل الآثار اليمنية إلى الخارج، وشارك في هذه الجريمة بعض السلاطين والمشايخ، الذين كانوا في السلطنات والمشيخات اليمنية حينها، وكانوا يهدون من يزورهم من الخارج بعض الآثار اليمنية كهدايا لهم".

وتابع: "من أكثر المهرِّبين والمستفيدين من نقل الآثار اليمنية، وبيعها، شخص يُسمى الكاف في حضرموت، وهو الذي كرّمته ملكة بريطانية عندما زارت عدن".

وأردف: "هناك شخص اسمه السلطان حسين بن أحمد العقيلي، الذي كان سلطان بيحان، وبيحان هي الموقع الرئيسي لمعقل مملكة قتبان، واسمها تمنع، حيث شارك في نقل عدد كبير من الآثار إلى الخارج".

وزاد: "مؤسسة كلوني للعدالة تقول إن أعمال النّهب المستمرة في هذه الفترة، استهدفت المواقع الأثرية، بسبب الحرب، حيث تم نهب ما يقدر بـ12 ألف قطعة من متحف ذمار، و16 ألف قطعة نُهبت من المتحف العسكري في صنعاء، و120 ألف قطعة نُهبت من المتحف الوطني في صنعاء".

 

وقال: "نهب الممتلكات الثقافية وتدميرها، يعتبران جرائم حرب، بموجب القانون الدولي، والقوانين المحلية".

وأشار إلى أن "مؤسسة كلوني للعدالة تقول، أيضا، إن وصول هذه الآثار المنهوبة من اليمن إلى الأسواق الأوروبية والأمريكية، عبر شبكات دولية معقّدة، تشمل المهرّبين والتّجار، وأن تلك الآثار، التي يتم بيعها، تذهب أموالها إلى مليشيا الحوثي، لكي تستمر بقتل اليمنيين حتى اللحظة".

وأفاد بأن "مليشيا الحوثي نهبت الآثار التي في بيت مهدي مقولة، والآن يتم مشاهدتها تعرض للبيع في المزادات العالمية".

واعتبر أن "ما يجري من نهب للآثار وتهريبها إلى خارج اليمن يأتي بسبب تلك المليشيات المتواجدة في جزء من بلادنا اليمنية، وأيضا تهاون الحكومة الشرعية، وقد وجهنا رسالة إلى عضو المجلس الرئاسي ومحافظ مأرب، اللواء سلطان العرادة، وطالبناه أن يُحافظ على الآثار الموجودة في محافظة مأرب؛ لأنه يتم العبث بالآثار الموجودة في معبد أوام، بسبب عدم وجود حراسة له".

وتابع: الآثار تجرف في محافظتي شبوة وحضرموت، وهناك إهمال للأماكن الأثرية فيهما، وكأن الآثار أصبحت لا تهم المواطن أو الدولة اليمنية، بينما هي هوية اليمن، وحضارته وثقافته، ووجهه أمام العالم، لكن للأسف لا يتم الاهتمام بها".

- تمويل الحروب

يقول مدير مكتب الآثار في محافظة مأرب، صادق الصلوي: "الآثار اليمنية في كل اليمن تعرضت لعمليات نهب شامل، بسبب الحرب، ولهذا من الطبيعي أن تظهر الآن في المزادات العالمية".

وأضاف: "نحن بفعل الحرب نعيش حالة انفلات أمني، بالإضافة إلى أن هناك مليشيات تنظر إلى هذه الآثار، بأنها كفر، وتقوم ببيعها للتخلص منها، وتكسب المال لتموِّل حروبها".

وتابع: "هذه الكارثة حاصلة في كل المحافظات، حيث هناك 25 متحفا يمنيا على الأقل تم نهبه، ومن الطبيعي أن تظهر هذه القطع في أماكن ودول أخرى، وإذا لم يتم إيقاف هذا النزيف لثروتنا الأثرية، فإننا سنصحوا يوما ولن نجد بقايا سد مأرب وقصر همدان، ولا أي معلم أثري".

- اليمن متحف مفتوح

يقول مدير المتاحف في هيئة الآثار بمحافظة تعز، رمزي الدميني: "إن تهريب الآثار اليمنية والإعلان عن بيعها في مزادات عالمية يعدان ظاهرة خطيرة، يجب مواجهتها، واتخاذ كافة الخطوات والإجراءات اللازمة لحماية التراث الثقافي، خصوصا وأن اليمن تمر بظروف استثنائية صعبة".

وأضاف: "الصراع أثَّر بشكل كبير، وتسببت باستباحة المتاحف الوطنية في مختلف المحافظات، لا سيما وأن غالبية المتاحف اليمنية لا يوجد فيها قاعدة بيانات إلكترونية بالقطع الأثرية الموجودة بأشكالها وأصنافها ووصفها الأثري، وتحوّلت اليمن إلى متحف مفتوح".

وتابع: "الكثير من المواقع الأثرية تستباح ليل نهار؛ لأنها بعيدة عن مراكز المحافظات، ومراكز المتابعة والمراقبة لها، وهذا ما يؤثر بشكل كبير على استنزاف الثروة القومية من المواقع الأثرية، وقيام بعض المجاميع أو القبائل، بالعمل مع عصابات ومافيا خارجية".

وأردف: "هناك وسائل غامضة لعمليات تهريب الآثار اليمنية، من الداخل إلى خارج اليمن، وهذا أمر مخيف جدا، ويعمل على استنزاف الثروة القومية لليمن، وهو تراث ثقافي متنوّع بتنوع الممالك القديمة، التي كانت تحكم اليمن".

وزاد: "أعداد هائلة من القطع الأثرية اليمنية، التي تُعرض في مزادات علنية، أو تقتنى بمساحات عالمية وأوروبية وأمريكية، ويصل عددها إلى الملايين".

وأكد أنه "من الضروري أن تكون هناك خطوات تنفيذية فورية، لإيقاف هذا العبث بالتراث الثقافي، والعمل على تنفيذ الاتفاقيات الدولية والمعاهدات، التي تكفل إعادة القطع إلى موطنها الأصلي اليمن، خصوصا وأن اليمن صادقت على اتفاقية اليونسكو، ووقّعت البرتوكول الأول والثاني، ووقّعت على اتفاقية لاهاي".

وأشار إلى أن "اليمن تعد جزءا من التراث الثقافي الإنساني، الذي بجب الحفاظ عليه، سواء من قِبل اليمنيين أنفسهم، أو من قِبل المجتمع الدولي، والمنظمات المعنية، والمجتمعات الأخرى".

تقارير

انهيار الدعم الدولي لليمن.. مؤشرات لفقدان الأولوية

تشهد المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن تراجعًا غير مسبوق، في ظل تقليص الأمم المتحدة خططها وتراجع مساهمات المانحين الدوليين، ما ينذر بكارثة إنسانية قد تطال الفئات الأكثر ضعفًا في البلاد، لا سيما في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

تقارير

بسبب التغييرات المناخية.. موسم بلا حصاد ومزارع يدمرها الجفاف

بعيون شاخصة نحو السماء، تترقب بلهفة تشكّل السحاب، وتبتهل قلوبها تضرعًا مع صوت الرعد، ترتسم صورة المزارع اليمني وهو يعيش عامًا استثنائيًا، توسّع الجفاف فيه على حساب موسم الأمطار، وحوّل أوديتهم ومدرجاتهم إلى أراضٍ جرداء ومتصحّرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.