تقارير
"أشد العذاب".. انتهاكات مروعة يتعرض لها المعتقلون في مناطق الحوثي
يقبع خلف قضبان مليشيا الحوثي مختطفون منسيون يعيشون ألوانا من التعذيب، ويتعرّضون لاعتداءات جسدية، وتعذيب ممنهج، وتصفية هوية، حيث يكشف تقرير "أشد العذاب" عن انتهاكات مروّعة تعرّض لها المعتقلون في مناطق سيطرة المليشيا، حيث استخدم الحوثيون أساليب تعذيب وحشية كالإخفاء القسري، ونزع الأظافر، والصعق الكهربائي، والإعدام الوهمي؛ بهدف فرض الإيدلوجية الطائفية، والقضاء على الهوية الوطنية، وتصفية الحسابات السياسية.
كذلك النساء في سجون مليشيا الحوثي لم يسلمن من الانتهاكات، حيث يتعرَّضن لانتهاكات جسيمة، تشمل التعذيب النفسي والجسدي، والاعتداء الجنسي، وممارسة الضغوط الاجتماعية؛ لإرغامهن على الصمت.
منسيون في سجون المليشيا، ومن نجا من أقبيتها، لم ينجُ من الصدمات النفسية، والخوف المستمر.
- استخدام الدّين
يقول الباحث في الفكر الإسلامي، الدكتور عبد الله القيسي: "مليشيا الحوثي لا تنتمي إلى الدين الإسلامي بهذه الأعمال الوحشية، التي تمارسها في السجون، وإنما هي تحاول أن تضع لها لافتة باسم قضايا الأمة؛ مثل قضية فلسطين، أو القضايا الإسلامية".
وأضاف: "هذه المليشيا هي جزء من المحور الإيراني، الذي استفاد وتعلم عبر عشرات السنين، سواء في إيران، أو النظام السوري السابق، أو حزب الله، من تجارب وحشية كبيرة، لدرجة أن النظام السوري كان أحيانا -حتى كما يقول معتقل في غوانتانامو- يرسلوهم إلى النظام السوري".
وتابع: "تحاول هذه المليشيا أن تقتفي أثر هذه الأنظمة الدكتاتورية وهذه المليشيات الإجرامية، في قضية التعذيب؛ ظنا منها أن مسألة إرهاب الناس وتخويفهم وقهرهم هو كافٍ لأن يجعلها تتسلط عليهم، وأن يخاف الناس، وتبقي هي في السلطة أطول مدة".
وأردف: "لكن ما جرى الآن للنظام السوري، الذي كان أستاذها ومعلمها في التوحش، هو درس يعني لها، ولذلك بدأت فرائصها ترتعد، وتخرج بتقارير على أن السجناء يعيشون في بحبوحة سجون خمسة نجوم، رغم أن كل الذين خرجوا من سجونها خرجوا بآلام نفسية وجسدية كبيرة".
وزاد: "كثير من الحالات، التي خرجت من سجون المليشيا، توفيت، وخاصة من كبار السن".
وقال: "لازلت أتذكر الشيخ حمود هاشم الذارحي توفي مباشرة، ودماج توفىدي مباشرة، وكثير من الشخصيات، وهذا ربما هناك أشياء معينة قد حقنوا بها أثناء السجن، ويتوفون بمجرد خروجهم من السجون".
وأضاف: "الأعراف عندما تتشكل في أذهان الناس تأخذ لها مئات السنين، حتى يحترم الإنسان عُرفا معينا، بعدها يدافع عنه من داخله، فلا توجد قوة تلزمك بالعرف، وإنما احترامك هذا العرف هو الكافي، فعندما يحترم الناس العرف يصبح شيئا مُعظما عندهم".
وتابع: "الآن الحوثي يسجن النساء ويعذبهن، وهذا شيء كان في أيام النظام السابق إذا اعتقلت امرأة تقوم القيامة حتى من داخل الحزب الحاكم".
وأوضح: "لا زلنا نتذكر عندما اعتقلت الأستاذة توكل كرمان؛ حتى شخصيات كانت من الحزب الحاكم اعترضت، وقالوا لا يوجد عندنا في العرف اليمني اعتقال النساء، بينما مليشيا الحوثي الآن تعتقل العشرات من النساء ولا تبالي، وتمارس التعذيب والإخفاء ولا تبالي، حتى أهالي النساء لا يعرفون عنهن أي شيء، فأي دين تنتمي له هذه المليشيا؟!".
- وفاة تحت التعذيب
يقول مدير مكتب حقوق الإنسان في أمانة العاصمة، فهمي الزبيري: "نحن في وزارة حقوق الإنسان نقوم بعملية الرصد والتوثيق للانتهاكات التي تمارس داخل سجون مليشيا الحوثي، منذ عشر سنوات، لكن هناك العديد من التعقيدات والصعوبات خاصة في قضايا التعذيب".
وأضاف: "هذه القضايا، التي تحاول في كثير من الأحيان مليشيا الحوثي أن تطمس معالم جرائمها من أجساد الضحايا، مثلا في بعض الأحيان تضطر المليشيا إلى تمديد سجن الضحية، ربما إلى عام كامل، أو إلى ستة أشهر حتى تذهب ملامح التعذيب على أجساد هؤلاء الضحايا".
وتابع: "من هؤلاء الضحايا أيضا من قتلوا تحت التعذيب في سجون الحوثي، حيث هناك أكثر من 400 حالة وفاة تحت التعذيب في سجون هذه المليشيا؛ إما بالتعذيب المتعمد، الذي يمارس ضدهم، أو بالأساليب الوحشية، التي تمارسها، أو عبر الإهمال الطبي والصحي المتعمد لهؤلاء عندما يصابون بمضاعفات صحية؛ لا يتم إسعافهم، ويتعرضون لمضاعفات حتى تؤدي إلى وفاتهم".
وأردف: "هناك ضحايا يعانون من إعاقات دائمة تصاحبهم مدى الحياة، وهناك إعاقات جزئية وكلية للضحايا، والجرائم ما تزال متواصلة حتى اللحظة، حيث ما تزال مليشيا الحوثي تختطف الناس المدنيين الأبرياء لمجرد منشور على فيسبوك".
وزاد: "هناك أكثر من 150 معتقلا داخل صنعاء؛ منها بيوت معارضين، ومنها مساجد، ومنها مدارس، تستخدمها مليشيا الحوثي للإخفاء القسري، وللتعذيب الوحشي، وهناك ممارسات ضد الإنسانية تمارس ضد هؤلاء الضحايا".
- ظروف قاسية
يقول المعتقل السابق في سجون مليشيا الحوثي، صامد العامري: "اعتقلت، في شهر يونيو 2016، في تعز بسبب نشاطي المجتمعي، وقيامي بعمل إنساني، وهو توزيع المساعدات على المحتاجين عن طريق مبادرة 'ود'، ولم أكن أتوقع هذا الاعتقال، بل كان مفاجئا لي".
وأضاف: "تم استهدافي لمجرد مساعدة الناس في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المحافظة".
وتابع: "في اليوم الأول من اعتقالي كان يوما مرعبا، ما زالت ذاكرتي تحتفظ به حتى اللحظة، تعرضت للضرب المبرح والإهانة والسحل، ولم يكن هناك أي اعتبار لحقوقي كإنسان".
وأوضح: "أحد أساليب التعذيب، التي تعرضت لها، كان الضرب بمختلف الأدوات الثقيلة، إلى جانب السحل والصفع، وتقييد اليدين، وتغطية العينين، وحرماني أيضا من الطعام والماء لفترات طويلة".
وزاد: "بالإضافة إلى ذلك، تم تهديدي باعتقال أسرتي وإيذائهم، واعتقالي مدى الحياة، أو إعدامي".
وأردف: "كان الهدف واضحا من المليشيا؛ هو تحطيم معنوياتي بشكل كامل، وسجن الصالح هو عبارة عن شقق سكنية تم تحويلها إلى سجون مع إغلاق النوافذ والأبواب لعدم دخول الضوء، أو الهواء، إلا بشكل صغير جدا".
واستطرد: "كنا في شقق مزدحمة؛ ينام في الشقة حوالي من 25 إلى 35 شخصا تقريبا، مرتصفين كعلبة التمر، والجميع كان يعاني بشكل مروع من نقص الماء والغذاء، والجميع تعرض للتعذيب، لكن معاناتي كانت تتشابه مع معاناة العديد من المعتقلين".
لفت إلى أن "الظروف في السجون كانت قاسية للغاية، والمعتقلون كانوا يعانون من الإخفاء القسري والعُزلة لفترات طويلة، وعدم التواصل مع أهاليهم لمدة شهور، وبعضهم لسنوات، إضافة إلى التعذيب المستمر".