تقارير
إعادة فرض العقوبات على إيران.. كيف تستخدم طهران مليشيا الحوثي كذراع للضغط في البحر الأحمر؟
أعلنت مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، رفضها لما أسمتها "السياسات العدائية" ضد طهران، حيث قالت، في بيان، إن إعادة فرض العقوبات على إيران ستدفع المنطقة نحو تصعيد يهدد الأمن الإقليمي والدولي.
اللافت أن البيان الحوثي لم يكتفِ بإدانة القرار الأوروبي، بل ربطه بشكل مباشر بإمكانية استئناف الهجمات على السفن في البحر الأحمر وباب المندب، وهو ما حدث بالفعل، حيث أعلنت الجماعة شن هجوم على سفينة ترفع علم هولندا في خليج عدن، عقب إعادة العقوبات على طهران.
ما الرسالة التي يريد الحوثيون إيصالها للمجتمع الدولي؟
-بيان إيراني
يقول الخبير في القضايا السياسية والعسكرية، العميد عبد الرحمن الربيعي: "البيان الذي أصدرته جماعة الحوثي هو إيراني 100%، لكن على لسان الحوثيين".
وأضاف: "الحوثيون اليوم لم يعودوا يهددون الملاحة على إسرائيل فقط، لكنهم يحاولون أن يوصلوا رسالة لأوروبا مجتمعة، على اعتبار أن الأوروبيين انخرطوا الآن في التصديق على استمرارية أو زيادة الضغط والعقوبات على إيران".
وتابع: "إيران تعيش ثلاث حالات من الحرب: الحرب المباشرة (الصراع المسلح)، الحرب عن طريق الحصار والتهديد باستخدام القوة، والحرب الاقتصادية".
وأردف: "في تقديري، إيران الآن في محنة، أو بمعنى تعيش لحظات كلها مخيفة أو حالات من التوجس؛ نتيجة استهداف كل أذرعها في المنطقة، ولم يتبقَّ سوى الحوثيين".
وزاد: "إيران لجأت إلى هذا البيان الذي أتى على لسان الحوثيين؛ بحيث تريد أن توصل رسالة من خلالهم للعالم أنه قد تستهدف الإقليم، وهنا نقصد بالإقليم، وبدرجة أساسية، المملكة العربية السعودية والإمارات، وكذلك تهديد أوروبا في البحر الأحمر وباستهداف السفن بصورة عامة".
وقال: "مضيق باب المندب يمثل أهمية حيوية وإستراتيجية؛ حيث تمر منه قرابة 12% من حجم التجارة العالمية، وهو يشكّل أهمية بالنسبة لأوروبا".
-تفعيل آلية الزناد
يقول الباحث في الشأن الإيراني، وجدان عبد الرحمن: "إيران، بعد تفعيل 'آلية الزناد' فقدت كل الأمل، كما أن تصريحات عباس عراقجي، وزير خارجية إيران، أوضحت أن مفاوضاتهم مع الجانب الأمريكي وصلت إلى طريق مسدود، والنظام الإيراني يعرف تماماً مدى تأثير هذه الآلية؛ لأن إيران مرّت بهذه المرحلة وفقاً للعقوبات الدولية وفق القرار 1929، وهذا الأمر يجعل النظام الإيراني في مأزق كبير".
وأضاف: "في ظل العقوبات الأمريكية، كان بالإمكان الالتفاف عليها، لكن في هذه المرحلة ودخول إيران صراع مباشر، بتصوري أن إيران في مأزق كبير ولا تستطيع تصدير النفط".
وتابع: "إيران تحاول، ومن خلال آخر ما تمتلكه من أوراق وهي الجماعة الحوثية، إرسال رسالة للمجتمع الدولي وبالتحديد للدول الغربية، أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتعتقد أن لهذه الرسالة تأثيراً على المجتمع الغربي".
وأردف: "لكن الأمر عكس ذلك تماماً، فحتى قبل تفعيل آلية الزناد، أعلنت إسرائيل والغرب بأنه في حال أطلقت الجماعة الحوثية مسيّرات أو صواريخ على إسرائيل، يعتبر ذلك تهديداً مباشراً من قِبل إيران، هذا أمر يضع إيران في مأزق؛ لأن عودة العقوبات على إيران يفتح المجال للدول الغربية لمواجهة إيران حتى عسكرياً وفقاً للفصل السابع".
وزاد: "حتى دخول الجماعة الحوثية وموضوع غزة بأن هذه الاستهدافات تتعلق بغزة هو مشروع إيراني وليس مشروعاً حوثياً، وليس من أجل غزة أساساً، وإنما من أجل النظام الإيراني".
وقال: "الحوثي لن يتوقف حتى وإن حصل هنالك اتفاق بين الفلسطينيين وإسرائيل، والبيان الذي أصدره الحوثيون واضح للعيان بأنهم جزء من هذا المشروع، ويحاولون من خلال هذا البيان، وهذا الاستهداف، إرسال عدة رسائل: رسالة إقليمية تهدد دول المنطقة، ورسالة للدول الأوروبية بأن الملاحة الدولية ستكون تحت مرمى النظام الإيراني، ورسالة لإسرائيل، لكن أعتقد أن كل هذا هو آخر ما تبقى للنظام الإيراني، وسيكلفه كثيراً".
وتأتي هذه التطورات في ظل قرار أوروبي بإعادة فرض العقوبات على إيران، ضمن سياق دولي متصاعد يسعى للحد من أنشطة طهران النووية والإقليمية.
وقد أعادت هذه الخطوة تفعيل ما يُعرف بـ"آلية الزناد"، ما يعني إعادة تلقائية للعقوبات الدولية التي رُفعت بموجب الاتفاق النووي لعام 2015.
وتعيش إيران حالياً ضغوطاً متزايدة على مستويات متعددة، دفعتها إلى استدعاء أدواتها الإقليمية، وعلى رأسها مليشيا الحوثي في اليمن، للضغط عبر تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، في محاولة لإيصال رسائل ردعية للدول الغربية، لا سيما أوروبا، التي تمر مصالحها الحيوية عبر مضيق باب المندب.