تقارير
مقترح ترامب الجديد بشأن غزة: السلام مقابل التخلي عن حق تقرير المصير!!
"السلام مقابل التخلي عن حق تقرير المصير"، هذا ما بدت عليه خطة ترامب الأخيرة بشأن غزة، التي تنص على "وقف القصف وإطلاق سراح الرهائن وخطط إعمار"، لكنها محاطة بجدار من الشروط التي تنزع عن الفلسطينيين جوهر قضيتهم.
خلفية المقترح تجمع بين مشاريع اقتصادية ومساعدات إنسانية من جهة، وبين نزع سلاح المقاومة وفرض حكم انتقالي فلسطيني بإشراف دولي من جهة أخرى. فيما تُقصى حماس، صاحبة القرار الميداني، عن صياغة الخطة من أساسها، كما تتجاهل قرارات الشرعية الدولية وتتخطى حق تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية، تاركة الباب مفتوحاً أمام إسرائيل لفرض وقائعها بالقوة ودون أي ضمانات تحول دون تكرار حروب الإبادة على غزة.
-رئيس همجي
يقول المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور معاذ العمودي: "دلالة توقيت إعلان ترامب مقترحه الجديد جاء بعد اعتراف دول كثيرة بفلسطين كدولة، من بينهم فرنسا، وكندا، وبريطانيا، وإسبانيا، وفي الطريق أستراليا وإلى آخره".
وأضاف: "هذه الخطوة هي خطوة دائماً مفصلية، حينما نصل إلى هذه الخطوة المفصلية التي جاءت منذ اتفاق أوسلو، كان يجب أن يكون هناك حدث يغطي على هذا الموضوع الأساسي الذي كان فيه النقاش أن الفلسطينيين يريدون حقهم ويريدون دولة، وبالتالي الدول أجمعت في الأمم المتحدة أنها اعترفت بالدولة الفلسطينية، كان يجب أن تُبنى عليه خطوة إلى الأمام".
وتابع: "مباشرة جاء لقاء نتنياهو بعد إلقائه كلمته في الأمم المتحدة، التي -على ما أعتقد- كانت الأسوأ على الإطلاق في تاريخ نتنياهو، خاصة مع انسحاب الوفود؛ لأن هذا الرجل يريد أن يروج لأكاذيب جديدة يحدثنا عن التخلف والتحضر، عن الشر والخير، وعن الحضارة والرجعية".
وأردف: :جاءت خطة ترامب مع نتنياهو، ولكن قبل الخطة كان هناك مشهد هزلي، اجتماع مع القادة العرب، بعد ذلك كان نتنياهو في هذا المجلس كأنما أجلس على جانبه أردوغان وأجلس على جانبه بعض الزعماء العرب، وكان يقول لكل واحد منهم: أنا سأعطيك الذي تريد، نوع من البروباجندا والمسرحية الهزلية".
وزاد: "بعد ذلك، اتفق على أنه كان هناك شرطان: أنتم تريدون وقف الحرب وأن لا يتوقف التهجير، أنا سأعطيكم إياه بالمقابل يجب أن تحقق إسرائيل أهدافها، فجاء هذا الشكل من الاتفاق على شكل المبادرة الإسرائيلية، أو على شكل مطالب إسرائيل الأولى في الحرب: إنهاء حكم حماس ونزع السلاح، وهذه المعطيات كلها دون أن تفضي إلى أي نتيجة لصالح الفلسطينيين:.
وقال: "بالأمس تابعت أنا المؤتمر، بصراحة لم أشهد مؤتمراً بهذه السخرية من حالنا كعرب وكمسلمين؛ مثل مؤتمر الأمس، النرجسية التي أصابت ترامب ومن بعده نتنياهو نرجسية لا يمكن استيعابها، والظهور بأن ترامب هو رجل السلام المنقذ الذي يريد إيقاف الحرب، وأن يعم السلام في الشرق الأوسط، وهذه اللغة المتعجرفة".
وأضاف: "نحن أمام رئيس همجي يريد أن يفرض كل شيء بالقوة، وبعد ذلك تصريحات على حماس: ليس لدى حماس خيارات، أن ترد خلال 72 ساعة وإلا سآمر إسرائيل بأن تسحقكم".
وتابع: "بعد ذلك تصريحات للمبعوث الأمريكي للبنان وسوريا، قال إن أمريكا من الممكن أن ترفع يدها كضامن للسلام والأمن عن العالم، وكنت أتوقع أن يكون للعرب موقف واضح في خطاب ترامب، وما تبعه من خطاب نتنياهو، ليس كما تحدث العرب ودول في الإقليم؛ مثل باكستان وتركيا بأنه 'هذه خطة سلام وندعم خطة ترامب'، كان من المفترض أن يكون هناك قول واضح: خطة ترامب لم تتضمن أي شيء يتعلق بالقضية الفلسطينية، أو الدولة الفلسطينية".
-وثيقة غير قانونية
يقول الباحث في القانون الدولي، وسيم الشنطي: "الخطوة بمجملها تعد وثيقة غير قانونية، ونحن نتحدث عن 21 بنداً بمجملها يمكننا أن نقول إن هذه وثيقة غير قانونية؛ لأنها بالبداية قائمة على منطق القوة وفرض سياسة الأمر الواقع، ولم يحدث تفاوض حقيقي حول بنود هذه الخطة بين أطراف النزاع".
وأضاف: "هذه الخطة ناتجة عن سياسة القوة، ولا يوجد فيها أي التزامات بقرارات الشرعية الدولية؛ مثل قرار حق تقرير المصير".
وتابع: "الخطة الأمريكية تتجاهل هذا الحق بالكامل، لا يوجد أي نص فيها يتحدّث عن تقرير الشعب الفلسطيني مصيره، إنما يراد من خلال هذه الخطة فرض وصاية جديدة على الشعب الفلسطيني، وكأننا كنا باحتلال إسرائيلي واحد، الآن يريد أن يصبح الشعب الفلسطيني مسلطاً عليه احتلال إسرائيلي واحتلال أمريكي أيضاً".
وأردف: "بما أن الرئيس الأمريكي أعلن عن تشكيل مجلس سماه 'مجلس السلام' ويريد أن يترأس هذا المجلس، فبالتالي هذه وصاية جديدة على الشعب الفلسطيني واحتلال أمريكي يُضاف إلى جانب الاحتلال الإسرائيلي".
وزاد: "الشعب الفلسطيني يريد أن يصل بعد كل هذا النضال الطويل إلى مرحلة أنه يحكم نفسه بنفسه، لا يريد أن يحكمه أحد، أو أن يتولى عليه الوصاية، أو أن يجدد الاحتلال ويشرعنه".
وقال: "فكرة هيئة إشراف دولية يرأسها ترامب؛ هذا مبدأ فرض سياسة القوة والوصاية على غزة، لا يوجد له أي قيمة قانونية، ويتعارض مع كافة المبادئ القانونية، لا سيما مبدأ الحق في تقرير المصير".
وأوضح: "ليس لأي أحد الحق القانوني بأن يشكل مجلساً لإدارة شؤون الفلسطينيين، إنما من حق الفلسطينيين أن يديروا شؤون أنفسهم بأنفسهم".
وأضاف: "موضوع أن يتم تشكيل مجالس، وتسميته بمجالس سلام، وغير ذلك، هذا يعتبر نوعاً من أنواع الاحتلال وتجميل لشكل الاحتلال ليس أكثر".
وتابع: "إذا أردنا أن نكيِّف الخطة بمجملها: هل هي خطة سلام كما يُطلق عليها؟ فمعروف من الناحية القانونية أن معاهدات السلام هي التي تنهي النزاعات، وتصل إلى حلول نهائية، لكن المطّلع على بنود خطة ترامب يجد أنه لا يوجد أي بند في الخطة ينهي النزاع بشكل حقيقي، حتى ما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة، لا يوجد بنود واضحة متى سيتم، وما حدوده، وماذا سيترتب إذا لم تنسحب إسرائيل".
وأكد: "لا يمكن تكييف تلك الخطة من ناحية قانونية أنها خطة سلام، أو معاهدة سلام".