تقارير

الإمارات تموّل الاغتيالات في عدن.. شهادات وأدلة تكشف الحقيقة

25/01/2024, 11:05:48

لا تزال خيوط المكر والتلاعب بأرواح اليمنيين تظهر كلما جاء ذكر دولة الإمارات في الحكاية، فلن تجد مخططا أو عملية تستهدف دماء الشعب اليمني، إلا ووجدت لأبو ظبي صلة في الأمر.

فيلم استقصائي جديد، أنتجته شبكة الـ"BBC عربية"، يكشف عن سلسلة جرائم اغتيالات نفذتها قوات من المرتزقة الأمريكيين، وجنسيات أخرى، عرضت فيه أدلة تدين حكومة أبو ظبي بشكل واضح، وتؤكد تورّطها في تمويل وتدريب وتوجيه عمليات الاغتيال في عدن، التي طالت رجال دين وسياسة، وحقوقيين.

"مجموعة عمليات سبير" هي مؤسسة أمنية أمريكية خاصة نفذت عمليات الاغتيال، في العام 2016م، وضمت عشرات الأسماء، التي قدمتها الإمارات، وموّلت مخططات تنفيذها بشكل كامل، تحت مظلة مكافحة الإرهاب.

فللإمارات مشروعها، منذ اللحظة الأولى، في تحويل عدن إلى مدينة مفخخة بالموت، وتصفية الخصوم، أبرزهم القيادي في حزب الإصلاح "إنصاف مايو"، والناشطة الحقوقية المحامية هدى الصراري، وغيرهما.

- خيوط الفيلم

يقول الباحث في منظمة "ريبريف"، البراء شيبان - وهو أحد المحققين في الفيلم الاستقصائي: "إن الفيلم الاستقصائي استغرق أكثر من أربع سنوات، الموضوع كان تتبع خيوط حصلنا عليها في العام 2018م، وكانت هناك شهادات أقل ما يقال عنها بأنها صادمة، وحاولت حينها التواصل مع الوسائل الإعلامية، التي أعرف أنها ستقوم بعمل استقصائي، وستعطي الفيلم حقه".

وأضاف: "الجهة، التي تفاعلت مع القضية، كانت بي بي سي، ووافقت على أنها تبحث في تفاصيل القضية، وذهبت أكثر مما أنا كنت متخيلا حتى، في التفاصيل".

وتابع: "الوثائق، التي كانت موجودة لدينا، تقريبا أكثر من 100 حادثة اغتيال، هناك حالات طمس كانت واضحة لأي محاولة تحقيق تكشف النقاب عمّاذا يدور في ملف الاغتيالات داخل عدن".

وأردف: "الكارثة الحقيقية، التي استوقفتني، هي أن هذه الأحداث لم تكن سرا، ولو سألنا اليمنيين المطلعين على الملف عن قرب، وخصوصا من هم في عدن، سنجدهم يعرفون هذه التفاصيل، أو ربما أكثر، فهناك ملفات كثيرة لم تظهر في الفيلم، لكن الجديد أن الفضيحة صارت على مستوى عالمي".
وزاد: "شبكة ك'بي بي سي' قررت أنها تستثمر في استقصاء هذا الملف، وفعلا كشفت تفاصيل كلنا تابعناها، وتحولت القضية بدلا من أن كانت طي المداولات المحلية، أو الإعلام المحلي، إلى قضية يتم تداولها والحديث عنها في نطاق أوسع، وطرح أسئلة جوهرية عن دور الإمارات منذ مجيئها إلى اليمن؛ لأن التجنيد، الذي تم لهؤلاء المرتزقة، وجدنا بالأدلة بأنه كان منذ العام 2015م، ما يعني أنه منذ قدوم الإمارات إلى اليمن كانت هناك خطة لعملية استهداف واسعة النطاق للسياسيين والناشطين، وغيرهم".

وقال: "النقطة الأهم هي أن هؤلاء الأشخاص، الذين يتم استهدافهم، هم أسس لبناء أي دولة مدنية حديثة، فعندما يتم استهداف سياسيين وحقوقيين وناشطين، ويتم خلق بيئة من الخوف -كما حصل في عدن- من الطبيعي ألا تستطيع أن تستقر معها مؤسسات الدولة".

- عملية تمكين واسعة

يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي: "إن الاغتيالات في عدن إحدى الوسائل من أوجه متعددة لإسكات الخصوم، وتفريغ المناطق الجنوبية من كوادرها، وخطوة متقدمة من أجل عملية التمكين للإمارات وأذرعها داخل محافظة عدن بالدرجة الأساسية".

وأضاف: "من خلال التقرير، الذي أصدرناه سابقا في منظمة سام، حول الاغتيالات وجدنا أن العملية بدأت مبكرة، ومن يلاحظ عمليات الاغتيالات فإن الاستهداف الأكبر كان لرجال الأمن، بمعدل 45%، وهؤلاء عندما يتم التوقف أمامهم، خاصة رجال الأمن، سنجد أنهم ينتمون إلى مؤسسة المطار، والأمن السياسي، والميناء والبحث الجنائي".

وتابع: "حتى القضاة، الذين تم اغتيالهم، كانوا ينظرون في قضايا متعلقة بمكافحة الإرهاب، فيما الدعاة، أو ممن يمكن أن يصنّفوا بين رجال الدين والمقاومة والإصلاح والسلفيين، كانوا بنسبة 25%، يعني نسبة أقل".

وأردف: "البُعد الذي أضافه تحقيق 'بي بي سي' هو الشهادات الحية والمباشرة من منفذي عمليات الاغتيال؛ الذين هم المرتزقة الأمريكان، أو الفرنسيون، وهذا بحد ذاته منح التحقيق مصداقية أكبر، ومنح القضية بُعدا أكبر في التحقيق فيها".
 
وزاد: "عمليات الاغتيالات كان الهدف منها بالفعل تفريغ المحافظة، وعملية تمكين واسعة النطاق لدولة الإمارات، ومن يعملون معها في المنطقة الجنوبية".

- خدمة جليلة للحوثيين

يقول المحلل السياسي الموالي للانتقالي، منصور صالح: "يقولون إن الفيلم الاستقصائي جرى الإعداد له، منذ سنوات، ومع ذلك يبدو أن هذا العمل، وبكل ما أنفق لأجله، وفي سبيل إنجازه، ظهر كالجبل الذي ولد فتمخض فأرا، بمعنى أن الفيلم كان مليئا بالمغالطات غير المقنعة، التي كان واضحا أنها تستهدف أكثر من كونها رسالة".

وأضاف: "من حيث التوقيت، فإن الفيلم يبدو وكأنه خدمة جليلة لجماعة الحوثي، وهي تتحدث عن مرتزقة أمريكان يتبعون الإمارات، وينفذون عمليات اغتيال في الجنوب، خصوصا في الوقت، الذي يشن فيه الأمريكيون غاراتهم ضد جماعة الحوثي".

وتابع: "الفيلم لم تظهر فيه صورة لهؤلاء المرتزقة في عدن، ولم يتحدثوا هم بأنفسهم عن عدن، وإنما كان يتم الحديث عن أسماء، فيما المرتزقة كانوا يقولون: هذه القائمة ليست معنا، فقط تم ذكر اسم إنصاف مايو بأنه تعرض لمحاولة اغتيال، وفي حقيقة الأمر لم يسمع أحد من أبناء عدن بأن شخص كالأستاذ إنصاف مايو تعرض لمحاولة اغتيال، خاصة وأنه غير مؤثر، وليس بالشخصية المهمة التي يمكن أن تشكل خطرا على خصومه؛ لا سياسيا ولا عسكريا".

وأردف: "جرى الحديث عن محاولة اغتيال الناشطة هدى الصراري، وهذا الأمر لم يذكره أحد، ولم تتحدث عنه هدى، حتى في وقت سابق، وعلى العكس جرى توظيف وفاة نجلها، المرحوم محسن، بكونها عملية سياسية استهدفت هي بها، وهذه العملية الكل يعرف أن محسن قتل برصاص اشتباكات ما بين الأمن ومتظاهرين كانوا يطالبون بتسليم قتلة الشاب رأفت دمبع في المعلا".

وزاد: "الفيلم تنازل عن حادثة اغتيال الشهيد أحمد الإدريسي، وأورد مغالطات كبيرة في هذا الأمر، ما كان ينبغي أن يقع بها هذا الفيلم".
 
وقال: "اللواء أحمد الإدريسي جاء في الفيلم بأنه اُغتيل بسبب رفضه تسليم الميناء للإمارات، وأنه في اليوم التالي سلم الميناء لقوات تابعة للإمارات، والحقيقة أن اللواء الإدريسي كان على علاقة حميمة مع محافظ عدن حينها، عيدروس الزبيدي، وكان يمشي في ذات التوجّه، وسلم الميناء للدولة، وبعد التسليم نفذ تنظيم القاعدة عملية انتقامية بحقه، وهو ما يتعارض كليا مع ما ورد بالفيلم".

وأضاف: "هناك أيضا أمر يتعلق بالمهنية الغائبة، والسقوط الأخلاقي قبل المهني، بالنسبة لقناة 'بي بي سي'، خصوصا ما يتعلق باستضافة رئيس المجلس الانتقالي، عيدروس الزبيدي، في هذا الفيلم بعد التنسيق والتواصل معه عبر المكاتب الإعلامية، على أن القناة تريد أن تجري معه حوارا لبرنامج 'نايت نيوز'، وهو برنامج جماهيري، ولم تتحدث عنه".

- الاعتراف سيّد الأدلة

وردا على ما قاله المحلل السياسي "منصور صالح"، قال الباحث في منظمة "ريبريف"، البراء شيبان: "إن الحقيقة، التي لا يستطيع الأخ منصور، أو أي أحد آخر مطلع على المشهد عن قرب أو عن بعد أن ينكرها، هي أن الإمارات أحكمت سيطرتها على المشهد الأمني في عدن، تقريبا بشكل كامل، منذ العام 2015م".

وأضاف: "نحن نتحدث عن ما يقارب 160 عملية اغتيال، ولم يتم التحقيق حتى في عملية واحدة منها، وكان هناك تعطيل ممنهج لكل مؤسسات القضاء، والنيابة وكل الأجهزة العدلية والأمنية، حتى لا تقوم بدورها الطبيعي".

وتابع: "الاعتراف سيّد الأدلة، فعندما يكون هناك مرتزقة يتحدثون أمام الكاميرا بشكل واضح بأنهم تم تجنيدهم مقابل مليون و500 ألف دولار في الشهر، وقاموا بعمليتين، الأولى عملية استهداف مباشر، والأخرى عملية التدريب".

وأردف: "عندما يقول أتباع المجلس الانتقالي إن هناك مغالطات في الفيلم الاستقصائي؛ لماذا الانتقالي لا يحقق في كل هذه العمليات، وهو الذي يسيطر على كل الإدارات المحلية في عدن بشكل كامل منذ العام 2015م، فليعتبروا أن الشهادات والأدلة، التي وردت في الفيلم غير مصدّقة، لكن ماذا عن عمليات الاغتيالات التي حصلت، لماذا لا يقومون بالتحقيق حتى في حادثة واحدة؟!".

وزاد: "الحادثة الوحيدة، التي لم يستطيعوا أن يتجنبوها، هي حادثة اغتيال الشيخ الراوي، التي أدين فيها نائب رئيس المجلس الانتقالي بشكل مباشر، وهذا يعني أن القرائن كلها تدين طرفا واضحا، وكلنا نعرف ما الذي كان يحدث داخل عدن".

تقارير

ما هي خسائر الحوثيين في حال سقوط النظام الإيراني؟ "تحليل"

لا شك أن ما تتعرض له إيران من قصف إسرائيلي واسع النطاق، وربما يتبعه تدخل عسكري أمريكي، سيلقي بظلاله على وضع المليشيات الطائفية التابعة لها في عدد من البلدان العربية، وفي مقدمتها مليشيا الحوثيين، التي تبدو اليوم الأكثر قلقا من مآلات ما تتعرض له راعيتها إيران من هجوم وإذلال قد يصل إلى تدمير برنامجها النووي تماما وإسقاط نظام حكم الولي الفقيه، الذي بسقوطه ستتأثر مختلف أذرع إيران أو ما بقي منها، وستتآكل قوة تلك الأذرع تدريجيا وربما تختفي من المشهد جراء توقف الدعم بالمال والسلاح والتدريب الذي كانت تزودها به طهران.

تقارير

احتمالات إمكانية تغيير النظام في إيران.. وما تأثير ذلك على مليشيا الحوثي في اليمن؟

قبل أيام، صرّح رئيس مجلس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن "ترامب عارض اغتيال المرشد الأعلى في إيران، علي خامنئي"، واليوم عاد نتنياهو ليقول إن "استهداف خامنئي سينهي القتال بين إيران وإسرائيل".

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.