تقارير
الانتقالي يكلف "أبو زرعة المحرمي" بإدارة الملف الأمني في عدن.. دلالات الاختيار والتوقيت
في خضم التحديات الأمنية المتصاعدة في مناطق سيطرة المجلس الانتقالي، جنوبي اليمن، وفي ظل الخلل البنيوي الذي تعاني منه القوات الأمنية هناك، جاء قرار للمجلس الانتقالي بتعيين نائبه العميد عبدالرحمن المحرمي، المعروف بأبي زرعة، لإدارة ملف الأمن ومكافحة الإرهاب، في خطوة تحمل في طياتها الكثير من الدلالات والتساؤلات.
يأتي هذا القرار في سياق سعي المجلس الانتقالي، تعزيز سيطرته على الجنوب وتحسين صورته أمام الداخل والمجتمع الدولي والإقليمي، بالإضافة إلى أنه يعكس الوضع الأمني المتردي في الجنوب، والذي يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة.
غير أن المشكلة الأساسية تكمن في الخلل البنيوي الذي تعاني منه القوات الأمنية التابعة للمجلس الانتقالي، حيث تم بناؤها على أسس غير وطنية وتعبئتها بأيدولوجيات انفصالية ومتشددة، ما أدى إلى تورط بعض قياداتها وأفرادها بانتهاكات وجرائم خطيرة
دلالات
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء، د. ناصر الطويل، إن قرار رئيس المجلس الانتقالي بتعيين نائبه أبو زرعة المحرمي، لإدارة القوات الأمنية التابعة له، يشير إلى الكثير من الدلالات، وأولها أن التشكيلات المسلحة التي خارج إطار الدولة لا يمكن أن تنهض بمهام ووظائف الأمن.
وأضاف: خلال الأشهر الماضية أظهرت أن هناك الكثير من التجاوزات، واسعة النطاق، نالت الكثير من الشخصيات والكيانات وأثارت موجة اعتراضات وغضب، داخل المحافظات الجنوبية، وداخل التشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي، وهي التي برهنت أنه لا يمكن أن ينهض بوظائف الأمن إلا جهة حكومية تلتزم بالدستور والقانون.
وتابع: القرار ربما يأتي في سياق معالجات، لكنها ما زالت في نفس المربع، وكان يفترض أن هذه المعالجات تنحى منحى آخر، من خلال التسريع في دمج هذه التشكيلات، وأن تكون كلها تحت مظلتي وزارتي الدفاع والداخلية، وتنتظم بعملها وفقا للدستور والقانون، وهذا هو السبيل الأمثل لمعالجة مثل هذه الاختلالات، التي بدأت تهز المجلس الانتقالي.
وأردف: هذا القرار يعد مؤشر لحالة الإرباك الواسع، في السلطة الشرعية، رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، يتواجد في عدن، فيما نائبه في مجلس القيادة، يصدر تعيينات وتكليفات ليس لرشاد العليمي دور فيها، وهو أمر مزعج ومخل وغير مقبول.
وزاد: الهدف من تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، على النحو الذي طرح في 7 أبريل 2022، أنه يتم دمج بين التشكيلات العسكرية والأمنية في إطار وزارتي الدفاع والداخلية، وإلى الآن الأمور لم تمض على نحو كبير في هذا المسار.
وقال: فلسفة المجلس الرئاسي، والمبرر لإزاحة عبد ربه منصور والفريق الركن علي محسن الاحمر، على أنه سيتم مقايضة هذه الإزاحة بدمج التشكيلات، لكن لا أنه بقيت السلطة الشرعية كما كانت ولا أنه تم دمج التشكيلات العسكرية.
وأضاف: أمر معيب أن يتواجد رئيس مجلس القيادة في عدن، ثم تصدر قرارات بشأن تشكيلات عسكرية، تتولى المهام الأمنية في عدن وبعض المحافظات، ولا يكون لرئيس المجلس وأعضائه شأن في هذا الأمر.
الشخصية الأقوى في الجنوب
يقول الصحفي نشوان العثماني، إن قضية علي عشال، لعبت دور كبير في الاختلالات الكبيرة داخل التشكيلات الأمنية في عدن، والمجلس الانتقالي يعاني من تخبط كبير برغم ما تميز به من تنظيم الفصائل والمكونات تحت إطاره لحمل المشروع الجنوبي، إلا أن التشكيلات الأمنية والانضباط داخلها، ما زالت تعاني من اختلالات كبيرة جدا، واختراقات.
وأضاف: الاختراقات ليست فقط داخل التشكيلات الأمنية، إنما أيضا داخل أطر أخرى منها السياسية.
وتابع: قضايا الاختطاف وقضايا الأراضي في عدن، وغيرها من القضايا، حملت دائما مدلولات سلبية، ولم يتمكن المجلس الانتقالي من تجاوزها حتى الآن.
وأردف: قرار الانتقالي، يقرأ على أنه دعوة لتسليم الملف الامني، للشخصية الأقوى حاليا في الجنوب، والذي هو أبو زرعة المحرمي، وهو سياسيا لا زال شخصية غامضة، وغير واضح، أما إذا كان يتفق مع مشروع الانتقالي بفك الارتباط، أم له مسار آخر، إلا أنه يتمتع بسمعة كبيرة جنوبا، قياسا بما تمثله قوات العمالقة التي يديرها.
وزاد: أبو زرعة المحرمي، لديه إنجازات حققها في الجانب العسكري، والتقدم والتواجد على الأرض، خاصة في الساحل الغربي وشبوة وأجزاء من مأرب، وربما الألوية التي تنضوي تحت هذه القوات، ما زالت موحدة على الأقل، رغم التباينات التي قد تظهر مع بعض قادة هذه الألوية، ومع ذلك يحظى بهذه السمعة وبهذا الحضور.
وقال: إسناد المجلس الانتقالي، الملف الأمني في عدن، إلى أبو زرعه المحرمي، يشكل هذه المرة جديدا، لأن إلى جانب ذلك فإن المحرمي ذو خلفية سلفية، وربما قوات العمالقة لم تختبر في مواجهة أي قوى أو مجاميع من عناصر الإرهاب، التي ظلت تستهدف القوات الأمنية التابعة للانتقالي خلال الفترة الماضية، خصوصا ما يحدث في المحافظات المجاورة لمدينة عدن.