تقارير
الحوثيون والقاعدة وحركة الشباب الصومالية.. علاقات معقدة وتداعيات خطيرة
كشف مجلس الأمن الدولي، في تقرير حديث، عن خيوط متشابكة تربط بين الحوثيين وتنظيم القاعدة وحركة الشباب في الصومال، تضمن التنسيق العسكري المباشر وشبكات معقدة من التهريب وتجارة الأسلحة والموارد غير المشروعة.
الأفكار والعقائد بين هذه الجماعات مختلفة ومتناقضة، لكن يبدو أن هناك مصالح مشتركة.
هذه الشبكات تستغل الديناميات القبلية المعقدة في المنطقة، بالإضافة إلى وجود جهات قبلية تعمل كشبكات تهريب ميسّرة تسهل هذه الأنشطة حسب ما جاء في التقرير.
-شبكة واحدة
يقول الخبير العسكري والباحث في الأمن البحري الدكتور علي الذهب: "عمليات التهريب تندرج في إطار مفاهيم عديدة تلجأ إليها الجماعات المسلحة ما دون الدولة، التي تثير العنف في منطقة الشرق الأوسط، والتي أشار التقرير إلى أنها تكاد تكون شبكة واحدة، إن لم يكن هناك يعني تواصل كلي".
وأضاف: "العملية -كما يبدو- فيها ملمح تقليدي لتهريب الأسلحة عن طريق الشبكات الداخلية وملمح خارجي عن طريق الشبكات الخارجية، وهي الجريمة المنظمة".
وتابع: "لكن الحاصل يعني في هذه اللحظة أو في هذه الأيام أن هناك متغيرا جديدا، وهذا المتغير له عامان، وأعني بذلك الحرب في غزة".
وأوضح: "الحرب في غزة خلقت حالة من التعاطف بين الجماعات الإسلامية، في ظل انعدام الدور الرسمي للحكومات، بشكل أو بآخر".
وأردف: "أتصور أن عملية التهريب، التي تلجأ إليها الجماعات المسلحة، هي إضافة إلى عملية التهريب الداخلي بين هذه الجماعات، في إطار الشبكات الجارية المنظمة، وهي على تهريب الأسلحة، ويشمل ذلك تهريب المقاتلين والتقنيات الحديثة في عملية التسليح وتبادل الخبرات، فضلاً عن تبادل المعلومات".
وزاد: "لا شك أن التقارب الجغرافي بين الحوثيين وجماعات الشباب الصومالية أتاح الكثير من القواسم الجغرافية وتبادل المعلومات والخبرات، والقيام بعمليات مشتركة أو منفردة، ونسب كل منها للآخر كما يفعل الحوثيون في العمليات البحرية قبالة الساحل الصومالي غربي المحيط الهندي".
وقال: "بالنسبة للحصار وإمكانية الدخول إلى اليمن، فأعتقد أن فرص الدخول إلى اليمن متاحة أكثر من فرص الدخول إلى الصومال، ولذلك هناك عدم استقرار داخل الجمهورية اليمنية قياساً بالصومال، وإن كانت الصومال منطقة ممزقة لكن هناك حكومة مركزية، ومدعومة دولياً، وهناك أقاليم تحاول إثبات وجودها بالقوة، وتحاول -بشكل أو بآخر- أن تفرض نفسها وتقدم نفسها على نحو الدولة المركزية الموجودة في مقديشو".
وأضاف: "لاحظنا أن هناك كثيرا من شحنات الأسلحة تتدفق إلى الحوثيين بشكل أو بآخر، لا سيما عن طريق مناطق نفوذ الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، عبر الطرق الصحراوية، أو عن طريق السواحل المفتوحة والطويلة، وهذا ما يعرقل التحكم في هذه الطرق أو مسالك عملية التهريب".
وتابع: "فضلاً عن ذلك، هناك فساد داخل منظومة الشرعية، وهذا الفساد الحكومي، بحيث أنه يجري التعاون بين الجماعات المسلحة وجماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، عن طريق الرشاوى التي يتلقاها بعض الموظفين أو صغار الموظفين لتمرير دخول الأسلحة والمخدرات، والمقاتلين".
وأردف: "هناك إشارة واضحة إلى أن هنالك جوازات سفر تُمنح، وهذا ما هو ملحوظ في اليمن، بل أن جوازات السفر هذه لا تمثل ورقة عبور فقط، أو وثيقة عبور فقط داخل اليمن، ولكن أيضاً خارجها، وتمنح بعض الأفارقة اكتساب الجنسية بطريقة غير قانونية".
-علاقة إستراتيجية
يقول رئيس مِنصة الدراسات الأمنية وأبحاث السلام، والباحث في الشأن الإفريقي، إبراهيم ناصر: "منطقة القرن الإفريقي وبالتحديد الصومال، فيها تحولات كبيرة، فالدولة المركزية في الصومال دورها متراجع بفعل المليشيات المسلحة، والتنازع في القرار السياسي، والاختلافات الجارية بين الحكومة المركزية في مقديشو وحكومات الأقاليم".
وأضاف: "هذه الاختلافات خلقت فرصة لهذه المجموعات أن تتحرك، وأن تشبك فيما بينها بحيث تفرض نفسها في المشهد الأمني والعسكري في البلاد".
وتابع: "تقرير الخبراء، في مجلس الأمن، صدر في توقيت مهم، حيث هناك كيانات بدأت تتنفذ وتنتشر في هذه المنطقة، وبدأت تجد أرضية ومقبولية من طرف المكونات المحلية التي هي على خلاف مع الحكومة في مقديشو".
وأردف: "هذا التقرير مهم، ويؤكد عملية التنازع أيضاً في القرار الصومالي، التي تجعل من المكونات المحلية مدفوعة إلى التعامل مع هذه الكيانات، وهذه المكونات المسلحة".
وزاد: "تنظيم القاعدة، منذ أن حصلت تغيّرات في أفغانستان، ونشط في بعض المساحات في جزيرة العرب، يجد نفسه في مرحلة من التضييق عليه في اليمن، وكذلك في البحر الأحمر، والآن يحاول أن يندفع أو يتحرك تجاه الصومال حتى يجد مساحات للتشبيك مع المكونات المحلية، أو المجموعات التي هي أصلاً تنتمي إليه من ناحية المعتقد".
وقال: "ارتباط تنظيم القاعدة وجماعة الصومال بجماعة الحوثي ليس ارتباطاً عقدياً، بل إستراتيجياً، فجماعة الحوثي تريد أن تثبت نفسها، وترى في نفسها جماعة ليست مقبولة في الداخل اليمني".
وأضاف: "أعتقد أن هذه العلاقة هي علاقة إستراتيجية بمنظور الحوثي، في حال شُكّل ضغط من الجبهتين من الناحية الغربية ومن الناحية الشرقية للبحر الأحمر، سيجعل منطقة البحر الأحمر أمام تأزم أمني، بحيث تكون جماعة الحوثي من شرق البحر الأحمر، ومن الغرب حركة الشباب والمجاهدين، والتنظيمات الإرهابية الأخرى".
وتابع: "هذه العلاقات غير مبنية على أسس مصلحية فقط، ولكن الآن هناك دول تتحرك في هذا الإقليم، هناك اندفاعة صهيونية، اندفاعة إماراتية، اندفاعة أمريكية، ولا بُد من أن يشكل الحوثي جبهة عريضة للتعامل مع هذه الاندفاعات، وصرف الأنظار عنهم من خلال دعم المجموعات في الصومال".
وأردف: "هذا الأمر طبعاً سيخلق حالة من التأزم الطويل في الصومال، وفي الوقت نفسه ستكون له تداعيات على المشهد الأمني في اليمن، ويشكل بالنتيجة ضغطاً على التجارة الدولية في البحر الأحمر، ويجعل من دول المنطقة في حالة قلق أمني تجاه التعامل مع هذه التحديات المتعاظمة".