تقارير
ألعاب الليزر.. خطر يخطف نظر الأطفال في تعز
يجتمع محمد ومجد ولؤي، شبه يومياً، أمام منزلهم، أو من سطح البنايات التي يسكنون بها، ويبدأون بإضاءة الليزر الذي يكون -عادة- على شكل قلم صغير، يصدر منه شعاعاً غالباً ما يكون باللون الأخضر.
يمتلك كل من الأطفال الثلاثة ليزره الخاص، ويقومون بعمل تشكيلات بسيطة بأضوائه، يستمتعون برؤيتها ما إن يحل الظلام، دون أن يدركوا أن فرحتهم تلك قد تتحوّل إلى كارثة حقيقة ومأساة، ووحدهم من سيعاني لاحقاً بسببها.
انتشرت في تعز مؤخرا أقلام الليزر، التي يقوم بشرائها الأطفال، تتوزّع أضواؤها كل يوم في سماء المدينة بمناطق الحكومة أو مليشيات الحوثي.
عادة ما تكون ألعاب الليزر مضافة بسيارات الأطفال أو القطارات وغيرها، وتكون باللون الأخضر والأحمر والأزرق، ويتم تداولها بشكل كبير، دون أن يعلم الأهل خطورتها.
هناك أنواع كثيرة تُباع في الأسواق بتعز، وتحديدا في محلات أدوات الكهرباء: الأحمر وأسعاره إما 700 ريال يمني أو 1000 ريال حوالي (1.13 دولار إن كان سعر صرف الدولار الواحد 880 ريالا)، الأخضر بـ7000 ريال ويصل مدى ضوئه إلى مسافات شاسعة، الأزرق لا يتوفّر بكثرة ويصل سعره إلى 18 ألف ريال، وهو الأخطر.
- اللعب مع الأصدقاء
مثل محمد ومجد ولؤي، يقوم العديد من الأطفال باقتناء أقلام الليزر، ومنهم عمرو محمود (9 سنوات)، الذي يقول إنه يحب اللعب به، ويقوم باستخدامه في الليل، وإرسال إشارات متبادلة به إلى أصدقائه الذين يسكنون بالقرب منه، ويمتلكون أيضا واحدا مثله.
تبدو علامات البهجة والسرور على ملامح عمرو، وأثناء حديثه مع "بلقيس"، ذكر أنه يحب أن يصل ضوء ليزره إلى أماكن متفرّقة من جبل صبر، فضلاً عن استخدامه في منزلهم أثناء اللعب مع إخوته، بتوجيهه إليهم مباشرة، وإلى مختلف أرجاء المنزل.
وعند سؤالنا له: ما إذا كان أحد والديه يوبّخه لشرائه الليزر؟ أكد أنهما يقولان له إن عليه أن لا يستخدمه باتجاه مناطق محددة فيها مليشيات الحوثي (حيث يخشى المدنيون من ذلك بسبب تمركز عدد من القنّاصين في أماكن عديدة).
- لا رقابة
يجهل كثير من الآباء والأمهات خطورة الليزر، الذي بأيدي أطفالهم، كونه مجرد لُعبة، ولذلك فالعديد منهم لا يمنعون أبناءهم من شرائه.
تقول منى حيدر لـ"بلقيس" إنها تسمح لأطفالها بشراء الليزر، لكنها تمنعهم حين يلعبون أمامها به، من توجيه ضوئه إلى أعين بعضهم خوفاً عليهم، دون أن تدرك خطورته الفعلية، ومدى التزامهم بتعليماتها حين لا يكونون في المنزل.
تؤكد ذلك -أيضا- نورا عبده، التي كانت تجهل خطورته، مشيرة إلى أنها شاهدت مراراً الأطفال يوجّهون أشعة الليزر إلى أعينهم، وأعين أصدقائهم أو إخوتهم.
وتستنكر في حديثها لـ"بلقيس" السماح بدخول مثل هذه الألعاب إلى المدينة، مستطردة "أصبحت أخشى على مستقبل أبنائي، خاصة أن ابني يوسف (14 سنة) أصبح يرتدي نظارة طبية بسبب ضعف نظره، وربما يكون ذلك بسبب لعبه كثيرا بالليزر خلال السنوات الماضية".
- تأثير خطير على العينين
استخدام أقلام الليزر من قِبل الأطفال أو غيرهم بطريقة خاطئة له أضرار كبيرة على صحة العينين، وقد تم تسجيل حالات تضررت بسببه، برغم أن الطول الموجي لها كألعاب يفترض أن يكون ضعيفاً.
تقول حنان المحجري -أخصائية أمراض العيون- إن "إصابة العين تحدث عندما يخترق شعاع الليزر الموجّه بشكل خاطئ، إما مباشرة باتجاه العين، أو عن طريق سطح عاكس، حتى لو كانت الجفون مغلقة، وذلك لأن سمكها غير كافٍ لحماية العين من تلك الأشعة، ويمكن للضوء اختراقها بسهولة".
وأوضحت لـ"بلقيس" أن "نوع وآلية الضرر، الذي يحدث في العين، يعتمد على نوع الليزر، والطول الموجي له، ومدة التعرّض"، وفق الدكتورة حنان.
وعن طبيعة الضرر، ذكرت أن أشعة الليزر تسبب ضعف النظر، نتيجة أضرار مختلفة تحدث في كل طبقات العين، أبرزها المياه البيضاء، والجلوكوما (المياه الزرقاء)، إضافة إلى تشوّه في قزحية العين أو البؤبؤ، ونزيف في الجسم الزجاجي أو في الشبكية، وجميعها تؤثر على حدة النظر عند المُصاب.
وأكدت أخصائية أمراض العيون على ضرورة قيام الأهل بزيارة طبيب العيون فور تعرّض أطفالهم لأشعة الليزر بشكل مباشر، بخاصة إذا تبعها تشوّش في النظر، وذلك لتحديد حجم الضرر الذي وقع، ومحاولة التدخل لتخفيفه.
وتحثّ الأهل على عدم السماح لأبنائهم باقتناء مثل تلك الألعاب، بخاصة أن من الصعب عليهم استخدام نظارات الحماية المطلوبة، ونتيجة لغياب الدور الرقابي للجهات المعنية ما يعني –بالتالي- إمكانية وجود ألعاب مزودة بليزر غير آمن في الأسواق.
والليزر أو تضخيم الضوء بالانبعاث المحفّز للإشعاع، هو عبارة عن إشعاع كهرومغناطيسي، يرسل كميات متعادلة من الضوء من حيث التردّد، والطور الموجي، تندمج مع بعضها البعض لتصبح على هيئة نبضة ضوئيّة تتسم بالطاقة العالية وذات تماسك شديد، وتُعتبر زاويته منفرجة إلى حد ما، ويتم الاعتماد على تحفيز الإشعاع ليتم توليده.