تقارير

العملة تتعافى والأسعار تتمدد.. مواطنون تحت رحمة الفوضى الاقتصادية

28/10/2025, 06:49:20

رغم مرور أكثر من شهرين على استقرار سعر صرف الريال اليمني، فإن الأسواق  لم تعرف الهدوء. الأسعار تواصل صعودها، المواد الغذائية تتضاعف أسعارها، الإيجارات تلتهم الرواتب، والمدارس الأهلية تتجاهل القرارات الرسمية، وبين وعود الإصلاح وواقع الغلاء، يقف المواطن العادي وحيدًا في مواجهة أزمة لا تهدأ .

غلاء بلا مبرر

في جولة قصيرة داخل أحياء مدينة تعز، يبدو المشهد مألوفًا ومؤلمًا في آن واحد.

فالمحال التجارية تحدّث قوائم الأسعار أكثر من مرة في الأسبوع، والسلع الأساسية من دقيق وزيت وأرز وغاز منزلي تتبدل أسعارها بلا تفسير واضح.

يقول عبدالكريم الصبري، موظف حكومي من حي صينة: “راتبي 120 ألف ريال لا يكفي لعشرة أيام، الأرز ارتفع، الزيت تضاعف، والدقيق لم نعد نشتريه بالجملة، الدولار نزل، لكن الأسعار تصعد! لا منطق ولا دولة توقف العبث.”

ورغم استقرار العملة، يؤكد مواطنون أن الأسواق في تعز تسير خارج أي منطق اقتصادي، إذ باتت الأسعار منفصلة تمامًا عن تقلبات الصرف، ومرتبطة فقط بجشع الموردين والتجار الكبار.

رقابة غائبة وسوق بلا قانون

الحديث مع التجار يكشف جانبًا آخر من الأزمة. يقول أحد كبار التجار في حي بئر باشا إنهم “يرفعون الأسعار مجبرين، لأن الموردين يرفعون عليهم”، مشيرًا إلى أن كبار المستوردين يتحكمون بالسوق، ويصدرون قوائم جديدة كل فترة دون تدخل من أي جهة رقابية.

من جانب آخر، يؤكد موظف في مكتب الصناعة والتجارة بتعز أن المكتب يعاني ضعفًا في الإمكانيات المادية، ولا يمتلك ميزانية تشغيلية تغطي حملات التفتيش اليومية، مضيفًا: “لدينا خطط للنزول الميداني، لكن لا توجد ميزانية أو وسيلة نقل كافية، فنكتفي بالبيانات والبلاغات الموسمية.”

وبحسب خبراء اقتصاديين، فإن تحسن العملة لا يعني بالضرورة انخفاض الأسعار، لأن السوق في تعز يخضع لجملة من العوامل الأخرى؛ أبرزها ارتفاع تكاليف النقل، وتعدد الرسوم غير الرسمية، وغياب أي آلية تحدد هامش الربح أو تفرض الرقابة الفعلية.

المدارس الأهلية تتحدى القرار

الأزمة لا تتوقف عند الأسواق. في قطاع التعليم، يواجه أولياء الأمور فوضى الرسوم المدرسية رغم صدور تعميم رسمي من مكتب التربية والتعليم يمنع أي زيادات جديدة.

يقول أحد أوليا الأمور: “المدارس الأهلية تجاهلت القرارات ورفعت رسومها بعد تحسن سعر الصرف، وكأنها تتعمد استغلال الظرف لصالحها. دفعت رسوم طفليّ كاملة، وبعد أسابيع طالبتني المدرسة بمبالغ إضافية بحجة تعديل التسعيرة.”

ويؤكد أولياء أمور أن استمرار تجاهل المدارس لتعليمات السلطات يكرّس الفوضى ويحوّل التعليم الأهلي إلى سوق تجارية بلا ضوابط، الأمر الذي يهدد آلاف الطلاب بالتسرب، خاصة أبناء الأسر محدودة الدخل.

الإيجارات.. الهمّ الدائم

في موازاة الغلاء العام، يعيش سكان تعز موجة غير مسبوقة من ارتفاع الإيجارات السكنية والتجارية.

يقول نبيل عبدالكريم، موظف في القطاع الصحي: “كنت أدفع 75 ألف ريال، واليوم يطالبني المالك بـ150 ألفًا، بحجة أن الإيجار لا يساوي 300 ريال سعودي. لا توجد جهة تحدد سقفًا ولا قانون ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر.”

ويضيف أحد الوسطاء العقاريين أن الطلب يفوق العرض بكثير، خاصة بعد نزوح آلاف الأسر من مناطق الحوثيين إلى وسط المدينة، ما جعل الإيجارات تلتهم أكثر من نصف دخل الأسر المتوسطة. ويرى مراقبون أن استمرار غياب التنظيم في هذا القطاع يهدد بموجة نزوح داخلية جديدة، وتفكك اجتماعي متسارع.

غياب الدولة وتغوّل الجشع

الأسواق بلا تسعيرة، المدارس بلا رقابة، والإيجارات بلا قانون… هكذا تبدو الصورة في مدينة تعز، حيث يعيش المواطنون تحت رحمة الفوضى الاقتصادية. فكل جهة تعمل بمعزل عن الأخرى، بينما تكتفي السلطات المحلية بإصدار بيانات ووعود لا تجد طريقها إلى التنفيذ.

ويشير خبراء إلى أن غياب الرقابة التموينية لا يقتصر على الخسائر المعيشية، بل يفتح الباب أمام احتكار السلع، واختفائها من الأسواق قبل أن تعود بأسعار مضاعفة، في ظاهرة باتت تتكرر كثيرًا دون أي تدخل رادع.

مطالبات بإنقاذ السوق

تتصاعد المطالب الشعبية في تعز وعدد من المحافظات المحررة الأخرى لتفعيل الرقابة التموينية وإنشاء نظام رقابة دائم يربط الأسعار بسعر الصرف الحقيقي، وتحديد سقف للإيجارات، إضافة إلى إحالة المتلاعبين إلى القضاء وتخصيص خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين.

ويرى مراقبون أن الأزمة الحالية تحوّلت إلى حصار يومي على لقمة العيش، إذ لم تعد مجرد أزمة اقتصادية بل تهديدًا حقيقيًا لاستقرار المجتمع، ويؤكدون أن أي تأخير في فرض الرقابة وإجراءات الردع لن يعني سوى مزيد من الغلاء والانهيار المعيشي، بينما يبقى المواطن وحده يدفع الثمن في مدينة تزداد اختناقًا يومًا بعد آخر.

تقارير

خارطة سلام حوثية.. إقصاء الشرعية وتهديد السعودية

يقدّم قياديون في ميليشيا الحوثي تصورًا لما تعتبره جماعتهم طريقًا إلى السلام، يتضمن ثلاثة عناصر: أولها اتفاق عسكري مع السعودية وحدها، ثم تفاهمات سياسية داخل اليمن تجري بين الفصائل تحت إدارة الميليشيا نفسها، وتحييد مجلس القيادة الرئاسي من أي تسوية قادمة. وبدلًا من تقديم خطوات لبناء الثقة، عادوا إلى لغة تهديد السعودية وتكرار شعارات "البنك بالبنك والميناء بالميناء".

تقارير

إنتلجنس أونلاين: التهديد الحوثي المستمر يعطّل مشاريع الكابلات البحرية الاستراتيجية في البحر الأحمر

كشف موقع «إنتلجنس أونلاين» المتخصص في الشؤون الجيوسياسية والاستخباراتية، أن استمرار التهديدات التي تمثلها ميليشيا الحوثي في البحر الأحمر بات يشكل عائقًا رئيسيًا أمام تنفيذ مشاريع الكابلات البحرية الدولية، التي تُعد من الركائز الحيوية للبنية التحتية الرقمية والاتصالات العالمية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.