تقارير
تعز بين انفلات أمني وغضب شعبي.. الأجهزة الأمنية أمام اختبار صعب
تتصاعد موجة الغضب الشعبي في محافظة تعز، وسط مطالبات متكررة بضبط كافة الجناة والمطلوبين أمنيًا، بعد جرائم كثيرة ارتُكبت خلال سنوات الحرب ولم تجد طريقها إلى العدالة.
وقد شكّلت جريمة مقتل مديرة صندوق النظافة والتحسين إفتهان المشهري نقطة تحوّل، أشعلت الشارع التعزي وأعادت إلى الأذهان ملف الانفلات الأمني المستمر.
وفي الخميس الماضي، وقعت جريمة جديدة، إذ قُتل الشاب عبد الرحمن النجاشي على يد أحد أفراد الأمن في مدينة التربة، ما أعاد المخاوف لدى المواطنين من استمرار هذه الحوادث، وطرح تساؤلات حول قدرة الأجهزة الأمنية على أن تكون مصدر أمن لا مصدر خوف.
- نجاحات أمنية رغم التحديات
يقول الناطق باسم الحملة الأمنية المشتركة في تعز، توفيق الوجيه: "نؤكد أن الأجهزة الأمنية في شرطة محافظة تعز تقوم بواجباتها الوطنية والأمنية من منطلق مسؤولياتها القانونية والمجتمعية."
وأضاف: "حققت شرطة تعز خلال الفترة الماضية نجاحًا في ضبط عدد كبير من المطلوبين أمنيًا، والحد من مظاهر الجريمة والفوضى."
وتابع الوجيه موضحًا: "نحن ندرك تمامًا حجم التحديات الأمنية في ظل ظروف الحرب التي تعيشها مدينة تعز منذ عشر سنوات، لكن العمل مستمر بوتيرة عالية لملاحقة المطلوبين وتعزيز حضور الدولة وهيبتها، بما يضمن أمن المواطنين واستقرار المحافظة."
وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية تعاملت بسرعة مع جريمة التربة، قائلًا: "مدير عام شرطة محافظة تعز وجّه مدير أمن مديرية الشمايتين بفتح تحقيق فوري حول الحادثة تحت إشراف النيابة العامة، وتم تسليم المتهمين إلى النيابة لاستكمال الإجراءات القانونية."
وختم بالقول: "هذه الخطوات تؤكد أن الأجهزة الأمنية هي الضامن وليست مصدر خوف، والقضية الآن في نظر النيابة ونحن بانتظار نتائج التحقيقات."
- سلطة بلا دولة
من جانبه، يرى الناشط الحقوقي عبد الحليم المجعشي أن مشكلة محافظة تعز معقّدة ومتداخلة، قائلًا: "تعز تعاني من الحصار والقصف والانفلات الأمني، ومن غياب مؤسسات دولة حقيقية بكوادر مؤهلة تمتلك الخبرة في الرصد والتتبع وجمع الأدلة حول الجرائم."
وأضاف: "مع تطور التكنولوجيا وانتشار الهواتف والتصوير، أصبح المواطنون في تعز هم من يوثقون الجرائم ويبثونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تصل الأجهزة الأمنية، وهذا يُحسب للوعي المجتمعي في المدينة."
وتابع: "تعز تختلف عن بقية المحافظات، فهي مدينة مدنية يصعب التعامل معها بأساليب القوة أو القمع، لكنها تحتاج إلى سلطات تمتلك الإمكانيات والحس والثقافة في إدارة الدولة."
وأردف موضحًا: "ما يحدث هو أن في تعز سلطة بلا دولة؛ فمنذ عام 2015 انهارت مؤسسات الدولة كافة — القضاء والأمن والجيش — وتمت عملية اجتثاث للمنظومة السابقة وحلت محلها منظومة تفتقر إلى الخبرة الكافية."
وختم بالقول: "القرار السياسي منفصل عن تعز، وهذه الفجوة جعلت السلطات الجديدة محدودة الخبرة، وهو ما أدى إلى تفاقم الوضع الأمني الراهن."