تقارير

الغاز يختفي من منازل اليمنيين.. ويشتعل في أسواق التهريب

23/06/2025, 09:43:04

رغم توقف  صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي عن استلام الغاز المنزلي من شركة صافر في مأرب منذ أكثر من عامين، لا تزال أزمة الغاز تطارد ملايين اليمنيين في مناطق الحكومة الشرعية، من عدن إلى تعز، وسط اختناقات حادة وأسعار متصاعدة، وغياب أي مؤشرات على انفراج قريب.

المفارقة الصادمة أن الأزمة تأتي في وقت يُفترض فيه أن تتضاعف الكميات المخصصة للمناطق المحررة بعد قرار الحوثيين في صنعاء، في إبريل 2023، التوقف عن استيراد الغاز من صافر، والاعتماد على واردات خارجية عبر ميناء الحديدة.

وتنتج شركة صافر الحكومية  ما يقارب 170 ألف أسطوانة يوميًا. وسابقًا، كانت 80% منها تُنقل إلى الشمال، أي نحو 136 ألف أسطوانة، ومع توقف ذلك، من المفترض أن تتوفر هذه الكميات لصالح المحافظات الجنوبية والشرقية، لكن الواقع يقول غير ذلك.

ثقب أسود 

في عدن، وتعز تحديدًا، لا يجد المواطنون أسطوانات الغاز إلا بصعوبة، وبأسعار تجاوزت 9000 ريال للأسطوانة الواحدة، في ظل غياب تام للرقابة أو التوزيع العادل، مما يطرح سؤالًا كبيرًا: أين يذهب الغاز؟

يرجّح خبراء ومراقبون أن كميات ضخمة من إنتاج صافر تدخل في شبكات تهريب منظمة تتوزع بين البر والبحر، وفق معلومات  أفادت بها مصادر مطلعة، تبدأ عمليات التهريب من تخزين كميات الغاز بطرق غير رسمية، قبل نقلها إلى مناطق ساحلية مثل ميناء نشطون في المهرة، ومن هناك تُهرب بحرًا إلى الصومال وجيبوتي، وربما إلى أسواق أبعد.

يقول الخبير  عبد الغني جغمان إن الفجوة الكبيرة بين سعر الغاز محليًا (150 دولارًا للطن) وسعره عالميًا (700 دولار للطن) تخلق بيئة مثالية للمضاربة والتهريب، تغذيها شبكات تواطؤ وفساد.

وأضاف أن عمليات نقل الغاز تشمل تصنيع صهاريج بحرية صغيرة (تُعرف محليًا بالسنابيق) تُصنّع في المكلا وتُحمّل بشحنات غاز إلى الخارج بعيدًا عن أعين الرقابة الجمركية.

في تعز، تتحدث مصادر محلية عن وجود نافذين عسكريين يقفون وراء عرقلة توزيع الغاز، عبر فرض رسوم غير قانونية تُضاف على سعر الأسطوانة تصل إلى 300 ريال، في مقابل تسهيل دخول الكميات.

 وتشير البيانات إلى أن الحصة التسويقية السنوية لتعز تصل إلى نحو 7 ملايين أسطوانة، ما يعني أن الأزمة مصطنعة أكثر مما هي ناتجة عن نقص فعلي.

أما في عدن، فيتساءل المحلل الاقتصادي ماجد الداعري عن سبب استمرار الأزمة رغم إعلان الجهات الحكومية زيادة الحصة اليومية للمدينة. 

ويشير إلى أن محافظات مجاورة مثل أبين والضالع لا تعاني من اختناقات مماثلة، ما يثير الشكوك حول وجود تلاعب في التوزيع أو تورط نافذين في تحويل الغاز إلى السوق السوداء.

بحر بلا رقابة

من جهته، يرى خبير علوم البحار فؤاد زيد أن السواحل اليمنية، التي تمتد لأكثر من 2200 كيلومتر، باتت منفذًا مفتوحًا لعمليات التهريب، في ظل غياب الرقابة وتراجع سيطرة الدولة. 

ويحذر من أن التوترات الإقليمية في البحر الأحمر وخليج عدن، خاصة بعد التصعيد بين إسرائيل وإيران، ستفاقم من ظاهرة التهريب، ما سيزيد من حدة أزمة الغاز في الداخل اليمني.

وسط هذا المشهد، يبقى المواطن هو الضحية الأولى، إذ يدفع الثمن مرتين: الأولى بانعدام الغاز أو صعوبة الحصول عليه، والثانية بشرائه من السوق السوداء بأسعار تفوق القدرة المعيشية لأغلب الأسر اليمنية.

وفي ظل استمرار التلاعب، وتضخم شبكات التهريب، وغياب الشفافية في التوزيع، تزداد الهوة بين الإنتاج الفعلي والتوزيع العادل.

 وبينما تملأ رائحة الغاز المهرب الأجواء خارج البلاد، يتجرع الداخل مرارة أزمة مركبة، يبدو أن حلها ليس مجرد زيادة في الإنتاج، بل وقف النزيف في مكان آخر تمامًا.

تقارير

تواطؤ أممي وتحايل حوثي.. كيف تحولت "نوتيكا" إلى منصة لتهريب النفط وتمويل الحرب؟

كانت السفينة «صافر» العائمة قرب سواحل اليمن في البحر الأحمر تُعد قنبلة موقوتة، لكن بفضل الأمم المتحدة، تحولت إلى قنبلتين، وفوق ذلك أصبحت أداة جديدة لتعزيز اقتصاد ميليشيا الحوثي الحربي، ووسيلة لتربّح الموظفين الأمميين، ومحطة لعبور النفط الإيراني والروسي المهرّب.

تقارير

كيف استلهم الحوثيون مساوئ الطائفية في إيران وبعض الدول العربية؟

بعد استكمال سيطرتها على المساجد في المدن الرئيسية وإغلاق مراكز تحفيظ القرآن الكريم فيها، بدأت مليشيا الحوثيين حملة ممنهجة للسيطرة على المساجد وإغلاق مدارس تحفيظ القرآن في المدن الثانوية والأرياف النائية، ويتخلل ذلك حملات قمع وترويع واعتقالات، مثل قتل أحد أبرز معلمي القرآن في محافظة ريمة، الشيخ صالح حنتوس، والسيطرة على عدد من المساجد في بعض أرياف محافظة إب بعد طرد أئمتها أو اعتقالهم، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة في المحافظة ذاتها، وامتداد هذه الحملة إلى محافظة البيضاء، وقد تتسع في الأيام المقبلة لتشمل مناطق أخرى تسيطر عليها المليشيا.

تقارير

سبع سنوات من العجز.. هل تحولت "أونمها" إلى غطاء أممي للحوثيين؟

رغم فشلها الذريع في أداء مهامها طوال أكثر من سبع سنوات، صوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الاثنين، على تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) حتى 28 يناير 2026، ما اعتبره مسؤولون يمنيون ومراقبون بمثابة "شرعنة أممية للعبث الحوثي"، وتكريس لوضع شاذ يخدم المليشيا على حساب المدنيين والدّولة اليمنية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.