تقارير
الكوليرا في اليمن.. تفشي الوباء ودور وسائل الإعلام في المواجهة
مؤخرا، أعلنت منظمة الصحة العالمية رصد أكثر من 6100 حالات إصابة بالكوليرا في اليمن، و4 وفيات مرتبطة بها، خلال يناير الماضي، موضِّحة، في تقرير صدر عنها، أن الحصيلة تمثل انخفاضا بنسبة 42% في الحالات، وانخفاضا بنسبة 75% في الوفيات، مقارنة بديسمبر الماضي.
وبحسب التقرير الأممي، فإن محافظات "عمران والحديدة وحجة وتعز" تصدَّرت قائمة المحافظات في أعداد حالات الإصابة بالكوليرا، تليها محافظتا ذمار وإب.
استمرار تفشيِّ الأوبئة في اليمن، في ظل الضعف الملحوظ للقطاع الصحي في بعض المحافظات، وانهياره في محافظات أخرى، يثير تساؤل البعض عن الدَّور المنوط بالحكومة اليمنية، والمنظَّمات لمواجهة تفشيِّ الأوبئة في البلاد.
- أسباب الانخفاض
يقول مدير الإعلام والتثقيف الصحي بمحافظة تعز، تيسير السامعي: "إن تراجع أرقام المصابين بالكوليرا، في شهر يناير، أتى نتيجة الجهود الكبيرة التي بذلتها وزارة الصحة، خلال الفترة الماضية".
وأضاف: "كان أهم هذه الجهود هو تنفيذ حملة وطنية طارئة للتحصين ضد وباء الكوليرا، التي نُفذت في المحافظات والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، إضافة إلى الجهود التوعوية والتخفيف التي بذلتها الوزارة، ممثلة بالمركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني، إضافة إلى شركاء التنمية الصحية من المنظمات التي كانت شريكة في هذا المجال، وكان من نتائجها هذ التراجع الذي حصل".
وتابع: "كانت هناك جهود كبيرة، والجميع شاهد في عام 2024 كيف استفحل هذا الوباء، وكانت هناك حالات كثيرة سُجلت، وعلى سبيل المثال، هنا في محافظة تعز كانت هناك أكثر من 9 آلاف حالة إصابة بالكوليرا، إضافة إلى 54 حالة وفاة، خلال العام 2024، لكن بعد تنفيذ حملة التحصين ضد الوباء أدى إلى تراجع كبير في عدد الحالات".
وأردف: "للأسف الشديد؛ لأن الحملة لم تنفذ في كل مناطق اليمن، وهناك مناطق شاسعة أصبح فيها رفض للتحصين ورفض لأي إجراءات وقائية، ولا يزال هناك المرض منتشرا ولو أن هذه الحملة كانت نُفذت في كل مناطق اليمن ربَّما كان هذا الانخفاض كبيرا جدا، وقد يصل إلى نسبة أكثر من 90%".
وزاد: "هناك مناطق كبيرة من اليمن لم تصلها حملات التحصين، ولا حملات الوقاية، وليس هناك أي اهتمام أو رعاية للأمراض من قِبل السلطات الصحية".
وبيّن: "أيضا ما تزال الكوليرا تشكِّل مشكلة كبيرة لليمن، وللقطاع الصحي بشكل خاص".
وقال: "الكوليرا هو مرض بكتيري يمكن أن يُصاب الشخص به أكثر من مرَّة، لذلك أنا أقول إن تغيير السلوك المجتمعي يلعب دورا كبيرا جدا، وكذلك عملية التثقيف والتوعية تلعب دورا كبيرا؛ بسبب خوف الناس من المرض، وحصول حالات الوفاة، الذي يؤدي إلى أن المجتمع يبدأ يبحث عن أسباب الوقاية ويأخذ بها، وبالتالي يكون نتيجة ذلك تراجع الوباء".
وأوضح: "الوباء كان قد ظهر في عام 2016م، واستفحل بشكل كبير في عام 2017 وحتى 2019، لكن في عام 2020 وما بعده كان هناك تراجع كبير، وانخفاض للوباء، لكنه عاود بالظهور من جديد مع نهاية عام 2023، وظهرت الحالات من جديد، واستفحل بشكل كبير في عام 2024، مما اُضطر وزارة الصحة إلى أن تقوم بحملة تحصين ضد الكوليرا في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة".
- دور الإعلام المحلي
يقول تيسير السامعي: "الإعلام قام بدور كبير جدا في التثقيف والتوعية، وقناة بلقيس كانت من القنوات الرائدة التي بذلت جهودا كبيرة في التوعية، وأنا كنت على تواصل مستمر مع الزملاء في القناة، وبذلوا جهودا كبيرة".
وأضاف: "كانت هناك برامج كثيرة تم بثها عن طريق القناة في التوعية والتثقيف، وكذلك القنوات الأخرى".
وتابع: الإعلام بذل جهدا كبيرا جدا في هذا الجانب، وكان له دور إيجابي بشكل كبير من خلال التوعية والتثقيف، وأيضا في إيصال الرسائل الصحية، وهذا لعب دورا كبيرا في التوعية".
وأوضح: "هذا البرنامج (زوايا الحدث)، الذي الآن نحن فيه، يعتبر جزءا كبيرا من حملات التوعية والتثقيف، فالناس الذين يسمعوننا اليوم لا شك أن رسائل صحية ستصلهم وسيكون هناك استفادة، وهو جهد كبير".
وأردف: "كان هناك تكامل كبير ما بين الجهات الصحية والجهات الإعلامية، وأيضا منظمات المجتمع المدني، فالمجتمع اليمني اليوم هو الذي يدير نفسه بالعوامل الإيجابية التي يتمتع بها، ويلعب دورا كبيرا جدا في مواجهة الأوبئة، والمشاكل الصحية، حتى وإن كان دور الدولة ضعيفا، ومتدنيا".
وزاد: "على سبيل المثال، هنا في مدينة تعز كان لدينا مشكلة كبيرة، وهي مشكلة 'حُمى الضَّنك'، هذا العام تراجعت الإصابة بها أكثر من 70%، عن الأعوام السابقة، والدور الفاعل في ذلك كان للإعلام ولمنظمات المجتمع المدني ولفرق المتطوعين الذين انتشروا في ربوع المحافظة؛ للتوعية والتثقيف، وكان لهم دور كبير جدا".