تقارير
الوجود العسكري الأمريكي السري في اليمن يدخل منعطفا جديدا
في 21 سبتمبر، أقامت جماعة الحوثي اليمنية عرضا عسكريا، إحياءً للذكرى التاسعة لسيطرتها على العاصمة صنعاء، حيث شارك موكب ضم الآلاف من المقاتلين النظاميين والسيارات المدرّعة والسفن البحرية والصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة والمقاتلات.
في الوقت الذي تنذر فيه الحرب بين الكيان الإسرائيلي وحركة حماس بجر اليمن إليها، فإن القوات العسكرية الأمريكية قليلة الذكر على الأرض في البلد الذي مزقته الحرب، تثير شبح تفاقم التدخل الأمريكي في الصراع.
أطلق المتمردون الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران، يوم الاثنين الماضي، صواريخ باليستية وصواريخ "كروز" على "إسرائيل".
ووفقا لبروس ريدل، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية والخبير في المنطقة، كان الهجوم للمرة الأولى، التي يجري فيها إطلاق صواريخ باليستية على "إسرائيل"، منذ أن أطلق الرئيس العراقي صدام حسين صواريخ، "سكود" على إسرائيل في عام 1991.
يمثل استخدام الصواريخ الباليستية تصعيدا كبيرا يهدد بإشعال حرب إقليمية، في ظل تمركز القوات الأمريكية في مكان قريب في المنطقة.
وقال تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد "كوينسي فور ريسبونسبل كرافت"، وهو مركز أبحاث في واشنطن يدافع عن سياسة خارجية قائمة على ضبط النفس: "إن أفضل إستراتيجية لتجنّب الإنجرار إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط هي عدم وجود قوات دون داع في المنطقة في المقام الأول، وإعادة أولئك الموجودين هناك الآن إلى ديارهم" .
وأضاف: "وجودهم هناك لا يجعل أمريكا أكثر أمانا، إنه يعرض أمريكا لخطر حرب أخرى في الشرق الأوسط.".
على الرغم من أن حجم تواجد العمليات الخاصة الأمريكية داخل اليمن قد انحسر، إلا أن الولايات المتحدة كانت في حالة حرب هناك منذ عام 2000، كشف البيت الأبيض، في يونيو، أن الولايات المتحدة تحتفظ بقوات "قتالية" في اليمن.
كما كشف البيت الأبيض، في فقرة لم يجر الإبلاغ عنها سابقا، في أحدث تقرير له عن "قرار سلطات الحرب إلى الكونغرس": "يجري إيفاد عسكريين أمريكيين في اليمن للقيام بعمليات ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش".
الحوثيون ليسوا مدرجين كهدف رسمي لمهمة القوات الخاصة الأمريكية في اليمن، إلا أن البنتاغون استخدم سلطاته في ظل الحرب على الدولة الإسلامية لضرب الجماعات المدعومة من إيران في أماكن أخرى.
في الأسبوع الماضي، قصفت الولايات المتحدة منشأتين مرتبطتين بالمليشيات المدعومة من إيران في سوريا؛ ردا على الهجمات على المنشآت الأمريكية في المنطقة من قِبل الجماعات المسلحة المدعومة من إيران.
ومع ذلك، حذّر المحللون من النظر إلى الضربة الحوثية كجزء من حملة إيرانية أوسع دون أي دليل.
وقال بول بيلار، وهو زميل أساسي غير مقيم في مركز الدراسات الأمنية بجامعة "جورج تاون"، لمجلة "إنترسبت": "يجب على المرء أن يكون حذرا بشأن تفسير الهجوم الصاروخي كجزء من إستراتيجية كبرى لمحور المقاومة، الذي تقوده إيران".
وأضاف قائلاً: "الحوثيون، على الرغم من الدعم المادي من إيران، كانوا يتخذون قراراتهم الخاصة بأنفسهم، ربما أن أكبر خطوة لهم في الحرب في اليمن هي الاستيلاء على العاصمة صنعاء، التي يقال إنهم اتخذوها ضد نصيحة الإيرانيين".
برر الرئيس جو بايدن الضربات الأمريكية على أهداف سورية بأنها ادإستراتيجية ردع، غير أن بعض المراقبين يقولون إن أي ردع سيجري تقويضه نظرا لحقيقة أن التواجد العسكري الإقليمي الضخم للولايات المتحدة يوفر مجموعة من الأهداف المتاحة.
وقال بارسي من "معهد كوينسي": "يعتقد بايدن أن القوات الأمريكية الحالية والجديدة في المنطقة تعمل كرادع ضد هجمات إيران أو حلفائها، إلا انه بدلا من ردع هذه الجهات الفاعلة، فغالبا ما تكون القوات الأمريكية أهدافا سهلة على الأرض، التي توفر للحوثيين أو المليشيات العراقية أهدافا أكثر. حتى المشرعون، الذين لا يريدون مزيدا من الحرب في الشرق الأوسط، سيضطرون إلى الضغط من أجل القيام بعمل عسكري إذا تعرضت هذه القوات للهجوم".
يخوض اليمن حربا أهلية وحشية، منذ عام 2014، حيث يجري دعم جماعة الحوثيين المتمردة في الشمال من إيران، وبالمقابل تحظى حكومة المنفى في الجنوب بدعم من الولايات المتحدة وتحالف من جيران اليمن، بينها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
ويشرف على العمليات الأمريكية في اليمن قيادة العمليات الخاصة المركزية الأمامية في اليمن، وعادة ما يتم اختصارها باسم SFY، وهو عنصر أمامي في قيادة العمليات الخاصة التي تتخذ من "تامبا" مقرا لها، التي تشرف على حملة مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط، من باكستان إلى مصر.
في حين أن وزارة الدفاع لم تعترف رسميا أبدا بقيادة العمليات الخاصة المركزية الأمامية في اليمن أو بمهمتها، التي يتم الإبلاغ عنها هنا لأول مرة، يمكن الحصول على أدلة على وجودها وأهدافها من مراجع متفرقة، إلى جانب التفاصيل، التي قدمها ضابط عسكري إلى مجلة "إنترسبت".
وقال ضابط عسكري كبير خدم في SFY، طلب عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخول بالتحدث علنا، لمجلة "ذي إنترسبت": "خلال بداية إدارة ترامب، أشرف على خطط لتدريب قوة قتالية قبلية يمنية مكونة من 300 شخص من أجل إجراء حرب غير تقليدية طويلة الأجل وعمليات مكافحة الإرهاب".
في عام 2015، قدم قائد سابق في SFY، النقيب روبرت أ. نيوسون، الذي كان آنذاك في البحرية، رواية مماثلة في مقابلة مع مركز مكافحة الإرهاب في "ويست بوينت".
بعد أن خدم في SFY حتى عام 2012، قال نيوسون: "إن القوات هناك دربت وقدمت النصائح للشركاء اليمنيين"، وبشكل أكثر غموضا، إنهم كانوا "جزءا لا يتجزأ من السفارة وأنشطتها".
ومنذ ذلك الحين، أغلقت السفارة الأمريكية الرئيسية في صنعاء، وسط فوضى الحرب الأهلية اليمنية.
لقراءة المادة من موقعها الأصلي: انترسبت