تقارير
"الوزف".. وجبة الفقراء الرئيسة الرمضانية في لحج وتعز
حين تقلّصت الخيارات الغذائية على موائد الإفطار الرمضاني عند معظم الأسر الفقيرة، التي تعيش في مناطق ريفية تابعة لمحافظتي تعز ولحج، نتيجة تدهور مستوى الأوضاع الاقتصادية في البلاد، أصبح "الوزف" بديلا غذائيا مناسبا ووجبة فطور أساسية لها.
"الوزف" نوع من الأسماك المجففة ذات الحجم الصغير جداً، إذ يضطر المعدمون إلى تناوله بمذاقٍ ولذة؛ لإشباع بطونهم الخاوية، بعد ساعات الصوم الطويلة، الممزوجة بعناء حرارة أوقات النهار وقلة الحاجة.
- لحم بديل
يبحث الكثير من الفقراء عن أفضل الأنواع وأجودها لشرائها من الأسواق المحلية الأسبوعية، رغم ارتفاع أسعارها مؤخراً بشكل خيالي، نتيجة الإقبال الكبير عليه، باعتباره بديلاً مناسباً عن أنواع كثيرة من اللحوم المختلفة.
المواطن رائد دحان الصلوي-أحد أبناء ريف تعز- يقول لموقع "بلقيس": "الوزف فطورنا في رمضان، لا نستطيع شراء اللحوم والدجاج والسمك؛ سعرها غالي، ما معنا إلا الوزف يناسب حالتنا، ونأكله بدل اللحم، نشتري أحسن نوع من السوق، قيمة النفر المليح 8000 ريال"، ما يعادل 15 دولارا أمريكيا، سعر الصرف في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.
وتعتمد غالبية الأسر من الفئات الاجتماعية الفقيرة في أرياف تعز ولحج على "الوزف" كطبق غذائي مفضّل في المائدة الرمضانية، بدلاً عن اللحوم المختلفة؛ نظراً لتلاؤمه ومستوى حياتهم المعيشية.
عدد من المواطنين القادمين من بعض أرياف محافظة تعز أكدوا لموقع "بلقيس" بالقول: "نحن تعودنا نتعشى الوزف في رمضان، طعمه لذيذ ومناسب لنا، لأننا لا نملك قيمة حبة دجاج، أو كيلو لحم، نشتري كفايتنا من النوع الممتاز".
ورغم الإجراءات الأخيرة للحكومة الشرعية، المعترف بها دولياً، بمنع عملية تصدير الأسماك من اليمن إلى الأسواق الخارجية، إلا أن أسعار الوزف ما زالت مرتفعة بشكل كبير.
تاجر البهارات حيدر الوصابي يؤكد لموقع "بلقيس" أن "كل نوع من الوزف له سعر معين، بحسب جودته ولذة طعمه، قيمة الكيس الواحد عبوة 50 كيلو جراما، تصل إلى أكثر من 220 ألف ريال"، 200 دولار أمريكي تقريبا سعر الصرف في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
- مناطق تواجده ورواجه
تُعد سواحل شقرة وأحور في محافظة أبين "جنوب البلاد"، وسواحل رأس العارة في منطقة المضاربة والسقياء وخور العميرة على امتداد الساحل الغربي لمحافظة لحج "جنوباً"، من أبرز المناطق الساحلية، التي يستخرج منها الوزف، طبقاً لعدد من الباعة خلال حديثهم لموقع "بلقيس".
ويتواجد الوزف بأنواع مختلفة وأحجام متنوِّعة، مثل: "العَيدة، السويداء الكبير، السويداء الصغير، البيرمان"، والأخير يعتبر أجودها، كونه منقى ونظيفا وخاليا من الحصى والشوائب، العالقة به بعد عملية استخراجه من البحر مباشرةً.
يشير الخبير في مجال الأحياء البحرية، عبده ثابت اللوذعي، بقوله لموقع "بلقيس": "تتراجع الكميات المستخرجة من سواحل بلادنا بحسب العوامل الطبيعية التي تحدث في البحر من حين لآخر، هنا يتم استيراد أنواع الوزف، من دول مجاورة في القرن الأفريقي كالصومال، وعادةً يكون بنفس مستوى جودة المحلي".
ويأتي سكان الأرياف في مناطق الحجرية وشرعب، التابعة لمحافظة تعز، والقبيطة والصبيحة، التابعة لمحافظة لحج، من أكثر المستهلكين للوزف في وجباتهم الغذائية اليومية على مدى عقود طويلة، كونهم يعيشون في أماكن نائية لا تصل إليهم الأنواع المختلفة من اللحوم الطازجة، والدجاج، والأسماك، بشكل مستمر، إضافة إلى سوء الظروف المعيشية.
- وجبة رمضانية
لم يكن فقراء الأرياف بمنأى عن الآثار السلبية الناتجة عن الحرب الدائرة في البلاد منذ سنوات، حتى مثَّل لهم الوزف أحد أهم الخيارات الغذائية، التي يحرصون على حضورها في موائدهم، خصوصاً في وجبة الإفطار الرمضاني.
يقول المواطن "عبد الله دبوان" لموقع "بلقيس": "نفطر بوزف من أول رمضان، ما معنا نشتري شيء ثاني، نحن نعيش بفقر، ولا أحد التفت لنا وساعدنا، نأكل مثل بقية الناس".
يواجه اليمن أسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم منذ العام 2015، فيما ثلثا سكانه بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، خصوصاً النازحين داخلياً الذين يصل عددهم إلى أكثر من 4 ملايين شخص، حيث يفتقدون للغذاء والمسكن، ناهيك عن فقراء الأرياف النائية، الذين يتمنون وجبة إفطار متواضعة.