تقارير

انقلاب على مبدأ الشراكة أم استحقاق للجنوبيين.. ما وراء قرارات الزبيدي الأخيرة؟

13/09/2025, 06:07:17

بعد ساعات من عودة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، إلى عدن، أصدر عضو المجلس عيدروس الزبيدي قرارات بتعيين عدد من أنصاره وقيادات المجلس الانتقالي في عدد من الوزارات والهيئات الحكومية.

وتبعت هذه القرارات خطابات متشددة وتهديدات بفض الشراكة بين الانتقالي والشرعية، مع دعوة لتطبيق اتفاق الرياض الذي لم ينفذ فيه الانتقالي بنداً واحداً. كما قدّم الزبيدي هذه التعيينات بوصفها خطوة كبيرة على طريق استعادة الدولة الجنوبية الموعودة.

- برنامج انفصالي مُعلن

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي: "تقريباً الهدف من التعيينات ليس خفياً على المتابع وحتى على المواطن العادي، كل الأهداف التي يدور حولها رئيس المجلس الانتقالي هي مزيد من السلطة، مزيد من الثروة، مزيد من التحكم في الوضع على مسرح الأحداث السياسية في العاصمة المؤقتة عدن".

وأضاف: "هذا الإجراء ليس جديداً، ولا أعتقد بأنه سابقة، فالانتقالي سبق وأن أجرى انقلاباً في 2018 و2019 وطرد القوات الأمنية والعسكرية الشرعية وهو معين منها".

وتابع: "كذلك سبق وأن عيّن قيادات ألوية ورقّى كثيراً من هذه القيادات إلى رتب عسكرية ولم يُعترض عليه، وتقريباً في هذه القناة بالذات ناقشنا معاً في 9 مايو 2024 قراراته في التعيينات العسكرية والترقيات، فما الجديد؟".

وأوضح: "أنا أرى أن الاعتراض على ما فعله الزبيدي كان ينبغي أن يكون من اللحظة الأولى حتى لا تصبح القواعد منتهكة. إذا أردنا أن نبني أو أن نعمل ينبغي أن يحترم جميع المشاركين في السلطة هذه القواعد. لكن لا القاعدة الدستورية والقانونية تم احترامها عند تعيين مجلس الثمانية، ولا هؤلاء في المجلس أو في الحكومة احترموا القواعد".

وأشار: "في نهاية الأمر يصرفون الأموال لمن لا يستحق، ويمنعون الرواتب عمن يستحق، ويعينون بالقرابة والوساطة والمصلحة من يريدون، لا يؤدون مهاماً دستورية أو قانونية حقيقية، وإنما الكل - ليس فقط الزبيدي وإنما الجميع - يدور حول مزيد من الثروة ومزيد من التشبث بالقرار والسلطة".

وقال أيضاً: "هم يتنازعون على ما هم مختلفون عليه، لكن الزبيدي لا يخفي ذلك، فهو يقول: اندمجت في الحكومة الشرعية من أجل الانفصال، وهو يعلن ذلك. هم الذين لم يفهموا ولم يتخذوا الإجراء المناسب على الأقل في تنفيذ اتفاق الرياض حتى تُبنى سلطة يمكن الركون إليها".

وأضاف: "الأهداف - كما قلت - واضحة، والإشكالات مستمرة ومزمنة، ولا أحد من في السلطة جدير بأن يصلح أو قادر على أن يعمل من أجل الشعب".

وأكد: "إصدار القرارات الجمهورية في التعيين للسلطات العليا هو من اختصاص رئيس الدولة، ولا يحق لا لنائب رئيس ولا لرئيس حكومة ولا لأي مسؤول مهما بلغ وزنه العسكري أو السياسي أو المدني أن يصدر قرارات جمهورية".

وشدّد: "ما صدر عن الزبيدي انتهاك للقواعد التي لم تُحترم، ولا يستطيع بأي حال من الأحوال أن يقول إن هناك قرارات معطلة لم يصدر فيها قرار، فهذا لا يخص الجنوب فقط، بل حتى في مأرب وتعز ومناطق أخرى لم يتم إصدار قرارات".

وأردف: "الزبيدي قبل أن يكون شريكاً في سلطة الجمهورية اليمنية يعمل وفق برنامج انفصالي مُعلن، يريد أن يكون ممارساً للسلطة في جمهورية يرفضها ويرفع علماً آخر، ويقول: أنا أحكم الجنوب".

وأوضح: "الزبيدي وصل إلى حالة من الفشل، وحاول بمثل هذه الإجراءات أن ينقذ نفسه ويُلبي رغبات جمهوره، لكن الإصلاحات المالية كشفت أن إيرادات عدن والجنوب تذهب إلى الجيب الخاص في الانتقالي، بينما كان يمكن أن تكفي لحل مشاكل عدن وصرف رواتب موظفي الدولة"، مؤكداً: "لم يشهد الجنوب نهبًا بهذا الحجم إلا في ظل المجلس الانتقالي".

وزاد: "أي شخص نزيه من الانتقالي يتم تعطيله مثل سالم العولقي، فإذا كانت هناك جهات أخرى غير الانتقالي هي من عرقلته، فلماذا لم يصدر الزبيدي قرارًا بإبقائه أو برفض استقالته إذا كان يحظى بالإجماع؟".

واستطرد: "الزبيدي يجب أن يقدّم قراراته مثل أي محافظ آخر عبر مجلس القيادة، لا أن يستفرد بها، وعليه أن يوفّر الكهرباء والغاز والمعيشة من الإيرادات المحلية ويجعل عدن مدينة مزدهرة وخالية من المعاناة"، متسائلاً: "ماذا قدّم الزبيدي لعدن رغم سيطرته على السلطات والإيرادات؟".

ولفت إلى أن "هناك استغلالاً من قِبل الانتقالي والرئاسة على حد سواء، والجميع يتنافسون اليوم على الثروة والسلطة، والعليمي هو أكبر المستفيدين وأبرزهم نفوذاً".

- استحقاقات للجنوبيين

يقول الناشط السياسي أحمد بن طهيف: "بالعودة لفهم الوضع بشكل أدق يجب أن نفهم معطيات الشراكة وأهدافها من بدايتها؛ لأنها بُنيت على متناقضات ومشاريع متضادة، وكانت لها أهداف واضحة: إما تحرير صنعاء عسكرياً أو الخروج من الأزمة اليمنية سلمياً عبر المفاوضات".

وأضاف: "لكن ما حدث بعد إعلان المجلس الرئاسي أن بعض الأطراف اتخذت منه حصان طروادة، وحوّلت الهدف الأساسي - وهو استعادة صنعاء أو إخراج اليمن من أزمته - إلى أداة لتحقيق مصالح سياسية حزبية على حساب المجلس الانتقالي".

وأوضح: "الجغرافيا الشرعية بنسبة 95% جنوبية، ومحسوبة على المجلس الانتقالي، وكذلك القوة الاقتصادية والعسكرية، فمن غير المنصف أن يُسحب القرار السياسي والاقتصادي إلى أطراف لم تقدّم شيئاً".

وتابع: "بالتالي هذه القرارات، التي أصدرها الزبيدي، هي أقل استحقاقات للجنوبيين، خصوصاً أن المجلس الانتقالي يملك ثلاثة مقاعد في المجلس الرئاسي، وهي الكتلة الأكبر والأكثر تماسكاً داخله".

وأردف: "الصبر وصل إلى منتهاه مع إدارة العليمي، التي بدأت بتجاوزات قانونية من التعيينات المخالفة لبنود وثيقة نقل السلطة. فبعد فشل إنشاء اللائحة التنظيمية للمجلس الرئاسي، كان هناك اتفاق أن تكون القرارات توافقية، لكن العليمي لم يلتزم بذلك".

وأكد: "بعض القرارات، التي طرحها الجنوبيون، تم تجاهلها لأكثر من سنة، وبالتالي ما قام به الزبيدي يُعد أقل استحقاق للجنوبيين، ولا يشكل انقلاباً أو فكاً للشراكة، رغم أن الانتقالي يملك ما يكفي من الأدلة على خروقات العليمي والأطراف الأخرى".

ويرى: "المجلس الرئاسي فشل فشلاً ذريعاً في تحقيق أي من الأهداف المعلنة منذ تأسيسه، فلم يُطبّع الحياة الاقتصادية في المناطق المحررة، ولم يتقدّم في الملف السياسي، ولم يتخذ قراراً عسكرياً في تحرير صنعاء".

وبيّن: "الهدف لم يكن افتعال أزمة، فالمجلس الانتقالي خطابه ثابت منذ البداية، لكن الشراكة أصبحت عبئاً على الإصلاح السياسي والاقتصادي، وزادت من السخط الشعبي".

وزاد: "كل الإجراءات الاقتصادية حتى الإصلاحات الأخيرة في البنك المركزي تم عرقلتها من داخل الشرعية، بينما الانتقالي يبحث عن استقرار يخدم الجنوب، في وقت تقدّم الشرعية تنازلات مجانية للحوثيين دون مقابل".

وقال: "هدفنا الأول والأخير هو استعادة الدولة الجنوبية عبر عملية سياسية نتوافق فيها مع الدولة اليمنية بشكل لا يؤدي إلى أي شكل من أشكال الصراعات الأخرى".

وأضاف: "لدينا إشكاليات كثيرة جدًا، وأساسها قانوني في تركيبة المجلس الرئاسي نفسه الذي يعد غير دستوري، واليوم ليس لدينا مرجعية يمكن الاعتماد عليها لتقييم أي عمل سياسي لأي طرف. ومع ذلك، فإن المجلس الانتقالي يعطي فرصة للحفاظ على هذه الشراكة".

وأوضح: "المجلس الرئاسي إلى اليوم لم ينجح في أي ملف، لا على المستوى الشعبي ولا من وثيقة نقل السلطة ولا حتى من التحالف العربي؛ فلا نجاح اقتصادي ولا عسكري ولا في مسار المفاوضات".

وتابع: "من خلال معرفتي ومعلوماتي لا توجد إيرادات تذهب إلى خزينة خاصة في المجلس الانتقالي، فالمجلس لديه دعم خاص من حلفائه، وهذا شأن لا يخص أحدًا".

تقارير

الهجمات بين الاحتلال والحوثيين.. ما انعكاساتها وآثارها على الداخل اليمني؟

تصاعدت الأدخنة من وسط العاصمة صنعاء، وسط صرخات مواطنين من تحت الأنقاض، نتيجة غارات جوية جديدة شنّها الاحتلال الإسرائيلي على صنعاء ومواقع في محافظة الجوف، استهدفت أحياءً سكنية ومنصات لإطلاق الصواريخ ومقارّ عسكرية وإعلامية مرتبطة بميليشيا الحوثي، بينها مقرّ وزارة دفاع الميليشيا في صنعاء، والمجمع الحكومي في محافظة الجوف.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.