تقارير

تحديد مهر الزواج .. اللعب على هامش الظروف!!

02/07/2021, 09:36:25

قناة بلقيس - حسان محمد

ما بين الرَّفض والتهكّم، قابل الناس في اليمن ما أطلقت عليه جماعة الحوثي 'وثيقة تيسير الزواج'، التي حددت مهراً للمرأة، ووضعت نصاباً محدداً للعَزباء، ومهراً أقلَّ للثيّب.
الوثيقة، التي حرصت السلطات المحلية في المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين على إثبات ولائها للجماعة من خلالها، جاءت تلبيةً لدعوة زعيم الجماعة، عبدالملك بدر الدِّين الحوثي، التي أطلقها في إحدى محاضراته الرمضانية كمحددات لتيسير زواج الشباب، وبادرت المجالس المحلية لعقد لقاءات بالمشايخ والشخصيات الاجتماعية للتوقيع على الوثيقة، والعمل على إلزام الناس بمضمونها.

وقابل الكثير من الناس في المناطق التابعة لسيطرة الحوثيين الوثيقة بالرَّفض، ولم يعيروها اهتماماً، واعتبروها مجرد وسيلة لكسب تعاطف الشباب، والتغرير بهم للمشاركة في الدّورات الثقافية، واستدراجهم إلى معسكرات التدريب، وجبهات القتال.

انتقاص المرأة

وكما تفاوت 'مهر' المرأة العازبة عن الثيّب، تفاوتت المُهور من محافظة إلى أخرى.
فعلى سبيل المثال: في محافظة ذمار حددت الوثيقة مهر البكر بـ600 ألف ريال، والثيب 400 ألف ريال، وفي الحديدة حددت مهر البكر ب700 ألف ريال والثيب 350 ألف ريال، بينما يصل المهر في العاصمة صنعاء إلى مليون و200 ألف ريال، وفي البيضاء  مليون و500 ألف ريال للبكر، و750 ألف ريال للثيّب.
وهذا ما جعل التربوية فاطمة محمد ترى أن تحديد مهر الزواج إجراءٌ فيه انتقاص للمرأة، ويحوّلها إلى سلعة تُباع وتُشترى، وينزع عنها الصفة الإنسانية.

وتؤكد أن من المعِيب أن ما يسمّى 'وثيقة تيسير الزواج'، تعاملت مع النساء كسلعة لا تتساوى الجديدة بالمستعملة.
تقول فاطمة لـ"بلقيس": "لا يملك أحدٌ الحق في إجبار العروس وأهلها على تحديد المهر، وعادةً ما يحدد المهر بالتفاهم بين العريس وأسرة العروس، وتوجد اختلافات من منطقة إلى أخرى، حسب البيئة والثقافة المجتمعية".

ويتفق معها القاضي عبدالوهاب قطران بأنه لا يجوز شرعاً تحديد مهر المرأة، ويتوقّف على رضاء الزوجة وأهلها، الذين قد يوافقوا بخاتم من حديد، أو قنطار من ذهب.
ويؤكد قطران، في منشور بصفحته على "فيس بوك"، أن وضع عقوبات على من يرفض الوثيقة يخالف دستور الجمهورية اليمنية، الذي ينصّ على أن "لا عقوبة أو جريمة إلا بنص قانوني".  

ويخاطب قطران جماعة الحوثي بقوله: "رخصوا أسعار الوقود، واسطوانة الغاز، وتعرفة المياه والكهرباء، والسلع الأساسية التي تضاربوا بها في زمن الحرب والجوع، وأسعار العقارات، وإيجار المنازل التي ارتفعت في عهدكم المظلم إلى ألف ضعف، أم أن همكم ترخيص النساء واستعبادهن وحسب؟!".

تهكُّم وسخرية

هل تشمل الوثيقة "مهر الزينبيات" أم أنهم يعتبرون بناتهم سوقا سوداء؟
على غرار أسعار المشتقات النفطية، هكذا علّق الناشطون والناشطات على 'وثيقة تسيير الزواج'، فيما تساءل آخرون بسخريّة: إذا كان مهر العروس بنصف سعر البقرة أو الثور الذي يُذبح في العُرس فمن الأولى الاحتفال بالزواج!   
يستغرب عبدالله الكبسي -أحد قيادات جماعة الحوثي- استياء البعض من تحديد مهر الزواج، ويعتبرها مبادرة جيّدة لتيسير الزواج للشباب، وإكمال نصف دِينهم، خاصةً في ظل ظروف الحرب والفقر التي يعاني منها الكثير من الشباب.

وبحسب الكبسي، صار الناس يتباهون بارتفاع 'مهر بناتهم'، ويتنافسون في مظاهر الاحتفالات والبذخ، وعزف الشباب -من المنتمين للأسر الفقيرة والمتوسطة- عن الزواج، لعدم قدرتهم على تحمّل النفقات، وازدادت نسبة العنوسة بين النساء، وهو ما يتسبب بظهور اختلال في بِنية المجتمع، وانحلال أخلاقي في أوساط الشباب.  
وتعمل الوثيقة على إحياء قِيم التكافل والتراحم بين أبناء المجتمع، وتسهيل متطلبات الزواج، والحد من المغالاة في المهور، حفاظاً على النسيج والعادات والتقاليد المجتمعية، كما يقول الكبسي لـ"بلقيس".

وصاية على المواطنين

'وثيقة تيسير الزواج'، التي وقّع عليها أعضاء المجالس المحلية والمشايخ، ألزمت الجميع العمل بموجبها، ودعت الأمناء الشرعيين إلى البلاغ عن المخالفات، ووضعت عقوبات للمخالفين، بهدف حماية المصلحة العامة، وتحصين الشباب، كما ورد في محتواها.
ونصت، أيضا، على الحد من مظاهر الفرح، ووضعت ضوابط بهدف تقييد الاحتفالات، وتبرز الوصاية على تصرّفات وسلوكيات الناس في الأعراس، مما جعلها محل رفض واستياء حتى من التابعين لجماعة الحوثي.
ويرى الكثيرون أن الحوثيين تركوا القضايا الرئيسية، التي تهم المواطنين، واهتموا بهوامش الأمور.

ولهذا تتساءل فاطمة محمد كغيرها: هل انتهت كل مشاكل المواطنين في اليمن، ولم يبقَ إلا تحديد مهر النساء؟
ولماذا لا يضعون حلولاً للمشاكل الأساسية التي تمسّ حياة الناس، في وقت ترتفع أسعار كل السلع والمنتجات والمشتقات النفطية، وتتفشى المجاعة ويستشري الفساد؟!

تقارير

انهيار الدعم الدولي لليمن.. مؤشرات لفقدان الأولوية

تشهد المساعدات الإنسانية المقدمة لليمن تراجعًا غير مسبوق، في ظل تقليص الأمم المتحدة خططها وتراجع مساهمات المانحين الدوليين، ما ينذر بكارثة إنسانية قد تطال الفئات الأكثر ضعفًا في البلاد، لا سيما في ظل تفاقم الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.