تقارير
تصعيد ميليشيا الحوثي ينذر بحرب قادمة.. كيف يمكن تفسير تصريحات "مجلي" بشأن فشل عملية السلام؟
بينما يقف اليمن على حافة سلام هش، تتصاعد التهديدات وتنذر بحرب قادمة، هذا ما أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي؛ عثمان مجلس، والذي أشار إلى تعثر جهود السلام بسبب تصعيد ميليشيا الحوثي.
وتواصل ميليشيا الحوثي، حفر الخنادق في الجبال، وتخزين الأسلحة، وتستهدف الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
قيل قديما، إن المتفائل هو من صنع الطائرة، فيما المتشائم هو من اخترع المظلة، واليوم لا أحد يرغب بالعودة إلى الحرب سوى ميليشيا الحوثي، التي ترى في الحرب ملاذا للهروب من تبعات السلام.
قد يكون اليمنيون مدركين لهذا الواقع، لكن التساؤل الأبرز يبقى؛ ماذا تفعل الحكومة الشرعية لمواجهة احتمالية عودة الحرب؟ وكيف يستمر الضغط السعودي على الحكومة لتقديم تنازلات سيادية مما يعقد الوضع ويهدد بزوال الشرعية في سبيل إرضاء الرياض وخروجها من تداعيات الأزمة اليمنية.
سيناريو متوقع
يقول الخبير في الشؤون السياسية والعسكرية، العميد عبدالرحمن الربيعي، إن تصريح عضو مجلس الرئاسة عثمان مجلس، بشأن تعثر عملية السلام بسبب تصعيد ميليشيا الحوثي، ليس بجديد، وهكذا سيناريو متوقع.
وأضاف: كنت دائما ما أحذر وأقول في أكثر من لقاء، بأنه يستحيل المضي قدما بعملية سلمية ليست مكتملة الأركان، فلا الأطراف المحلية ولا اللاعبين الإقليميين والدوليين مدركين للمآلات على الأرض.
وتابع: لا يمكن تحقيق سلام ما لم تطرح صيغته بشكلها الصحيح والواقعي، وتكون صيغة شاملة وكاملة لمعنى السلام وشكل الدولة.
وأردف: عندما تكون هناك صيغة شاملة للسلام في اليمن سنجد كل الأطراف على مسافة واحدة، ويطرح كل طرف رؤيته، وهنا نستطيع القول بأن هناك محاولة للوصول إلى حل سلمي لما هو قائم اليوم في اليمن من حرب، بين الحكومة اليمنية وميليشيا الانقلاب الحوثي.
وزاد: إذا ما أردنا أن نوصف تصريح عضو المجلس الرئاسي، عثمان مجلس، بأن عملية السلام فشلت، فاولاً، لم يكن هناك وضوح لخارطة الطريق ومحتوياتها، فهي كانت عملية مبتورة وجزئية، في إطار عملية شاملة يصعب الوصول إليها قفزة واحدة.
وأشار إلى أن التوازن بين القوى، فيه خلل، إضافة إلى ظهور مشكلة غزة واستهداف ميليشيا الحوثي، لخطوط الملاحة في البحر الأحمر، من العوامل الرئيسية التي عثرت العملية السلمية في اليمن، إذا ما كانت هناك عملية بالفعل.
وقال: نحن أمام مشروع تاريخي إمامي كهنوتي، يريد أن يستعيد الإمامة التي انتفض عليها الشعب اليمني في26 سبتمبر 1962م، وقضى عليها ومن ثم مضت الجمهورية قرابة 55 عاما.
وأضاف: نحن اليوم أمام مشهد جديد، أمام قوتين وخصمين ومشروعين على الأرض، ولو ذهبنا لتخيل سيناريو السلام الذي نتحدث عنه، كيف سيكون شكل هذا السلام؟ ما الذي يمكن أن تقدمه ميليشيا الحوثي لاستعادة الدولة والجمهورية؟ هل سيكون سلاما على شكل سلام الطائف عام 1982م، في لبنان؟ هل سيكون سلام كمؤتمر حرض عام 1965م، بين الملكيين والجمهوريين؟ لن تقبل به ميليشيا الحوثي على الإطلاق.
مشروع موت
يقول الباحث السياسي، رضوان الخطابي، إن مشروع ميليشيا الحوثي، هو مشروع موت، والسلام يعني موت لهذا المشروع، فالميليشيا قامت بالحرب الأخيرة، ضد الشعب اليمني، وضد الدولة اليمنية، وضد المشروع الوطني الذي كان اليمنيون قد التفوا حوله.
وأضاف: عندما نتحدث اليوم عن السلام، علينا أن نتحدث أولا عن أسباب الحرب، هل انتهت أسباب الحرب؟ هل عادت الشرعية؟ هل عادت العملية السياسية السلمية؟ للأسف لا يتم الحديث عن كل هذا.
وتابع: كل ما تقوم به ميليشيا الحوثي، إلى اليوم، هو لعب بالأوراق، فإذا ما حست بضربة عسكرية، أو بهزيمة عسكرية، تلجأ إلى ما يطلق عليها عملية السلام، وإذا ما استعادت قواها وأعدت نفسها، انقلبت على كل مبادرة.
وأردف: لو نراجع كل اللقاءات والحوارات والمشاورات التي أقيمت مع هذه الميليشيا، سنجد أن الميليشيا انقلبت عليها في أول منعطف وفي اول تحول تراه لصالحها.
وقال، إن الحديث عن السلام اليوم، هو أكذوبة لأن مشروع الحوثي، هو مشروع موت ومشروع إمامة وعنصرية، ولا يمكن أن يتعايش مع ما يريده الشعب اليمني.
وجهة نظر حوثية
يقول الصحفي التابع لميليشيا الحوثي، طالب الحسني، إنه لا يمكن أخذ ما قاله عثمان مجلي على محمل الصدق لتحليله، وذلك لسببين، السبب الأول: أنه خصم ويرى في خصمه الكثير من الأمور التي يمكن الحديث عنها لشيطنته، فيما السبب الآخر: أنهم يخشون من أن يكون هناك تحييد للتدخل الخارجي الإقليمي المساند لهم، وتركهم في منتصف الطريق.
وأضاف: حتى مع أخذ تصريحات عثمان مجلي في محمل الجد والصدقية، فمن الطبيعي أن أي طرف لا يرى في خصومه جدية في السلام، خصوصا خصومه الإقليميين، سيكون هناك استعداد للحرب، وهذا ليس معيبا، ولا يمكن أن يؤخذ كدليل بأن هذا الطرف لا يريد السلام.
وتابع: مسألة البحر الأحمر، هي محاولة لشيطنة اليمن في البحر الأحمر، المساندة لغزة، وهذه لا يمكن أن يفسرها أحد باستثناء الفلسطينيين، والرأي العام العربي والإقليمي.
وأردف: النقطة التي يجب أن نوضحها، مسألة توصيف طرف ما بأنه طرف موت، فلا أحد بالعالم يمكن أن تكون استراتيجيته هي الحرب الطويلة، لأنها تستنزفه ماليا وعسكريا واجتماعيا وشعبيا، وتوصيف طرف بأنه طرف موت، يعني أننا لا نفضل الحوار السياسي معه، وبالتالي نذهب باتجاه الحرب الأبدية والدائمة.
وزاد: عندما نتحدث عن أطراف محلية، يجب أن تأخذ الأطراف المحلية فكرة مركزية رئيسية، أن صنعاء (الحوثي) لا يمكن أن تفتح حوارا من أجل السلام، مع أطراف محلية، قبل أن يكون هناك اتفاقا مع قوى دولية وإقليمية استخدمت القوة منذ 2015م، وتدخلت في اليمن عسكريا، ولا أحد في العالم يستطيع أن ينكر أن هناك تدخلا إقليميا تقوم به السعودية.