تقارير
تغيرات سياسية يشهدها الإقليم.. هل تتغير إستراتيجية موسكو في اليمن؟
بنت روسيا إستراتيجية تعاملها مع الأزمة اليمنية بالاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع مختلف الأطراف، لطالما التقى مسؤولوها بمختلف الكيانات والأطراف اليمنية المنخرطة بالنزاع دون أن تعني علاقتها تقديم الدعم المادي أو السياسي المؤثر.
على الرغم من استضافة موسكو مؤخرا وفدا من المجلس الانتقالي (الانفصالي)، المدعوم إماراتيا، إلا أن موقفها الرسمي كان وما يزال التأكيد على أهمية وحدة واستقرار اليمن، فهل يمكن أن يتغيَّر هذا الموقف بعد التغيّرات الحادثة في المنطقة، أم أن موسكو تستغل علاقتها الجيِّدة مع مختلف الأطراف اليمنية لتعمل على تقريب وجهات النظر، والدفع بحل سياسي تكون فيه الوسيط؟
- موقف شرعي
يقول الباحث في معهد الدراسات الدولية، التابع لجامعة موسكو الحكومية، أرتيوم أدريانوف: "روسيا كانت دائما تدعم الحل السلمي للأزمة اليمنية، وتشجع جميع أطراف المنخرطة بالأزمة على الحوار اليمني - اليمني، وكانت تقول إن حل الأزمة في اليمن يمكن أن يكون بين الأطراف المعنية بالأزمة بما في ذلك مجلس القيادة الرئاسي، والمجلس الانتقالي، وجماعة الحوثي".
وأوضح أنه "لا يمكن حل الأزمة في اليمن إلا بالحوار الشامل بين كل الأطراف مع مراعاة مصالحها، وبالنسبة لروسيا فهي لم تدعم أي طرف في هذا النزاع الداخلي، وكانت على اتصال مع جميع الأطراف".
ولفت إلى أن "في مطلع شهر فبراير الماضي، كانت هناك تبادل زيارات بين المسؤولين الروس، وكل أطراف الأزمة اليمنية".
وقال: "هناك مثلا العديد من اللقاءات جمعت مسؤولين في وزارة الخارجية الروسية مع السفير اليمني في موسكو، وأيضا مع سفير السعودية في موسكو، وأيضا سفر نائب وزير الخارجية الروسي، إلى مسقط للاجتماع مع الممثلين الحوثيين، واليوم يزور موسكو رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي".
وأضاف: "إذا نظرنا إلى بيانات الخارجية الروسية سنجد أن المصطلحات مثل جماعة أنصار الله والحكومة المعترف بها دوليا، وهناك مشتركون آخرون ولاعبون في هذه الأزمة".
وأوضح أن "روسيا دائما تقول يجب علينا أن ندافع على القانون الدولي في العلاقات الدولية، وتحاول أن يكون موقفها موقفا شرعيا، وحسب قرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة".
- البقاء على الحياد
من جهته، يقول الباحث السياسي، البراء شيبان: "إن الموقف الروسي كما هو حال الموقف الغربي يضع في الحسبان علاقته مع المملكة العربية السعودية، والرياض لديها تدخل مباشر في الملف اليمني، وأي موقف؛ سواء سلبي أو إيجابي، تجاه أي فصيل في اليمن ستكون له انعكاساته على العلاقات مع المملكة".
وأضاف: "هناك فترة كانت العلاقات بين موسكو والرياض متوترة، فيما يتعلق بالملف السوري، لذلك موسكو لم تكن تريد أن تدخل بحساسية إضافية مع الرياض في اليمن، خصوصا أنها ليس لها أي مصلحة مباشرة في دعم مليشيا الحوثي أو أي فصائل أخرى".
وأوضح أن "روسيا أبقت نفسها على الحياد، رغم أنها تحفظت عن القرار 2216 المعني باليمن، ولم تصوت للقرار، ولم تكن متحمّسة على وضع عقوبات على مليشيا الحوثي، كانت تحاول قدر الإمكان إظهار أن موقفها مختلف عن الموقف الغربي، الذي كان يتحمّس في بعض المواقف لإضافة عقوبات إضافية على الحوثيين".
وتابع: "الموقف الروسي لا يزال حتى الآن يرفض أن تكون هناك عقوبات إضافية على مليشيا الحوثي، وتعترف بشكل رسمي بالحكومة اليمنية الشرعية، ومبقية علاقاتها بشكل متوازن مع كل الأطراف، ولديها استعداد لاستقبال جميع الفصائل، على عكس الكثير من العواصم الغربية التي تحاول قدر الإمكان ألا ترسل رسائل بأن لديها قابلية لاستضافة جماعة المجلس الانتقالي، أو مليشيا الحوثي، أو غيرها من الجماعات".
وأشار إلى أن "روسيا لن تغامر بعلاقاتها مع المملكة العربية السعودية، وستحاول قدر الإمكان أن تبقي على علاقة متوازنة معها، وهذا ينعكس أيضا على علاقة الدول الغربية".
وأفاد بأن "الكثير من المواقف الروسية قد تكون ذات حساسية إذا ما تحمس صانع القرار الغربي باتجاه حال الأزمة بشكل معين، لذلك يحاولون الغرب قدر الإمكان حتى في تصريحاتهم الرسمية أن يكون هناك حل سياسي للأزمة اليمنية، وألا يكون هناك حماس باتجاه وضع قرارات أممية جديدة لإدراكهم أن روسيا ستعترض عليه في مجلس الأمن".