تقارير
حفريات تعز.. أزمة صحية وبيئية تهدد حياة السكان
تشهد مدينة تعز، في ظل الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد، انتشارا واسعا للحفريات في مختلف المناطق؛ نتيجة للأعمال الإنشائية والصيانة.
هذه الحفريات تؤثِّر بشكل ملحوظ على البيئة والصحة العامة، حيث تشكِّل بيئة خصبة لتجمّع المياه الراكدة، ما يُسهم في تكاثر البعُوض الناقل للأمراض؛ مثل حمى الضنك والملاريا، كما أنها تعرقل عمليات النظافة في بعض المُدن، مما يُساهم في تفاقم تحدِّيات إدارة المخلَّفات والتصدِّي للأوبئة.
- بيئة خصبة للأمراض
يقول الطبيب والجرَّاح العام، الدكتور هارون يحيى، لـموقع "بلقيس": "الحفريات تعد من العوامل المساهمة في انتشار الأمراض المُعدِية في اليمن"، موضحاً أنها "تشكِّل بيئة مثالية لتجمّع المياه الراكدة، التي تُساهم في تكاثر البعُوض الناقل للأمراض؛ مثل حمى الضنك والملاريا".
وأضاف: "هذه المياه الراكدة قد تختلط أيضاً بمياه المجاري الملوَّثة، مما يزيد من خطر انتشار بكتيريا الكوليرا عبر عدة عوامل".
وتابع: "أبرزها تلك العوامل موقع الحفر، والظروف البيئية المحيطة بها، أيضا موسم الأمطار في اليمن يُساهم في زيادة اختلاط مياه الأمطار مع مياه المجاري، مما يزيد من انتشار الكوليرا بشكل ملحوظ".
وذكر أن "الظروف، التي يمر بها اليمن بسبب الحرب، تسببت في تقليص مصادر المياه النظيفة، وزيادة الاعتماد على مصادر ملوَّثة، مما أدى إلى زيادة أعداد الحالات المرضية".
وأفاد بأن "بعض المراكز الصحية قد تستقبل نحو 40 حالة كوليرا يومياً، خلال فترات الذروة، مع تباين الأعداد تبعاً للظروف المناخية والصحية في كل منطقة".
- سبب في تفشي الحميات
تشهد محافظة تعز، في الآونة الأخيرة، تفشيا ملحوظا للحُميات الوبائية، لا سيما حُمى الضنك والملاريا؛ نتيجة للظروف البيئية السائدة، التي تشكِّل بيئة مناسبة لتكاثر البعُوض.
في هذا السياق، أوضح منسق الترصد الوبائي في مكتب الصحة العامة والسكان بتعز، الدكتور ياسين عبد الملك، أن المحافظة تشهد تفشياً ملحوظاً للحُميات؛ بسبب الظروف البيئية السائدة، وخاصة حُمى الضنك والملاريا، نتيجة تكاثر البعُوض في الأماكن المائية الراكدة.
وأشار عبد الملك -لموقع "بلقيس"- إلى أن البعُوض يتوالد في البرك، والمستنقعات المكشوفة، بما فيها تلك الموجودة في المناطق الحضرية؛ مثل مدينة تعز.
وتابع: "أي تجمع مائي في أماكن راكدة يشكِّل بيئة خصبة لتكاثر البعُوض، وهو ما يؤدي إلى انتشار الأمراض الوبائية؛ مثل حمى الضنك، الملاريا، وحمى الشكنجوانيا؛ التي تُعرف أيضا بالمُكرفِس".
وأكد: "محافظة تعز من أكثر المناطق، التي تشهد بُؤرا حاملة للبعُوض، مما يزيد من خطر انتشار هذه الحُميات في مختلف أحيائها".
وأفاد عبد الملك بأن "الحالات المسجلة، حتى اليوم، في تعز تشمل 50 ألفا و588 للملاريا؛ منها11 ألف مؤكدة، بالإضافة إلى الحُميات 4 آلاف و24 حالة، منها ألفان و345 حالة مؤكدة".
وبيّن: "هذه الأرقام تتزايد سنويا، خاصة في المناطق التي تكثر فيها تجمعات المياه في الشوارع والأحياء الشعبية، مثل الحُفر، أو ورش قص الأحجار، ومصانع البلوك، التي تُسهم في تراكم المياه، فضلاً عن أكياس القمامة المنتشرة".
- العمليات اليومية
في ظل الظروف الصعبة، التي تمر بها المدينة، تواجه فِرق النظافة تحدّيات تتعلق بانتشار الحَفريات في مختلف أرجاء المدينة، ممّا يؤثِّر بشكل مباشر على سير عمليات النظافة".
مديرة صندوق النظافة والتحسين في مدينة تعز، إفتهان المشهري، أشارت إلى التحديات الكبيرة، التي تواجهها فِرق النظافة؛ بسبب كثرة الحفريات المنتشرة في المدينة، التي تعيق بشكل كبير عمليات النظافة.
وقالت المشهري لموقع "بلقيس": "الحفريات تعرقل دخول معدات النظافة الثقيلة إلى بعض المناطق، ما يضطر الفِرق إلى التعامل مع المخلفات باستخدام وسائل بديلة؛ مثل العربات الصغيرة، وعمَّال الكنس، وهو حل مؤقت يُساهم في إزالة القمامة".
وأضافت: "فريق النظافة يتعامل مع البلاغات والشكاوى، التي تصل عبر صندوق الشكاوى، بشكل فوري، حيث يتم إرسال فِرق العمل إلى المناطق المتأثرة بالحفريات لتقديم الحلول المُمكنة".
وتابعت: "هناك بعض الحالات، التي تتطلب إزالة البراميل من الشوارع، أو نقلها إلى أماكن أخرى أثناء أعمال الحفر، مما يتطلب تنسيقا مع الجهات المعنية".
وأكدت: "بالرغم من الجهود المبذولة، إلا أن الحفريات في بعض الأحيان تمنع وصول المعدات الثقيلة إلى مواقع القمامة، مما يضاعف من صعوبة العمل".
وأشارت إلى أنه "يتم التعامل مع هذه التحديات على مدار الساعة، بما يتماشى مع إمكانيات الفِرق، ووسائل النقل المتاحة".
ودعت المشهري إلى "تعزيز التنسيق بين فِرق النظافة والجهات المعنية بالحفريات؛ بهدف تحسين الوضع، وتوفير حلول أكثر فعالية لضمان استمرارية أعمال النظافة في جميع المناطق المتأثرة".