تقارير

حملات منظمة.. "زينبيات" في مهام مراقبة وإغلاق مراكز التحفيظ

20/03/2023, 07:09:25
المصدر : خاص

في مسجد صغير بحارة بئر عرهب شمال العاصمة صنعاء، اعتادت نساء الحي، منذ سنوات طويلة، أن يجتمعن في الدور الأرضي للجامع؛ لتدارس وحفظ القرآن الكريم، وتعليم الفتيات الصغيرات فنون التلاوة والتجويد طوال العام، كمشروع تطوعي يستهدف نساء الحي الراغبات في التعلُّم دون تمييز.

لم يكن لمركز التحفيظ المتواضع أهداف سياسية أو طائفية، واكتفت المعلِّمات فيه بتعليم القرآن الكريم والتجويد فقط دون الدخول في المهاترات المذهبية والاختلافات، لكن مليشيا الحوثي لم تقبل ببقاء المركز بعيداً عن نشر خرافاتها وأفكارها العقائدية، ولم تكتفِ بإحكام سيطرتها على مراكز التحفيظ الكبيرة وتغيير معلميها بعد حملات تغيير القائمين على المساجد في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها، فسعت مؤخراً إلى استكمال السيطرة، ووضع يدها على ما تبقَّى المرافق الدينية.

- مبررات للإغلاق

مركز التحفيظ في حي بئر عرهب كان أحد الأماكن المستهدفة خلال الأشهر الماضية، حيث وصلت إحدى النساء المنتسبات إلى مليشيا الحوثي إلى المركز، وأخبرت النساء أنه سيتم تخصيص يوم ثقافي في الأسبوع لدراسة ملازم مؤسس مليشيا الحوثي، حسين بدر الدين الحوثي، والاستماع إلى محاضرات أخيه، عبدالملك الحوثي.

وبحسب ما أكدته بعض النساء اللاتي يحفظن القرآن، في حديثهن لـ"بلقيس"، فقد جاءت المرأة الحوثية، أو ما يطلق عليها بالزينبية في اليوم المحدد، إلا أن كل النساء تعمَّدن الغياب وعدم الحضور، كرسالة تعبِّر عن رفضهن تسييس العمل الخيري، والخضوع لتعليمات المليشيا.

ويوضِّحن أن تصرّفهن هذا أثار غضب الزينبية، وقوبل بردة فعل عنيفة، وصلت إلى قيامها بإغلاق المركز، وتحذيرهن من عواقب إعادة فتحه، أو تشكيل أي حلقات تحفيظ قرآن بعيدا عن الحصول على الموافقة الرسمية والإشراف.

وبعد جولات من المفاوضات مع المشرفة الحوثية تم الموافقة على إعادة افتتاح المركز مقابل تثبيت اليوم الثقافي، الذي ستحضره هي بنفسها، وتقرأ فيه الملازم الطائفية، وتقيِّم مستوى الحضور والتفاعل.

لم تكن طالبات المركز موافقات على التدخل بسير عمل المركز، ورفضن بشدة الاستماع للملازم، لكن إحدى المعلِّمات قامت بإقناعهن بضرورة الحفاظ على الحلقات، وأن الاستماع إلى الدروس المفروضة لا يعني قبولهن بمضمونها، أو العمل بمحتواها.

من باب الضرورة، قبلت النساء على مضض حضور اليوم الثقافي، وسط دهشة واستغراب من مقايضة المليشيات كتاب الله بملازم سطحية ليس فيها ما يستحق أن تُفرض، ساخرات من المشرفة الحوثية التي تمنع الضحك والابتسام أو الهمس، وتعتبره استخفافا بمحتوى الدروس.

- أسباب غير مباشرة

وفي الحي المجاور، أغلقت مليشيا الحوثي -بعد اقتحامها العاصمة صنعاء- مركزا نسويا لتحفيظ القرآن الكريم، ساهم في تخريج الكثير من النساء الحافظات، وتنفيذ أعمال خيرية من المساهمات المجتمعية لدعم الأسر الفقيرة بالمواد الغذائية وكسوة الأطفال.

وجاءت عملية الإغلاق بعد أن رفضت الطالبات إدارة الزينبيات المركز، وفرض معتقدات الحوثيين، مما أثار حفيظة المليشيا، وجعلها ترد بتوجيه العديد من التهم الكيدية النابعة من عداء مذهبي بنشر ثقافة الإرهاب والتطرف، التي تهدف في مجملها إلى خلق مبررات، لمنع إقامة وتنظيم حلقات تحفيظ القرآن.

وولّدت الإجراءات المتشددة، ومظاهر العداء من قِبل المليشيات، حالة من الخوف لدى النساء وذويهن -على وجه الخصوص- حيث اعتبروا أن الحصول على أسمائهن وأماكن سكنهن يجعلهن عرضة للاستهداف، مما جعل البعض منهن يمتنعن عن الحضور إلى الحلقات من تلقاء أنفسهن.

وجعلت الإجراءات أصحاب البيوت، الذين كانوا يؤجرون أجزاء منها لمراكز التحفيظ النسوية، عرضة للضغط من قِبل الجماعة، ومحل اتهام وشبهة، الشيء الذي دفعهم إلى إلغاء عقود الإيجار؛ حفاظا على سلامتهم.

- تصاريح مشددة

مركز تحفيظ بئر عرهب ليس إلا واحد من مئات المراكز النسائية والرجالية، التي استهدفتها مليشيات الحوثي منذ اجتياح العاصمة صنعاء، والانقلاب على السلطة الشرعية أواخر العام 2014، وحوَّلت بعضها إلى مقرات لأفرادها، أو عملت على تغيير المعلِّمين، وفرض دروسها ومفرداتها المذهبية. 

وفي محافظة إب، بدأت مليشيا الحوثي، مطلع العام الجاري، حملة جديدة لإغلاق ما تبقى من مدارس ومراكز تحفيظ القرآن الكريم في مختلف مديريات المحافظة، حيث طالبت القائمين على المدارس والحلقات باستصدار تصاريح عمل، للاستمرار في أنشطتهم، وكثفت من محاولات التضييق، للدفع نحو إغلاقها أو التنازل عنها.

وبحسب إفادات عدد من المعلمين في حلقات تحفيظ القرآن، وجَّهت مليشيات الحوثي عبر ما يسمى "مكتب الإرشاد" في المحافظة التابع لها مذكرات إلى القائمين على مراكز التحفيظ، تطالبهم بسرعة الحصول على تصاريح، قبل اتخاذ إجراءات الإغلاق أو التحفظ عليها. 

ووضعت المليشيات شروطا تعجيزية وطائفية عدة للحصول على التصاريح، من بينها الالتزام بتدريس ملازم زعيم المليشيا، حسين بدر الدين الحوثي، ومفردات أخرى، تهدف إلى النشر والترويج لأفكارهم ومعتقداتهم المذهبية.

حسان محمد
تقارير

كيف تسببت الضربات الجوية في مفاقمة الأزمة الاقتصادية في اليمن؟

مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، وقف ضرباتها في اليمن، واستمرار تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة غاراته، تواجه مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي نقصًا حادًا في الوقود، والمواد الغذائية، خاصة أن الدمار طال مرافق حيوية وكبّد البلاد خسائر تُقدّر بمليارات الدولارات.

تقارير

في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي.. هل تعود الطبقية والسلالة لتتحكم بمصائر الأفراد في اليمن؟

تمثّل الوثائق القبلية المُعلنة مؤخرًا حلقةً خطيرة في مشروع أوسع يسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع اليمني على أسس ما قبل الجمهورية، إذ ترسخ جرائم عنصرية مكتملة الأركان، وتُشرعن الإقصاء الطبقي تحت لافتة الانتماء القبلي.

تقارير

كابوس قديم.. كيف أعادت الغارات الجوية شبح أزمة الوقود إلى مناطق سيطرة الحوثيين؟

لا تبدو الصباحات عادية في صنعاء، إذ تمتد الطوابير أمام محطات البنزين لعشرات الأمتار، بينما ارتفعت أسعار المشتقات في السوق السوداء بمناطق سيطرة الحوثيين إلى أرقام قياسية خلال أيام، في مشهد أعاد إلى الأذهان بدايات الحرب وشبح أزمة الوقود، بعد أن ظنّ البعض أن زمن الأزمات المتواصلة قد ولّى، أو على الأقل دخل في “هدنة مؤقتة”.

تقارير

العالقون في الأردن.. من يتحمل مسؤولية استمرار معاناتهم؟

لا يزال نحو 80 مواطنا يمنيا عالقين في العاصمة الأردنية عمَّان، في انتظار عودتهم إلى الوطن، حيث ذكرت القنصلية اليمنية في عمّان أنه من المقرر نقل 35 مسافرًا، ليلة أمس الجمعة، ضمن رحلة لطيران اليمنية إلى العاصمة المصرية القاهرة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.