تقارير

حياة المرضى مرتبطة بتوفر الوقود .. المستشفيات في مناطق سيطرة الحوثيين تواجه شبح الانهيار

12/05/2025, 06:41:03

في قسم العناية المركزة بمستشفى الجمهوري في صنعاء، ترقد الطفلة “أريج” ذات الثلاث سنوات تحت جهاز تنفس صناعي. وجهها شاحب، وجسدها الصغير يصارع التهابًا رئويًا حادًا، بينما تقف والدتها مذهولة وهي تسمع حديث البعض عن قرب توقف الأجهزة وانطفاء الكهرباء بسبب نفاد الوقود.

تقول الأم بصوت مخنوق لـ”بلقيس”: “قالوا لنا إذا لم تصل شحنة ديزل الليلة، سيتوقف الجهاز، لم أعد أفكر إلا في سؤال واحد: هل سيموت قلبي الصغير لأنهم لم يجدوا الديزل؟”

تعيش صنعاء، ومعها معظم المحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين، أزمة وقود خانقة تضرب القطاع الطبي في العمق.

مخاوف من الانهيار  

المستشفيات الحكومية والخاصة تقف على حافة الانهيار مع قرب نفاد مخزونها من الوقود، الذي تعتمد عليه لتشغيل مولداتها الكهربائية.

وبحسب مصادر خاصة لـ”بلقيس”، فإن كبرى مستشفيات العاصمة – ومنها مستشفى الثورة، والجمهوري، والكويت – بدأت فعليًا بتقليص ساعات العمل في بعض الأقسام، ودمج الحالات الطارئة في غرف محدودة لتوفير الطاقة، وسط عجز شبه كلي عن استقبال مرضى العناية المركزة أو الحالات التي تتطلب أجهزة دعم حياتي تعمل دون انقطاع.

يقول الدكتور جمال قاسم، طبيب تخدير في مستشفى خاص بصنعاء: “المسألة لم تعد أزمة تشغيل، بل مسألة حياة أو موت، مريض القلب، والطفل في الحضانة، والمرأة التي تلد، جميعهم يعتمدون على أجهزة كهربائية لا تعمل بدون ديزل، والديزل اختفى.”

المستشفيات الخاصة هي الأخرى تعاني الأمرّين. في ظل غياب دعم رسمي أو إمدادات طارئة، تلجأ هذه المستشفيات إلى شراء الوقود من السوق السوداء بأسعار خيالية، وهو ما ينعكس مباشرة على تكلفة الخدمات الطبية.

تقول فاطمة، موظفة إدارية في أحد المستشفيات: “رفعنا أسعار الفحوصات والعمليات لأننا لا نملك خيارًا آخر. المريض أصبح يدفع ثمن الديزل، وإن لم يفعل، لن نجد وسيلة لتشغيل غرفة العمليات.”

ومن بين أكثر الأقسام تضررًا من هذه الأزمة: غرف الغسيل الكلوي، والحضانات، والعناية المركزة.

معاناة مضاعفة 

مرضى الغسيل الكلوي، مثل الحاج عبد الله الهمداني، الذي يحتاج إلى ثلاث جلسات أسبوعية، باتوا عرضة لفقدان جلساتهم بسبب تقليص الطاقة التشغيلية في المراكز الطبية.

يقول الهمداني لـ”بلقيس”: “إذا توقفت الأجهزة سأموت، الأمر بهذه البساطة. ليس لدينا رفاهية التأجيل، ولا القدرة على السفر إلى مدينة أخرى. هذا الموت المحسوب.”

ورغم خطورة الوضع، لا تمتلك السلطات الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي خططًا طارئة، في وقت تحذر فيه تقارير المنظمات الدولية من هشاشة البنية الصحية في اليمن. لكن الأزمة الحالية تبدو الأخطر منذ سنوات، خاصة مع تصاعد التوتر الإقليمي، وقصف الموانئ، وتعذر دخول السفن المحمّلة بالوقود، مما يعني أن الاستنزاف سيتسارع أكثر في الأيام القادمة.

في مشفى السبعين، أُغلقت ثلاث من أصل خمس حضانات بسبب العجز عن تأمين تشغيل دائم لها، فيما يتم تدوير الأطفال بين الأجهزة المتاحة كل بضع ساعات، وسط تحذيرات طبية من ارتفاع وفيات حديثي الولادة.

يقول طبيب حديثي الولادة لـ”بلقيس”: “نحن نلعب مع الموت. طفل يعيش وآخر يُنقل إلى قائمة الانتظار على جهاز لا نعلم إن كان سيبقى يعمل لساعات إضافية.”

قناة بلقيس
تقارير

كيف تسببت الضربات الجوية في مفاقمة الأزمة الاقتصادية في اليمن؟

مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، وقف ضرباتها في اليمن، واستمرار تهديدات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة غاراته، تواجه مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي نقصًا حادًا في الوقود، والمواد الغذائية، خاصة أن الدمار طال مرافق حيوية وكبّد البلاد خسائر تُقدّر بمليارات الدولارات.

تقارير

في ظل سيطرة ميليشيا الحوثي.. هل تعود الطبقية والسلالة لتتحكم بمصائر الأفراد في اليمن؟

تمثّل الوثائق القبلية المُعلنة مؤخرًا حلقةً خطيرة في مشروع أوسع يسعى إلى إعادة تشكيل المجتمع اليمني على أسس ما قبل الجمهورية، إذ ترسخ جرائم عنصرية مكتملة الأركان، وتُشرعن الإقصاء الطبقي تحت لافتة الانتماء القبلي.

تقارير

كابوس قديم.. كيف أعادت الغارات الجوية شبح أزمة الوقود إلى مناطق سيطرة الحوثيين؟

لا تبدو الصباحات عادية في صنعاء، إذ تمتد الطوابير أمام محطات البنزين لعشرات الأمتار، بينما ارتفعت أسعار المشتقات في السوق السوداء بمناطق سيطرة الحوثيين إلى أرقام قياسية خلال أيام، في مشهد أعاد إلى الأذهان بدايات الحرب وشبح أزمة الوقود، بعد أن ظنّ البعض أن زمن الأزمات المتواصلة قد ولّى، أو على الأقل دخل في “هدنة مؤقتة”.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.