تقارير

دعوى يمنية في ألمانيا بسبب هجوم بطائرة مسيّرة أمريكية

17/12/2024, 10:59:04
المصدر : إيجزونا حسيني - قناة ARD الألمانية

تستخدم الولايات المتحدة القاعدة العسكرية في "رامشتاين" لشن هجمات بالطائرات المسيّرة في اليمن.

يرى مدنيون يمنيون أن هذه العمليات تنتهك القانون الدولي، وقد رفعوا دعوى قضائية ضد الحكومة الألمانية. اليوم تنظر المحكمة الدستورية الاتحادية في القضية.

رفع الدعوى مواطنان يمنيان من عائلة بن علي جابر. في عام 2012، قُتل اثنان من أقاربهما بهجوم بطائرة مسيّرة أمريكية.

كان الهجوم يستهدف في الأصل إرهابيين من تنظيم القاعدة، لكنه أدى إلى مقتل اثنين من أفراد عائلة بن علي جابر: رجل دين مسلم وضابط شرطة.

كان رجل الدين قد انتقد تنظيم القاعدة في خطبته، مما دفع الإرهابيين لمواجهته.

أثناء الحديث معهم، كان يرافقه ابن عمه، وهو ضابط شرطة، لتوفير الحماية. فجأة، أطلقت طائرة مسيّرة أمريكية عدة صواريخ على المكان، مما أسفر عن مقتل جميع الحاضرين.

كان المدّعون قريبين من موقع الانفجار، حيث كانوا يتناولون الطعام في منزلهم غير بعيد عن مكان الهجوم.

- ضغط نفسي

حتى اليوم، يعاني المدّعون نفسيًا من آثار الهجوم على أقاربهم، وفقًا لمحاميهم أندرياس شيلر من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR).

تدعم منظمة حقوق الإنسان، التي تتخذ من برلين مقرًا لها، المدّعين أمام المحكمة الدستورية الاتحادية.

يقول شيلر إنهم يتحدثون باستمرار عن العبء النفسي الذي يسببه التحليق المستمر للطائرات المسيّرة.

فهم لا يعرفون متى وأين ستُشن الهجمات، أو ما هي الأهداف، مما يجعلهم غير قادرين على تكييف حياتهم اليومية بناءً على ذلك.

- عبر الأقمار الصناعية إلى اليمن

تُدار الطائرات المسيّرة القتالية عن بُعد من الولايات المتحدة. ويتم التوسط في العملية عبر القاعدة العسكرية الأمريكية "رامشتاين" في ولاية راينلاند بفالتس.

يتم إرسال إشارات التحكم من الولايات المتحدة إلى رامشتاين عبر كابلات الألياف الضوئية تحت الماء، ومن هناك تُرسل الإشارات عبر محطة ترحيل بالأقمار الصناعية إلى الطائرات المسيّرة في اليمن.

وبالتالي، فإن تنفيذ العمليات القتالية بالطائرات المسيّرة لا يمكن أن يتم بدون قاعدة رامشتاين.

يرى المدّعون أن هذه العمليات تنتهك القانون الدولي. ويعتبرون أن ألمانيا تتحمّل مسؤولية جزئية؛ لأنها تسمح للولايات المتحدة باستخدام القاعدة العسكرية في رامشتاين لتوجيه الطائرات المسيّرة.

ويؤكد المدّعون أن الحكومة الألمانية تتحمّل مسؤولية خاصة لحمايتهم من هذه الهجمات غير القانونية بموجب القانون الدولي؛ لأن هذه الهجمات تُنفذ بفضل القاعدة العسكرية الأمريكية في رامشتاين.

ويشيرون إلى أن الأمر لا يقتصر على إرسال إشارات الأقمار الصناعية إلى اليمن من رامشتاين، بل يتجاوز ذلك إلى تحليل صور الأقمار الصناعية، واستكشاف الأهداف المحتملة.

وبالتالي، فإن رامشتاين تُعتبر نقطة مركزية في جميع عمليات الطائرات المسيّرة. ويستند المدّعون إلى المادة 2 من الدستور الألماني، التي تفرض على الحكومة واجب حماية الحياة والسلامة الجسدية للأفراد. ويؤكدون أن الحكومة الألمانية قد انتهكت هذا الواجب.

- محكمة ترفض الدعوى

في البداية، رفع ثلاثة من أفراد عائلة بن علي جابر دعوى قضائية أمام المحكمة الإدارية في كولونيا، التي رفضت الدعوى في مايو 2015.

بعد ذلك، استأنف المدّعون أمام المحكمة الإدارية العليا في شمال الراين- وستفاليا في مدينة مونستر. وفي عام 2019، أصدرت المحكمة العليا قرارًا لصالح المدّعين.

حكمت المحكمة بأن على الحكومة الألمانية “أن تتأكد، من خلال إجراءات مناسبة، أن استخدام قاعدة رامشتاين الجوية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية لتنفيذ عمليات الطائرات المسيّرة، التي تطلق صواريخ لقتل أشخاص في اليمن، يتم بما يتوافق مع القانون الدولي، وأن تتخذ الإجراءات اللازمة لضمان ذلك عند الضرورة”.

ورأت المحكمة الإدارية العليا أن الحكومة الألمانية ملزمة بحماية حياة وسلامة المدّعين الجسدية. وأكدت أن هذا الالتزام بالواجبات الوقائية خارج الحدود الإقليمية يستند إلى المادة 2 من الدستور الألماني.

وأوضحت أن هذا الالتزام قائم؛ لأن الحكومة الألمانية تسمح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة رامشتاين لتنفيذ عمليات الطائرات المسيّرة، ممّا يربط بين ألمانيا والضحايا اليمنيين.

كما اعتبرت المحكمة أن الحكومة لم تقم بواجبها الوقائي بالشكل الكافي.

لكن الحكومة الألمانية لم تقبل بهذا الحكم واستأنفت أمام المحكمة الإدارية الفيدرالية في لايبزيغ، التي أصدرت حكمًا لصالح الحكومة.

رفضت المحكمة الإدارية الفيدرالية دعوى المدّعين الثلاثة. واعتبرت أن جهود الحكومة الألمانية للتأثير على الولايات المتحدة، مثل المحادثات الدبلوماسية المنتظمة، كانت كافية في هذه الحالة.

وأكدت المحكمة أن الولايات المتحدة قد قدمت ضمانات للحكومة الألمانية بأنها ستلتزم بالقانون الدولي. وبالتالي، لم يكن على الحكومة اتخاذ خطوات إضافية، حسبما قضت المحكمة الإدارية الفيدرالية.

- التأثير على الولايات المتحدة

ضد حكم المحكمة الإدارية الفيدرالية، تقدم اثنان من المدّعين الثلاثة، عام 2021، بشكوى دستورية أمام المحكمة الدستورية الاتحادية. يسعى المدّعون إلى وقف عمليات الطائرات المسيّرة.

 وبحسب وجهة نظرهم، فإن القرار حول كيفية تحقيق الحكومة الألمانية لهذا الهدف متروك لها إلى حدٍ ما.

لكن على الحكومة الألمانية أن تُمارس الضغط على الولايات المتحدة بأي حال من الأحوال، كما يقول أندرياس شيلر من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان (ECCHR).

 ويضيف: “يجب على الحكومة -على الأقل- أن توضح أن هناك التزامًا بموجب القانون الدولي بوقف هجمات الطائرات المسيّرة، وعدم الاستمرار فيها، كما هو الحال حتى الآن”.

من جهتها، ترى الحكومة الألمانية أنها تقوم بما يكفي. وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع الألمانية: “لقد حصلنا مرارًا على تأكيدات بأن العمليات التي تنفذها الطائرات غير المأهولة لا يتم إطلاقها أو التحكم بها أو قيادتها من ألمانيا بأي شكل من الأشكال، وأن القوات الأمريكية تلتزم بالقانون المعمول به في أنشطتها”.

إن تحديد المحكمة الدستورية الاتحادية جلسة مرافعة شفهية يُعدّ -بحد ذاته- نجاحًا للمدّعين.

فهذا يدل على أن المحكمة ترى حاجة كبيرة لتوضيح العديد من التفاصيل القانونية. ويرى شيلر من ECCHR في ذلك “بارقة أمل للمدّعين”.
ومن المتوقع صدور حكم في غضون عدّة أشهر على الأقل.

تقارير

"المِنصات الرقمية".. جسر تواصل وملاذ آمن في ظل الحرب

في عالم يشهد تحولات جذرية في المجالات الثقافية والفكرية، تبرز المِنصات الرقمية كأداة تعيد تشكيل طرق التواصل والتفاعل بين المثقفين والجماهير، ومع التوسع الكبير في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي والرقمي، أصبح من الممكن تجاوز الحدود الجغرافية والزمانية للوصول إلى جمهور واسع من مختلف أنحاء العالم.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.