تقارير
رغم عملية "أسبيديس".. هجمات البحر الأحمر تفضح ضعف القدرات الأوروبية
سلّطت هجمات البحر الأحمر المستمرة الضوء على ما وصفته مجلة "ذي إيكونوميست" بنقطة العمى الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي في المجال البحري.
ويؤكد تقرير لموقع Caliber.Az للكاتب فوغار خليلوف، أن عملية "أسبيديس"، كمهمة دفاعية أوروبية أُطلقت في فبراير 2024، عجزت عن الاستجابة الفعّالة لهجمات الحوثيين على سفن الشحن.
وبحسب التقرير، فإن العجز الأوروبي بات جليًا بعد الهجمات التي طالت سفينتي الشحن Magic Seas وEternity C في يوليو/تموز، إذ لم يكن لدى عملية "أسبيديس" سوى فرقاطتين ومروحية واحدة لتغطية مساحة بحرية شاسعة تشمل البحر الأحمر وخليج عدن وممرات الملاحة المؤدية إلى قناة السويس.
وأوضح التقرير أن طلبات الاستغاثة من السفن لم تُقابل بأي استجابة أوروبية، ليس نتيجة للإهمال، بل بسبب عدم وجود وحدات بحرية قريبة قادرة على التدخل.
ويعكس ذلك سنواتٍ من تراجع الإنفاق الدفاعي البحري لدى دول الاتحاد الأوروبي، التي أولَت الأولوية للتكامل السياسي والاقتصادي على حساب الجاهزية العسكرية.
وتظهر فجوة القدرات بشكل صارخ عند مقارنة ميزانية "أسبيديس"، البالغة 17 مليون يورو سنويًا، بميزانيات نظرائها؛ فقد أنفقت الولايات المتحدة عشرة أضعاف هذا المبلغ فقط لإعادة تزويد مخزوناتها من الصواريخ خلال عملية "حارس الازدهار" أواخر 2023.
أما على مستوى العتاد، فتُشير الأرقام إلى أن البحرية الأمريكية تمتلك 11 حاملة طائرات، بينما لا تمتلك الدول الأعضاء في الناتو من الاتحاد الأوروبي مجتمعةً سوى ثلاث حاملات فقط، ما يعكس ما وصفه التقرير بـ"القصور البنيوي في القدرة على بسط القوة البحرية على المدى البعيد".
وتزداد الأزمة تعقيدًا بسبب البيروقراطية داخل الاتحاد الأوروبي، إذ تتطلب أي تعديلات على مهام "أسبيديس" توافق جميع الدول الـ27، وهو ما يعيق سرعة التحرّك في أوقات الطوارئ. كما أن القوى البحرية الرئيسية في الاتحاد مثل فرنسا وإيطاليا منشغلتان بمهام أخرى في المحيطَين الهندي والهادئ والبحر الأسود، ما يحدّ من إمكانية إعادة نشر مواردهما نحو البحر الأحمر.
ويواجه مشغّلو السفن التجارية حاليًا معضلة حقيقية: إما المخاطرة بالعبور عبر البحر الأحمر الذي يهيمن عليه الحوثيون، أو اتخاذ طريق بديل حول رأس الرجاء الصالح في إفريقيا، وهو ما يرفع التكاليف ويطيل زمن الشحن. وفي كلتا الحالتين، تظل الممرات البحرية الأوروبية عرضةً للتهديدات.
وفي تقييمه للوضع، حذّر المؤرّخ البحري سالفاتوري ميركوليانو، في حديثه لـ"ذي إيكونوميست"، من أن "الفاعلين غير التقليديين بات بإمكانهم إحداث تأثير غير متناسب بإمكانيات بسيطة"، في إشارة إلى تكتيكات الحوثيين.
وأضاف أن نجاح هذه الأساليب قد يُغري جماعات أخرى حول العالم بتقليدها، مما يُضعف فعالية الردع التقليدي.
ويخلص التقرير إلى أن الحل العسكري وحده قد لا يكون كافيًا، حتى مع زيادة عدد حاملات الطائرات، ما لم يكن مدعومًا بأنظمة متكاملة ومرافقة قوية، في حين أن الضربات الأمريكية السابقة لم تفلح في وقف تهديد الحوثيين.
ويرجّح أن الحل الحقيقي يكمن في تسوية دبلوماسية شاملة للنزاع في اليمن وتثبيت الاستقرار الإقليمي.