تقارير

لماذا يرفض المجلس الانتقالي نزول اللجان البرلمانية الرقابية إلى حضرموت وعدن وشبوة؟

23/07/2025, 13:00:56

بين لجان تنطلق وأخرى تُحاصر وتُختفي، يجد البرلمان اليمني نفسه أمام اختبار لا يتعلق فقط بقدرته على الرقابة، بل بشرعية وجوده الفعلي على الأرض.

كان مجلس النواب قد شكّل ثلاث لجان برلمانية ميدانية، لمراجعة أداء السلطات المحلية، وفحص الموارد والمؤسسات الإيرادية، لكن اللجان وُوجهت برفض علني من المجلس الانتقالي الجنوبي، ما كشف عن خلل بنيوي عميق في إدارة الدولة، وسقوط جديد لمظلة الرقابة البرلمانية.

مكونات ما دون الدولة

يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي إن تشكيل لجان برلمانية رقابية على أداء السلطات المحلية “خطوة ممتازة”، وهي محاولة من البرلمان – على ما يبدو – لاستعادة دوره، ذلك الدور الذي أصبح “غير مرغوب فيه”، في ظل غياب السلطة السيادية الوحيدة المتصلة مباشرة بالشعب اليمني.

وأضاف التميمي: “مجلس النواب ودوره في غاية الأهمية، فالاختلالات التي شهدها اليمن خلال السنوات الماضية ناتجة عن غياب المرجعيات، وعدم الاحتكام للدستور، وتهميش سلطات المؤسسات. لذلك، شهدنا حالة فوضى عامة واتجاهًا متسارعًا نحو تفكيك الدولة بكل ما تعنيه الكلمة”.

وتابع: “هناك سلطات أمر واقع، وفساد يُمارس تحت مظلة مشاريع سياسية هدّامة وخطيرة. المفاسد المالية، رغم خطورتها، تظل الأقل مقارنةً بما يُخطط له من تفكيك لبنية الدولة، وهو مخطط يشارك فيه أطراف داخلية وخارجية”.

وأشار إلى أن السلطة الشرعية، المعترف بها دوليًا، تفقد تدريجيًا نفوذها وتأثيرها الداخلي والخارجي، وتمنح المكونات الخارجة عن إطار الدولة فرصة للتمدد، ما يجعلها تهديدًا حقيقيًا لوجود الدولة اليمنية، في وقت يُفترض أن تُبذل فيه الجهود لاستعادة الاستقرار وإنهاء الحرب.

ويضيف التميمي: “ما قام به مجلس النواب يُعد خطوة إيجابية، لكن تحرك اللجان وحده لا يكفي لإثبات حضور البرلمان. فالمجلس مؤسسة دستورية يفترض أن تمنح السلطات التنفيذية، بما فيها مجلس القيادة الرئاسي، غطاءً شرعيًا ودستوريًا”. 

ويرى أن إضعاف البرلمان يعني بالضرورة تقويض شرعية السلطة التنفيذية، مشيرًا إلى أن “محاصرة لجنة برلمانية في المكلا يكشف حجم تغوّل مكونات ما دون الدولة، المدعومة خارجيًا بالمال والسلاح، والمُشجعة على التمرد”.

ويختم التميمي بالقول:

“هذه المكونات تدرك أن عودة مجلس النواب للعمل يُهدد وجودها، لأنها لا تستند إلى شرعية دستورية. والسلوك الذي مارسه المجلس الانتقالي في حضرموت يكشف تناقضًا؛ إذ أنه ليس على وفاق مع السلطة المحلية هناك، ومع ذلك يحاول منع اللجنة البرلمانية من أداء مهامها، ما يدل على رغبته في إقصاء مؤسسات الدولة الشرعية، وعلى رأسها مجلس النواب”.

الحكومة تتحمل المسؤولية

من جانبه، قال عضو مجلس النواب اليمني، الشيخ جعبل طعيمان، إن الحكومة تتحمل المسؤولية عن عدم تأمين اللجنة البرلمانية التي حوصرت في المكلا.

 

وأضاف: “نحمّل السلطات التنفيذية المسؤولية، فنواب البرلمان لا يحملون السلاح ولا يعتدون على أحد، وإنما يريدون فقط ممارسة دورهم في الرقابة على أداء الحكومة والأجهزة التنفيذية. لكن تفشي الفساد هو ما يمنع هذه الرقابة”.

وأكد طعيمان أن أجهزة الرقابة معطّلة منذ زمن، سواء الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أو مجلس النواب نفسه.

وقال: “ندين هذا التصرف الهمجي تجاه لجان مجلس النواب، التي جاءت لأداء دورها الرقابي ومراجعة حسابات الحكومة، لكن هذا لم يرق للبعض، ممن يريدون استمرار الفساد”.

وأشار إلى أن اللجان كشفت أمام الشعب اليمني من هو الطرف المعطِّل لانعقاد مجلس النواب، موضحًا أن انعقاد المجلس سيُلزم الحكومة بتقديم الحسابات الختامية، وإعداد الميزانية، وكشف الإيرادات والمصروفات، وهو ما ترفضه القوى المتنفذة التي تصرف دون حسيب أو رقيب.

السلطة المحلية تفاجأت

بدوره، قال عبد الحكيم الجابري، مستشار محافظ حضرموت، إن اللجنة البرلمانية وصلت المكلا وتم الترحيب بها من قبل السلطة المحلية، مع توفير الحماية اللازمة والإقامة.

وأضاف: “تفاجأنا بخبر مغادرة اللجنة لعاصمة المحافظة، على إثر تظاهرات نظمها بعض الشباب المنتمين لتيار سياسي، في إطار الصراعات التي تشهدها البلاد”.

وأكد الجابري أن حضرموت تُعد المحافظة الأكثر أمانًا واستقرارًا، لكن هناك محاولات من بعض الأطراف – داخليًا وخارجيًا – لزعزعة هذا الاستقرار.

وتابع: “السلطة المحلية قامت بواجبها، ووفرت مقر الإقامة والحماية، لكن اللجنة غادرت رغم ذلك، ما أثار لدينا علامات استفهام”.

تقارير

حكومة الحوثيين بعد عام: وعود التغيير الجذري تواجه شللًا إداريًا وهيكلة مثيرة للجدل

قبل عامين، وفي ذكرى المولد النبوي 1444هـ (27 سبتمبر 2023)، أعلن زعيم مليشيا الحوثي ما وصفه بـ"المرحلة الأولى للتغيير الجذري"، متعهّدًا بتشكيل حكومة كفاءات تُجسّد الشراكة الوطنية، وتُحدث نقلة نوعية في هيكلة مؤسسات الدولة عبر تحديث الآليات، وتصحيح السياسات، ومعالجة الأزمات الاقتصادية المتفاقمة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.