تقارير

رمزية تاريخية وتنويرية.. تدمير ممنهج لهوية اليمنيين الثقافية والتاريخية؟

30/10/2024, 11:18:53

أصدرت مليشيا الحوثي قرارا بدمج مركز الدراسات والبحوث اليمني مع مركز التطوير التربوي، وهو قرار يُنظر له كجزء من سياسة تدمير المؤسسات الثقافية والتاريخية في اليمن، الذي يفقدها رمزيتها وأدوارها التنويرية، خصوصا مركز الدراسات والبحوث اليمني، الذي أسس عام 1972، وكان أول مركز من نوعه في الجزيرة والخليج، كمنارة للتنوير أسهم في إثراء الفكر والثقافة على مدى عقود، وارتبط بالعديد من الشخصيات الثقافية والعلمية المؤثرة.

وُصف القرار بأنه خطوة مدمرة للذاكرة الجمعية والهوية التاريخية للأمة، مما يفقد المجتمع إحساسه بالجذور والانتماء، ويعد انتهاكا لحقوق اليمنيين في الحفاظ على تراثهم وقيمهم وفرادتهم.

القرار جزء من سلسلة تعديلات هيكلية امتدت لتشمل النظام القضائي، ومؤسسات الدولة، مثل دمج الإدارات وتغيير المسميات، وهي إجراءات ينظر إليها باعتبارها جزءا من مساعي المليشيا لتفكيك بنية الدولة، وتوجيهها لأهداف سياسية وإيديولوجية خاصة بها.

- تأميم الشعب

يقول الباحث السياسي والأكاديمي، الدكتور يحيى الأحمدي: "المجتمع اليمني اليوم منشغل بلقمة العيش، وبقضايا كثيرة، لكن ونحن نناقش هذا الموضوع أنا أعده اليوم بأنه حزين؛ لأن مركز الدراسات والبحوث أكبر من عمري، وأكبر من عمر جيل، ومن النسخة المطورة لمليشيا الحوثي التي اليوم تتجرأ بكل وقاحة على أن تدمر هذا المركز والمعلم التاريخي، الذي يرمز لليمن، هذا المركز الذي تردد عليه عشرات المثقفين العرب والأجانب، وكان منارة علمية في السياسة والاقتصاد والشؤون الاجتماعية والتعليم العالي، وكل المجالات، التي كان يزخر بها هذا المركز".

وأضاف: "ما يجري اليوم أنا أسميه مركز التدمير التربوي، لأن هؤلاء يريدون أن يجعلوا من هذا المركز محطة أو مصنعا لفكرهم".

وتابع: "هناك خلط لا يمكن يقدم عليه إلا جاهل أو مجنون، فلا يمكن لهذا المركز، الذي يرمز إليه أن يكون معنيا بالشؤون الاقتصادية والسياسية والشؤون الاجتماعية، أن يتم تسخيره لقضايا تخدم الفكر الحوثي فقط!".
 
وأردف: "هذه المليشيا، التي تستعجل إلى حد كبير لا يمكن تصوره، كيف تؤمم الشعب اليمني بعد أن حولت المناهج إلى مزرعة لأفكارها، وهي اليوم تصل إلى استخدام المركز، وتحويل حاجة اليمنيين في السياسة والاقتصاد والتعليم العالي وبحوث السياسة، وكل هذه البحوث العلمية التي كان يقوم بها المركز، وتحاول أن تجعل منها للغذاء الفكري".

وزاد: "مليشيا الحوثي تريد أن تصل باليمنيين إلى أن يكونوا فقط متلقين لفكرها، ومن هذا المنبع الذي -للأسف الشديد- يتضح يوما بعد آخر أن هذه المليشيا تمضي بتأميم الشعب اليمني جميعا، وتحويلهم إلى مجموعة من المتطرفين، يحملون أفكارا لن يقتصر خطرها على اليمني فقط، وإنما ستشمل المنطقة والإقليم بشكل عام".

وقال: "هناك كارثة حقيقية لن تقتصر على مسألة خدمة المركز، إنما أيضا ستشمل تسريح عدد من الموظفين، وإلغاء كثير من الأقسام، وفقدان هذا المركز مكانته العربية، فهو لم يكن يمنيا وحسب، بل كانت كثير من دُور الناشر العربية، والكثير من المؤسسات الثقافية، تستقي منه".

وأضاف: "هذه المليشيا لا تستطيع أن تفرق بين البحث الأكاديمي والعلمي وبين التطوير التربوي، لكن كل ما يهمها هي أن تكون فقط محصورة في تشكيل جيل يؤمن بخرافاتها، لذا ستكون هناك خسارة كبيرة على مستوى الأبحاث العلمية، وعلى مستوى الأبحاث الأكاديمية".

- طامة كبرى

يقول الشاعر والكاتب، محمد الشيباني: "أنا -بالأمس- كتبت مادة قصيرة، نُشرت في خيوط، ونُشرت أيضا في صفحتي، وكانت فكرتها تناقش قرار أُصدر كلائحة تنظيمية تنظّم عمل وزارة التربية والتعليم، تفاصيل كثيرة في هذا القرار، ومن ضمنها هناك هيئات تتبع مباشرة وزير التربية والتعليم، من ضمنها ما سمي بالهيئة العامة للابتكار والأبحاث، و'بين قوسين' دمج مركز التطوير التربوي الذي هو مركز يتبع وزارة التربية والتعليم بمركز الدراسات والبحوث اليمني".

وأضاف: "أضيف إلى هذه الهيئة مركز ثالث تحت مسمى جديد لم نسمع به، وهو مركز علوم وأبحاث، ولا أعرف بالضبط اختصاصات هذا المركز، ولم أسمع به من قبل".

وتابع: "الفكرة التي ناقشتها في المقالة هي كيف لمركز بهذا الإرث التاريخي تأسس عام 1972، وهذا عام كان مميزا جدا، حيث صدرت فيه مجلة اليمن الجديد، وهي مجلة تنويرية كبرى في اليمن، وأسس فيه مركز الدراسات والبحوث كأول مركز في المنطقة، وصدرت في الحديدة مجلة الكلمة".

وأردف: "في عام 1975، أعيد تنظيم مركز الدراسات والبحوث كجهة تتبع جامعة صنعاء مباشرة، وحددت اختصاصاته ومهامه كمركز يُعنى بالأبحاث العلمية والتاريخية والثقافية، ويعد مثله مثل المراكز الإستراتيجية الكبرى كمركز الأهرام الذي أسسه -طيب الذِّكر- محمد حسين هيكل، وكان جزءا من وجه الاستنارة لتاريخ ثورة 26 سبتمبر".

وزاد: "قرار دمج المركز الآن ليس فقط محوا لتراث وإرث ثقافي وتاريخي مرتبط بتحولات سبتمبر وأكتوبر (الثورة اليمنية) وتحولات التنوير في اليمن، الذي سيكون بالفعل طامة كبرى، وإنما سيتضرر الباحثون".

وتساءل: "حين يتم هذا الدمج هل يمكن أن تغلق مثل هذه المكتبة؟ وهل يمكن أن يحدث تغييرات جوهرية في أداء ووظيفة المركز؟".

وبيّن: "فمنذ 2014، الحياة تعطلت في اليمن، ولم يعد يعمل في المركز سوى المكتبة، والأستاذ عبد الله الشرفي، وهو آخر المحاربين القدامى في المركز، رجل تجاوز 80 عاما، لم يزل حتى اليوم حبه للمركز والثقافة والمكتبة، ويقدم هذه الخدمات للناس".

وقال: "حينما يدمج المركز بكادر مركز التطوير التربوي أو مركز العلوم -هذا الذي لا أعرف اسمه بالضبط- ماذا سيحدث للامتيازات المالية والامتيازات العلمية والترقيات العلمية؟".

وأضاف: "الضرر في تاريخ المركز وإرثه التنويري، وهو بالتأكيد طمس لهذا الإرث، وهذا التاريخ، وسيكون طامة كبرى، وجزءا من ذاكرة وتاريخ اليمنيين ستتبدد مثلما تبددت أيضا الكثير من مكتسباتهم الرمزية والمادية، طيلة السنوات العشر الماضية".

تقارير

هل قرر المجتمع الدولي إنهاء مرحلة حكم المليشيات التي فرضتها إيران في المنطقة؟

انقضى العام الأخير من العقد الذي شهد اليمن فيه واحدة من أكثر المراحل التاريخية انحطاطا ودونية، عقد افتقد فيه اليمنيون دولتهم وهيبتها ومؤسساتها، ووقعوا ضحية لمليشيا مسلحة استولت على السلطة، وفرضت واقعا مريرا على مختلف مناطق البلاد.

تقارير

هل غادر الملف اليمني مربع التسوية السياسية نحو التصعيد العسكري؟

وجَّه سفير الكيان الصهيوني لدى الأمم المتحدة ما وصفه بالتحذير الأخير للحوثيين لوقف هجماتهم الصاروخية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث قال داني دانون، في تصريحات صحفية، إن الحوثيين يغامرون بمواجهة المصير التعيس نفسه الذي تعرضت له حماس وحزب الله اللبناني، حد قوله.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.