تقارير

سيناريو النموذج السوري يثير التساؤلات.. هل سيلحق الحوثيون بشار الأسد؟

03/01/2025, 14:21:20
المصدر : مجلة "ناشيونال إنترست" - ترجمة خاصة

مع هزيمة نظام الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان، وعزلته المتزايدة، يتحوّل الاهتمام إلى الحوثيين في اليمن.

وربَّما يكون الحوثيون هم أقوى قوة بالوكالة لإيران في المنطقة، إذ أنهم بالتأكيد الأكثر نشاطا من حيث هجماتهم على إسرائيل، وعلى السفن الدولية في البحر الأحمر.

ومع تصاعد المواجهة بين الحوثيين وإسرائيل، بل وربما أمريكا، فمن المرجّح أن يثير ذلك تساؤلات حول ما إذا كان النظام في صنعاء قد يثبت أنه ضعيف مثل شريكه السابق في دمشق.  

إن الحوثيين مثلهم مثل نظام الأسد، جماعة فاسدة تمثل شريحة ضيِّقة من السكان، تاركة الأغلبية السكانية تغرق في الفقر.

هذا الفقر ينبع بشكل أقل من الحرب أو العقوبات، وبشكل أكثر من الفساد المنهجي، والمحسوبية، والعُزلة المتعمدة.

إذ تسهِّل هذه الأنظمة نهب السكان من خلال مجموعة من الوسائل المشتركة: بينها الرشاوى، التي يطلبها المسؤولون، الذين يتقاضون أجورا منخفضة، والصناعات الاحتكارية، التي تفيد المشرفين عليها، والأنظمة المزوَّرة لاستيراد السلع، حيث تمثل الصادرات نسبة ضئيلة في الاقتصادات المدمَّرة للدول التابعة لإيران.

إن إصلاح مؤسسات الدولة أمر غير محتمل؛ لأن اختلالها هو خيار متعمد لضمان أن يتمتع المؤيدون الأساسيون للنظام بالتفوّق الاقتصادي والاجتماعي.

لم يحضَ نظاما الأسد والحوثيون بشعبية كبيرة؛ جراء النِّسب العالية من الفساد والاستغلال، مما أجبرهما على الاعتماد على الأجهزة الأمنية الوحشية للحفاظ على السلطة.

إن التعبئة الأيديولوجية، من خلال وسائل الإعلام والتعليم، التي تصوِّر هذه الحكومات نفسها على أنها مدافعة عن الاستقلال الوطني ومناهضة للاستعمار، تصبح محدودة الإقناع؛ جراء تفاقم المعاناة العامة على أيدي هذه الأنظمة، وزيادة اعتمادها على الرعاة الأجانب، خصوصا إيران.

وبالرغم من أوجه التشابه هذه، تشير الاختلافات الرئيسية بين نظامي الأسد والحوثيين إلى أن مسارهما قد يتشعّب.

فقيادة الحوثيين أصغر سنا، وأكثر نشاطا من كادر الأسد المُسن. فعلى سبيل المثال، يبلغ عمر رئيس مخابرات الحوثيين، عبدالحكيم الخيواني، أقل من أربعين سنة، في حين كان نظيره السوري، حسام لوقا، يقترب من الخامسة والستين قبل سقوط الأسد.

وعلاوة على ذلك، لا يزال الحوثيون في المراحل الأولى كحركة ثورية متطرِّفة، بعد عشر سنوات من الاستيلاء على صنعاء.

في المقابل، أصبح نظام الأسد سلالة حاكمة آسنة، وأيديولوجيا جوفاء بعد خمسين عاما في السلطة.

يختلف قادة الحوثيين أيضا في ردهم المحتمل على التحدِّيات. فعلى عكس الأسد، الذي فرَّ في نهاية المطاف إلى روسيا، قد يعود قادة الحوثيين إلى تكتيكات حرب العصابات في المناطق الجبلية في اليمن، بدلا من الاستسلام كجماعة منفى.

فنادرا ما سافر العديد من كبار الحوثيين خارج اليمن، ممّا سيجعلهم -على الأرجح- أكثر ميلا إلى المقاومة حتى النهاية، في حال وقوع سيناريو مشابه، بدلا من البحث عن ملجأ في الخارج.

وفي حين أن بقاء الحوثيين على المدى الطويل لا يزال غير مؤكد، يواجه نظامهم أزمة شرعية متنامية.

تتسع الشقوق في أساسها، وتعتمد قيادة الجماعة بشكل متزايد على العنف الوحشي لقمع المعارضة ضدها. يبدو الانهيار النهائي مرجحا ولكنه ليس بالضرورة وشيك.

يمكن أن يؤدي اتخاذ إجراءات حاسمة من قِبل الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية المعارضة لإرهاب الحوثيين إلى تسريع سقوطهم.

يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل وحلفائهما تكثيف الضغط السياسي والمالي والعسكري على الحوثيين. ومن شأن شلِّ قدرتهم على حرف المساعدات الإنسانية أن يضعف وضعها المالي بشكل كبير.

وبدلا من دعم نظام يديم الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة، يجب على المجتمع الدولي تخصيص الموارد لمساعدة ضحاياه، وأولئك الذين يحاولون مقاومته، بما في ذلك اللاجئون اليمنيون في الخارج والقوات اليمنية في جنوب اليمن التي تقاتل ضد الحوثيين.  

إن الأزمات الحالية، التي تواجه حزب الله اللبناني وفيلق القدس الإيراني، تجعل هذه اللحظة مناسبة للضغط على نظام الحوثي.

وفي حين أن الحوثيين قد استمدوا الثقة -فيما مضى- من دعم طهران، فمن المرجَّح أنهم يعيدون دراسة هذه المسالة في ضوء الأحداث الأخيرة في سوريا.

قد يخلق هذا فرصة للضغط على الحوثيين لوقف هجماتهم على البحر الأحمر. ومع ذلك، فحتى هذا الأمر سيكون بمثابة فترة راحة مؤقتة، وليس حلا حقيقيا للخطر طويل الأمد الذي يشكِّله الحوثيون على دول أخرى في المنطقة، ناهيك عن رعاياهم.  

وهذا يطرح السؤال: كيف يمكن أن يحدث سقوط الحوثيين؟  

وسيتطلب التغيير الحقيقي في اليمن ثلاثة تطورات رئيسية؛ هي:

أولا: زيادة الغضب الشعبي من جراء المظالم التي يتحملها الشعب اليمني، والتي ربما تتعلق في المقام الأول بالظروف الاقتصادية، بل وربما من خلال الغضب من فرض آرائهم الدينية، التي تتعارض مع معتقدات غالبية السكان.

ثانيا: يجب أن تكون هناك حاجة إلى تجريد الحوثيين من التأييد، أو الدعم من قِبل دوائر النخبة الرئيسية، التي قد تشمل "البيروقراطيين" في جهاز الحوثيين، أو القبائل المتحالفة معهم، التي يعتمد عليها النظام لقمع المعارضة.

ثالثا: يجب أن يقود عدم الاستقرار إلى دق إسفين داخل طبقة قيادة الحوثيين، وبدفع من الضغوط الخارجية على النظام، أو الصراعات الداخلية على السلطة.

يمكن أن تنشأ الصراعات على السلطة بشكل عضوي داخل النظام الناهب والسري، غير أنه قد تتسارع هكذا صراعات بسبب الأحداث الطارئة والمهمة، مثل مقتل أو اغتيال شخصيات رئيسية داخل قيادته.

هذه العوامل مجتمعة ستترك النظام في حالة من الفوضى، غير قادر على الحفاظ على سيطرته القاسية على عشرين مليون يمني. وهذا بدوره يمكن أن يخلق زخما سيجد النظام صعوبة متزايدة في عكسه.

فالقيام بهكذا عملية قد لا يكون متاحا لدى أي شخص، بل وبالتأكيد أي قوة خارج اليمن. غير أن التجربة السورية تشير إلى أن استمرار الضغط، والتنسيق مع قوى المعارضة سيكون أكثر فعالية من محاولة التفاوض مع نظام يكرِّس القمع الداخلي والعدوان الخارجي.

إن الحوثيين سيفقدون، مثلهم مثل "الأسد"، السلطة يوما ما، وسيتذكر اليمنيون من ساعدهم في وقت الحاجة ومن لم يساعدهم. إن الحفاظ على الضغط، العسكري والسياسي والاقتصادي، أمر بالغ الأهمية.

إن حرمان الحوثيين من الشرعية وفرص حرف المساعدات الخارجية هو عنصر أساسي في هذا الجهد. إذ تظهر تجربة الأسد أن هؤلاء الطغاة لا يدومون إلى الأبد، وأن الاستثمار في علاقات دبلوماسية طويلة الأمد معهم هو رهان خاسر.

- مجلة أمريكية مهتمة بالشؤون السياسية والأمن تصدر من واشنطن

تقارير

"أشد العذاب".. انتهاكات مروعة يتعرض لها المعتقلون في مناطق الحوثي

يقبع خلف قضبان مليشيا الحوثي مختطفون منسيون يعيشون ألوانا من التعذيب، ويتعرّضون لاعتداءات جسدية، وتعذيب ممنهج، وتصفية هوية، حيث يكشف تقرير "أشد العذاب" عن انتهاكات مروّعة تعرّض لها المعتقلون في مناطق سيطرة المليشيا

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.