تقارير
ضحايا بشرية وخسائر مادية.. ما التأثيرات المتوقّعة من المنخفض الجوي الذي يضرب اليمن؟
يشهد اليمن في السنوات الأخيرة تصاعدًا للأعاصير والمنخفضات الجوية، حيث تسببت سيول الأمطار الغزيرة التي تشهدها البلاد حاليًا بوفاة مواطنين، ودمار للشوارع والطرقات والمنازل والمزارع في عدة محافظات.
وتشهد مختلف المحافظات اليمنية أمطارًا غزيرة مصحوبة بالرياح الشديدة وسط تصاعد التحذيرات للمواطنين ومطالبتهم بتوخي الحيطة والحذر.
يأتي ذلك في ظل هشاشة البنية التحتية في كافة المحافظات اليمنية سواء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، أو الواقعة تحت نفوذ الحكومة الشرعية.
هذه الكوارث ليست مفاجئة، بل إنها امتداد لسنوات من التغيرات المناخية والمنخفضات الجوية، ما يحتم وضع خطط لمواجهة الكوارث، إلا أن ذلك لا يحرك الجهات المعنية في الدولة.
-توقعات قادمة
يقول خبير الأرصاد الجوية، المهندس رشيد عبد الرب العريقي: 'الموجة الشرقية التي تأثرت ولا تزال تتأثر بها بلادنا، هي لأول مرة منذ بداية هذا العام أكثر توسعًا وغزارة بالنسبة للأمطار".
وأضاف: "استمرار هطول الأمطار الرعدية الغزيرة حتى نهاية الشهر الحالي كما هو متوقع بحسب التوقعات، سيؤدي إلى تدفق السيول بالشعاب والوديان، مما قد يتسبب في وقوع المزيد من الوفيات وفي جرف الأراضي وكثير من الممتلكات الخاصة والعامة التي تتواجد في ممرات السيول أو في قربها".
وتابع: "استمرار هذه الأمطار الغزيرة قد يؤدي إلى تهدم المنازل، خاصة تلك المبنية من الطين، أو المبنية تحت المناطق الصخرية والطينية المهترئة والآيلة للسقوط، وكذلك الحقول التقليدية المتصدعة بسبب تشبع المياه مع استمرار طول الأمطار، أو تلك المبنية عشوائيًا في ممرات السيول وقربها".
وأردف: "استمرار الأمطار الغزيرة قد يؤدي إلى المزيد من قطع الطرقات بسبب استمرار تدفق السيول والأحجار والأتربة المجروفة، مشيرًا إلى أن الصواعق والعواصف الرعدية قد تتسبب بوقوع وفيات".
وزاد: "هذه كلها احتمالات قادمة حتى نهاية الشهر الحالي".
وقال: "المركز الوطني للأرصاد يرصد ويصدر التحذيرات بشكل متكرر، خاصة في الأعوام الأخيرة، لكن الناس ما زالوا يغرقون ونشاهد العديد من الكوارث والحوادث، وهذه المسؤولية هي مسؤولية مجتمعية، وقد لا توجد وزارة أو هيئة حكومية أو خاصة إلا ولها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بأخطار الطقس والمياه".
وأضاف: "علينا كمواطنين استيعاب كل التحذيرات الصادرة من المركز الوطني للأرصاد وأخذها بمأخذ الجدية، وأيضًا وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية عليها أن تتفاعل مع ما يصدر، وعلى الجهات ذات العلاقة أن تتفاعل مع ما يصدره المركز الوطني للأرصاد الجوية".
وتابع: "الأرصاد الآن رفعت مستوى التحذيرات إلى نشرات إنذارية وعددها سبعة حتى الآن، ووزعت عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وعبر رسائل الاتصالات (SMS)، وأيضًا عبر مواقع الأرصاد في 'فيسبوك' و"و'اتساب' و'تليجرام' و'تويتر".
وأردف: "مواقع الأرصاد موجودة، لكن لا بد أن يكون هناك تفاعل من كافة الجهات والمواطنين، فلا زالت هناك قصور، وهذه المسؤولية هي مسؤولية مجتمعية".
وزاد: "المناطق التي تعاني من هشاشة في البنية التحتية وهي معروفة، وكثير من المحافظات تعاني هذه المسألة، في ريمة وحضرموت، والحديدة، ولحج، والمحويت، وصنعاء، وتعز، وحجة، والتي تعرضت خلال الأيام المنصرمة وحتى يومنا هذا".
وقال: "آخر ما وصلني، مساء أمس السبت، وفاة ثلاثة أطفال في حجة بسبب سقوط منزل، وإصابة الأب والأم، وتهدم أيضًا مبنى في أمانة العاصمة بشارع بيروت، وتهدم أيضًا منزل في الحوبان بتعز".
-غياب البنية التحتية والفساد
يقول أستاذ التقييم البيئي المشارك بجامعة الحديدة، الدكتور عبد القادر الخراز: "الإشكالية في عدم وجود بنية تحتية عملت عليها مؤسسات الدولة لتجنب أو التخفيف من هذه الكوارث، حيث لا توجد أي مدينة في اليمن لديها شبكات تصريف أمطار أو سيول، وهذه إشكالية كبيرة جدًا".
وأضاف: "هناك -للأسف- الفساد المالي والإداري وفساد المشاريع لعب دورًا، حتى أن البنى التحتية التي عملوا عليها يشوبها كثير من الفساد".
وتابع: "ما يتعلق بطريق عدن البحري في خور مكسر، واضح أن قنوات تصريف الأمطار التي على أساس مشروع بمئات الآلاف من الدولارات فشل".
وأردف: "هناك تراتب من الأسباب، وليست مشكلة واحدة وإنما عدة إشكاليات، وكلها تتعلق للأسف بالبنية التحتية، وعدم الاستعداد لمثل هذه الكوارث".
وزاد: "نحن نتكلم من عام 2015، عندما حدث إعصار تشابالا في جزيرة سقطرى، أي منذ عشر سنوات، بأن اليمن أصبحت في وضع مختلف، وأن هناك تغيرًا مناخيًا وظواهر مناخية ستتكرر، من فيضانات وأعاصير، وارتفاع مستوى سطح البحر، وتساقط كميات أمطار كبيرة وفجائية".
وقال: "هذه الأشياء كلها يتم التحذير منها، ومع ذلك لم يكن هناك أي استعداد لمواجهة مثل هذه المسائل، لكن فيما يتعلق بالخطوات العاجلة الآن والفورية، هي عمليات الإنقاذ بقدر الإمكان".
وأضاف: "في ظل هذا الوضع، حتى عملية الوصول لهذه المنازل المهدمة أو حتى الأفراد الذين تعرضت حياتهم للخطر، فيها صعوبة، لأن عملية الاستعداد غير موجودة أساسًا".
وتابع: "يجب أن تُكثف عمليات الإنقاذ حاليًا، ويجب بعد ذلك إعادة تقييم لهذا الوضع، تقييم للكوادر التي تمسك هذا الملف، والوزارات المسؤولة ومحاسبتها".
وشهد اليمن خلال السنوات الماضية سلسلة من الكوارث المناخية المدمّرة، بدءًا من إعصار تشابالا عام 2015 مرورًا بموجات السيول المتكررة، والتي خلّفت مئات الضحايا وخسائر واسعة في الممتلكات والبنية التحتية.
وتفاقمت الأضرار نتيجة هشاشة شبكات التصريف وغياب التخطيط العمراني، فضلًا عن تداعيات الحرب المستمرة التي تشنها مليشيا الحوثي وقد عطلت مؤسسات الدولة وأضعفت قدرتها على مواجهة الكوارث الطبيعية.