تقارير

عنجهية الإنقلاب الحوثي.. هل تكتب مأرب النهاية؟

10/06/2021, 08:51:05

قناة بلقيس - عبد السلام قائد

بحلول 8 يونيو الجاري، تدخل المعارك في أسوار محافظة مأرب شهرها الخامس، دون أن تتمكن مليشيات الحوثي من تحقيق أي تقدم يذكر، رغم حشودها المكثفة وإلقاء الجماعة بكل ثقلها للسيطرة على المحافظة الغنية بالنفط والغاز، ومن ثم السيطرة على الهلال النفطي في اليمن الممتد من مأرب إلى حضرموت وشبوة المجاورتين، كونه بسقوط مأرب التي تمثل "مركز الثقل" للحكومة الشرعية، ستتهاوى بقية محافظات الهلال النفطي، وفرض الحضور العسكري فيها، حتى وإن كان ثمن ذلك باهظا.

لكن الخسائر المتتالية التي تتكبدها مليشيات الحوثي على أسوار محافظة مأرب، باعدت بينها وبين طموحها بالاستيلاء على مصادر الثروات الرئيسية للبلاد، ومن شأن ذلك أن يعقّد موقفها التفاوضي، حتى وإن كان ما زال أمامها مكاسب ميدانية أخرى يمكن استغلالها تفاوضيا، علما بأن مسألة التفاوض لأجل الحل السلمي تعد مسألة هامشية بالنسبة لمليشيات عقائدية ترى أن السلطة والثروة حق حصري خصه الله بها، وتتعامل مع المفاوضات والحلول السلمية كخيار الضرورة، وهو الخيار الذي قد تجبرها عليه المعارك في مأرب في نهاية المطاف.

- معركة تبديد الأمل

مع قدوم جنرال الحرب الإيراني حسن إيرلو إلى صنعاء منتحلا صفة "سفير"، بينما في الحقيقة قَدِم ليكون حاكما عسكريا للحوثيين وأمير حرب جديد قادم من وراء البحار، كان متوقعا أن الحرب في البلاد ستنتقل إلى مرحلة متقدمة من التصعيد العسكري، وثمة الكثير من التفاصيل التي تنبئ عن تحولات كبيرة في مسار المعركة والصراع الإقليمي، الملفت فيها أن معركة السيطرة على مأرب، التي كانت معركة الحوثيين المؤجلة منذ انقلابهم على السلطة الشرعية في سبتمبر 2014، جاءت في ظل مراجعة إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، سياسة الولايات المتحدة في اليمن، والتي خلصت إلى وقف دعم عمليات السعودية العسكرية وإلغاء تصنيف الحوثيين ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية"، بذريعة أن ذلك يهدد توزيع المساعدات الإنسانية بحسب مزاعم منظمات غير حكومية.

فهم الحوثيون سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة في اليمن بأنها ضوء أخضر لهم باجتياح محافظة مأرب وتكثيف هجماتهم على السعودية، فاستأنفوا الهجوم على مأرب في 8 فبراير الماضي، بعد استعدادات مكثفة غير مسبوقة وبإشراف مباشر من الضابط في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو. وفي خضم اشتداد المعارك، قدمت السعودية مبادرة لوقف إطلاق نار شامل تحت إشراف الأمم المتحدة، في 22 مارس الماضي، ورفضها الحوثيون فورا.

لم يدُم أمل الحوثيين كثيرا بإمكانية السيطرة على محافظة مأرب خلال مدة قصيرة، ومع دخول المعركة شهرها الخامس، فإن أمل الحوثيين بالسيطرة على المحافظة يكون قد تبدد بالكامل. وعند التأمل في أعداد الضحايا والكلفة الكبيرة للحرب ماديا، فإن الأمل بترسيخ الانقلاب سيتبدد أيضا، لأن معركة السيطرة على محافظة مأرب هي أول معركة هجوم حقيقية تخوضها المليشيات الحوثية للسيطرة على محافظة جديدة بقوة السلاح.

أما بقية المحافظات التي تسيطر عليها المليشيات الحوثية، فإن السيطرة عليها كانت بدون معارك، إذ تم تسليمها للمليشيات سلميا من قِبَل حليفها الرئيس السابق علي صالح قبل الخلاف بينهما الذي انتهى بقتله، بينما بقية المعارك التي خاضتها المليشيات منذ الانقلاب، فقد كانت جميعها معارك دفاع، وخسرتها جميعا، مثل معارك تحرير عدن وتعز وأبين والضالع وشبوة والمخا وغيرها، ولم تنتصر المليشيات إلا في الجبهات الصغيرة التي تزعمها أفراد ومجموعات صغيرة من المقاومة الشعبية في يريم والرضمة والعدين وعتمة وحجور، وأخيرا التقدم في جبهات مهمشة مثل جبهة نهم شرقي صنعاء وبعض جبهات محافظة الجوف.

- مأرب تحدد مصير الانقلاب

من شأن المعارك الدائرة في مأرب إعادة رسم موازين القوة وتحديد مصير الانقلاب الحوثي، وبما أن الأمر على درجة عالية من الخطورة، فإن مليشيات الحوثي ستواصل مقامرتها حتى لحظة الوصول إلى ما بعد مرحلة اليأس من السيطرة على المحافظة.

وتمثل الجهود الأممية والدولية المستمرة لحل الأزمة اليمنية سلميا متنفسا إضافيا للحوثيين يمكنهم الاستناد عليه لمواصلة مغامرتهم بالسيطرة على مأرب، ذلك أنهم في اللحظة الحاسمة، أو لحظة الإقرار بالهزيمة، سيعلنون موافقتهم على مبادرات حل الأزمة وإيقاف عملياتهم العسكرية هناك، خصوصا أن هذا المخرج يبدو ملائما من ناحية أن الجيش الوطني لن يتقدم نحو صنعاء لإفساح المجال للحلول السلمية.

ويعني ذلك أن جهود حل الأزمة سلميا تعد في الوقت الحالي بمثابة غطاء على هجوم الحوثيين على مأرب، كما أنها ستوفر لهم مخرجا يحول دون الإقرار بهزيمتهم العسكرية هناك. ولولا مساعي السلام تلك لكان الحوثيون قد توقفوا عن مواصلة الهجوم، والذريعة جاهزة كما حدث في وقت سابق، عندما أعلنوا أن الهدف من معارك نهم والجوف والتقدم صوب مأرب هو "زحزحة خطوط الدفاع" عن العاصمة صنعاء وليس السيطرة الكاملة على مأرب.

- كابوس مأرب

ما زالت محافظة مأرب تمثل كابوسا مزعجا للحوثيين، فهي أول محافظة يمنية استعدت لمواجهة انقلابهم على السلطة الشرعية قبل أن تتحرك مليشياتهم إليها، مما جعلهم يؤجلون معركتهم هناك والتوجه نحو محافظات أخرى للسيطرة عليها بدون معارك، بدعم وتسهيل من الرئيس السابق علي صالح ومشايخ القبائل الموالين له، وكان الحوثيون يخشون أن تستنزف معركة مأرب مسلحيهم وعتادهم العسكري قبل ترسيخ انقلابهم في المحافظات التي سيطروا عليها بدون قتال.

وكانت حشود المقاتلين القبليين من أبناء محافظة مأرب في ما يسمى "مطارح نخلا" أول عامل ردع جعل الحوثيين يؤجلون معركة مأرب خشية دفن مشروعهم الانقلابي في مهده، ثم تكررت تلك الحشود في نفس "المطارح" في أغسطس من العام الماضي، بالتزامن مع الاستعدادات الحوثية وحشودهم المكثفة باتجاه أسوار المحافظة، وقابلت ذلك المقاومة الشعبية في محافظة مأرب بإقامة عرض عسكري كبير في "مطارح نخلا"، أكدت خلاله جاهزيتها لدعم معركة التحرير والقضاء على الانقلاب الحوثي.

وإذا كان خوف الحوثيين من الوقوع في معارك استنزاف على أسوار محافظة مأرب قد دفعهم لتأجيل معركتهم هناك ست سنوات، فإن تلك المخاوف أصبحت اليوم حقيقة مُرة، وكل الخيارات للتعامل معها مُرة، سواء الاستمرار في المعركة أو الانسحاب منها. وبعد انتهاء تلك المعركة، فإن فصلا جديدا سيبدأ بالتحول لاستعادة السيطرة على المدن الإستراتيجية التي يسيطر عليها الحوثيون، في حال استغلت السلطة الشرعية والتحالف الداعم لها حالة الانهيار والهزبمة النفسية التي ستلحق بالمليشيات الحوثية.

تقارير

ما وراء إعلان "حلف قبائل حضرموت" تشكيل لواء عسكري جديد؟

تعيش محافظة حضرموت حالة حساسة من تعدد التشكيلات العسكرية ذات الولاءات المتنوعة، من قوات النخبة الحضرمية المدعومة إماراتيًا، إلى قوات المنطقة العسكرية الأولى التابعة للحكومة، مرورًا بالوحدات الأمنية المحلية وكتائب حماية المنشآت، وختاما بتشكيل لواء عسكري وإعلان قيادة له من قبل حلف قبائل حضرموت.

تقارير

توازن القوى في اليمن بعد الهدنة بين الولايات المتحدة والحوثيين

في السادس من مايو، أسفرت الهدنة بين الولايات المتحدة والمليشيا الحوثية المدعومة من طهران عن ترسيخ توازن القوى داخل الدولة اليمنية التي مزقتها الحرب، مما أدى إلى تثبيت الوضع الراهن في الصراع الأهلي المستمر. وفي المقابل، فإن نتائج الحرب التي تلت ذلك بين إسرائيل وإيران واستمرت 12 يومًا، قد تهز هذا الوضع مؤقتًا، لكن من غير المرجح أن يتمكن التحالف المناهض للحوثيين، الذي يعاني من الانقسام، من استغلال هذه الفرصة.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.