تقارير

عيادات الإسعاف الخاصة بصنعاء.. دكاكين غير مرخصة لبيع الموت والعبث بحياة المرضى

21/11/2023, 08:58:07
المصدر : قناة بلقيس - كريم حسن - خاص

أتاحت الفوضى، التي تشهدها المنظومة الطبيّة، في المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، لمالكي العيادات الخاصة بالإسعافات الأولية، فرصة كبيرة للعبث بحياة المرضى، الذين تواجه أرواحهم مخاطر صحية مختلفة.

تحديداً في صنعاء، التي تنتشر في شوارعها عيادات التضميد والحُقن بشكلٍ لافت، تفتقر إلى أبسط معايير الصحة والسلامة، وتنعدم فيها أدوات التعقيم ووسائل النظافة اللازمة، كما أن معظم أصحاب هذه الدكاكين الصغيرة والعاملين ليسوا مؤهلين، ولا يملكون تراخيص لمزاولة المهنة رسمياً.

- أخطاء واسعة

ارتكب بعض العاملين في تلك العيادات الإسعافية عددا من الأخطاء الطبيّة، توزّعت بين مضاعفات صحية متنوّعة وخطيرة، وضُعف حركة الأطراف والتسمم الغذائي، حيث تسببت بإصابة كثير من المرضى، ووفاة آخرين منهم.

المواطنة "نور الجعدبي" تعرضت للإصابة بالتهابات العصب الوركي، أضعف حركة قدمها اليُسرى؛ نتيجة حقنها بإبرة في إحدى العيادات، تقول لموقع "بلقيس": "سِرت لصاحبة عيادة هنا في منطقة التحرير؛ تضرب لي إبرة، رجعت للبيت وأنا أحس بوجع شديد، كأنّ رجلي مشلولة، جلست أيام ولا تحسّنت، أسعفوني للمستشفى فتحوها، ونظفوا مكانها".

ينصح الأطباء بتجنّب ضرب الإبر في شرايين واوردة المرضى، الذين تُعطى لهم حُقن عن طريق العضل؛ نظراً للمضاعفات الصحية الخطيرة، الناتجة عن الخطأ.

"رشاد المريسي" -طبيب جراحة في أحد المستشفيات الأهلية بصنعاء- يقول لموقع "بلقيس": "هناك أدوية عضلية تحتاج لعُمق معيَّن عندما تُعطى للمريض، لو صادف ضربها في غير مكانها لازم فتح المنطقة وتنظيفها، لأنها تتحول إلى تجمعات للقيح؛ بسبب عدم امتصاص الجسم للدواء، والبعض يحصل عندهم مضاعفات خطيرة".

لم ينتهِ ارتكاب الأخطاء الطبية عند هذا الحد، بل أصيبت حالات كثيرة بإعاقة مزمنة، وبعضها أودت إلى وفاة المرضى، مع انهيار المنظومة الطبية في مناطق الحوثي.

- بلا مؤهلات دراسية

تأتي المضاعفات الطبية الخطيرة، التي يتعرّض لها عشرات المرضى، جراء تلقيهم خدمات علاجية خاطئة في عيادات الحقن والتضميد الخاصة، يقدّمها أفراد غير مؤهلين، ولا يحملون الشهادات الطبية اللازمة لمزاولة المهنة رسمياً.

تؤكد الناشطة "غدير محرم" -من نقابة المهن الطبية- بقولها لموقع "بلقيس": "بعض أصحاب العيادات الخاصة بضرب الحقن، وإجراء الإسعافات الأولية، ليس لديهم شهادات مهنية طبية، بعضهم لم يكملوا دراستهم في مجال التمريض، أو مساعد طبيب، يعملون فقط بما اكتسبوا من خبرة، هذا لا يمنحهم حق مزاولة المهنة؛ لأن أخطاءهم مستمرة والضحايا زادوا".

يتساهل أغلبية مالكي العيادات الإسعافية في تقديم خدمات علاجية مغلوطة، تتكرر عملية ارتكابها بشكلٍ لافت؛ نظراً لطبيعة الأوضاع المتدهورة، وغياب دقة المعايير الطبية اللازمة، وعدم تقدير العاملين في تلك الدكاكين قيم المهنة، من جانب إنساني.

"مها العباسي" -تعمل في عيادة إسعافات أولية بمنطقة معين- قالت لموقع "بلقيس": "أنا ما زلت أدرس مساعد طبيب، أحصل على نسبة مقابل عملي هنا، مالك هذه العيادة ما معه مؤهل، ولا خبرة طبية، أصلاً الوضع الحالي شجَّع كثيرين على الاستثمار في هذا المجال، دون أي مراعاة لصحة المرضى أو حياتهم".

لم تقتصر مأساة الضحايا على الواقع الصحي الراهن، بل امتدت إلى أوجاعهم، التي أنتجها العبث على أيادي أشخاص بلا مؤهلات طبية، وجدوا في المهنة مجالاً للاسترزاق.

عدد من مالكي عيادات الإسعاف بدفي صنعاء تحججوا على نشاطهم الطبي بذرائع غير مقبولة، بقولهم لموقع "بلقيس": "لدينا خبرة كافية في تقديم الإسعافات الأولية للمرضى، المؤهل الصحي ما استطعنا الحصول عليه، لم نكمل الدراسة بسبب الوضع الحالي، نعمل بدون تراخيص طبية لمزاولة المهنة".

وتعد حالة رفض المشافي من لم يكملوا تعليمهم العمل لديها أحد العوامل المساهمة في انتشار هذه الدكاكين.

- تجاوز اللوائح

رغم اشتراط القانون رقم 60 لسنة 1990، بشأن تنظيم عمل المنشآت الطبية والصحية الخاصة "ترخيص مزاولة مهنة من مكتب الصحة، حصول العامل في المنشأة (ممرض أو ممرضة) على مؤهل وخبرة لا تقل عن سنتين"، إلا أن الفوضى وغياب الرقابة الصحية أتاحت للجميع التجاوزات المخالفة للنص القانوني ولائحته التنفيذية.

"محمد الكاهلي" -من إدارة المنشآت الخاصة في مكتب الصحة بأمانة العاصمة- يقول لموقع "بلقيس": "نواجه عوائق كثيرة تمنعنا من اتخاذ إجراءات رقابية صارمة، بحق أصحاب العيادات الخاصة المخالفة".

تبقى دكاكين الإسعافات الأولية مفتوحة لارتكاب الأخطاء الطبية، في ظل غياب الرقابة الصحية، وعدم تفعيل اللوائح الإجرائية لمعاقبة المخالفين. 

تقارير

"قصر حبشوش".. أبرز مَعَالم الحيَّ اليهودي في صنعاء يتحوّل إلى خرابة

على مقربة من البوابة الشرقية لحيّ اليهود، تظل مظاهر الخراب شاهدةً على انهيار وزوال قصر المؤرخ اليهودي اليمني "حاييم" حبشوش، تاجر الذهب والفضة الشهير، الذي عاش في الفترة ما بين 1833 ـ 1899م، وباعتباره شخصية مثقفة ومقرباً من السلطة آنذاك.

تقارير

كيف عملت السعودية على تقديم اليمن بلا ثمن لإيران وأدواتها؟

منذ ليلة السابع من أبريل من العام 2022م، لم يعد المشهد السياسي اليمني واضح المعالم، بل تدرّج نحو اندثار الصَّف الوطني، وخفوت صوت السيادة اليمنية، وذلك عبر وثيقة صدرت في القصر الملكي السعودي، مُبطلة معها عمل الدستور اليمني، ومشكلة مجلس العَار -كما يسميه الشعب اليمني هذه الأيام.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.