تقارير
في الحلقة الثانية من برنامج الشاهد.. يحيى العرشي يستعرض الطريق إلى ثورة 26 سبتمبر
يستعرض السياسي والدبلوماسي اليمني، يحيى حسين العرشي، في حلقته الثانية من برنامج الشاهد، الطريق إلى ثورة الـ 26 من سبتمبر، ويتحدث عن إرهاصات الثورة، والتحول نحو الخيار العسكري، ودور تنظيم الضباط الأحرار في تفجير الثورة السبتمبرية، والمحطات والتحولات التي شهدتها اليمن في زمن الثورة.
محاولة اغتيال الإمام في الحديدة
يقول العرشي: “بعد الحادث الذي وقع للإمام في الحديدة، كنا نحن في الحديدة، في مستشفى العلفي. كانت ذكريات عالقة في ذهني، وكانت الصورة فيها خليط من الأمل والإحباط، الإحباط لأن المحاولة فشلت.”
وأضاف: “كان الإمام يتردد في ذلك الوقت، وبعلم الكثير، على المستشفى لأنه كان يعاني من المرض، وتحديدًا على مركز الكشافة، لأن جهاز الكشف لا يتوفر إلا في هذا المكان.”
وتابع: “أبلغ حسين المقدمي، الذي كان مدير المستشفى، بأن الإمام سيأتي، وكانت المفاجأة أن عبدالله اللقية، ومحمد العلفي، الذي كان ضابط المستشفى، ومحسن الهندوانة، الذي كان يعمل معه، عندما علموا بأن الإمام سيأتي، جاءت الفكرة لديهم بشكل سريع، بأن هذه هي الفرصة المناسبة للخلاص من الإمام في ذلك الوقت.”
وأردف: “نفذوا الفكرة، وكان قد أبلغهم الحسن بن علي بأن الإمام سيأتي، فلما علموا بهذا الخبر، رتبوا لاستقباله، وأغلقوا أبواب المستشفى، وأجهزوا عليه الثلاثة الأشخاص، لكنه لم يتعرض للنهاية، فقط أصيب، لكنها إصابة تركته يعيش درسًا كبيرًا، وجعلته يعاني طوال السنوات اللاحقة.”
وزاد: “أتذكر أننا كنا نسكن بالقرب من المكان الذي هرب إليه الشهيد العلفي، وتبعوه، وكان يريد الوصول إلى بيت رفعت، لكنه لم يتمكن، ودخل في بيت آخر. فجاء من يقول له إن الإمام يبدو أنه قد حسم أمره، وقد تم الإمساك باللقية والهندوانة، وحدث ما حدث للقية من تعذيب. ولم يكتفوا بتعذيبه في الحديدة ليشاهده الناس، بل نُقل إلى تعز ليُعذب هناك، وتأتي نهايته هناك.”
الانبعاث الوطني للخلاص من الإمامة
يقول العرشي: “الأحداث التي وقعت للإمام، غيابه للعلاج، وما وقع للبدر، وما حدث له في السخنة، وما حدث له في الحديدة، إضافة إلى خلافه مع جمال عبد الناصر، كلها كانت عوامل أسهمت في تفاقم الأوضاع. كان الإمام على علاقة بجمال عبد الناصر إلى حد ما، وكان بينهما نوع من التواصل، ولكن جاءت القصيدة التي أعلنها الإمام ضد عبد الناصر، والتي تناول فيها مصر والاشتراكية وكل شيء بجلافة، وطرح سياسي يعكس فكرة العودة إلى الماضي البعيد.”
وأضاف: “ما كسبه الإمام من علاقة مع عبد الناصر وانعكس على علاقة المجتمع اليمني، تحول إلى سراب، وانعكس ذلك أيضًا على علاقة عبد الناصر بالبدر، إذ كان الأخير يراهن على أن يكون له شأن في اليمن بدعم من مصر، لكن العلاقة بين الطرفين تبخرت. وتحولت العلاقة بين مصر واليمن إلى علاقة سلبية كبيرة، وهذا ما أفاد الموقف الوطني.”
وتابع: “الانبعاث الوطني للخلاص من الإمامة، بشكل عام، تحول إلى واقع فعلي وضرورة، وكانت مصر قد هيأت للشهيد الزبيري، والعلفي، والمرحوم النعمان، برنامج صوت العرب، وكان هذا البرنامج يلتف حوله كل أبناء اليمن، يبحثون عن شراء الراديوهات لكي يسمعوا صوت الحق، صوت المناضلين، مثل الزبيري والنعمان، كما ظهرت إصدارات وطنية.”
وأردف: “رواية مأساة واق الواق، التي ألفها القاضي محمد محمود الزبيري، كانت رسالة قوية تناولها المجتمع اليمني وقرئت بشكل واسع. وهي رواية سياسية عميقة، طُبع منها العديد من النسخ، وتناقلها الناس على نطاق واسع، ما أعطى صورة عن الأوضاع داخل القصر الإمامي.”
وزاد: “الانبعاث الوطني كان واقعًا يصعب على الإمام تجاوزه، وهذا انعكس على المؤسسة العسكرية. وكما هو معروف، فقد كانت الخلية الأولى تضم مجموعة من الضباط الصغار، من ضمنهم صالح الأشول، وسعد الأشول، وعلي ناجي الأشول، وعبدالله المؤيد، وعلي عبد المغني، ومحمد مطهر في تعز، وجاءوا من تعز إلى صنعاء والتحقوا بهذه المجموعة القيادية الأولى. وكان معهم أيضًا الفريق حسن العمري، وعبدالله جزيلان، وعبد اللطيف ضيف الله.”
وقال: “فيما بعد، تكونت العلاقة بين هذه المجموعة، وضمت الضباط الذين عادوا من مصر أو كانوا في العراق، بالإضافة إلى مجموعة القياديين من الضباط الصغار، الذين كانوا في كلية الشرطة في صنعاء وتعز، وفي الكلية الحربية.”
وأضاف: “من المعروف في البلدان العربية، أنه لمواجهة الاستعمار أو الأنظمة الرجعية المتخلفة، لم يكن يوجد سوى المؤسسة العسكرية، لأنها منظمة متماسكة، بينما لم تكن هناك أحزاب قوية قادرة على القيام بالتغيير، وإن وجدت، فهي لا تملك الوسائل الكافية. لذا، كانت المؤسسة العسكرية الوحيدة التي تملك القدرة على الفعل، وإمكانية التغيير، وكان الرهان عليها.”
وتابع: “أتذكر عندما عدنا إلى صنعاء، في بداية عام 1961، كانت الحركة الوطنية في صنعاء واضحة بأنها في الطريق إلى فعل حدث، إلى القيام بالثورة. ولهذا، كانت اللقاءات الثورية تنعقد على مستوى العسكريين، سواء الضباط الصغار، أو الضباط الكبار العائدين من مصر، أو الشباب.”
وأردف: “نتذكر أن لقاءاتنا كانت تُعقد في منزل عبدالله البردوني، والدكتور عبد العزيز المقالح، وآخرين.”