تقارير

في ظل الخلافات والجلسات الافتراضية.. ماذا تبقى من الشرعية؟

01/11/2025, 06:38:22

عقد مجلسُ النواب أول جلسة افتراضية تشاورية، بعد تعذّر انعقاده في أي مدينة يمنية.

وبالتزامن مع ذلك، عقد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اجتماعًا افتراضيًا آخر مع محافظي المحافظات، ليكتمل المشهد بصورةٍ تُعدّ الأكثر تعبيرًا عن حالة الشرعية، التي أصبحت -كما يقول البعض- "سلطةً افتراضيةً بلا وجودٍ حقيقيٍّ على الأرض".

- مظلة هامة

يقول الكاتب عادل الأحمدي: "ما نراه اليوم مسألةٌ مؤسفة، وتُعبّر عن الضعف والتشتّت اللذين تعانيهما الشرعية حاليًا".

وأضاف: "نخشى أن يكون هذا التحرّك الافتراضي انعكاسًا لتحريرٍ افتراضيٍّ أيضًا".

وتابع: "هذه الاجتماعات كان يُفترض ألّا تُسرّب عنها أخبار، لكنهم صوّروا أنفسهم أثناء الاجتماع الافتراضي، والتقطوا صورًا للشاشة وكأنّهم أنجزوا حدثًا كبيرًا! والله إنّ ما أراه مؤلمٌ جدًّا".

وأوضح: "ربما أتفهم وجود فريقين؛ فريقٌ قد يتفهّم الظروف، وفريقٌ آخر لا يجد أيَّ عذرٍ، أمّا أنا، فلا أجد أيَّ مبرّرٍ لمجلس القيادة الرئاسي أو للمحافظين لعقد اجتماع مع رئيس الجمهورية (أونلاين)"، مستدركًا: "لكن في حالة مجلس النواب، فالأمر يختلف قليلًا".

وزاد: "ربما تكون مسألةُ الكلفة والتبعثر الجغرافي لأعضاء المجلس -الذين يُقدَّر عددهم بالمئات- هي ما جعلت البعضَ يقول بدل أن لا نجتمع إطلاقًا، فلنجتمع افتراضيًا على الأقل".

واستطرد: "لكن، مع ذلك، لا أعدّه حدثًا كبيرًا ولا إنجازًا عظيمًا كما يُصوّره البعض، فقد كان النائب شوقي القاضي، قد طرح هذا المقترح قبل سنوات، داعيًا إلى انعقاد هيئة رئاسة مجلس النواب افتراضيًّا على الأقل، نظرًا لأنّ الأعضاء متوزّعون في القاهـرة وتعز وعدن والرياض وتركيا".

وأردف: "لم تُصبح عدنُ عاصمةً مؤقتةً بمعنى الكلمة؛ فهي لم تحتضن اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي، ولا مجلس النواب، وبالكاد تحتضن اجتماعات الحكومة بين الحين والآخر".

ولفت: "هناك أماكن يمكن أن يُعقد فيها اجتماع مجلس النواب، مثل تعز أو المخا، فقد اجتمع النواب فيهما سابقًا دون مشكلات".

ويرى: "المسألة ليست في المكان، بل في النية الحقيقية لأن يكونوا موجودين ويمارسوا صلاحياتهم الدستورية".

واعتبر: "الحديث عن المعوقات المالية ليس مقنعًا، إذ إن النواب يحصلون على مخصصاتهم".

وبيّن: "في اجتماع سيئون عام 2019، كان كل نائبٍ يحضر بعشرات المرافقين والسيارات والمواكب، بخلاف ما كان يحدث في صنعاء عندما كان الأعضاء يعيشون فيها".

وأكد: "اليوم أصبحوا مبعثرين في أنحاء العالم، ما جعل كلفة الاجتماع أكبر، لكن يمكنهم عقد اجتماعٍ كل شهرين على الأقل في أي مدينةٍ آمنة".

وقال: "إذا قلنا إن عدن غير آمنة، فهذا لا يبرر غياب المجلس، وعدن ليست عاصمةً مؤقتةً إلا بالاسم، ومع ذلك يجب أن تستمر الاجتماعات بشكلٍ دوريٍّ ولو افتراضيًّا، حتى لا يتوقف عمل المجلس تمامًا".

وأضاف: "الحديث عن نزع المشروعية عن السلطة الشرعية يخدم الحوثيين فقط؛ لأنهم بلا مشروعية أصلًا".

وأردف: "وعندما نقول إن الحكومة والقيادة الشرعية لا مشروعية لهما، فنحن نسلّم القوة لمن تغلب بالسلاح"، مؤكدًا: "الشرعية، رغم فشلها، تبقى مظلةً هامةً لا بُدّ من الحفاظ عليها".

وأقرّ: "مجلس القيادة الرئاسي والحكومة فشلا فشلًا ذريعًا، وعدم قدرتهم على حماية ميناء الضبة أو تصدير النفط دليلٌ واضح، لكن هذا لا يعني نزع الشرعية منهم"، من وجهة نظره.

وتابع: "علينا معالجة الفشل وتغيير الأشخاص إن لزم الأمر، لا إسقاط المشروعية التي تمثل الأساس الدستوري والوطني للبلاد".

وأوضح: "نحن أمام شرعيةٍ هَرِمة، لا تمتلك القدرة على الحركة ولا روح المبادرة".

وأردف: "مجلس النواب المنتخب عام 2003 أصبح أطول مجلسٍ في العالم، ومع أنه يحتفظ ببعض المشروعية لغياب الانتخابات، إلا أن أداءه يعكس حالة الشيخوخة العامة التي أصابت الشرعية".

وأشار: "لو وُجدت الإرادة والهمة، لأمكن عقد الاجتماعات في عدن، أو أي مدينةٍ أخرى، لدينا مشكلة في غياب القرار السياسي لا أكثر".

ونوّه: "الخلافات بين القوى المختلفة ـ الانتقالي، الإصلاح، المؤتمر ـ لم تعد مبررًا للجمود، إذ إن الجميع متشابهون في غياب الرؤية والمبادرة".

وقال: "ما نحتاجه اليوم هو عقلٌ سياسيٌّ حيٌّ وشجاعةٌ في اتخاذ القرار".

وأضاف: "للأسف، حتى مجلس القيادة الرئاسي لا يجتمع إلا في الرياض، وكأنه خاضعٌ للإدارة الخارجية؛ كان الأولى أن يجتمع في عدن بشكلٍ مكتملٍ ليؤكد استقلال قراره".

- شرعية مجلس النواب

بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة الدكتور فيصل الحذيفي: "أنا لا أنظر إلى الشرعية نظرةً إجمالية، بل أفرّق بين الشرعية الدستورية والقانونية للسلطة التشريعية، وللسلطة التنفيذية".

وأوضح: "السلطة التنفيذية انتهت شرعيتها بمجرد إلغاء منصب رئيس الجمهورية ونائب الرئيس، وتعيين ثمانية أعضاء بقرار خارجي، وهم مواطنون قَبِلوا هذا التعيين من جهةٍ أجنبية".

وأضاف: "وبالتالي أصبح الحديث عن شرعية السلطة التنفيذية في هذا الشأن مشكوكًا فيه على المستويين الدستوري والقانوني، بل وحتى على المستوى الواقعي".

وتابع: "علينا أن ندقّق في ما تبقّى من شرعيةٍ للسلطة اليوم في اليمن"، مؤكدًا أن "الشرعية الوحيدة المتبقية هي شرعية مجلس النواب؛ لأنه مجلسٌ منتخبٌ من الشعب".

وأردف: "أما مسألة الاعتراض على بقائه فترةً طويلة، فالدستور نفسه ينصّ في إحدى مواده على أنه في ظلّ الظروف القاهرة يبقى المجلس يمارس مهامه الدستورية والقانونية حتى تنتهي تلك الظروف".

واستطرد: "ولذلك لا نستطيع أن ننزع عنه الشرعية، خلافًا لما جرى لمنصب الرئاسة ونائب الرئيس وفق الدستور".

وزاد: "فيما يتعلق بالاجتماع الافتراضي لمجلس النواب، فإن المادة '77' من الدستور توجب تخصيص مكافأةٍ وموازنةٍ للمجلس حتى يتمكن من أداء مهامه".

وأشار إلى أنّ "الحكومة أسقطت عنه هذه الحقوق والموازنة، ما جعله عاجزًا عن الاجتماع بقدراته الذاتية، وغير قادرٍ أيضًا على ممارسة مهامه وفق المادة '62'، المتعلقة بالرقابة، وإقرار الموازنة العامة، والحساب الختامي، ومنح الثقة للحكومة أو حجبها، ومساءلتها".

ويرى: "هناك تقصيران واضحان؛ أولهما تقصيرٌ من السلطة التنفيذية التي استهدفت المجلس بمنعه من الانعقاد داخل مناطق الشرعية، وحرمانه من حقوقه المالية والموازنية، وثانيهما تقصيرٌ ذاتيٌّ من الأعضاء أنفسهم، وبالأخص من هيئة رئاسة المجلس".

وقال: "أنا أعتب عليهم كثيرًا، فهم ممثلو الشعب ويعون مسؤوليتهم، فكيف يتركون سلطتهم ويذهبون ليصفقوا لسلطةٍ تم تسليمها بشكلٍ غير شرعي؟".

وأضاف: "ما زلنا نأمل أن يستفيق هذا المجلس، ولو بالحد الأدنى؛ لأنه يمثل السلطة والشرعية المتبقية في البلاد".

وتابع: "مجلس النواب لا يملك اليوم موازنةً تتيح له تسيير أعماله، ولا يتقاضى أعضاؤه مكافآتٍ من الموازنة اليمنية، الأمر الذي يجعله رهينًا للمموّل الخارجي".

وأردف: "لو توفرت موازنةٌ يمنيةٌ محلية لتسيير أعمال مجلس النواب، ولصرف مكافآتٍ لأعضائه، لتمكنوا من العمل باستقلاليةٍ أكبر، ولعبّروا بصدقٍ عن الإرادة الشعبية، بدل هذا التشتت الذي يعيشونه داخل البلاد وخارجها".

وزاد: "وربما لو توفرت مثل هذه الموازنة، لأمكن استقطاب بقية أعضاء المجلس الموجودين في صنعاء، حتى يكتمل النصاب ويؤدي المجلس دوره بصورةٍ مكتملة، لا مختزلةٍ ومنقوصة كما هو الحال الآن".

وقال: "وفقًا للمادة '66' من الدستور، يحقّ لمجلس النواب في ظلّ الظروف القاهرة أن يعقد جلساته حيث يشاء وكيفما يشاء، فنحن لسنا في ظرفٍ طبيعيّ لنحاسبه على طريقة انعقاده".

وأضاف: "إذا تجاهلت الحكومة مجلس النواب وواصلت عملها دون اعترافٍ به، فهي بذلك تنزع عن نفسها شرعية التمثيل الشعبي".

ونوّه: "التدخل الخارجي الذي أنشأ مجلس القيادة من ثمانية أشخاص لا سند له في الدستور؛ لأن النظام اليمني نظامٌ مختلطٌ يقوم على رئيس دولةٍ ونائبٍ له ورئيس حكومة".

واعتبر: "ما فعله مجلس النواب حين شرعن لهذه الصيغة يعدّ اختراقًا دستوريًا كان يجب تصحيحه".

وذكّر: "كان على مجلس النواب أن يُصرّ على إعادة صياغة إعلان نقل السلطة وفقًا للدستور، بحيث يتم النقل من الرئيس إلى نائبه، لا إلى هيئةٍ جديدةٍ لا وجود لها في النظام الدستوري".

وبيّن: "نصّت المادة '116' من الدستور على أنه إذا غاب رئيس الجمهورية أو نائبه لأي سببٍ كان، يتولى مجلس النواب إدارة شؤون الدولة، وبناءً على ذلك، أدعو المجلس إلى تحمّل مسؤوليته القانونية والدستورية، وتولّي إدارة البلاد مؤقتًا وفق هذا النص، لتحوّل السلطة التشريعية إلى المرجعية العليا خلال هذه المرحلة الانتقالية".

تقارير

تحقيق يكشف وعود الإمام البدر بالاعتراف بإسرائيل مقابل دعمها للملكيين

تحقيق استقصائي جديد لبرنامج "المتحري" على قناة الجزيرة، يكشف للمرة الأولى تفاصيل مثيرة حول أول عملية نفذها الاحتلال الإسرائيلي في اليمن، والدعم العسكري السري الذي قدمته إسرائيل للإماميين "الملكيين" إبان حرب قيام الجمهورية اليمنية عام 1962، في سياق صراع إقليمي ودولي محموم على النفوذ في البحر الأحمر.

تقارير

عودة مليشيا الحوثي إلى لغة التصعيد.. محاولة لخلط الأوراق أم الواقع يفرض عليها معارك جانبية؟

بعد توقف الحرب في غزة، تُتهم مليشيا الحوثي بالبحث عن عدو جديد وصراع يعيدها إلى المشهد في إطار التهرّب من الالتزامات الداخلية ونهب الإيرادات لصالحها، في وقت تغرق فيه مناطق سيطرتها في الفقر والحرمان وغياب الرواتب والخدمات.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.