تقارير
في ظل تفاقم الأزمات.. كيف يمكن تفسير الخلافات بين العليمي وبن مبارك في قمة هرم السلطة؟
يتجلى الصراع بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الوزراء اليمني كصراع مصالح وصلاحيات أكثر من كونه اختلافًا حول مصلحة وطنية، إذ يتسابق الطرفان لتوسيع نفوذهما عبر تعزيز علاقاتهما مع الأطراف الخارجية، مستخدمين مرونة فائقة أمام الخارج لتعزيز الصلابة أمام الداخل.
في ظل أزمة متفاقمة وموارد محدودة، تتحول القيادات اليمنية إلى لاعبين في مزاد سياسي تسوده المصالح الشخصية، حيث تُباع المواقف وتُقدَّم التنازلات ليس لتحقيق مكاسب استراتيجية للدولة، بل لتأمين مكاسب فردية ضئيلة لا تتجاوز حدود النفوذ الشخصي. هذا النهج لا يعكس فقط عجز القيادات عن تقديم رؤية وطنية شاملة، بل يؤدي أيضًا إلى تعاظم الصراع على الموارد الشحيحة، مما يضاعف من معاناة الشعب اليمني الذي يُترك وحيدًا لمواجهة أزمات اقتصادية وإنسانية غير مسبوقة.
مع استمرار هذا النهج القائم على تقديم الولاءات الخارجية بدلاً من بناء حلول وطنية، يُطرح المستقبل تساؤلات حرجة: إلى أي مدى يمكن أن يستمر هذا الصراع في ظل تفاقم الأزمات؟ وكيف يمكن لليمن تجاوز مرحلة استنزاف موارده المحدودة لصالح صراعات لا تعود بالنفع على الشعب؟ والأهم من ذلك، هل هناك فرصة لإعادة توجيه دفة القرار السياسي نحو الداخل بدلاً من الخارج؟
امتداد للمصالح
يقول عضو اللجنة العامة في المؤتمر الشعبي العام، الدكتور عادل الشجاع، إن ما نشهده اليوم من خلاف متصاعد بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس الوزراء هو امتداد للتجاذبات الإقليمية والدولية. وأضاف:
“نشهد صراعًا داخل سلطة تنفيذية متمثلة برئيس مجلس القيادة ورئيس حكومة يُعيَّن من قِبَل رئيس مجلس القيادة. بإمكان رئيس مجلس القيادة أن يقيل رئيس الحكومة ويكلف رئيسًا آخر، لكن لأن الطرفين يتم تعيينهما من الخارج، فإن اتخاذ القرار وفق المرجعية الدستورية يصبح صعبًا. وبالتالي، فإن الصراع هو في الأساس امتداد للمصالح الإقليمية والدولية وليس وفق المصالح الوطنية”.
وتابع: “في اعتقادي أن هذا الصراع يأتي في ظل غياب المؤسسات الحكومية وغياب السلطات الثلاث داخل اليمن، سواء السلطة التنفيذية المتمثلة بمجلس القيادة ورئيس الحكومة، أو البرلمان والسلطة القضائية”.
وأضاف: “كان يُفترض برئيس الحكومة أن يتعاون مع رئيس مجلس القيادة في استعادة هذه المؤسسات وتفعيل السلطات الأخرى، وتحديدًا سلطات البرلمان أو مجلس النواب، الذي غاب تمامًا خلال المرحلة الماضية، سواء فيما يتعلق بالصراعات، أو ما يتعلق بالرقابة على الفساد الذي أصاب بنية الشرعية بطريقة مخيفة”.
وأردف:
“ظهرت ملفات الفساد في الآونة الأخيرة من خلال السجالات حول تحويل الملفات للنيابة، لكننا لم نشهد تحويل أصحاب هذه الملفات إلى القضاء”.
جزء من المناكفات
يقول الصحفي مراد العريفي: “ما يحدث يعود إلى حجم الفساد الذي كان ينخر المؤسسات الحكومية، إضافة إلى العجز الواضح في مجلس القيادة الرئاسي، الذي، بعد سنتين ونصف من تشكيله، لم ينجز على الأقل أدنى ما أُعلن عنه في أبريل 2022”.
وأضاف:“مجلس القيادة الرئاسي، الذي كان من المفترض أن يبدأ في إعادة ترتيب أوراق الحكومة الشرعية وإعادة تفعيل مؤسسات الدولة بعد عشر سنوات من انهيار الدولة وسيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، يبدو أكثر جرأة في ممارسة الفساد، وأكثر جرأة في العجز الواضح”.
وتابع:“ما كُشف مؤخرًا من ملفات الفساد، أعتقد أنه فقط رأس جبل الجليد. ما يدور في الخفاء أكثر بكثير”.
وأردف:“أعتقد أن هناك ملفات عديدة يمكن أن تهز الوضع إذا كانت هناك سلطة حقيقية أو على الأقل ذرة كرامة لدى هؤلاء الذين يتسيدون المجلس الرئاسي. عليهم أن يقدموا استقالاتهم على الفور نظرًا لما يحدث من أزمة يعيشها اليمنيون بسبب العجز الواضح”.
وزاد:“الأزمة اليمنية تزداد سوءًا وتتسع يومًا بعد يوم، وما واجه به رئيس الحكومة هو جزء من المناكفات السياسية بين رئيس الحكومة أحمد بن مبارك، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي”.
وختم بقوله:“ما حدث مؤخرًا يظهر وكأن أحمد بن مبارك يقدم شكاوى لدى السفراء الأجانب، ودائمًا ما يلتقي بهم ويتحدث عن قضايا الفساد، وهذا معيب بحق الحكومة الشرعية. لا توجد حتى الآن جهة قادرة على ضبط هذه العملية، ولا توجد آلية واضحة لمكافحة الفساد”.