تقارير

قرار دمج أجهزة المخابرات التابعة لمكونات الشرعية.. الدوافع والأبعاد والمعوّقات

08/01/2024, 06:58:55

 

بعد سنوات من دمج مليشيا الحوثي في صنعاء أجهزة المخابرات في مناطق سيطرتها باسم جهاز الأمن والمخابرات، يقرر مجلس القيادة الرئاسي دمج أجهزة المخابرات التابعة لمكوناته في المحافظات المحررة، في جهاز واحد سمي ب"جهاز أمن الدولة".

توقيت القرار يدفع إلى التساؤل حول إمكانية مساهمة هذا القرار في استعادة الدولة من خلال توحيد الجهود وتنسيق العمل الاستخباراتي، وتعزيز كفاءة العمل وترشيد الإنفاق، ومواجهة التحديات الأمنية المتزايدة في البلد، الذي تتقاسمه المليشيا شمالا وجنوبا.

صدور قرار على هذا المستوى من الخطورة والأهمية يعيد إلى الأذهان اللجنة العسكرية والأمنية التي من المفترض أنها تؤدي دورا هاما في هذا السياق، بل وعلى مستوى أكبر لكل الأجهزة والكيانات العسكرية والأمنية، غير أن أيا من إنجازاتها لم يرَ النور، واعتراف بفشل اللجنة. 

- قرار مُهم وحساس وتوافقي

يقول الباحث في الشؤون العسكرية، العميد عبدالرحمن الربيعي: "قرار دمج الأجهزة الاستخباراتية، الذي اتخذه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، يعد خطوة إيجابية وقرارا جريئا وتوافقيا؛ لأنه لا يمكن لقرار بهذه الأهمية والحساسية أن يتخذ من قِبل الرئيس العليمي منفردا".

وأضاف: "باعتقادي أن قرار الدمج كان قد اتخذ قبل أسابيع، خلال اجتماعات المجلس الرئاسي في الرياض، بحضور أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، وتم التوافق عليه، لما يمثله من أهمية".

وتابع: "عندما نعود إلى خلفية القرار وأهميته، لا سيما وأن الرئيس العليمي، رجل بدرجة أساسية ذو خلفية أمنية، ويفهم المشاكل القائمة على الساحة اليمنية، بينما البلد يواجه مشروع انقلاب، ولدى الشرعية تشظٍ، وكل مكون، أو كانتون من الكانتونات في منأى عن الآخر، أي أن العمل الاستخباراتي لا يصب في جهاز الدولة، أو في جعبة الرئيس تحديدا".

وأردف: "الرئيس هو من يتخذ القرارات المصيرية والحاسمة وفقا لإجراءات حقيقية وموضوعية، وأجهزة استخباراتية تمتلك الثقة والأداء والقدرة على العمل وتوصيف الوضع الأمني القائم في البلد، وتقدم المعلومات لصانع القرار الذي هو رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بدرجة أساسية، لذلك هو معني بأن تكون هذه الأجهزة مرتبطة به مباشرة".

وزاد: "يجب أن تكون أجهزة الاستخبارات موحدة تصب كل معلوماتها العسكرية، والاستخباراتية والأمنية، في جهاز أمني موحد؛ يتبع رئيس الجمهورية، بحيث يستطيع على ضوئها الرئيس أن يتخذ القرارات الصحيحة، وأن يتنبأ فيما يخص الجوانب الأمنية، لتتم المعالجة المسبقة، أو اتخاذ القرارات السليمة في الوقت المناسب". 

وقال: "جهاز مركزي لأمن الدولة يتبع رئيس الجمهورية مباشرة، وسيكون فيه قطاعات وإدارات وشُعب، وأستطيع تقديرها بأنها ستكون ثلاثة قطاعات، ولكل قطاع وظائفه واختصاصاته، لكن الجانب المعلوماتي يصب في إناء واحد". 

وأضاف: "قد تكون هذه القطاعات عبارة عن قطاع الأمن الداخلي للدولة، وقطاع الأمن الخارجي للدولة، أي بمعنى التعاون مع كل الأجهزة الأمنية في المحيط العربي، أو أي دولة تتعاون معها اليمن في الجوانب الأمنية، إضافة إلى قطاع الاستخبارات العسكرية".

وتابع: "لا نريد أن نستبق الأحداث؛ لأن هناك ستة أشهر كما نص القرار، سيتم خلالها عملية الدمج، ومن ثم وضع الآلية، التي ستحدد عدد القطاعات والشُّعب والإدارات، وكيفية إنشاء فروع في المحافظات".

- مشكلة عميقة

يقول الصحفي عبدالعزيز المجيدي: ليس لديّ معرفة بالخلفيات، التي جاء من خلالها هذا القرار، ومن المفترض أن هناك لجنة عسكرية وأمنية وظيفتها -وفقا لإعلان نقل السلطة- الترتيب من أجل دمج الأجهزة الأمنية والعسكرية بشكل كامل".

وأضاف: "بالقدر الذي يمكن أن يتم الإشادة بمثل هذه الخطوة، علينا أيضا أن نتتبع التفاصيل التي انطلق منها هذا القرار".

وتابع: "جانب من هذا القرار يكشف أن الكثير من التشكيلات، التي تم إنشاؤها خارج أجهزة السلطة الشرعية، تم بناء أجهزة استخباراتية لها من قِبل الأطراف التي موَّلتها، الأمر الذي يكشف عن مشكلة عميقة، وبنفس الوقت تكشف عن علة ستصيب هذا الجهاز لاحقا".

وأردف: "أي جهاز أمني، سيادي وشديد الحساسية، بالذات نحن نتحدث عن جهاز أمن دولة، وجهاز مخابرات، هدفه الأساسي مواجهة التهديدات الداخلية، وأيضا الخارجية، ومكافحة التجسس". 

وزاد: "نحن نتحدث عن مسألة توافقات بين أطراف، وعندما يتم الحديث عن أجهزة سيادية تتعلق بأمن الدولة، فالأمر لا يتعلق بخلافات سياسية وصراعات، وما إلى ذلك، عندما يتم التعامل مع مثل هذه المشكلة بهذه الخفة إلى حد كبير". 

ويرى أنه "من المفترض أن هناك أجهزة حكومية قامت على أساسها الشرعية، وهي جزء من مؤسسات الشرعية، اسمها جهاز الأمن القومي، وجهاز الأمن السياسي، والتحالف جاء لإسناد الشرعية بلافتاتها ومؤسساتها القائمة، بمعنى أنه كان يتوجب منذ بداية الحرب تقوية هذه الأجهزة من أجل القيام بواجباتها وأدوارها المختلفة".

وقال: "كل التشكيلات والفصائل، التي تم إنشاؤها كان يجب أن تكون أيضا خاضعة ومذعنة لهذه الأجهزة، لكن التشوّه الحاصل هو من خلال فكرة إدارة المشهد بالطريقة التي شاهدناها، خلال الفترات الماضية، ولعبة إنشاء مكونات وفصائل وتشكيلات، وإنشاء أجهزة أمنية واستخباراتية لها، رديفة لأجهزة الدولة".

وأضاف: "ونحن نتحدث عن جهازي الأمن القومي والسياسي، في نفس الوقت يتم الحديث عن أجهزة أمنية تتبع الانتقالي وحراس الجمهورية وألوية العمالقة، ويمكن ملاحظة أن هناك جهازين أمنيين منفصلين للانتقالي وألوية العمالقة، وهذا يعني أن المكونين أو التشكيلين، اللذين يتبعان طرفا واحدا، تم إنشاء جهازين أمنيين مختلفين لهما، رغم أنهما يتبعان طرفا واحدا وممولا واحدا".

وتابع: "هناك من أراد خلق تعقيدات كبيرة في المشهد اليمني على مستوى التفاصيل الدقيقة، التي تؤدي إلى ما أدت إليه من خلال التخلص من واجهة الشرعية، ثم بعد ذلك المجيء بإدارة جديدة لإدارة المشهد، ثم خلق شرعيات جديدة لمسميات تم صناعتها". 

وأردف: "من الناحية النظرية نرى أن هذا القرار محاولة للملمة شتات مختلف الأطراف، ودمجها بجهاز أمني واحد، لكن إلى أي مدى هذه الأجهزة تشكلت وفقا لحِرفية ومهنية يفترض أن يقتضيها مثل هذا الجهاز وأدواره الحساسة".

ولفت إلى أن "جهاز الأمن القومي خُلق لدوافع خاصة، تتعلق بمسألة حسابات الرئيس السابق علي عبدالله صالح، عندما قام بإنشائه، وعيَّن على رأسه ابن شقيقه، عمار صالح، وكان هذا الجهاز يقوم بدرجة رئيسية بأدوار لخدمة مصالح النظام، بمعنى أن دائما الحسابات، التي تقوم عليها إنشاء أجهزة سيادية متعلقة بمصالح السلطة القائمة أو النظام القائم أو الفرد الحاكم، هي مشكلة بحد ذاتها، فماذا عندما يتم اليوم دمج أجهزة لمكونات مرتبطة بأشخاص، وهؤلاء الأشخاص مرتبطون بأطراف خارجية؟".

تقارير

الحوثيون يوسعون الانقسام النقدي.. وخبراء يحذرون من "مسار اللاعودة"

في خطوة تصعيدية جديدة تهدد بتفكيك ما تبقى من النظام المالي الموحد في اليمن، أعلنت مليشيا الحوثي، عبر "البنك المركزي" في صنعاء، عن إصدار أوراق نقدية جديدة من فئة 200 ريال وطرحها للتداول اعتبارًا من الأربعاء، وذلك بعد أيام من سك عملة معدنية من فئة 50 ريالًا.

تقارير

مدرستان في وطن واحد.. الانقسام التعليمي يُعمّق جراح اليمن

في اليمن، لم تعد الحرب تكتفي بتقسيم الجغرافيا والسياسة؛ بل امتدت إلى تقسيم التقويم المدرسي، والمناهج الدراسية، وحتى نُظم الامتحانات، إذ أعلنت وزارتا التربية في صنعاء وعدن -الخاضعتان لسلطة الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا- عن بدء العام الدراسي الجديد 2025 – 2026 في تاريخين مختلفين، وفق تقويمين، ومناهج، ونُظم تربوية متباعدة، ما يُعمّق الانقسام الوطني ويهدد مصير جيل بأكمله.

تقارير

تواطؤ أممي وتحايل حوثي.. كيف تحولت "نوتيكا" إلى منصة لتهريب النفط وتمويل الحرب؟

كانت السفينة «صافر» العائمة قرب سواحل اليمن في البحر الأحمر تُعد قنبلة موقوتة، لكن بفضل الأمم المتحدة، تحولت إلى قنبلتين، وفوق ذلك أصبحت أداة جديدة لتعزيز اقتصاد ميليشيا الحوثي الحربي، ووسيلة لتربّح الموظفين الأمميين، ومحطة لعبور النفط الإيراني والروسي المهرّب.

تقارير

كيف استلهم الحوثيون مساوئ الطائفية في إيران وبعض الدول العربية؟

بعد استكمال سيطرتها على المساجد في المدن الرئيسية وإغلاق مراكز تحفيظ القرآن الكريم فيها، بدأت مليشيا الحوثيين حملة ممنهجة للسيطرة على المساجد وإغلاق مدارس تحفيظ القرآن في المدن الثانوية والأرياف النائية، ويتخلل ذلك حملات قمع وترويع واعتقالات، مثل قتل أحد أبرز معلمي القرآن في محافظة ريمة، الشيخ صالح حنتوس، والسيطرة على عدد من المساجد في بعض أرياف محافظة إب بعد طرد أئمتها أو اعتقالهم، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة في المحافظة ذاتها، وامتداد هذه الحملة إلى محافظة البيضاء، وقد تتسع في الأيام المقبلة لتشمل مناطق أخرى تسيطر عليها المليشيا.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.