تقارير

قواعد أجنبية في الجزر اليمنية.. ما وراء تصريحات الرئيس الإرتيري بشأن حماية البحر الأحمر؟

18/11/2025, 06:15:18

طرح الرئيس الإرتيري "أسياس أفورقي" في مقابلة تلفزيونية رؤية مباشرة لأمن البحر الأحمر، ربط فيها بين الجزر اليمنية وجغرافيا القرن الأفريقي؛ باعتبارها وحدة واحدة تتعرض لضغط خارجي متزايد.

في حديثه عن سقطرى وميون وزقر، اعتبر "أفورقي" أن محاولات إقامة قواعد أجنبية في هذه الجزر تعيد تشكيل الممر البحري بما يتجاوز سلطة الدول الساحلية، محذراً من أن هذا النوع من الحضور العسكري يغذي عدم الاستقرار.

وأكد الرئيس الإرتيري أن حماية البحر الأحمر لا تنجزها تفاهمات منفردة أو ترتيبات ثنائية مع القوى الكبرى، بل قدرة ذاتية لكل الدول الساحلية، وتساندها آلية إقليمية مشتركة تضمن مسؤولية جماعية عن أمن الممر البحري.

-الهاجس الرئيسي

يقول الباحث والكاتب المتخصص في الشأن الأفريقي، الدكتور محمد صالح: "الرئيس الإرتيري انطلق في حديثه عن مخاطر إنشاء القواعد بهاجس رئيسي؛ ففي هذه الفترة هناك حرب تصريحات بينه وبين الحكومة الإثيوبية حول ميناء عصب".

وأوضح: "إثيوبيا تبحث عن منفذ على البحر الأحمر وترى أنها أحق بأن تأخذ ميناء عصب، وتصيغ مبررات وسياقات كثيرة أن لديها حقاً تاريخياً وأنها ستأخذ هذا الميناء، وأنه إذا لم تأخذه بالقانون يمكن أن تتخذ خيارات أخرى؛ لذلك كان هذا هو المحرك الرئيسي لتصريحات الرئيس الإرتيري".

وأضاف: "لكن الموضوع من حيث المبدأ؛ فأن تنشأ قواعد وتتواجد فيها قوات ليس لها علاقة بالدول المشاطئة للبحر الأحمر أو الدول التي لها صلة مباشرة بملكية هذه الجزر، فلا شك أن ذلك يعتبر خطراً أمنياً على الدول المشاطئة للبحر الأحمر وعلى السفن العابرة للبحر الأحمر".

وتابع: "الهاجس الرئيسي الآخر لتصريحات الرئيس الإرتيري، أن هناك معلومات تفيد بأنه يجري العمل على إنشاء قاعدة عسكرية في جزيرة زقر اليمنية، ولم يسمِّ الدولة التي تقوم بذلك، لكن الجهة التي تعمل على هذه المسألة معروفة؛ لذلك هو يخشى أن تكون هذه القاعدة إذا أنشئت ستشكل خطراً على إرتيريا، وربما تكون جزءاً من أي عمل تقوم به إثيوبيا لاحقاً".

وأردف: "الإمارات متحالفة مع إسرائيل، وأثيوبيا لديها قوة دفع كبيرة من الإمارات وإسرائيل، وتعوّل كثيراً على دعمهما للعودة إلى البحر الأحمر، وتهديداتها لأرتيريا إلا وظهرها مسنود على هذه الدول".

وزاد: "تواجد إسرائيل عبر الإمارات في الجزر اليمنية يشكل خطراً كبيراً على سيادة الدول وعلى المصالح الدولية والإقليمية التي تعبر عبر هذا البحر، بدون أدنى شك".

-الجزر خارج سيطرة اليمن

يقول الصحفي والناشط السياسي، وديع عطا: "تصريحات الرئيس الإريتري 'أسياس أفورقي' فاجأتنا كثيراً كيمنيين؛ أولاً لأن المعلومات المسبقة لدينا بأن هناك علاقات تاريخية قائمة ما بين أريتريا وإسرائيل، وأن هناك قواعد إسرائيلية قامت في أرخبيل دهلك بإريتريا وفي غيرها".

وأضاف: "لكن بالنظر كذلك لتسلسل الأحداث وما حصل من تأزم العلاقات بين إريتريا وإسرائيل، جعل المتدخل الثالث إقليمياً في المنطقة وهي الإمارات، وكأنها بدأت تسحب البساط من تحت شركاء إسرائيل في المنطقة إذا صح التعبير، والذين كانت تعتبر أرتيريا أهمهم تقريباً ممثلة بالنظام، وليس الشعب، ففي الأخير النظام هو الذي يحكم وهو الذي كان يوقع الاتفاقيات".

وتابع: "هناك أزمات متتالية سواء دبلوماسية أو تتعلق باللاجئين الإرتريين، وأنا تابعت أكثر من لقاء أيضاً للمحللين الإسرائيليين، حيث يربطون ملف اللاجئين الإرتريين بالصراع الذي حصل، وكان آخرها الاشتباك تقريباً مع الشرطة الإسرائيلية في تل أبيب في 2023".

وأردف: "هذا الملف ألقى بظلاله أيضاً على أن إريتريا تذهب بعيداً إلى مسألة قطع العلاقات بشكل كلي، وهي مقطوعة أيضاً قبل هذه الأحداث، ربما لعوامل لا نعلمها نحن كيمنيين، لكن في الأخير هناك شرطي جديد في المنطقة (الإمارات) برز ويقدم خدماته وفقاً لمصالح الدول المركزية العالمية التي هي الولايات المتحدة الأمريكية".

وزاد: "عملياً أستطيع أن أقول إن الجزر اليمنية في البحر الأحمر خرجت تماماً من تحت أي سيطرة يمنية منذ 2019، في ظل صمت حكومي مطبق".

وقال: "نهاية 2015 تواجدت قوات الحوثيين رمزياً في الجزر اليمنية: حنيش وزقر، وهي أكبر الجزر اليمنية في البحر الأحمر وفي أرخبيل حنيش بشكل رئيسي، وفي أغسطس 2019 بالتحديد تم استلامها من قبل القوات الشرعية ممثلة بما كان حينها يسمى بـ'حراس الجمهورية'، استلموها".

وأضاف: "سُلِّمَت أرخبيل حنيش لقوات حراس الجمهورية المدعومة من الإمارات، وحينها تم طرد من الأرخبيل حتى من كان فيها يمثل الشرعية، أو حتى ما كانت تسمى بالمقاومة التهامية التي كانت يفترض أن ترتبط بمحور الحديدة العسكري المرتبط أيضاً بوزارة الدفاع، وحينها لم يصبح هناك أي تواجد لوزارة الدفاع في أرخبيل حنيش، وأصبح هناك تواجد لحراس الجمهورية المدعومين من الإمارات".

وتابع: "حينها زارها طارق صالح ليدشن نظامه ونشاطه العسكري، وكان هناك نوع من التفاؤل أيضاً بأننا كدولة يمنية متواجدون في هذه الجزر، لأنه من حين لآخر أيضاً كانت تحصل هجمات من قبل خفر السواحل الإرتيري على الصيادين اليمنيين، ويصل الهجوم إلى شواطئ الجزر اليمنية".

وأردف: "حصل بعد ذلك أكثر من حدث أيضاً من خفر السواحل الإرتيري، وكانت لدينا شكوك أيضاً بأن هناك ربما أوامر إسرائيلية للنظام الإرتيري؛ لكن الأمور في الأخير ترتبط بحسابات إقليمية أكبر من الحكومة اليمنية وأكبر من الدول الضعيفة التي تحكم اليوم، دول فاشلة وضعيفة في منطقة القرن الأفريقي ومنطقة البحر الأحمر".

-ليس هناك أي مخاوف

يقول المحلل العسكري العميد عبد الرحمن الربيعي: "أنا تابعت جيداً المقابلة مع الرئيس الإرتيري 'أسياس أفورقي'، واستطعت أن أستحضر هذا الظهور ولو أنه يعتبر متأخراً، لكنه أيضاً جاء في لحظة حرجة تعيشها منطقة جنوب البحر الأحمر التي تتركز فيها ثلاث دول ذات أهمية: الجمهورية اليمنية وهي المسيطرة الأكبر على أرخبيل حنيش وأيضاً بعض الجزر، ثم أريتريا ولها أيضاً إطلالة بحرية ولها جزر كثيرة جداً مثل جزر دهلك وجزر فاطمة، وأيضاً جيبوتي".

وأضاف: "اليمن تعيش الآن حالة احتراب، وحالة الاحتراب هذه أدت إلى حالة من الضعف في أن تبسط اليمن سيادتها على المياه الإقليمية أو المياه المشاطئة، لكن نقول الجزر كحق سيادي لليمن".

وتابع: "أريتريا لا تزال تعتبر نفسها أنها همشت في ظل عراك دولي مستحضر في منطقة تمثل حيوية جيوسياسية للعالم، وهي منسية، لا سيما وأن إثيوبيا الآن دولة تستقوي فعلاً وأصبحت لديها كثير من المطامع نتيجة هذه الفوضى العارمة والفراغات الموجودة في منطقة جنوب البحر الأحمر، وتريد أن تعود من جديد، وعودتها قد يكون إما احتلال أريتريا كلياً أو أجزاء منها لكي تجد لساناً أو منفذاً بحرياً على ميناء مصوع، وهذا حلم إثيوبي أصبح الآن على المكشوف".

وأردف: "ليست هناك أي مخاوف على الإطلاق؛ أولاً عندما نتحدث عن مياه مشاطئة وجزر ومياه سيادية ومياه إقليمية، أعالي البحار، الجرف القاري الذي تمتلكه اليمن، والجزر المنتشرة في جنوب البحر الأحمر؛ هذه العوامل فيها نوع من التهويل وفيها نوع من محاولة لفت الانتباه، بمعنى: لماذا لم تذكروني؟ أو أكون في صلب هذا التنافس والاستحواذ كما هو حال أريتريا الآن".

وزاد: "العلاقات الحميمية ما بين إثيوبيا وإسرائيل التي تركت أريتيريا، رغم أنها كانت تحلم بأن تضع لها قواعد عليها، لكنها تركت أريتيريا وعادت إلى إثيوبيا أو الحبشة على وجه التحديد؛ لأنها تشكل جانب ضغط على مصر".

وقال: "اليوم إثيوبيا تحاول أن تستخدم هذه العلاقات الطيبة، وكأنها تعطي إشارات لإسرائيل أنه ممكن نعود إلى منطقة البحر الأحمر عن طريق احتلال أجزاء من أريتريا بدعم إسرائيلي؛ لذلك المسألة ليست بهذا التهويل، وأن المنطقة أصبحت منطقة صراعات ومناطق نفوذ، إلى آخره".

وأضاف: "الإمارات ليست من الدول ذات النفوذ العالمي أو الدولي، هي دولة بسيطة أشبه بالبرتغال في القرن السابع عشر، تمتلك إمكانيات؛ لكن طالما ولدينا قوات حراس الجمهورية والساحل الغربي بقيادة الفريق طارق صالح، وهذه القوات منضوية في إطار الحكومة الشرعية".

وتابع: "هذا التواجد الإماراتي هو تحت مبرر وغطاء الشرعية الموجودة بقواتها في جزيرة حنيش وزقر، وهناك تعاون ما بين قوات الحكومة الشرعية ودولة الإمارات، وهذا شيء معترف به، وحضور الإمارات باستدعاء من حكومة شرعية معترف بها دولياً".

تقارير

الانتقالي يتمكن من تمرير قراراته.. كيف أصبحت التعيينات في اليمن مرهونة بالنفوذ والسيطرة؟

وجهت مذكرة رسمية من مكتب رئاسة الجمهورية الحكومة بإصدار قرارات التعيين غير القانونية التي أصدرها عضو المجلس الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي؛ عيدروس الزبيدي، لشرعنتها وإعطائها غطاء رسميا.

نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) خاصة بنا. بمواصلة تصفحك لموقعنا فإنك توافق على استخدام ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) وعلى سياسة الخصوصية.