تقارير
كشف لـ "بلقيس" تفاصيل "ليلة خطف الرئيس".. الروائي محمد مثنى: بعت سيارتي لأستكمل "رحلتي مع الأدب"
أنجز الروائي اليمني الكبير محمد مثنى سردية رحلته مع الكتابة والأدب، الممتدة لأكثر من 40 عاما، منتظمة، في إصدار ورقي، يعد من أبرز واهم الإصدارات الأدبية والثقافية المنشورة، خلال العامين الماضيين، على الأقل، في مشهد الثقافة والنشر الأدبي في اليمن.
بينما كان مرتقبا صدور سرديّته القصصية الجديدة التي كان أعلن عنها في وقت سابق واتفق على عنونتها بـ"ليلة خطف الرئيس"، إلا أنه مضى في إصدار سردية قصصية أخرى حملت عنوان "للقمر عيون".
حين سألته عن مصير سردية "ليلة خطف الرئيس"، قال: "كنت بالفعل اعتزم إصدار هذا العمل القصصي، متضمنا 15 قصة منها قصة "ليلة خطف الرئيس"، التي كان عنوانها سيمثل عنوانا للمجموعة. ولكني بعد قراءة متأنية للأحداث، التي لازلنا فيها، ويُخاض غمارها، قررت إلغاء نشرها لا لشيء إلا لأنها كانت أقرب إلى التقريرية، وسياسية بالدرجة الأولى. لقد قرأت القصة، وأعدت قراءتها مرات فلم استحسن واقعيتها، وقد كتبت ما يتعلق بهذه القصة في حديث سياسي مباشر في كتابي "رحلتي مع الكتابة والأدب".
يسجل الكتاب قيمة مضافة إلى نتاجات ذلك النوع من "أدب السّير الذاتية"، يمتزج فيها "الأدب والسياسة والثقافي والاجتماعي بشتى تقاليده وأمزجته وتطلعاته إلى الحياة الأجمل؛ بعيدا عن نيران الحرب والدمار والخراب".
ويجوز اعتباره محصلة غنية وثرية لسارد فذ ورائد في مشهدية السردية الأدبية اليمنية المعاصرة، قصة ورواية، ومسرحا، لم تكن يوما ما بعيدة عن الناس وقضاياهم وأحلامهم، في مضامينها الموثقة بشكل منظور في 12 عملا سرديا ما بين القصة والرواية والمسرح، ناهيك عن أعمال مخطوطة لم تتح إمكانياته المادية جمعها وطباعتها، إلى جانب سرديات في النقد الأدبي ومقالات في الأدب والثقافة والسياسة والفن.
والكتاب بما يتضمَّنه من إفصاحات عن علاقة مثنى مع الأمكنة والناس والظواهر الاجتماعية، فهو يكشف عن محطات مهمة من تجربة السياسي الطليعي الذي كان، مع عدد من مجاييله ورفاقه، في مشهدية ما بعد ثورة 26 سسبتمبر 62 و14 أكتوبر 63 من تسعينات القرن الماضي، وناله - تبعا لذلك- من الاعتقال والمطاردة والإقصاء والتهميش الوظيفي، حتى في مراحل تالية لقراره التفرغ في معظم وقته للكتابة الأدبية وللعمل الثقافي والنقابي، والتخفف من مزاولة النشاط السياسي والحزبي كمؤسس لـ"حزب العمل" الذي سوف ينضوي لاحقا والمجموعة الحزبية "الديمقراطي الثوري" "والطليعة الشعبية" مع "الجبهة القومية" في مكون واحد هو "الحزب الإشتراكي اليمني".
- رحلتي والحرب
ضاعفت الحرب، التي تشهدها البلاد، من شعور مثنى باستحضار وتذكر رحلته مع الكتابة والأدب والسياسة، بيقين أن "الرحلة بين الكتابة والأدب والحياة التي عشتها بحاليها ومرارتها لن تكتمل مسيرتها التي ادأردتها لها إن لم تتعرض لأهم الأحداث وأخطرها وأشملها: الحرب المستمرة من سنوات طويلة إلى اليوم، التي تفتك بالبلاد واقتصادها وبنيتها التحتية ومستقبلها.
كما هي حرب مضيعة للجهد والوقت، كانت تخلصت منها أوروبا حين كان الصراع المذهبي بين الكاثوليك والبروتستانت، ثم صراع البروتستانت والأرثوذكس، إلى أن تحول إلى صراع الاقتصاد والمنافسة السلمية، لتجني منهما التقدم والتطور في شتى المجالات، ومنها الحرية والديمقراطية والاقتصاد، الذي جعل أوروبا في مقدمة البلدان المتطورة".
وعلى هوامش إنهماكه في تسجيل سرديته هذه، يمضي مثنى أيامه متجاسرا على متاعب التقدم في السن،(76 عاما)، وكذلك ضعف السمع، وتردده بين الحين والآخر على مراكز التدليك في صنعاء لمعالجة أوجاع عموده الفقري ورقبته.
سألته لماذا لم يصدر الكتاب عن جهة ثقافية ما، أو عن أي من دور النشر التي صارت مؤخرا متاحة إلى حدٍ ما وتتواجد خارج البلاد، مثل مؤسسة أروقة ودار عناوين في القاهرة؟ أجاب: "أي جهة ثقافية -يا صديقي- في الوقت الحالي وأين توجد؟ أنا لا أعلم. وما أعلمه أن السن يتقدم بي، ولا أحد يضمن بقاءه في هذه الدنيا. لقد كتبت واخترت الكتابة والأدب والثقافة، وتعرضت لأحداث مؤسفة ومؤلمة من المطاردات في عملي والاعتقالات، والتقصد لا لشيء إلا لأني اختلفت مع زفة السلطة. فكان لا بُد أن أسارع لطبع كتابي هذا بإمكانيتي المادية الخاصة، وقد بعت سيارتي بعد تجميد مرتّبي في بنك اليمن الدولي، واحتجاز وديعتي المتواضعة "توفير" مع احتجاز ودائع الناس.. ووجدتها فرصة ما كانت لتعوض لو أنّي انتظرت وتهت في البحث عن من يتبنّى طبع كتابي".
جاء في تعليق القاص زيد الفقيه، على صدور كتاب مثنى، وفق طبعة خاصة لا هوية نشر لها: "إن ظروف الحرب وقسوة الواقع وفجاجته قد انعكست في هذا الكتاب؛ فظهرت طبعته والسيرة التي يشملها، متعبة كنفسية (مثنى) ذاته؛ إذ يجد فيها القارئ أخطاءً طباعية ولغوية هنا وهناك؛ ذلك نتيجة لتعبه الوجودي الذي يمر به؛ نتيجة للحرب، التي هشمت النفوس، ودفعت بنا إلى الهاوية، حتى إن (مثنى) بدا قلقًا مرتبكا موجوعا في كل سطر من سطورها".
في هذا السياق، يقول مثنى مستدركا: "لقد اعترف الأديب الكولومبي (جارسيا ماركيز) الحاصل على جائزة نوبل أن روايته مائة عام من العزلة، التي حصدت الجائزة، أنه أحصى ثمانية عشر خطأً فيها بعد صدورها"، مضيفا: "الأخطاء الطباعية تُصحح، وقد قمت بالقراءة بعد الطبع والمراجعة، وصححت هذه الأخطاء، وحين تعرفت على دار عناوين بعثت لهم الكتاب بنسخة مطبوعة CD، واعتقد أنهم أنجزوا طباعته وعرضه في معارض الكتاب، التي أقيمت في بعض البلدان مؤخرا".
المثير للأسف، بعيدا عن الأخطاء الطباعية، قوله: "لم تكن ظروفي المادية تسمح بطباعة الكتاب في أكثر من 200 نسخة فقط، وزعت نسخا منها في 3 مكتبات بصنعاء، وأخرى وزعتها إهداءات لعدد من الزملاء. والباقي أحتفظ بها في منزلي".
بالمناسبة؛ كنت واحدا ممن تلقوا نسخة من الكتاب، ولولا ذلك، لكانت تأخرت معرفتي بإصداره. وسأعترف أنني ظللت شهورا طويلة غير قادر على الوصول إلى الكتاب، بعد أن هاتفني "مثنى" بأنه ترك لي نسخة لدى صديقه محمد الشرعبي، الذي يعمل أمينا لدار الكتب في صنعاء.
- عرفته السجون، ولاحقه التهميش الوظيفي
تشابكت أسئلة كثيرة عن قراءة ممتعة لرحلة مثنى مع الحياة والكتابة والأدب، كان أكثرها إلحاحا هو لماذا هذا الإفصاح المقتضب لرحلة تضج بالأحداث والوقائع، وتنتمي زمنيا إلى مراحل وفترات حاسمة في الحياة اليمنية. (الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات من القرن الماضي). ووفق صيغة مخاتلة سألته "من المؤكد أنه كان لديك الكثير مما يجب أن تقوله في عمل سردي ذاتي كهذا يبدو لي أنه على قدر كبير من الأهمية؛ لحساسيته الموضوعية والزمنية؟"، أجابني بأن القصة قد تركت أثرا من التركيز والكثافة والمعنى أولا وأخيرا، بعيدا عن التفاصيل المملة، والادأحداث التي لا تسفر عن معنى.
عشتُ أحداثا كثيرة. كان يمكن أن تستغرق مجلدا ضخما لو أنني حاولت إقحام القارئ فيما لا يعنيه من الأحداث والقضايا الشخصية، التي لا تهمه بقدر ما يهمه المعاناة والأحداث الكبيرة العميقة، التي تحدث لأحدهم خلسة قد لا يحس بها معظم الناس.. أحداث متفلتة من الحياة والطبيعة والكون.. أحداث لا يفتعلها إلا متسلطون خارج الإنسانية السوية.. انتهازيون ورهائن أنانية خسيسة تحيق الأذى بالآخرين، وتبتدع المطاردة والإيلام لكل ما هو طبيعي وإنساني لا يتلاءم مع خساستهم، وذلك شيء طبيعي لمثل هؤلاء الناس. في هذه الأحداث ما يهم القارئ، ويستفز إنسانيته السوية، لمقاومتها وترحيلها مع الزبالات، بعيدا عن الحياة النظيفة البهيجة، التي ينشدها الشعب في أسفاره الرائعة المضيئة المقبلة".
من غير الممكن أن لا يجد المتتبع للتجربة الحياتية والأدبية لمحمد مثنى مزية الاتكاء في مجملها على النزاهة والشجاعة. والتزامه العميق بالقضايا والأفكار والأحلام التي حملها، منذ تفتق وعيه على الحياة، ودرج أولى خطوات مسيرته في الكتابة السردية: "قصة ورواية ومسرحا، في مطالع السبعينات من القرن الماضي".
وكجزء من الإنصاف، الذي يجب أن يشمل تجربته السامقة، ينبغي القول إنه من القليلين جدا، في تمثل مفهوم المثقف العضوي، الملتزم بقضايا الناس والقريب منهم، والرافض لإغراءات السلطة السياسية والحزبية، ومواقف الاستلاب والارتهان.
نتيجة لذلك، دفع "مثنى"، ومن وقت مبكر، فاتورة قناعات الانحياز إلى الناس، في مؤلفاته الروائية والقصصية والمسرحية، وكتاباته في الشؤون العامة. ولهذا عرفته معتقلات الأمن السياسي في أواخر السبعينات، وناله القسط الأكبر من المضايقات والتهميش، بعد أن عرفته السجون والمعتقلات لأفكاره السياسية.
- بين السياسة والأدب
قبل سؤالي له عن مدى الحاجة إلى مثل هذا النوع من الكتابة، التي تندرج ضمن أدب السير الذاتية، التي قدّمها في كتابه، كنت أوضحت أنه من الجيد أن نقرأ شهادات الأدب عن تفاصيل حياة المجتمعات، سواء عاشت أسوأ أو أفضل مراحل الحاكمية السياسية، فالسائد هو أن السياسيين هم من احتكروا لأنفسهم الكتابة عن هذه المراحل وظروفها.
أردف قائلا: "السياسيون وهم يدونون تاريخ حياتهم ونشاطهم، عادة ما يكون في هذا التدوين من التلاعب والكذب والمبالغة عند البعض للإتيان بما لم يأتوا به، وينسبون لأنفسهم إنجازات ما كانت، ويحلو لهم التلاعب ما شاءوا. أما الأدب فيكون في أغلبه صادقا مخلصا لا يتابع أكثر مما تستدعيه الحقائق، وناقدا في الوقت نفسه، ومصححا لما تفتعله السياسة في التاريخ. أقصد التدوين الأدبي الخالص لوجه الصدق والحقائق وحدهما، وخصوصا في القصة والرواية، لما يتيح لهذين اللونين من الأدب أن ينتزعا لنفسيهما من الحرية والفكر والرمز والتفلت من عيون الرقيب، وهلاميته في الشطب والحذف".
هكذا إذن تأتي رحلة مثنى مع الحياة والكتابة الأدبية، طيلة أربعة عقود من الزمن. يمكن اعتبارها شهادات على أحداث ومراحل عاشها ولا يزال يعيشها اليمنيون، وسط تجريف مستمر لأحلامهم الكبيرة في وطن مستقر ومزدهر.
"إن مادة أعمالي القصصية والروائية والمسرحية، المطبوع منها والمخطوط، هي من كل تلك الأساطير في الوعي الشعبي والخرافات التي تخلقت في نظام الإمامة، ثم المأثورات الشعبية والأحداث والوقائع، ومسيرة الثورة في صعودها وانكساراتها، ورحلة المجتمع اليمني في تقدمه وتعثره". يقول مثنى.
مستدركا بألم: "الثورة، التي شكلت ضرورة وجودية للإنسان اليمني، كانت قد شرعت في بداياتها التخلص من الجهل والتخلف ومن العنصرية والمذهبية والعرقية. غير أن تلك الضرورة لم تبقَ على ما هي عليه من الحلم والتطلع، إذ أطبقت عليها يد البعض، وخاصة بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967م من مشايخ وأُسر ومتنفذين لإحالتها إلى مجرد تقاسم وهبات لبعضهم البعض؛ لتصاب الثورة بالانكسار، وتصبح في خبر كان، وحين توفرت إرادة لاستعادة مسار الثورة ووهجها في الثالث عشر من يونيو 1974م بقيادة الشاب إبراهيم الحمدي، أمكن لتلك القوى الصبر قليلا والتربص حتى أمكن لها الإطباق على تلك التطلعات، والعودة بنا إلى "ما بدا بدينا عليه"، كما يقول المثل، والسير البطيء في سرعة العصر والتطور الأكثر تعقيدا حتى وصلنا إلى ما نحن فيه اليوم من الاحتراب، وخراب الوطن وتدمير البنية التحتية المتواضعة، التي كانت قد أُنجزت، والمقدرات والمستقبل المجهول الذي لا نعرف الآن كيف سيأتي عليه الوطن".
- هل ثمة أمل؟
-"إن تبقى لنا من أمل بعد كل هذا التجريف للحلم والتطلع.. فإننا سنأمل في مصالحة وسلام خالٍ من الخِفّة والعجلة والترقيع.. سلام يرتكز على استيعاب الجميع ممن يعنيهم تقدم اليمن وخيره وتنميته، والحفاظ على وحدته وأمنهِ واستقراره الحقيقي، بعيدا عن المحاصصة بين المتحاربين، وكيفما اتفق في ظل خِفّة ما أو عجلة من أمر المنخرطين في التهدئة والمصالحة التي لا ترتكز على أسس متينة ودعائم ساندة لا سمح الله؛ فتتواصل الانتكاسة، وأي انتكاسة لن تكون كمثل مثيلاتها السابقة، وانما أشد وأطغى من الاحتراب والدمار، وخراب الوطن".
- طلائعية "ربيع الجبال" وسخرية "المياه المعلقة"
بعد عشرات القصص، التي بدأها منذ العام 1973، ونشرها في مجوعتين قصصيتين هما "في جوف الليل" و"الجبل يبتسم أيضا " أواخر سبعينات القرن الماضي، كان لمثنى تحليق سردي جديد سوف يعده النقاد والدارسون؛ أبرز نماذج بدايات السرد الروائي المعاصر في اليمن هو رواية "ربيع الجبال" خلال ثمانينات القرن الماضي. وقد صورت الرواية لوحة لأطفال اليمن وهم يدافعون ببسالة على قمم الجبال عن الثورة في عز صقيع البرد، وتساقط الرذاذ الثلجي على رؤوسهم؛ ليضعوا لوحة السبعين الظافرة التي أودت بنظام الإمامة.
لكنه- مثلا- في منحى آخر يلوذ بالسخرية من بعض أبطال قصصه وروايته كما في رواية "مدينة المياه المعلقة"، الصادرة أواخر العقد الثمانيني، التي تناولت "طفرة تدفق البترول في الوطن العربي الذي كنا نحلم بأن يكون منعطف التقدم والرخاء والنعمة لشعوبنا العربية، فإذا به يستحيل إلى نقمة في حلوقها من الهزائم والتمزق والانكسارات والحروب مؤخرا"، وفق تعبيره؛ منوها "حينما أسخر من بعض أبطالي أو أجعلهم محط تهكم في بعض أفعالهم وتصرفاتهم فإنما هي ليست السخرية المعيبة، الهازلة التي تحط من قدر الآدمي وإنسانيته، وإمكانية تجاوزه وصعوده، وإنما هي كما أسميها السخربة المحبة التي تبغي استفزاز البطل من أجل بحثه عن آدميته السوية وإنسانيته، واستنفاره لمعرفة مكامن الهزل وسخرية الحياة، حتى وإن لم يبلغ ذلك، ليبلغه غيره. وهدفي هو القارئ؛ فهو بطلي الحقيقي وأملي المستقبلي الذي أكتب من أجله".
وحتى ذلك الوقت، كانت تجربة مثنى السرد الأدبي، قد تجاوزت المحلية، وصارت محل اهتمام نقدي عربي، وأعقب ذلك ترجمة بعض أعماله القصصية والمسرحية إلى الإنجليزية والفرنسية. وأحرازه تاليا، جوائز أدبية رفيعة محلية وعربية، كما حظي بالتكريم في محافل وفعاليات ثقافية أغلبها خارجية.
وكان مما تُرجم له: قصة "الكراتين" وقصة "الكشك" وقصة "رحلة العمر" وقصة "مقاطع في لوحات"" وقصة "عام جديد" وقصة "الضحية"، كما تُرجمت قصة "في جوف الليل" إلى اللغة الصينية.
وتشير بداياته مع الكتابة إلى العام 1973، وهو العام الذي نشرت له مجلة الكلمة أولى إبداعاته القصصية "الجوهرة". ثم قصة" الكراتين" التي نشرتها مجلة الحكمة في عام 1975. وأحدثت هذه الأخيرة صدى محليا وعربيا وأجنبيا.
- تمهيد أخير
توثِّق له المكتبات اليمنية والعربية والأجنبية، منذ أواخر السبعينات من الألفية الماضية إلى اليوم، مؤلفات قصصية هي: "في جوف الليل" و"الجبل يبتسم أيضاً" و"رحلة العمر" و"الرجل الحشرة" و"النوارس". ومؤخرا "للقمر عيون".
وفي الرواية: "ربيع الجبال" و"مدينة المياه المعلقة" و"وسام الشرف".
وأما على صعيد المسرح: فـ"قوس النسر" و"صاحب الجلالة".
وفي اتجاه الكتابة النقدية، تؤرشف له المجلات والصحف والدوريات المحلية والعربية، دراسات نقدية أبرزها: "نشأة ومسار القصة والرواية اليمنية"، و"القصة القصيدة والقصيدة القصة"، و"كيف أكتب القصة"، والقصة وجذورها العربية".
عدا ذلك، تدوِّن جوائز محلية وعربية استحقاق مثنى نيلها عن بعض أعماله؛ ففي العام 1989، حصدت قصته ::الحي الجديد" الجائزة الأولى عربيا في مسابقة محمود البدوي للقصة في الإسكندرية. وفي دورتها للعام 2001-2002، أعلنت جائزة السعيد الثقافية، في تعز، استحقاقه الجائزة في مجال الإبداع الفني المسرحي عن مسرحية "قوس النسر"، وبينما كرمته وزارة الثقافة أواخر الثمانينات لدوره في الكتابة للمسرح، تسلّم درع نادي القصة (المقة) في العام 2002.
وتقلَّد محمد مثنى مواقع مهمة في العمل النقابي والتعاوني، فقد عُرف عنه نشاطه البارز في مجال التعاونيات على مستوى مناطق ومديريات محافظة الحديدة، خلال سنوات رئاسة إبراهيم الحمدي. ومن جهة أخرى، شغل موقع الأمين الثقافي في الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وانتُخب إلى عضوية مجلسه التنفيذي، ثم أمينا إداريا.
أما قبل ذلك كله، فقد استقبلت مدينة الحديدة مولده خلال عام 1947م، وفيها نشأ وتلقى تعليمه التقليدي حتى ختم القرآن الكريم على يد والده الفقيه عبد الله حسن مثنى، وكان له مواصلة تعليمه لفترة مسائية، في علوم الفقه والحديث على يد العلامة محمد عوض، إمام جامع باب مشرف.
وشهد العام 1964م تخرجه من المدرسة "الأحمدية"، وسافر في أعقاب ذلك، لدراسة البريد في مصر، حتى العام 67.