تقارير
كيف تحاول مليشيا الحوثي إخضاع قبائل البيضاء بقوة السلاح ؟
اشتباكات عنيفة، اندلعت بين ميليشيا الحوثي وأبناء قرية "حمة صرار" في مديرية ولد ربيع، بمحافظة البيضاء، بعد مقتل اثنين من أبناء القرية في نقطة عسكرية، تابعة للميليشيا، بحادثة أثارت غضب الأهالي، ودفعتهم للانتفاض في وجه الميليشيا، وإحراق منارة أحد المساجد بمن فيها، بعد أن كانت الميليشيا قد حاولتها إلى ثكنة عسكرية تهيمن بها على سكان القرية.
وتسعى ميليشيا الحوثي لخوض هذه الحرب، وفق استراتيجيتها المميتة، في التفرد بالقرى والمناطق الصغيرة، لتهشيم اي بوادر للمقاومة، فحاولت اقتحام القرية بحملة عسكرية، مما أدى إلى انتفاض القبائل أمام الحملة الحوثية التي كانت متجهة لمداهمة القرية، واندلاع اشتباكات عنيفة.
هذه الاشتباكات ليست الأولى من نوعها، في محافظة البيضاء، حيث شهدت مواجهات متعددة بين الحوثيين والقبائل التي ترفض انتهاكات الميليشيا الحوثية، التي تنوعت بين القتل العشوائي والاعتقالات التعسفية ونهب الممتلكات، وفرض إتاوات على السكان، في ظل غياب إستراتيجية شعبية ورسمية واضحة لمواجهة الحوثيين، حتى وجدت القبائل نفسها مضطرة للدفاع عن نفسها بوسائلها المحدودة.
صراع بين الجمهورية والحوثية
يقول رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي، إن ما حدث في قرية "حمة صرار" أو قبلها من تفجير للمنازل في رداع، وقبلها زيادة موازنة القوات العسكرية والأمنية التابعة لميليشيا الحوثي في محافظة البيضاء، يعطينا مدلولا مهما نقف أمامه، أن محافظة البيضاء، اليوم، أصبحت مركزا استراتيجيا للصراع بين القوى الجمهورية والقوى الحوثية.
وأوضح، أن السيطرة على محافظة البيضاء، يعتبر السيطرة على قلب اليمن، فهي المحافظة التي تربط بين شمال اليمن وجنوبه، وهي محور أساسي، يشرف تقريبا على ثمان محافظات، ولا يمكن حصارها على الأقل.
وأضاف: من يسيطر على محافظة البيضاء يستطيع أن يفرض سيطرة استراتيجية على المناطق المتوسطة في اليمن، وسقوطها سيحدث لميليشيا الحوثي نوع من الانكسار النفسي والانكسار العسكري.
وتابع: سيطرة القوات الحكومية على البيضاء، يعني تماما أن المعركة أصبحت على أبواب إب وذمار ومأرب إلى غير ذلك، لذا فإن هذه لنقاط الأساسية تدركها ميليشيا الحوثي جيدا.
وأردف: للأسف الشديد، الحكومة الشرعية إلى حد اليوم، خلال متابعة مجريات الأحداث، لم تستوعب أهمية هذه المحافظة، الأهمية التي تجعلها أولى أولوياتها في هذا الصراع على الأقل كورقة سياسية من أجل المفاوضات.
وزاد: الصراع الذي يجري في البيضاء متعلق بالتاريخ، فدائما كانت البيضاء العصية حتى على الدولة الإمامية، رغم أنها خليط من الزيدية والشافعية، لكنهم يتصفوا بالشراسة، والاستقلالية، وعدم الخضوع لأي طرف من الأطراف، وهذا الأمر يقلق ميليشيا الحوثي تماما
وقال: عندما ترى ميليشيا الحوثي أي خروج عن سيطرتها، في محافظة البيضاء، تضرب بيد من حديد وبقوة، سواء بتفجير المنازل، أو هدم الآثار، وإحراق المزارع، وذلك لإنهاء ما تعتبره تمردا عليها.
وأضاف: هذه المحافظة ذات تضاريس وعرة، ورجالها أشداء، يمكن أن تقلب معادلة الصراع في اليمن، وعلى الحكومة الشرعية أن تدرك هذا الصراع داخل المحافظة.
ثأر تاريخي
يقول القيادي في مقاومة البيضاء، عبد الله صالح العبدلي، إن ما حدث يوم الأربعاء هو حادث أدمى قلوب، اليمن جميعا، الحادثة الإرهابية التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي الإرهابية، بحق قرية حمة صرار، هي تأتي في إطار الاستفزاز الذي تنتجه هذه الميليشيات بحق أبناء البيضاء.
وأضاف: الاستفزاز الذي يحدث بحقه هذه المنطقة التي عرف عنها جميع اليمنيين، أنها منطقة مقاومة للمد الحوثي منذ الانتفاشة الأولى له، وتصدرت مشهد النضال، ومواجهة هذه الميليشيا.
وتابع: ما حدث يوم أمس. هو أمر. متفق عليه، ومخطط له سابقا، ويأتي في إطار العمل الممنهج لهذه الميليشيات لجمع أبناء القبائل المناهضة لها، حتى وإن كانت هذه المنطقة قد سبق وأن سيطرت عليها هذه الميليشيا، إلا أنها خائفة من ثورة القبائل، خائفة من الغضب الثوري المتولد في نفوس قبائل البيضاء عامة، التي تدين بالكراهية والبغض لهذه الميليشيا.
وأردف: هذه الميليشيا تتوقع من أبناء البيضاء، أن يثوروا ضدها أو أن يقاوموها، في أي لحظة، والتي اخضعتها هذه القرية الصغيرة والكبيرة بأبطالها وبرجالها وبشجعانها.
وزاد: هذه الميليشيا هي من تدير الأمور داخل المحافظة، إلا أنها تقيم الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش، في محاولة منها لإذلال وتركيع شباب هذه المنطقة، المقاومين أو الرافضين للمد الحوثي، ولفكرتهم من الأساس.
وأشار إلى أن محافظة البيضاء لها تاريخ ممتد منذ عقود، ولها ثأر مع هذه الميليشيا، وتاريخها النضالي والجمهوري واضح وجلي للجميع، لذا هذه الميليشيا تعتبر أن ما قام به أبناء المحافظة سابقا أبان ثورة 26 سبتمبر وحصار الـ 70 يوما ثأرا لها، وأن مهمة الانتقام لا زالت في رقبتها، ورقبة قيادتها.
وقال: ميليشيا الحوثي تسعى للانتقام من أبناء محافظة البيضاء، على أن محافظة البيضاء ذات نهج جمهوري، أولا، وتاريخ نضالي كبير، كذلك لا وجود لحاضنة أو قبول شعبي لها في المحافظة، وهي ميليشيا منبوذة فمرا ووجودا.
قبول المحافظة، وإن تم يعني قبولهم لسنوات، هو إما فرضوا وجودهم وتواجدهم بالقوة. لكن لا وجود لحاضنة، ولا وجود لقبول شعبي في هذه المحافظة لهذه الميليشيات المنبوذة، فكرا ووجودا.
استفزاز القبائل
يقول الصحفي والناشط الحقوقي، ناصر الصانع، إن ما أقدمت عليه ميليشيا الحوثي مع الأسف الشديد، يستفز القبائل، ويستفز مدينة رداع، بل ويستفز المحافظة بشكل عام.
وأوضح، أن هذه القرية التي حدثت فيها المشكلة يوم الأربعاء، تسيطر عليها ميليشيا الحوثي ليس من اليوم وإنما منذ العام 2015، لأنها قريبة من مدينة رداع، وفرضت فيها معسكرات، وأيضا حولت جامع القرية مع الأسف الشديد إلى ثكنة عسكرية، وأخضعت الأهالي إلى إجراءات أمنية تعسفية.
وأضاف: ميليشيا الحوثي تصر دائما على استفزاز الناس واستفزاز مشاعر أبناء المحافظة بشكل عام، فأحدهم كان يمشي على دراجة نارية وتم إطلاق النار عليه، في منطقة تسيطر عليها ميليشيا الحوثي، ولا يوجد فيها أي اشتباكات ولا توجد فيها أي مواجهات ولا يوجد فيها أي تواجد للمقاومة، وعندما جاء إليه آخر ليقوم بإسعافه ومحاولة ربط جراحه، أطلق عليه النار وقتلوه، مما أثار غضب الأهالي.
وتابع: في هذه اللحظات التي أتحدث معك الآن توجد وساطة قبلية في منطقة حمة صرار، وهذه الوساطة مكونة من عدد من مشائخ المديريات.
وأشار إلى أن ميليشيا الحوثي دفعت بتعزيزات إلى أطراف القرية من ضمن التعزيزات توجد دبابات مع الأسف الشديد، وتحاصر القرية، وقدمت مطالب والأهالي أيضا لديهم مطالب.
وقال: مطالب ميليشيا الحوثي أن يتم تسليم كل من شاركوا في الاشتباكات، ونثمن موقف أبناء القرية الذين تعهدوا بأن يسلموا مجموعة من عقال القرية، للوساطة، ويدخلوا إلى مدينة رداع، ومستعدين أن يلتقوا مع الميليشيا في محاولة منهم لتهدئة الوضع، لأنه ليس من مصلحة أحد أن تتوسع هذه المواجهات.
وأضاف: الآن الحملة العسكرية على حدود القرية، مع الأسف الشديد، وما وصلني قبل قليل من المنطقة بأنه للأسف الشديد لا تزال ميليشيا الحوثي تصر على موقفها ومطالبها، في حين أن الأهالي يعتبرون هذه المطالب أنها استفزاز لهم، وأنها عملية انتقام ممنهجة.
ولفت إلى أن هذه الجريمة في الأساس ليست الأولى، وقد لا تكون الأخيرة التي تحدث في مختلف مناطق المحافظة بشكل عام.
وأشار إلى أن هذه القرية تسيطر عليها ميليشيا الحوثي منذ العام 2015، وإلى اليوم لم تستطع أن تجند فيها حتى فردا واحدا، وهذا يعني أنه مجتمع يرفض هذا الفكر الدخيل على اليمنيين بشكل عام وعلى أبناء المحافظة بشكل خاص.