تقارير
كيف سيؤثر التقارب السعودي - الإيراني على الأزمة اليمنية؟
ما زالت الأيام تحمل لليمنيين المزيد من المفاجآت، فمن كان يحارب المد الإيراني في بلادهم يعيد افتتاح سفارتهم اليوم على أراضيه، ومن كان يحمّل السعوديين مسؤولية التدمير وقتل اليمنيين، يلتقي بهم اليوم، ويتصافح معهم، ويتبادل الابتسامات، وكأنّ مئات الآلاف من أرواح اليمنيين لم تُزهق، وكأن بلادنا لم تدمّر بسبب صراع نفوذ بين الطرفين على أراضينا.
مسؤول إيراني رفيع حضر مراسيم افتتاح سفارته في الرياض يقول - وهو متفائل بعودة علاقات بلاده مع السعودية-: "سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية، ومزيدا من التعاون والتقارب".
- منطقة رخوة
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء، الدكتور ناصر الطويل: "الأزمة اليمنية -للأسف الشديد- تتسم بحالة عالية من التعقيد، لديها حساسية عالية للانفتاح مع أي حالة من التصعيد في الإقليم أو العالم، لكنها لا تستجيب لحالة التهدئة، وهذه -للأسف الشديد- واحدة من معضلات الأزمة اليمنية والشعب اليمني".
وأوضح: "في حالة الاستقطابات الإقليمية والتنافسات الدولية غالبا ما تكون اليمن هي الأكثر استجابة لحالة الاستقطابات وتفاعلها معها، وتأثرا وتأثيرا بها، لكن في حالة اتجاه الإقليم لخفض التصعيد -كما يقال- وعندما تحدث توافقات حتى عالمية، يكون مستوى الاستجابة في اليمن غالبا في الحد الأدنى".
ولا يتوقع الدكتور الطويل أن يكون هناك ارتدادات إيجابية كبيرة للتقارب السعودي - الإيراني في اليمن.
وبيّن: "اليمن منطقة رخوة في الإقليم، وغالبا ما تكون الاستقطابات والصراعات في هذه المناطق الرخوة على أراضيها في الغالب، وجرى ذلك في عام 1962م، حتى عام 1970، بين مصر والسعودية، في ذلك الوقت، وعندما كان هناك استقطاب بين الرأسمالية".
وتابع: "حالة الانقسام اليمني وغياب الموارد هما من الأسباب التي جعلت اليمن يرتهن للخارج، إضافة إلى أن اليمنيين يتسمون بالعاطفة الشديدة، ويتبنون الاتجاهات الفكرية أكثر من أصحابها".
- ما الحل؟
يقول الخبير العسكري، اللواء محسن خصروف: "خطوة افتتاح السفارة الإيرانية في الرياض لا تعني اليمن لا من قريب ولا من بعيد، فالحقيقة أن هذه العلاقة الجديدة بين الرياض وطهران لم تنعكس سلبا أو إيجابا على اليمن بأي شكل من الأشكال".
وأضاف: "وقف إطلاق النار أو الهدنة تم بين السعودية والإمارات من جهة، ومليشيا الحوثي من جهة أخرى، أما المعارك في اليمن لم تتوقف بل ظلت مشتعلة في مأرب والضالع وتعز، وفي الساحل والشمال الغربي".
وأشار إلى أن "مليشيا الحوثي تحشد في حدود مأرب من اتجاهات مختلفة، وتستعد لمعركة، بينما السعودية والإمارات أمنتا من صواريخ المليشيا".
وتابع: "مشكلتنا أصلا أن العالم كله يتحدث مع مليشيا الحوثي نيابة عنا، ويتم الحديث والحوار عن مشكلة اليمن واليمنيين بعيدا عن الدولة، ويتم التفاهم مع الأمريكان والغرب حول اليمن بعيدا عن الدولة".
وبيّن: "السعودية تتفاوض مع مليشيا الحوثي بعيدا عن الحكومة اليمنية، والمفاوضات الخفية في الأردن وستوكهولم وعمان الجارية الآن، وغير المعلنة انطلاقا من مصالح وقضايا التحالف السعودي - الإماراتي وأمريكا وإيران الأمنية المباشرة".
ويرى أن "مشكلتنا الكبرى هي أمريكا وإيران، ودولتا التحالف السعودية والإمارات".
واعتبر أن "من يحب الحرب مجنون، فلا أحد يريد الحرب إلا تجار وأمراء الحروب والمرتزقة واللصوص، الذين يستفيدون من هذه الحرب، سواء كانوا مع الشرعية أو مع مليشيا الحوثي، أما نحن لا نريد سوى السلام، ونتمنى أن يحدث حوار مباشر بين القوى السياسية اليمنية، واليمن تتسع للجميع (للحوثي والمؤتمري والإصلاحي والاشتراكي والناصري، ولكل الناس)".
وقال: "نريد حوار سلام مباشر نصل فيه إلى حالة من التعايش السلمي بين كل طوائف اليمن، ونرى حكومة رشيدة فيها كل ألوان الطيف لفترة انتقالية تخطط وتعد لانتخابات برلمانية ورئاسية محلية، ولا أحد يقصي أحدا".
وأضاف: "قلناها قبل عشر سنوات، لن يستطيع أحد أن يحكم اليمن بمفرده، لا الإصلاح ولا المؤتمر ولا الحوثي ولا الاشتراكي، ولا أي حزب أو مذهب أو قبيلة أو منطقة".
وأوضح" "الحل بالنسبة لليمن هو التعايش والقبول بالآخر والسلام الاجتماعي والعودة إلى الحالة السوية التي كنا عليها، لا فرق بين هاشمي وزيدي وشافعي، نريد دولة عادلة لا يعنيها الشافعي ولا الزيدي ولا الحوثي ولا المسلم ولا النصراني، وإنما تكون معنية فقط بالمواطن اليمني، ترعى له حقوقه، وعليه واجبات، وتحكم بالدستور والقانون، اللذين لا يتعارضان مع نصوص الشريعة".